الرئيسية / صوتي ومرئي متنوع / عبقات من حياة الإمام الحسن العسكري الحادي عشر من ائمة اهل البيت عليهم السلام

عبقات من حياة الإمام الحسن العسكري الحادي عشر من ائمة اهل البيت عليهم السلام

يصادف اليوم الثامن من شهر ربيع الثاني ذكرى مولد الإمام الحسن العسكري الحادي عشر من ائمة اهل البيت الاثني عشر عليهم السلام الذين اذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا وبهذه المناسبة السعيدة نستعرض محطات من حياته المباركة.

نسبه الشريف

الإمام الحسن ابن علي العسكري (ع) هو أكبر أبناء الإمام علي الهادي النقي (ع) و الإمام الحادي عشر من الأئمة الاثني عشر الأطهار. أمه هي السيدة سوسن (أم ولد)، وتكنى أم الحسن ، وتعرف بالجدة ، أي جدة الإمام صاحب الزمان (ع)، ولها أسماء أُخرى ، فيقال لها : حديث ، وحديثة ، وسليل.

وجدّه الامام محمد الجواد ابن الامام علي الرضا ابن الامام موسى الكاظم ابن الامام جعفر الصادق ابن الامام محمد الباقر ابن الامام علي السجاد ابن الامام الحسين الشهيد سبط رسول الله محمد (ص) وابن الامام علي بن ابي طالب عليهم السلام.

وُلد الإمام الحسن العسكري (ع) في الثامن من شهر ربيع الثاني في السنة الثانية و الثلاثين بعد المئتين للهجرة (846 للميلاد) في المدينة المنورة 1 واستشهد في الثامن من ربيع الأول من السنة الستين بعد المئتين للهجرة (873 للميلاد) عن عمر يناهز ثمانية وعشرين عاماً و دُفن في بيته في سامراء في البيت الذي دفن فيه والده الإمام علي الهادي (ع). استمرت إمامته ست سنوات. كنيته أبو محمد وكان يكنّى أيضاً بابن الرضا ودفن الى جانب أبيه الامام الهادي في داره بسامراء شمال بغداد.

ألقابه: التقي، المرضي، النقي، الرفيق، الزكي، الصامت، الهادي، السراج، العسكري2 (نسبة الى مدينة سامراء التي كانت تسمى مدينة العسكر والتي ارغمه سلاطين بني العباس على البقاء فيها) , الخالص.

نقش خاتمه: (سبحان من له مقاليد السموات والأرض)، (أنا للّه شهيد).

الامام العسكري وسلاطين بني العباس

واصل الإمام الحسن العسكري عليه السلام مهام الإمامة بعد والده الإمام الهادي عليه السلام ، وعاصر في فترة إمامته القصيرة ست سنوات حكومة ثلاثة خلفاء هم المعتز والمهتدي والمعتمد، وكانت المعاناة مع الدولة العباسية ما زالت شديدة ففي غضون حكم المعتز قُتل الكثير من الأبرياء وسجن من العلويين أكثر من سبعين شخصاً من ال جعفر وال عقيل، وبعد المعتز استلم المهتدي الخلافة، وسجن الإمام عليه السلام ، بل وحتى اتخذ قراراً بقتله إلا أن الأجل لم يمهله فمات المهتدي.

وحدث علي بن جعفر عن الحلبي: “كنا مجتمعين في العسكر (سامراء) ننتظر قدوم الإمام في يوم ذهابه إلى دار الخلافة، فوصلتنا رقعة منه فيها:

“ألا لا يسلمنّ عليّ أحد، ولا يشير إليّ بيده، ولا يومئ، فإنكم لا تؤمنون على أنفسكم”.

