قواعد التعبير العربي.. قواعد الكتابة – المقالة
7 يناير,2017
الشعر والادب
1,109 زيارة
الدرس العاشر: ماذا نكتب؟ (4) المقالة
أهداف الدرس
على المتعلّم مع نهاية هذا الدرس أن:
1- يعرف أنواع المقالات وأشكالها وعناصرها وخطوات إعدادها.
2- يتمرّس على خطوات وتقنيات إعداد المقالات.
3- يوظّف هذه المهارة في مجال البحث والكتابات العلميّة والأدبيّة.
تعريف المقالة
بحث موجز (في سطور، أو صفحات معدودة) يتناول بالعرض والتوضيح، أو التحليل، أو النقد رأياً خاصّاً، أو فكرة عامّة، أو مسألة اجتماعيّة، أو اقتصاديّة، أو أدبيّة، أو علميّة، أو سياسيّة، فيشرح الكاتب فيه جوانب الرأي أو المسألة، ويؤيّد كلامَه بالبراهين المقنعة للقارئ.
وتتميّز المقالة بالتركيز على المعنى، وبوضوح العَرض، وتنتهي- غالباً – بمحصّلات بارزة ترسخُ في أذهان القرّاء.
ومن خصائص المقالة، على اختلاف أنواعها، تجنّبُ المقدّمات الطويلة التي تستهلك جزءاً من حجمها، ومن قدرة الكاتب والقارئ.
والمقالة هي في أشدّ الحاجة إلى التصميم الهيكليّ، والتنسيق بين أجزائها، وترتيب أفكارها، وعلى الكاتب أن يقسّمها إلى أجزاء متماسكة، أو إلى فِقَر، ولا يجعلها خطراتٍ واستطراداتٍ وأفكاراً مبعثرة، بلا رابط بينها، بل يجعل لها وحدة تضمّ أفكارها الفرعيّة إلى فكرتها، أو أفكارها الرئيسة، فيراعي فيها وحدة الموضوع، وتماسك الأجزاء، وتسلسلها التدريجيّ، من المقدّمة العارضة للفكرة العامّة، إلى الخاتمة التي تكون محصّلة مركّزة لمراحل العرض والتحليل والتعليل، ومعبِّرة عن النتيجة التي يودّ الكاتب الانتهاء إليها، وتثبيتها في ذهن القارئ.
بناء المقالة
تقوم المقالة على ثلاثة عناصر رئيسة، هي: المضمون الفكريّ (أو المادّة)، والخطّة التي ترسم هيكليّة العمل، والأسلوب الذي يختاره الكاتب، أي العبارة اللفظيّة.
أ- المادّة، أو المضمون الفكريّ، وهو الرأي الذي يبديه الكاتب أو المفكّر، ويكون معبّراً -عادة- عن موقف، أو عرض مسألة فكريّة ما ترمي إلى التعليم والإقناع، أو تحميل نظريّة جديدة يريد كاتب المقالة أن يبشّر بها، ويروّجها في ثقافة المجتمع…
ومن المُسَلَّم به أن تكون الأفكار المعروضة صحيحة، واضحة، مبرّأة من الخطأ والتناقض، حتى تحقّق الغاية المرجوّة منها، وحتى تبلغ النتيجة المعقولة.
ومن الأمور الواجب مراعاتها: الحيطة والحذر في إطلاق الأحكام غير المعلّلة، أو استباق النتائج قبل عرض المقدّمات المنطقيّة وتحقيق الاستقراء.
ثمّ إنّ الأفكار بقدر ما تحمل من غنىً، تكون قيمة المقالة عالية في نظر القرّاء.
ب- الخطّة، وهي تقسيم الأفكار وتواصلها في نسق تسلسليّ، بحيث تكون كلّ فكرة نتيجة لما قبلها، ومقدّمة لما بعدها، حتى تنتهي الأفكار جميعاً إلى الغاية المقصودة من المقالة.
