الرئيسية / صوتي ومرئي متنوع / المعرفة لا تتوقف على علم الكلام

المعرفة لا تتوقف على علم الكلام

المعرفة لا تتوقف على علم الكلام

ـ مستدرك الوسائل ج 1 ص 161
فقه الرضا عليه السلام : إياك والخصومة فإنها تورث الشك وتحبط العمل ، وتردي صاحبها ، وعسى أن يتكلم بشيء لا يغفر له .
ونروي : إنه كان فيما مضى قوم انتهى بهم الكلام إلى الله عز وجل فتحيروا ، فإن كان الرجل ليدعى من بين يديه فيجيب من خلفه .
وأروي : تكلموا فيما دون العرش ، فإن قوماً تكلموا في الله عز وجل فتاهوا .
وأروي عن العالم : وسألته عن شيء من الصفات فقال : لا تتجاوز ما في القرآن .
وأروي : إنه قريَ بين يدي العالم عليه السلام قوله : لا تدركه الاَبصار وهو يدرك الاَبصار ، فقال : إنما عنى أبصار القلوب وهي الاَوهام ، فقال : لا تدرك الاَوهام كيفيته ، وهو يدرك كل وهم ، وأما عيون البشر فلا تلحقه ، لاَنه لا يحل فلا يوصف . هذا ما نحن عليه كلنا .

ـ رسائل الشهيد الثاني ج 2 ص 174
التوحيد على ثلاثة أقسام : الاَول : توحيد الذات ونفي الشريك في واجب الوجود .
الثاني : بحسب الصفات هو نفي الصفة الموجودة القائمة بذاته تعالى .
الثالث : توحيده تعالى بحسب العبودية وتخصيص العبادة له جل جلاله .
( 215 )
والعمدة في الاِستدلال على الاَول قوله تعالى : قل لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا . والدليل على الثاني والثالث قوله تعالى : ولا يشرك بعبادة ربه أحداً ، وقول مولانا أمير المؤمنين عليه السلام : إن أول الدين معرفته ، وكمال معرفته التصديق به ، وكمال التصديق به توحيده ، وكمال توحيده الاِخلاص له ، وكمال الاِخلاص له نفي الصفات عنه ، بشهادة كل صفة أنها غير الموصوف وشهادة كل موصوف أنه غير الصفة ، فمن وصف الله سبحانه فقد قرنه ، ومن قرنه فقد ثناه ومن ثناه فقد جزأه ، ومن جزأه فقد جهله . صدق ولي الله عليه السلام . وروى محمد بن أبي عمير عن الكاظم عليه السلام حين سأله عن التوحيد ؟ فقال : يا أبا أحمد لا تجاوز في التوحيد عما ذكره الله تعالى في كتابه فتهلك .
وسائر صفاته الثبوتية مذكورة في القرآن ، مصرحة بواجب الوجود ، وهو دليل على نفي الصفات السلبية ، لاستلزامها الاِمكان المضاد للوجوب . وباقي الاَصول من النبوة والاِمامة والمعاد الجسماني مستفاد من الكتاب العزيز والسنة النبوية والاِمامية، بحيث لا مزيد عليها .
فظهر أن تحصيل الاِيمان لا يتوقف على تعلم علم الكلام ولا المنطق ، ولا غيرها من العلوم المدونة ، بل يكفي مجرد الفطرة الاِنسانية على اختلاف مراتبها، والتنبيهات الشرعية من الكتاب والسنة المتواترة أو الشائعة المشهورة ، بحيث يحصل من العلم بها العلم بالمسائل المذكورة . وكل ممكن برهان ، وكل آية حجة ، وكل حديث دليل ، وفهم المقصود استدلال ، وكل عاقل مستدل ، وإن لم يعلم الصغرى ولا الكبرى ولا التالي ولا المقدم ، بهذه العبارات والقوانين والاِصطلاحات .