يقول أحمد بن محمد: “كتبت إلى أبي محمد (الإمام العسكري) حين أخذ المهتدي في قتل الموالي: يا سيدي الحمد للّه الذي شغله عنا، فقد بلغني أنه يتهددك، ويقول واللّه لأجلينهم عن جديد الأرض فوقّع أبو محمد عليه السلام بخطه: “ذلك اقصر لعمره، عدّ من يومك هذا خمسة أيام ويقتل في اليوم السادس بعد هوان واستخفاف يمر به”. فكان كما قال عليه السلام”3

وبعد المهتدي استلم المعتز زمام السلطة وفي عهده استشهد الإمام العسكري عليه السلام وقتلت معه مجموعة من العلويين، وتذكر بعض المصادر التاريخية أنه قد تم قتل بعضهم بأفجع صورة وحتى بعد القتل مثّلوا بأجسادهم4.

نصوص الإمام الهادي على ابنه عليهم السلام

وردت مجموعة من النصوص عن الإمام الهادي على إمامة ابنه الإمام العسكري عليه السلام منها:

عن يحيى بن يسار القنبري قال: أوصى أبو الحسن عليه السلام إلى ابنه الحسن قبل مضيه بأربعة أشهر وأشهدني على ذلك وجماعة من الموالي5.

عن أبي بكر الفهفكي قال: كتب إليَّ أبو الحسن عليه السلام : أبو محمد ابني أنصح ال محمد غريزة وأوثقهم حجة، وهو الأكبر من ولدي. وهو الخلف وإليه ينتهي عُرى الإمامة وأحكامها، مما كنت سائلي فسله عنه فعنده ما يحتاج إليه6

أقوال علماء المسلمين في الامام العسكري (ع)

العلاّمة الشبراوي الشافعي: الحادي عشر من الأئمة الحسن الخالص ويلقب أيضاً بالعسكري… ويكفيه شرفاً أنّ الإمام المهدي المنتظر من أولاده، فللّه در هذا البيت الشريف والنسب الخضم المنيف وناهيك به من فخار وحسبك فيه من علو مقدار… فيا له من بيت عالي الرتبة سامي المحلة ، فلقد طاول السماء علاً ونبلاً ، وسما على الفرقدين منزلة ومحملا واستغرق صفات الكمال ، فلا يستثنى فيه بغير ولا بإلاّ ، انتظم في المجد هؤلاء الأئمة ، انتظام اللآلي وتناسقوا في الشرف فاستوى الأول والتالي ، وكم اجتهد قوم في خفض منارهم والله يرفعه…

روى الشبلنجي عن أبي هاشم داود بن قاسم الجعفري:قال: وكان الحسن (عليه السلام) يصوم في السّجن فإذا أفطر أكلنا معه من طعامه.

روى الكليني بإسناده عن عليّ بن عبد الغفّار، قال: دخل العباسيون على صالح بن وصيف، ودخل صالح بن علي وغيره من المنحرفين عن هذه الناحية على صالح بن وصيف عندما حبس أبا محمد، فقال لهم صالح: وما أصنع؟ قد وكّلت به رجلين من أشرّ من قدرت عليه فقد صارا من العبادة والصلاة والصّيام إلى أمر عظيم، فقلت لهما: ما فيه؟ فقالا: ما تقول في رجلٍ يصوم النهار ويقوم الليل كلّه لا يتكلّم ولا يتشاغل وإذا نظرنا إليه ارتعدت فرائصنا ويداخلنا ما لا نملكه من أنفسنا فلمّا سمعوا ذلك انصرفوا خائبين.

التمهيد لابنه الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف

إن المهمة المميزة في إمامته عليه السلام كانت التمهيد لولادة الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف وغيبته الصغرى والكبرى، والارتباط الصحيح به وضرورة الانتقال باتباع اهل البيت (ع) من الاتصال المباشر بالامام إلى الاتصال غير المباشر به، وتعتبر هذه المرحلة من أدق المراحل الفكرية منذ عهد النبي محمد صلى الله عليه وآله إلى عهد الإمام العسكري عليه السلام، لذلك كان على الإمام أن يكثف أحاديثه وأن يقوم عملياً كما سيتضح بالتمهيد للغيبة بخطوات قام بها الإمام عليه السلام في هذا الاتجاه:

1 – النص على الإمام وتعريف الموالين به:

عن محمد بن عبد الجبار قال: قلت لسيدي الحسن بن علي عليه السلام يا ابن رسول اللّه، جعلني اللّه فداك أحب أن أعلم من الإمام وحجة اللّه على عباده من بعدك؟فقال عليه السلام :

“إن الإمام وحجة اللّه من بعدي ابني، سمي رسول اللّه صلى الله عليه وآله وكنيته الذي هو خاتم حجج اللّه واخر خلفائه”.