وتتمثّل الخطّة من حيث التقسيم والترتيب في الآتي:
– المقدّمة، وتتألّف من استهلال يبسّط الفكرة الإجماليّة، ويمهّد للدخول في القضيّة موضوع البحث. وهي مقدّمة واضحة بسيطة، ومثيرة في الوقت نفسه. والإثارة فيها مهمّة لتشويق القارئ ودفعه إلى متابعة القراءة، وهذا يستوجب من الكاتب أن يجعلَ مقدّمته قصيرة، متّصلة مباشرة بالموضوع، مُعينة على فهمه بما تعدّ النفس له، وما تثير فيها من معارف تتّصل به.
– العَرض، وهو لبّ المقالة وصلبها، ومحور البحث، وفيه تستجمع النقاط الرئيسة التي يودّ الكاتب عرضها. وقد يكون العرض قائماً على فكرة رئيسة واحدة، ثمّ تتشعّب هذه الفكرة إلى مجموعة أفكار فرعيّة. وقد يكون العرض قائماً على مجموعة أفكار رئيسة، ثمّ تتشعّب كلّ فكرة من هذه الأفكار الرئيسة إلى أفكار ثانويّة. وسواء انتهت المقالة إلى نتيجة واحدة أم إلى نتائج عدّة، فهي في الواقع ينبغي أن تكون متماسكة ومتّصلة فيما بينها، وخاضعة لموضوع رئيس واحد، أشار إليه الكاتب بدايةً في عنوان المقالة. على أن تُساق الأفكار في صلب المقالة في نسق منطقيّ، معزّز بالأدلّة والبراهين التي تُقْنع القارئ، وتجعله أمام نصّ ممتع ومفيد.
– الخاتمة، وهي جدوى المقالة، والنقطة المضيئة، الأكثر تألّقاً بين الكاتب والقارئ، لذا لا بدّ أن تكون طبيعيّة منسجمة مع المقدّمة والعرض، واضحة النتائج، ملخّصة العناصر الرئيسة المراد إثباتها وإيصالها إلى القارئ، ولا بدّ أن تتوافر فيها وسائل اليقين، ولا تحتاج، بعدها، إلى كلام آخر ليتحصّل الاقتناع، ففي كلمتها الأخيرة يكون السكوت.
ج- أسلوب المقالة: ومن أبرز مظاهره ومتطلّباته: الوضوح، وسلامة اللغة، وجمال الألفاظ، وسهولة التراكيب.
ومن الطبيعي أن تختلف أساليب كتّاب المقالة، باختلاف نزعاتهم في التعبير والتصوير، وباختلاف الموضوع، وباختلاف أنواع المقالة نفسها.
أنواع المقالة
يستغرق فنّ المقالة ألواناً مختلفة من ضروب الكتابة النثريّة، إنْ من جهة الشكل والأسلوب، وإنْ من جهة الموضوع، فالبحث الاجتماعيّ القصير مقالة، والقطعة الأدبيّة الفنّيّة مقالة -أيضاً-، وكذلك البحث القصير في مسائل العلوم على اختلاف الفروع والتخصّصات، وينسحب هذا القول على البحث القصير، في أسطر، أو صفحة من صحيفة، أو مجلّة. وأبرز أنواع المقالات هو الآتي:
أ- المقالة الأدبيّة: تمتاز بظهور العاطفة قويّة في ثناياها، فهي المحرّك إلى الكتابة، وبسببها يتمثّل الوجدان في العبارة الجميلة، واللفظ المتخيّر والصياغة المتقنة، وفيها تتولّد الصور الخياليّة التي تبرز العاطفة بعفويّتها وصدقها.
ب- المقالة الاجتماعيّة: تمتاز بشغفها الموصول بمعالجة أمراض المجتمع وتشخيص الداء ووصف العلاج، فهي على اتّصال حميم بقضايا الناس، وتنمّي فيهم الوجدان الاجتماعيّ باستمرار، وتثير فيهم عواطف النفور من الخلل والفساد، وتحرّضهم على محاربة العيوب، لذا تتوسّل سلامة الحجج، وربط الأسباب بمسبّباتها، وتعمد إلى الدقّة في التفصيل، وتتوخّى صحّة العبارة، ووضوح الجمل، وترك المبالغة والتهويل.
ج- المقالة العلميّة: تمتاز باعتماد الحقائق، واللجوء إلى الأرقام والإحصاء، والمشاهدة والتجربة، والتقسيم، والتفصيل، والوضوح، والدقّة في اختيار المفردات، والبعد عن العاطفة والخيال.
