الرئيسية / صوتي ومرئي متنوع / في نبوة إبراهيم عليه السلام

في نبوة إبراهيم عليه السلام

فصل ـ 1 ـ ( في نبوة إبراهيم عليه السلام )

فصل ـ 1 ـ

99 ـ أخبرنا الاستاد أبو القاسم بن كمح ، عن الشيخ جعفر الدوريستي ، عن الشيخ المفيد ، عن أبي جعفر بن بابويه ، حدثنا محمد بن بكران النقاش ، حدّثنا أحمد بن محمد بن سعد الكوفي ، حدثنا علي بن الحسن بن فضال ، عن ابيه ، عن الرّضا صلوات الله عليه قال : لمّا أشرف نوح صلوات الله عليه على الغرق دعا الله بحقّنا ، فدفع الله عنه الغرق ، ولمّا رمي إبراهيم في النّار دعا الله بحقّنا ، فجعل النّار عليه برداً وسلاماً وإنّ موسى عليه السلام لمّا ضرب طريقاً في البحر دعا الله بحقّنا ، فجعله يبساً ، وأنّ عيسى عليه السلام لمّا اراد اليهود قتله دعا الله بحقّنا ، نجى من القتل فرفعه إليه (1) .

100 ـ وعن ابن بابويه ، حدّثنا محمّد بن موسى بن المتوكّل ، حدّثنا عبدالله بن جعفر الحميري ، حدّثنا أحمد بن محمد ، عن الحسن بن محبوب ، عن إبراهيم بن أبي رباب الكرخي (2) ، عن أبي عبدالله عليه السلام ، قال : إنّ إبراهيم عليه السلام كان مولده بكوثا ، وكان من أهلها وكانت أمّ ابراهيم وامّ لوط عليهما السلام اختين ، وأنّه تزوّج سارة بنت لاحج ، وهي بنت خالته ، وكانت صاحبة ماشية كثيرة وحال حسنة ، فملكت إبراهيم جميع ما كانت تملكه ، فقام فيه وأصلحه ، فكثرت الماشية والزّرع ، حتّى لم يكن بأرض كوثا رجل أحسن حالاً منه (3) .
وإنّ إبراهيم عليه السلام لمّا كسّر أصنام نمرود أمر به فأوثق وعمل له حيراً فيه الحطب ، وألهب فيه النّار ، ثمّ قذف بإبراهيم عليه السلام لتحرقه ، ثمّ أعتزلوها ثلاثاً حتّى خمدت ، ثمّ أشرفوا على الحير فإذا هم بإبراهيم صلوات الله عليه سليماً مطلقاً من وثاقه ، فأخبروا نمرود ، فأمرهم أن ينفّروا ابراهيم من بلاده ، فإنّه إن بقي في بلادكم أفسد دينكم وأضرّ (4) بآلهتكم ، فأخرجوا إبراهيم ولوطاً عليهما السلام إلى الشّامات .
فخرج إبراهيم ومعه لوط وسارة ( وقال : إنّي ذاهبٌ إلى ربّي سيهدين ) (5) يعني إلى بيت المقدس ، فتحمل إبراهيم بماشيته وماله وعمل تابوتاً وحمل سارة فيه ، فمضى حتى خرج من سلطان نمرود وصار إلى سلطان رجل من القبط ، فمّ بعاشر (6) له ، فاعترضه فقال له : افتح هذا التّابوت حتّى تعطيني عشره وأبى إلاّ فتحه ، ففتحه إبراهيم صلوات الله عليه ، فلّما بدت سارة وكانت موصوفة بالحسن ، قال : فما هي ؟ قال إبراهيم : حرمتي وابنة خالتي ، قال : فما دعاك إلى أن حبستها (7) في هذا التّابوت ، فقال إبراهيم صلوات الله عليه : الغيرة عليها أن لا يراها أحدٌ .
قال : فبعث الرّسل إلى الملك فأخبره بخبر إبراهيم ، فأرسل الملك أن احملوه والتّابوت معه ، فلمّا دخل عليه قال الملك لإبراهيم : افتح التّابوت وأرني من فيه ، قال : إنّ فيه حرمتي وابنة خالتي وأنا مفتد فتحه بجميع ما معي ، فأبى الملك إلاّ فتحه ، قال : ففتحه فلمّا رأى سارة الملك ، فلم يملك حمله سفهه أنّ مدّ يده إليها ، فقال إبراهيم : أللّهمّ احبس يده عن حرمتي ، فلم يصل إليها يده ولم ترجع إليه ، فقال الملك : إنّ إلهك هو الّذي فعل بي هذا ؟ قال : نعم إنّ إلهي غيور يكره الحرام ، وهو الّذي حال بينك وبينها ،فقال المكل : ادع ربّك يردّ عليّ يدي ، فان أجابك لم أعترض لها ، فقال إبراهيم صلوات الله عليه : اللهمّ ردّ عليه يده ليكفّ عن حرمتي ، فردّ الله تعالى عليه يده .
فأقبل الملك نحوها ببصره ، ثم عاد بيده نحوها ، فقال إبراهيم عليه السلام الّلهمّ احبس يده عنها ، فيبست يده ولم تصل إليها ، فقال الملك لإبراهيم : إنّ إلهك لغيور فادع إلهك يردّ عليّ يدي ، فإنّه إن فعل بي لم اُعد ، فقال له إبراهيم عليه السلام : أسأل ذلك على أنّك إن عدت لم تسألني أن أسأله ، فقال الملك : نعم ، فقال إبراهيم : الّبلهمّ إن كان صادقاً فردّ عليه يده ، فرجعت عليه يده .
فلمّا رآى الملك ذلك عظّم إبراهيم عليه السلام وأكرمه ، وقال : فنطلق حيث شئت ، ولكن لي إليك حاجة ، قال إبراهيم عليه السلام وما هي ؟ قال : أحبّ أن تأذن لي أن أخدمها قبطيّة عندي جميلة عاقلة تكون لها خادمة ، فأذن له إبراهيم عليه السلام فدعا بها فوهبها لسارة ، وهي هاجر امّ اسماعيل عليه السلام ، فسار إبراهيم بجميع ما معه ، وخرج الملك معه يتّبعه ويمشي خلف إبراهيم عليه السلام إعظاماً له ، فأوحى الله تعالى إلى ابراهيم عليه السلام : أن قف ولا تمش قدّام الجبّار ، فوقف إبراهيم صلوات الله عليه وقال للملك : إنّ إلهي أوحى إليّ السّاعة أن اُعظّمك واُقدّمك وأمشي خلفك ، فقال : أشهد أنّ إلهك رفيق حليم كريم .
قال : وودّعه الملك ، وسار إبراهيم حتّى نزل بأعلى الشّامات ، وخلّف لوطاً بأدنى الشّمات ، ثمّ إنّ إبراهيم أبطأ عن الولد ، فقال لسارة : أن لوشئت لمتّعتني من هاجر لعلّ الله يرزقني منها ولداً فيكون خلفاً ، فابتاع إبراهيم عليه السلام هاجر م سارة فوقع عليها ، فولدت إسماعيل عليه السلام (8) .