قال: ممن هو يا بن رسول اللّه؟ قال عليه السلام :

“من ابنة قيصر ملك الروم، ألا إنه سيولد ويغيب عن الناس غيبة طويلة ثم يظهر”7.

عن يعقوب بن منقوش قال: دخلت على أبي محمد الحسن بن علي عليه السلام وهو جالس على دكان في الدار وعن يمينه بيت عليه ستر مسبل، فقلت سيدي، من صاحب هذا الأمر؟ فقال: ارفع الستر، فرفعته فخرج إلينا غلام خماسي له عشر أو ثمان أو نحو ذلك، واضح الجبين، أبيض الوجه، دري المقلتين، شثن الكفين، معطوف الركبتين، في خده الأيمن خال، وفي رأسه ذؤابة، فجلس على فخذ أبي محمد عليه السلام ثم قال لي: هذا صاحبكم، ثم وثب فقال له: يا بني ادخل إلى الوقت المعلوم، فدخل البيت وأنا أنظر إليه، ثم قال لي: يا يعقوب، انظر من في البيت؟ فدخلت فما رأيت أحداً”8

2 – التأكيد على الصبر وانتظار الفرج:

إن انتظار فرج الإمام من العبادات بل من أفضل الأعمال كما في الأحاديث المباركة. فإن أول ما يتوجب على الإنسان هو الصبر عند طول الغيبة وما يؤكد على ذلك الرسالة التي أرسلها الإمام إلى علي بن الحسين بن بابويه القمي: التي جاء فيها:

(عليك بالصبر وانتظار الفرج).

قال النبي صلى الله عليه وآله :

“أفضل أعمال أمتي انتظار الفرج”9.

3 – التحذير من الشك والضعف:

قال عليه السلام :

“إن لصاحب هذا الأمر غيبة المتمسك فيها بدينه كالخارط شوك القتاد بيده”10.

4- التمهيد العملي للغيبة:

والمقصود بذلك أن الإمام عين وكلاء وسفراء من خاصة أصحابه لتبليغ تعليماته وأحكامه إلى شيعته، وذلك بأسلوب التوقيعات والمكاتبات، وهذا يعتبر تمهيداً عملياً لما سيحصل في زمن الغيبة الصغرى.

5- مدرسة الفقهاء:

اتسم عصر الإمام العسكري ومن قبله عصر الإمامين الهادي والرضا عليهما السلام باتساع رقعة اتباع اهل البيت، واتضاح معالم مدرستهم، ولذلك دعوا إلى اتباع مدرسة الفقهاء التي تميزت عما سواها، بعدة أمور منها:

1- اعتماد الكتاب والسنة مصدراً للتشريع الإسلامي.

2- الرجوع في تعلم الأحكام إلى الامام المعصوم إن أمكن.

3 – الرجوع إلى الفقهاء الثقات حيث لا يمكن أو يتعسر الرجوع إلى الإمام المعصوم.

4 – الإفتاء بنص الرواية أو بتطبيق القاعدة المستخلصة من الرواية11.

وقد أيّد الإمام العسكري جملة من الكتب الفقهية والأصول في عصره أو قبل عصره وقد أحصيت أسماء أصحاب الإمام ورواة حديثه فبلغوا، 213 شخصاً. منهم:

 أحمد بن إسحاق الأشعري القمي: وهو من الأصحاب المقربين للإمام عليه السلام ، ويعد كبير القميين وكان يحمل مسائل أهل قم إليه عليه السلام .