د- المقالة الصحفيّة: تمتاز بطبيعة موضوعها الذي يرتبط بالحدث، أو الظرف السياسيّ الراهن، وما يتطلّب ذلك من معالجة سريعة.
وهذا النوع من الكتابة مرتبط بشكل كامل بجمهور القرّاء، على اختلاف مستوياتهم الفكريّة، وتعدّد انتماءاتهم السياسيّة، لذا فالكاتب الصحفيّ يهدف في مقالته إلى أن يخاطب عقول القرّاء، بإقناعم بحجج واقعيّة، وإثارة مشاعرهم بلون من ألوان الاستمالة والتأييد لما يذهب إليه ويعتقد به، ومن أجل هذا، تسلك المقالة الصحفيّة سبيل المنطق في المعالجة والإثارة الشعوريّة في آن واحد.
ويعتمد الصحفيّ أبسط أساليب الكتابة، من حيث بسط الفكرة وتقديمها واضحة إلى القارئ، ومن حيث استخدام الألفاظ السهلة، والتراكيب النحوية الميسّرة، التي تصل في كتابة كثير من الصحفيين إلى مستوى الحديث العاديّ المتداول بين الناس.
خطوات كتابة المقالة؟
تمرّ كتابة المقالة بالخطوات الآتية:
أ- الإلمام بالموضوع الذي يريد الكاتب الكتابة فيه، وجمع المعلومات عنه.
ب- تصنيف المعلومات وترتيبها.
ج- اكتشاف عناصر الموضوع وتدوينها، تمهيداً لدراستها.
د- كتابة المقالة، وتشمل:
– المقدّمة: ويتحدّد من خلالها الهدف من المقالة.
– العرض: ويتناول الكاتب فيه عناصر الموضوع، بالشرح، والتفصيل، مدعّمة بالأدلّة والبراهين.
– الخاتمة: وتشمل استخلاص الموقف العامّ من الموضوع في نهاية المقالة.
من أشكال المقالة
من الأشكال المعروفة والمتداولة للمقالة الآتي:
أ- المقالة الأفقيّة:
وهي تُعنى – عادة – بدراسة ظاهرة أو مسألة، أو قضيّة ما من قضايا الفلك، أو الفلسفة، أو الأدب، أو الاقتصاد، أو التربية…
ويُصار في هذا الشكل من المقالات إلى التركيز على إشكاليّة معيّنة، لها أهمّيّتها ووظيفتها في مجال الاختصاص، وتفيد القارئ، وتزوّده بالمعرفة، وتحثّه على مواصلة البحث في هذا الأمر.
لذا، يعمد كاتب المقالة الأفقيّة إلى تسليط الضوء على ماهيّة الظاهرة، متعقّباً أسبابها ونتائجها في مراحل تطوّرها، ومستعرضاً لأبرز الباحثين في تفاصيلها، ولا يغفل عن ربط الظاهرة بسواها، من حيث التوالد والتنامي والتشابك.
ب- المقالة العموديّة:
وهي تُعنى – عادة – بترجمة أحد أعلام الفكر، في الأدب أو الفلسفة، أو علم النفس، أو الاقتصاد…
ويُصار في هذا الشكل من المقالات إلى التركيز على العَلَم، اسمه، ومولده، ونشأته، وتحصيله العلميّ، ورحلاته، وأساتذته، وتلامذته، واتّجاهه العامّ في التأليف، ولمحة عن مؤلّفاته.
وقد يختار كاتب المقالة التركيز على مسألة دون سواها، في حياة هذا العَلَم، فيعمد إذ ذاك، إلى إيجاز الترجمة، ليسلط الضوء على الجانب المراد، فيُعنى بهذا الجانب، ويُغنيه بالعرض والتحليل والشواهد، كي يخلص إلى محصّلة بارزة، ترسخ في أذهان القرّاء.
ولا بدّ من التفريق بين ترجمتين: الأولى: دراسة عَلَم من أعلام التراث القديم، والثانية: دراسة أحد أعلام الفكر الحديث. ففي الأولى، يُعنى الكاتب بالاسم والمولد والتحصيل العلميّ عناية ملموسة، لأنّ تسليط الضوء على هذه الجوانب يساعد في التعرّف إلى العَلَم موضوع البحث.
