بغداد مدينة تاريخية ومدينة حكايات الف ليلة وليلة ومغامرات علي بابا والاربعين حرامي وسندباد، حكمت هذه المدينة عبر التاريخ حكومات مختلفة كالساسانيين والعباسيين والعثمانيين والصفويين وفي العصر الراهن تتابع مسيرتها بظل حكم نظام البعث، واليوم الدولة الديمقراطية التعددية؛ اذ يجب النظر الى المرحلة الاخيرة على أنها نقلة نوعية في حياة هذه المدينة العريقة.
لقد بدأت صفحة جديدة منذ 15 عاما في تاريخ هذه المدينة (والعراق بأكمله) تختلف تماما عن الوضع الذي كانت عليه في الماضي مما يستدعي اعادة معرفة بغداد من جديد.
وبمجرد أن تخلص أهالي بغداد والشعب العراقي بشكل عام من تخلف النظام البعثي وممارسته للضغوط على مدى 4 عقود، خرج مستعرضاً بسرعة متطلباته ورغباته وحياته التي يرنو إليها وفضائه الفكري الخاص.
يقال أن بغداد بعد “صدام” تتابع تطورها الاجتماعي والثقافي، بوتيرة سريعة جدا؛ فهناك سرعة الانترنت العالية في العراق التي أتاحت الفرصة للشعب العراقي استخدام الشبكة العنكبوتية بسهولة والوصول الى الشبكات الاجتماعية كالفيسبوك والتويتر والواتس آب واليوتيوب وغيرها من البرامج..اذ يعتبر هذا الامر مهما ومؤثرا للغاية في تغيير طريقة تفكير وأذواق هذا الشعب وتوجيه أفكاره.
وبمعدل وسطي يحمل الفرد في كل اسرة بغدادية من خط الى ثلاثة خطوط تستخدم في الهواتف المحمولة والحواسيب اللوحية حيث ينشطون عبرها بحرية في الشبكات الاجتماعية.
ولطالما لايمكن انكار طغيان الغرب على الشبكات الاجتماعية، يلاحظ خلال السنوات الخمس الاخيرة زيادة كبيرة في توجهات سكان العاصمة نحو الرموز والافكار الغربية.
وتعتبر مراكز التسوق الكبيرة (ميغا مول) الحاصلة على علامات تجارية غربية والتي يفتتح عدد كبير منها يومياً وغالبيتها مزدحم بشكل كبير، احد ابرز نماذج المظاهر الغربية في هذا المدينة، واللافت ان رئيس الوزراء العراقي افتتح منذ شهرين احدى اكبر هذه المراكز في بغداد.
وتوفر سلسلة المتاجر في هذه المدينة جميع مستلزمات الأسر، وعادة ما تتوجه العائلة ليلاً بشكل جماعي الى هذه المتاجر لشراء حاجياتها حيث يوجد في هذه المتاجر منتجات غذائية تركية وسعودية واردنية وأوروبية ايضاً.
شبان المدينة يقضون أوقات فراغهم في وقت غير الذي يقضيه متوسطي السن في المقاهي الشعبية، حيث يجوبون بسياراتهم الفارهة شوارع بغداد التي لم يعد يسودها الحالة الامنية ونقاط التفتيش، ويقفون الى جانب نهر دجلة الذي يمر متعرجاً في بغداد.
توجد في هذه المدينة مناطق خاصة للدراجات النارية اذ يتجول فيها الشباب عصرا بالدراجات النارية الكبيرة والصغيرة بشكل فردي، كما يوجد فيها الكثير من اندية كمال الاجسام بشكل كبير جدا حيث يلاحظ وجود ناديين في كل شارع تقريباً.
الاهتمام برأس السنة الميلادية في بغداد يولى من قبل سكانها المسيحيين، بحيث توجد محال عديدة في شوارع مختلفة لبيع مايخص السنة الجديدة ومنها شجرة عيد الميلاد ولباس بابا نويل.
شهدت الاجور والمرتبات الحكومية في العراق بعد مرحلة “صدام” نموا كبيرا (من 40 دولار متوسط الاجور الشهرية في عهد البعث الى 1000 دولار خلال الوقت الراهن) وهذا الامر ادى الى ارتياح اهالي العاصمة في شراء أي شىء يقع نظرهم عليه.
بالتأكيد ان اسعار المنازل في هذه المدينة مرتفعة جدا ولكن لاتوجد مشكلة في شراء باقي الاشياء كالسيارات اليابانية والامريكية والادوات المنزلية الفاخرة.
والرائج في العراق شراء وبناء منازل كبيرة ولم تعهد بغداد ولا العراق وجود شقق صغيرة، وتبلغ مساحة المنازل بمعدل وسطي بين 300 حتى 700 متر، واللافت انه لاتوجد قروض سكنية لشراء المنازل وان جميع المصارف العراقية خاصة في غالبيتها فهي لاتمنح القروض السكنية.
ولم تبدأ بعد عملية الاعمار في العراق وبغداد بعد مرحلة داعش ولكن تأثير زوال التنظيم الارهابي كان اسرع بكثير على الشعب العراقي وهذه المسألة تجعل الاهتمام بالتطورات الاجتماعية والثقافية امرا ضروريا في العراق.
إعداد: علي حيدري