 أبو هاشم داود بن القاسم الجعفري. وهو من أحفاد جعفر الطيار ومن أعظم رجال أهل بيته وأهل بغداد وكانت له منزلة رفيعة ومقام محمود عند الأئمة عليهم السلام.

 عبد اللّه بن جعفر الحميري. من أبرز رجال قم المقدسة له كتاب (قرب الإسناد).

 أبو عمرو عثمان بن سعيد العمري. وهو النائب الأول للإمام القائم عجل اله تعالى فرجه الشريف . وكان من كبار وكلاء الإمام الهادي عليه السلام والعسكري عليه السلام .

شهادة الإمام العسكري عليه السلام

استشهد الإمام الحسن العسكري (ع) بالسم الذي دسه له أعوان المعتمد العباسي في الثامن من ربيع الأول من السنة الستين بعد المئتين للهجرة.

خلف الإمام الحسن العسكري (ع) بعده ابنه الحجة المنتظر المهدي (ع) و هو ابنه الوحيد الموعود باقامة دولة العدل وانقاذ المستضعفين ونشر الاسلام في جميع ارجاء المعمورة كما وعد جدّه المصطفى به في أحاديث كثيرة ومتواترة عند جميع الفرق الاسلامية . كتم الإمام العسكري (ع) ولادة الإمام المهدي (ع) بسبب البحث الذي كان يقوم به العباسيون عن المولود المنتظر لقتله.

قال أبو الأديان: “كنت أخدم الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام وأحمل كتبه إلى الأمصار فدخلت عليه في علّته التي توفي فيها صلوات اللّه عليه فكتب معي كتباً وقال: امض بها إلى المدائن فإنك ستغيب خمسة عشر يوماً وتدخل إلى سر من رأى يوم الخامس عشر وتسمع الواعية في داري وتجدني على المغتسل، قال أبو الأديان: فقلت: يا سيدي فإذا كان ذلك فمن. قال من طالبك بجوابات كتبي فهو القائم من بعدي. فقلت زدني: فقال: “من يصلّي عليَّ فهو القائم بعدي”.

فقلت: زدني، فقال: “من أخبر بما في الهميان فهو القائم بعدي”.

ثم منعتني هيبته أن أسأله عما في الهميان.

وخرجت بالكتب إلى المدائن وأخذت جواباتها ودخلت سر من رأى يوم الخامس عشر كما ذكر لي عليه السلام فإذا أنا بالواعية في داره وإذا به على المغتسل وإذا أنا بجعفر بن علي أخيه بباب الدار والشيعة من حوله يعزونه ويهنئونه فقلت في نفسي: إن يكن هذا الإمام فقد بطلت الإمامة، … تقدم جعفر ليصلي على أخيه فلما هم بالتكبير خرج صبي بوجهه سمرة بشعره قطط بأسنانه تفليج فجذب برداء جعفر بن علي وقال: “تأخر يا عم أنا أحق بالصلاة على أبي فتأخر جعفر وقد أربد وجهه وأصفر. فتقدم الصبي وصلّى عليه ودفن إلى جانب قبر أبيه، ثم قال: يا بصري هات جوابات الكتب التي معك فدفعتها إليه، فقلت في نفسي: هذه بينتان،… الخ”12.

لم يسلم الإمام العسكري (ع) كأجداده من شر الملوك العباسيين و ملاحقتهم له. و كان الإمام الحسن العسكري (ع) قد فُرض عليه الإقامة الجبرية في بيته و كان عليه الحضور في يومين من كل أسبوع في دار الخلافة العباسية. و يروى أنه في يوم حضوره كان الطريق يعج بالناس من مختلف أطيافهم الذين كانوا يتشوقون لرؤيته و التبرك بنوره بحيث أنه لم يكن يوجد موضع مشي فإذا مر الإمام الحسن العسكري (ع) هدأت الأصوات و توسد له الطريق من هيبته و شوق الناس إليه. و قد حاول العباسيون مختلف وسائل الاضطهاد و الملاحقة الأُخرى لعزل الإمام الحسن العسكري عن الناس و عن مواليه بالذات مثل السجن و المداهمات و المراقبة و إلى آخر ذلك من الوسائل التعسفية. وعاصر الحسن العسكري (ع) مدة إمامته القصيرة و التي استمرت حوالي الست سنوات كلاً من المعتز والمهتدي والمعتمد العباسي.