101 ـ وعن ابن بابويه ، عن محمد بن موسى بن المتوكّل ، حدّثنا عبدالله بن جعفر الحميري ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسن بن محبوب ، عن داود بن كثير الرّقّي قال : قلت لأبي عبدالله عليه السلام : أيّهما كان أكبر إسماعيل أم اسحاق ؟ وأيّهما كان الذبيح ؟ قال : كان إسماعيل أكبر بخمس سنين ، وكان الذبيح اسماعيل عليه السلام ، وكانت مكة منزل إسماعيل عليه السلام ، ولمّا أراد إبراهيم أن يذبح إسماعيل أيّام الموسم بمنى قال الله تعالى : ( فلمّا بلغ معه السّعي قال يا بنّي إنّي أرى في المنام أنّي أذبحك فانظر ماذا ترى ) (9) ثم قال : ( وبشّرناه باسحاق نبيّاً من الصّالحين ) (10) فمن زعم أن إسحاق أكبر من اسماعيل وأنّه كان الذبيح ، فقد كذّب بما أنزل الله تعالى في القرآن من نبأهما صلوات الله عليهما (11) .

102 ـ وعن ابن بابويه ، عن أبيه ، حدّثنا عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن هاشم بن سالم ، عن أبي عبدالله عليه الصلاة والسلام ، قال : كان لإبراهيم ابنان ، فكان أفضلهما ابن الأمة (12) .

