الوقت- بدأت أحجار دومينو السياسة الخليجية في المنطقة والعالم تتساقط الواحدة تلو الأخرى لتكشف المستور عما كان يجري في كواليس تلك الدول من مؤامرات وخفايا بدأت تظهر إلى العلن في الآونة الأخيرة في تزامن غريب مع زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى السعودية، هذه الزيارة لم تستطع تردداتها الإنتظار أكثر من 48 ساعة لتهز معها أركان البيت الخليجي من الداخل، مفجرة حرب إعلامية شرسة وتبادل اتهامات بين قطر والسعودية وانضمت على الفور الإمارات إلى جانب بلاد الحرمين في هذه الحرب الإعلامية ولم تستطع دولة الكويت أن توحد صفوف الخليجيين رغم كل الجهود التي بذلتها في هذا الإطار، ومن هنا نجد أن الوضع الخليجي يتجه نحو التأزم أكثر وأكثر وربما التفكك.
وما سربته يوم الجمعة الماضية صحيفة “ذا ديلي بيست” من رسائل إلكترونية مقرصنة تم أخذها من حساب السفير الإماراتي لدى واشنطن يوسف العتيبة، تكشف لنا وبوضوح ما تخطط له دولة الإمارات في المنطقة وكيف تسعى للحصول على دول فاعل ومؤثر ولو على حساب أصدقائها، وتوضح الرسائل المسربة أنها مستعدة للقيام بأي عمل والتعاون مع أي منظمة حتى ولو كانت صهيونية في سبيل تحيق طموحها نحو نفوذ إقليمي يفوق حجم الدور الحالي لها.
وكان من اللافت جدا ردود الفعل التي تلت التسريبات من داخل البيت الإماراتي، حيث جاءت هذه الردود صادمة وغير متوقعة، فعلى سبيل المثال وبعد أن أكدت المتحدثة باسم السفارة الإماراتية لمياء جباري، أن البريد الإلكتروني المسجل على موقع” Hotmail“يعود فعلًا للعتيبة، قالت جباري لصحيفة “ذا ديلي بيست” “ربما لستم وحدكم من حصل على نسخ من هذه الرسائل”.
وهنا يأتي السؤال التالي كيف عرفت السيدة جباري بإمكانية امتلاك عدد من الصحف لهذه الرسائل، ليتحقق ما قالته في اليوم التالي في مصادفة غريبة “علما انها صرحت للصحيفة أنها لم تعلم بشأن التسريب إلا من خلالها”، ألم يكن الأجدر بالسيدة جباري أن تتريث وفقا لما تقتضيه الأعراف الدبلوماسية، فتصريحها على الفور بأن البريد الإلكتروني يعود بالفعل للعتيبة، يضع الكثير من علامات الإستفهام لأن هذا التصريح ممكن أن يدخل بلادها بأزمة دبلوماسية مع الأصدقاء والحلفاء.
ومن ناحية أخرى أعرب المستشار السياسي لولي عهد أبو ظبي، عبد الخالق عبد الله، عن ترحيبه بالوثائق التي سربت من البريد الالكتروني لسفير دولة الإمارات العربية المتحدة لدى واشنطن، يوسف العتيبة. وقال المستشار السياسي لولي عهد أبو ظبي، “أن ما نشر من تسريبات لوثائق سفير الامارات بامريكا يصب لصالح الإمارات ودبلوماسيتها النشطة بواشنطن وليس عليها”، مقدما التحية للسفير. وهذا الكلام أكد عليه الكثير من الخبراء ورجحوا أن تكون الإمارات هي من يقف وراء هذه التسريبات، خاصة أنها تظهر رغبتها وبشكل علني بأنها تريد ان تكون الحليف الأقرب إلى الولايات المتحدة في المنطقة، كما أنها تسعى جاهدة لتضخيم دورها وأثرها في المنطقة.