من أحاديث الامام وحكمه

1 – “لا تمار فيذهب بهاؤك ولا تمازح فيجترى عليك”13.

2- “إذا نشطت القلوب فأودعوها وإذا نفرت فودّعوها”14.

3 – “ليس من الأدب إظهار الفرح عند المحزون”15.

4 – “حسن الصورة جمال ظاهر وحسن العقل جمال باطن”16.

5 – “جعلت الخبائث في بيت والكذب مفاتيحها”17.

الادعية المأثورة عن الامام (ع)

“ الحمد لله شكراً لنعمائه ، واستدعاءً لمزيده ، واستجلاباً لرزقه ، واستخلاصاً له ، وبه دون غيره ، وعياذاً من كفرانه والالحاد في عظمته وكبريائه ، حمد من يعلم ان ما به من نعمائه فمن عند ربه ، ، وما مسه من عقوبته فبسوء جناية يده ، وصلى اللـه على محمد عبده ورسوله ، وخيرته من خلقه ، وذريعة المؤمنين إلى رحمته ، وآله الطاهرين ، ولاة أمره .

اللـهم انك ندبت إلى فضلك ، وأمرت بدعائك ، وضمنت الأجابة لعبادك ، ولم تخيب من فزع إليك برغبته ، وقصد إليك بحاجته ، ولم ترجع بداً طالبة صفرا من عطائك ، ولا خائبة من نحل هباتك ، وأي راحل رحل إليك فلم يجدك قريباً ، ووافد وفد عليك فاقطعته عوائق الرد جودك . بل أي محتف ، لم يمهه فيض جودك ، وأي مستنبط لمزيدك دون استماحه سجال عطيتك .

اللـهم وقد قصدت إليك برغبتي ، وقرعت باب فضلك يد مسألتي ، وناجاك بخشوع الاستكانة قلبي ، ووجدتك خير شفيع لي إليك ، وقد علمت ما يحدث من طلبتي قبل ان يخطر بفكري ، أو يقع في خلدي ، فصل اللـهم دعائي إياك باجابتي ، واشفع مسألتي بنجح طلبتي .

اللـهـم وقد شملنا زيغ الفتن ، واستولت علينا غشوة الحيرة ، وقارعنا الذل والصغار ، وحكم علينا غير المأمونين في دينك ، وابتز أمورنا معادن الأبن ممن عطل حكمك ، وسعي في اتلاف عبادك ، وافساد بلادك ، اللـهم وقد عاد فيئنا دولة بعد القسمة ، وأمارتنا غلبة بعد المشورة ، وعدنا ميراثاً بعد الاختيار للأمة ، فاشتريت الملاهي والمعارف بسهم اليتيم والأرملة ، وحكم في ايثار المؤمنين أهل الذمة ، وولي القيام بأمورهم فاسق كل قبيلة ، فلا ذائد يذودهم عن هلكة ، ولا راع ينظر إليهم بعين الرحمة ، ولا ذو شفعــة يشبع الكبد الحري من مسغبة ، فهم أولوا ضرع بدار مضيعة ، وأسراء مسكنة ، وخلفاء كآبـة وذلـــــة.

اللـهم وقد استحصد زرع الباطل ، وبلغ نهايته واستحكم عوده ، واستجمع طريده وخذرف وليده وبسق فرعه ، وضرب بجرانه .