أمّا الترجمة لعَلَم محدث، فإنّ التوسّع في الاسم والمولد وذِكْر الأساتذة والتلامذة والمريدين قد يعرّض المقالة للتطويل، وهو أمر غير ضروريّ، إلّا إذا كان في ذلك تأثير مباشر في مراحل شخصيّة العَلَم.
وهناك استخدام آخر لمصطلح “أفقي” أو “عمودي”، مفاده أنّ الأوّل تأريخيّ تطوّري للظاهرة، والثاني وصفيّ تحليليّ، في زمان ومكان محدّدين.
الأفكار الرئيسة
1- المقالة بحث موجز يتناول بالعرض والتوضيح، أو التحليل، أو النقد رأياً خاصّاً، أو فكرة عامّة، أو مسألة ما، فيشرح الكاتب فيه جوانب الرأي أو المسألة، ويؤيّد كلامه بالبراهين المقنعة للقارئ.
2- تقوم المقالة على ثلاثة عناصر رئيسة، هي: المضمون الفكريّ (أو المادّة)، والخطّة التي ترسم هيكليّة العمل، والأسلوب الذي يختاره الكاتب، أي العبارة اللفظيّة.
3- أبرز أنواع المقالات هو: المقالة الأدبيّة، والمقالة الاجتماعيّة، والمقالة العلميّة، والمقالة الصحفيّة…
4- تمرّ كتابة المقالة بالخطوات الآتية: الإلمام بالموضوع/ تصنيف المعلومات وترتيبها/ اكتشاف عناصر الموضوع وتدوينها/ كتابة المقالة.
5- من أشكال المقالة: المقالة الأفقيّة، والمقالة العموديّة.
فكّر وأجِب
1- تكلّم على المقالة، مبيّناً أنواعها وأشكالها وعناصرها وخطوات إعدادها؟
2- اكتب مقالة أفقيّة في موضوع ما؟
3- اكتب مقالة عموديّة في موضوع ما؟
مطالعة
من توجيهات الإمام القائد الخامنئي دام ظله في مجال الكتابة (10)
الكتب التي ليست لدينا
أرجو من المفكّرين في بلدنا أن ينظروا إلى مسألة نشر الكتاب الجيّد والمطلوب وإنتاجه، بوصفه حاجة ملحّة وفوريّة لمجتمعهم وبلدهم. إنّنا وإن كان لدينا – بحمد الله – كتب جيّدة في مجتمعنا، لكنّنا نُعاني فراغاً ونقصاً كبيرين. كثير من الكتب غير موجودة عندنا. وهناك الكثير من الموضوعات ليس لدينا شيءٌ عنها، أو إن كان لدينا شيءٌ فهو غير قابل للعرض. في الوقت الّذي يحظى الآخرون في البلدان الأخرى، بعشرات الآلاف من عناوين الكتب والمؤلّفات في المواضيع المختلفة، لا يتجاوز عدد كتبنا حول هذه المواضيع أصابع اليد!… إنّ عدد كتبنا قليل، حتّى في المواضيع الّتي لدينا ريادة وخبرة فيها ومجالات كثيرة من الاطّلاع والعلم.
والحقيقة، إنّنا في الماضي لم نقم بعمل لائق في مجال طرح المواضيع اللازمة. وقد نظرنا إلى الكتاب بوصفه أمراً كماليّاً وشكليّاً ومختصّاً بجماعة معيّنة، وليس وسيلة لازمة وضروريّة لكلّ الناس.
علينا أن َنجبر هذا النقص، فهناك حملٌ ثقيل ملقىً على الأرض هو في عهدة المؤلّفين والمحقّقين والكتّاب والفنّانين، وأيضاً، هو بعهدة القيّمين على إعداد الكتب وتأليفها ونشرها، والأجهزة الّتي تدعمهم[1].
[1] من كلام للإمام الخامنئي دام ظله في المراسم الافتتاحيّة لمعرض طهران الدوليّ الأوّل للكتاب، بتاريخ: 4/11/1987م.
2017-01-07