103 ـ وعن ابن أبي عمير ، عن عبد الرّحمن بن الحجاج ، عن أبي عبدالله صلوات اله عليه في قوله تعالى : ( وامرأته قائمة فضحكت ) (13) يعني : حاضت ، وهي يومئذ ابنة تسعين سنة ، وابراهيم ابن مائة وعشرين سنة ، قال : وإنّ قوم إبراهيم عليه السلام نظروا إلى إسحاق عليه السلام قالوا : ما أعجب هذا وهذه يعنون إبراهيم عليه السلام وسارة أخذا صبيّاً وقالا : هذا ابننا يعنون إسحاق ، فلمّا كبر لم يعرف هذا وهذا لتشابههم حتّى صار إبراهيم يعرف بالشّيب قال : فثنى إبراهيم عليه السلام لحيته ، فرآى فيها طاقة بيضاء فقال إبراهيم : اللّهمّ ما هذا ؟ فقال : وقار فقال : الّلهمّ زدني وقاراً (14) .

104 ـ وباسناده عن ابن أبي عمير ، عن أبان بن عثمان ، عن محمد بن مروان (15) ، عن زرارة ، عن أبي بصير ، عن أبي جعفر صلوات الله عليه قال : كان إبراهيم عليه السلام رجلاً غيور ، كان إذا خرج أغلق بابه ، فرجع يوماً فرأى رجالً في داره عليه ثوبان أبيضان يقطر رأسه ماء ودهنا ، فقال له : من أنت ؟ فقال : أنا ملك الموت ، ففزع إبراهيم عليه السلام وقال : جئتني لتسلبني روحي ؟ فقال : لا ولكن الله اتّخذ عبداً خليلاً فجئته ببشارة ، فقال : ومن هو ؟ قال : وما تريد منه ؟ قال إبراهيم عليه السلام : أخدمه حتى أموت فقال : أنت هو (16) .

105 ـ وعن ابن بابويه ، حدّثنا عبدالله بن داود ، عن عبدالله بن هلال ، عن أبي عبدالله صلوات الله عليه قالك : لمّا جاء المرسلون إلى إبراهيم صلوات الله عليه جاءهم بالعجل ، فقال كلوا ، قالوا : لا نأكل حتّى تخبرنا ما ثمنه ؟ فقال : إذا أكلتم فقولوا : بسم الله وإذا فرغتم فقولوا : ألحمد لله ، فقال : فالتفت جبرئيل عليه السلام إلى أصحابه وكانوا أربعة وجبرئيل رئيسهم ، فقال : حق (17) أن يتّخذ هذا خليلاً (18) .

106 ـ وعن ابن أورمة ، حدّثنا عمرو بن عثمان (19) ، عن العبقري ، عن إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن حارثة بن مضرّب ، عن عليّ عليه السلام قال : شب إسماعيل وإسحاق فتسابقا فسبق إسماعيل فأخذه إبراهيم عليه السلام فأجلسه في حجره وأجلس إسحاق إلى جنبه ، فغضبت سارة وقالت : أما انّك قد جعلت أن لا تسوي بينهما فاعزلها عنّي ، فانطلق إبراهيم عليه السلام باسماعيل صلوات الله عليهما وباُمة هاجر حتى أنزلهما مكّة ، فنفد طعامهم ، فأراد إبراهيم أن ينطلق فيلتمس لهم طعاماً ، فقالت هاجر إلى من تكلنا ، فقال : أكلكم إلى الله تعالى ، وأصابهما جوع شديد ، فنزل جبرئيل عليه السلام وقال لهاجر : إلى من وكلكما ؟ قالت : وكلنا إلى الله قال : ولقد وكلكما إلى كاف ، ووضع جبرئيل يده في زمزم ثم ّ طواها ، فإذا الماء قد نبع ، فأخذت هاجر قربة مخافة أن يذهب ، فقال جبرئيل : إنها تبقى فادعي ابنك فأقبل فشربوا وعاشوا حتّى أتاهم إبراهيم عليه السلام فأخبرته الخبر فقال : هو جبرئيل عليه السلام (20) .