وتظهر الرسائل المسربة أن الإمارات تسارع في علاقاتها مع الكيان الإسرائيلي، حيث كشفت الرسائل وجود علاقة وثيقة بين الإمارات ومؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات اليمينية الموالية للكيان الإسرائيلي، وهي مؤسسة نافذة لدى إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ومن بين الرسائل المسربة جدول أعمال مفصل لاجتماع بين مسؤولين من الحكومة الإماراتية على رأسهم الشيخ محمد بن زايد، وبين مديري مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات الموالية للكيان الصهيوني، ولم يتوقف التعاون الإماراتي – الإسرائيلي عند هذا الحد فقد كشفت الرسائل أيضا تنسيقا بين الإمارات ومؤسسات موالية للكيان الإسرائيلي لثني شركات عالمية عن الاستثمار في إيران للتضييق اقتصاديا على الأخيرة بعد الاتفاق النووي يوليو/تموز 2015 ، ومن هنا نجد أن الإمارات تريد تطبيع العلاقات مع الكيان الإسرائيلي لاسيما أن الأخير هو الأكثر التزاماً بالمشروع الأمريكي في المنطقة وهذا ما تسعى الإمارات أن تظهره في هذه المرحلة “الإلتزام بالمشروع الأمريكي”.
أما فيما يتعلق بالعلاقات السعودية_ الإماراتية، فقد أظهرت السياسية الإماراتية في الفترة السابقة توجها واضحا وصريحا لدعم محمد بن سلمان وهذا ما اتضح من خلال الثناء على دور المملكة ورؤية 2030، إلا أن الثناء على السعودية قابله توجيه اتهامات لدول خليجية أخرى وعلى رأسها دولة قطر، حيث أعلنت الإمارات امتعاضها من وجود قاعدة أميركية في الدوحة، وكشفت الرسائل اتصالا إماراتيا أميركيا لمنع عقد مؤتمر لحركة المقاومة الإسلامية “حماس” في العاصمة القطرية الدوحة، وكشف بريد السفير الإماراتي عن دور قطر بتمويل الإرهاب ودعم الإسلاميين المتطرفين وفي زعزعة استقرار المنطقة، إضافة إلى دور قناة الجزيرة في هذه الزعزعة، وطالب السفير في رسائله بإيجاد سبل سياسية “لتصويب سلوك قطر”، وبحث خفض مستوى الامتيازات التي تتمتع بها الدوحة لدى الأميركيين، والطلب من قطر إعطاء تعريف محدد للإرهاب، وفرض عقوبات أميركية سياسية واقتصادية وأمنية عليها.
وأما فيما يخض التدخل في ايران والضغط على شركات كبرى غير أمريكية كـ “شركة ايرباص الفرنسية وشركة لوكويل الروسية” لمقاطعة السوق الإيرانية بهدف زيادة الضغط الإقتصادي على الجمهورية الإسلامية، ومن خلال هذا التحريض على إيران يمكن القول أن الأيام أثبتت قدرة إيران على الخروج أقوى بكثير بعد كل عقوبات أو ضغوط إقتصادية تفرض عليها، وفي حال حدث ما تسعى له الإمارات في إيران فإن هذا الأمر سيعود بالضرر على الإمارات، فضلاً عن كون الأمن الإيراني يستمد قوّته من الشعب.
من خلال ما تقدم يمكن القول أن التصرفات الإماراتيّة العدائية ضد الخارج قد تدفع ببعض الدول، وفي مقدّمتها قطر، لتحريك جماعة الإخوان المسلمين في الداخل الإماراتي والزج بهم في مواجهة مباشرة، وفي حال استمرت الإمارات في هذا النهج فإن الوضع الخليجي سيتأزم أكثر وأكثر وقد نشهد تفكك وانسحاب دول من داخل مجلس التعاون الخليجي في حال استمرت الإمارات والسعودية في نهجيهما الإقصائي والتدميري للأخرين.
https://t.me/wilayahinfo