اللـهم فاتح له من الحق حاصده ، تصدع قائمه ، وتهشم سوقه وتحب سنامه ، وتجدع مراغمه ليستخفي الباطل بقبح صورته ، ويظهر الحق بحسن حليته .

اللـهم ولاتدع للجور دعامة إلاّ قصمتها ، ولا جنة إلاّ هتكتها ، ولا كلمة مجتمعة إلاّ فرقتها ، ولا سرية ثقل الا خففتها ، ولا قائمة علو إلاّ حططتها ، ولا رافعة علم إلاّ نكستها ، ولا خضراً إلاّ أبرتها .

اللـهم فكـور شمسـه ، وحط نوره واطمس ذكره وارم بالحق رأسه ، وفض جيوشه ، وأرعب قلوب أهله .

اللـهم ولا تدع منه بقية إلاّ أفنيت ، ولا بنية إلا سويت ، ولا حلقة إلاّ قصمت ، ولا سـلاحـاً إلاّ أكللـت ، ولا حداً ولا كراعاً إلاّ اجتحت ولا حاملة علم إلاّ نكست .

اللـهم وأرنا أنصاره عباديد بعد الألفة ، وشتى بعد اجتماع الكلمة ، ومقنعي الرؤوس بعد الظهور على الأمة .

واسفر لنا عن نهار العدل ، وأرناه سرمداً لا ظلمة فيه ، ونوراً لا شوب معه ، واهطل علينا ناشئته ، وانزل علينا بركته وادل له ممن ناواه وانصره على من عاداه .

اللـهم واظهر الحق ، واصبح به في غسق الظلم ، وبهم الحيرة .

اللـهم واحيي به القلوب الميتة ، واجمع به الأهواء المتفرقة والاراء المختلفة ، وأقم به الحدود المعطلة . والأحكام المهملة ، واشبع به الخماص الساغية ، وأرح به الأبدان اللأغبة المتعبة ، كما الهجتنا بذكره ، واخطرت ببالنا دعاءك ، ووفقتنا للدعاء إليه ، وحياشة أهل الغفلة عنه ، وأسكنت في قلوبنا محبته ، والطمع فيه ، وحسن الظن به لإقامة مراسيمه .

اللـهم فآت لنا منه على أحسن يقين ، يا محقق الظنون الحسنة ، ويا مصدق الآمال المبطئة ، اللـهم واكذب المثالين عليك فيه ، واخلف به ظنون القانطين من رحمتك والآيسين منه.

الهوامش

1- قال الحر العاملي في منظومته: مولده شهر ربيع الاخر وذاك في اليوم العاشر في يوم الاثنين وقيل الرابع وقيل الثامن وهو الشائع(الأنوار البهية، ص250).

2- قال الشيخ الصدوق (رض) : سمعت مشايخنا رضي اللَّه عنهم يقولون: إن المحلة التي يسكنها الإمامان علي بن محمد والحسن بن علي عليهما السلام بسر من رأى كانت تسمى العسكر، فلذلك قيل لكل واحد منهما العسكري: علل الشرائع، ج1، ص230.

3- الارشاد، المفيد، ص324.

4- راجع: مقاتل الطالبين، ص690 685.

5- م.ن، ج1، ص325.

6- م.ن، ج1، ص327.

7- مستدرك الوسائل، ج12، ص280.

8- أعلام الورى، ص413.

9- مسند الإمام العسكري، ص19.

10- غيبة النعماني، ص122.

11- تاريخ التشريع الإسلامية، عبد الهادي الفضلي.

12- كمال الدين وإتمام النعمة، ج2، ص475.

13- الأنوار البهية، ص160.

14- م.ن، ص160.

15- م.ن، ص161.

16- م.ن، ص161.

17- م.ن، ص161.

18- م.ن، ص161.

شاهد أيضاً

الزهراء الصديقة الكبرى المثل الأعلى للمرأة المعاصرة / سالم الصباغ‎

أتشرف بأن أقدم لكم نص المحاضرة التي تشرفت بإلقائها يوم 13 / 3 في ندوة ...