107 ـ وباسناده ع ابن أبي عمير ، عن معاوية بن عمّار ، قال : سألت ابا عبدالله عليه الصلاة والسلام عن السّعي ، فقال : إنّ إبراهيم عليه السلام لمّا خلّف هاجر اُمّ إسماعيل عطش الصبيّ ولم يكن بمكة ماء ، فأتت هاجر إلى الصّفا ، فصعدت فوقها ، ثم نادت هل بالوادي من أنيس ؟ فلم يجبها أحدٌ ، فرجعت إلى المروة حتّى فعلت ذلك سبعاً ، فأجرى بذلك سنّة (21) ، قال : فأتاها جبرئيل وهي على المروة ، فقال لها : من انت ؟ فقالت : اُمّ ولد إبراهيم ، فقال : إلى من ترككما ؟ قالت : إلى الله تعالى فقال : وكّلكما إلى كاف ، قال : فحص الصّبي برجله فنبعت زمزم ، ورجعت هاجر إلى الصّبيّ ، فلمّا رأت لماء قد نبع جمعت التّراب حوله ولو تركته لكان سيحاً ، قال : ومّر ركب من اليمن يريد سفراً لهم فرأوا الطّير قد حلقت قالوا : وما حلقت إلا على ماء ، وقد كانوا يتجنبون منه ، لأنّه لم يكن بها ماء ، فأتوهم فأطعموهم وسقوهم ، وكان النّاس يمرّون بمكة ، فيطعمونهم من الطّعام وهم يسقونهم من الماء (22) .

108 ـ وعن ابن بابويه ، حدّثنا سعد (23) بن عبدالله ، عن أحمد بن محمد ، عن عليّ بن النّعمان ، عن سيف بن عميرة ، عن أبي بكر الحضرمي قال : قال أبو عبدالله صلوات الله عليه : إنّ اسماعيل دفن امّه في الحجر وجعله عليها لئلاّ (24) يوطأ قبرها (25) .
____________
(1) بحار الأنوار ( 11 | 69 ) ، برقم : ( 27 ) و( 12 | 40 ) ، برقم : ( 27 ) و( 26 | 325 ) ، برقم : ( 7 ) وفي ق 1 : فنجيّ و هو الصحيح .
(2) في البحار : أبي زياد الكرخي .
(3) أورد صدره إلى قوله : حالاً منه ، في البحار ، الجزء ( 12 | 110 ) ، برقم : ( 34 ) ومرة أخرى هذا الصّدر عن الكافي في نفس الجزء ( 44 ـ 45 ) بنحو أحسن وأوسع .
(4) في ق 1 وق 2 : وأخرجني .
(5) سورة الصافات : ( 99 ) .
(6) في ق 3 : بعشار .
(7) في ق 2 : إلى حبسها .
(8) بحار الأنوار ( 12 | 45 ـ 47 ) ، برقم : ( 38 ) عن الكافي .
(9) سورة الصّافات : ( 102 ) .
(10) سورة الصّافات : ( 112 ) .
(11) بحار الأنوار ( 12 | 130 ) ، برقم ( 11 ) .
(12) بحار الأنوار ( 12 | 110 ) ، برقم : ( 35 ) .
(13) سورة هود : ( 71 ) .
(14) بحار الأنوار ( 12 | 110 ـ 111 ) ، برقم : ( 36 ) .
(15) في ق 3 : محمد بن حمران .
(16) بحار الأنوار ( 12 | 4 ـ 5 ) عن علل الشّرايع ، برقم : ( 11 ) مع اختلاف في السّند والمتن .
(17) في البحار : حق الله . . .
(18) بحار الأنوار ( 12 | 5 ) ، برقم ( 12 ) عن العلل والسّند هنا معلول وصحيحه على ما في البحار ، ابن الوليد عن محمد الغطار عن ابن أبان عن ابن أورمة عن عبدالله بن محمد عن داود بن أبي يزيد عن عبدالله بن هلال .
(19) في النّسخ : عمرة بن عثمان ، وهو تصحيف ، والصّحيح ما أثبتناه عن البحار .
(20) بحار الأنوار ( 12 | 111 ) ، برقم : ( 37 ) .
(21) في البحار : فمضت حتى انتهت إلى المروة ، فقال : هل بالوادي من أنيس ؟ فلم يجبها أحد ، ثم رجعت إلى صفا ، فقالت كذلك حتى صنعت ذلك سبعاً ، فأجرى الله ذلك سنة .
(22) بحار الأنوار ( 12 | 106 ) ، برقم : ( 19 ) ، عن العلل مع اختلاف في الألفاظ .
(23) في البحار : الصّدوق عن أبيه عن سعد ، وهو الصّحيح وتقدّم نظيره برقم : ( 95 ) .
(24) في البحار : وجعل عليها حائطاً لئلاّ .
(25) بحار الأنوار ( 12 | 104 ) ، برقم : ( 13 ) .

شاهد أيضاً

اليوم النوعي للمقاومة الإسلامية.. إما يذعن العدو الآن أو الآتي اعظم

عبد الحسين شبيب حتى تاريخه؛ يمكن القول إن الرابع والعشرين من تشرين الثاني/ نوفمبر 2024 ...