ـ رسائل الشهيد الثاني ج 2 ص 176
الباب السادس ، في الكلام على تعلم علم الكلام ، واعلم أنه علم إسلامي وضعه المتكلمون لمعرفة الصانع وصفاته العليا ، وزعموا أن الطريق منحصر فيه وهو أقرب الطرق . والحق أنه أبعدها وأصعبها وأكثرها خوفاً وخطراً ، ولذلك نهى النبي صلى الله عليه وآله عن
( 216 )
الغور فيه ، حيث روي أنه مر على شخصين متباحثين على مسألة ، كالقضاء والقدر ، فغضب صلى الله عليه وآله حتى احمرت وجنتاه .
وروى هارون بن موسى التلعكبري أستاد شيخنا المفيد قدس سرهما عن عبدالله ابن سنان قال : أردت الدخول على أبي عبدالله عليه السلام فقال لي مؤمن الطاق استأذن لي على أبي عبدالله عليه السلام فقلت : نعم ، فدخلت عليه فاعلمته مكانه ، فقال عليه السلام : يابن سنان لا تأذن له عليَّ ، فإن الكلام والخصومات يفسدان النية وتمحق الدين .
وعن عاصم بن حميد الحناط عن أبي عبيدة الحذاء قال قال لي أبوجعفر عليه السلام وأنا عنده : إياك وأصحاب الكلام والخصومات ومجالستهم ، فإنهم تركوا ما أمروا بعلمه وتكلفوا ما لم يؤمروا بعلمه حين تكلفوا أهل أبناء السماء . يا أبا عبيدة خالط الناس بأخلاقهم وزائلهم في أعمالهم ، يا أبا عبيدة إنا لا نعد الرجل فقيهاً عالماً حتى يعرف لحن القول ، وهو قوله تعالى : ولتعرفنهم في لحن القول .
وعن جميل بن دراج قال : سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول : متكلموا هذه الاَمة من شرار أمتي ومن هم منهم .
وعنه عليه السلام : يهلك أهل الكلام وينجو المسلمون .
وورد في موضع آخر : إن شر هذه الاَمة المتكلمون .
وروي أن يونس قال للصادق عليه السلام : جعلت فداك إني سمعت أنك تنهى عن الكلام تقول : ويل لاَصحاب الكلام . فقال عليه السلام : إنما قلت ويل لهم إن تركوا ما أقول وذهبوا إلى ما يقولون .
أقول : يمكن أن يكون هذا إشارة إلى أنهم تركوا التشبيهات كما عرفت الواردة في القرآن والآثار النبوية والاِمامية صلوات الله عليهم ، وعدلوا عنها إلى خيالاتهم الفاسدة وحكاياتهم الباردة ، المذكورة في الكتب الكلامية .
قال سيد المحققين رضي الدين علي بن طاووس قدس سره : مثل مشائخ المعتزلة في تعليمهم معرفة الصانع ، كمثل شخص أراد أن يعرف غيره النار ، فقال : يا هذا
( 217 )
معرفتها تحتاج إلى أسباب : أحدها الحجر ولا يوجد إلا طريق مكة . والثاني الحديد وصفته كذا وكذا . والثالث حراق على هذه الصفة . والرابع مكان خال عن شدة الهواء فأخذ المسكين في تحصيل هذه الاَسباب .
ولو قال له في أول الحال : إن هذا الجسم المضيَ الذي تشاهده هو النار التي تطلبها لاَراح واستراح .
فمثل هذا العالم حقيق أن يقال إنه قد أضل ، ولا يقال إنه قد هدى ، أو عدل بالخلائق ( في معرفة الخالق ) إلى تلك الطرائق الضيقة البعيدة ، وضيق عليهم سبيل الحقيقة ، كما عدل من أراد تعريف النار المعلومة بالاِضطرار إلى استخراجها من الاَخبار .
أقول : هذا حال الكلام الذي كان في أول الاِسلام ، ولا شك أنه ما كان بهذه المثابة من البحث والخصومة ، فما ظنك بهذه المباحثات والخصومات الشائعة في زماننا . وليت شعري أن هؤلاء الجماعة هل لهم دليل عقلي ونقلي على وجوبه واستحبابه ؟ أو مجرد تقليد آبائهم وأسلافهم ، وأنهم على آثارهم لمقتدون . وأنهم هل يقرون بإيمان السابقين أو ينكرونه ؟ وهل يعترفون بإيمان العوام الغافلين عنه أو لا يعترفون ؟ فإن أقروا واعترفوا فما فائدته ؟ وإلا فكيف يعاشرونهم بالرطوبات ؟ مع اعتقادهم بأن عدم المعرفة بالاَصول كفر والكافر نجس . وكيف يجوز الاِشتغال بالواجب مع استلزامه ترك ما هو أوجب ؟ فذرهم يخوضوا ويلعبوا حتى يلاقوا يومهم الذي كانوا يوعدون .

 

23755679_521528394849384_4462883576406060465_n

شاهد أيضاً

الزهراء الصديقة الكبرى المثل الأعلى للمرأة المعاصرة / سالم الصباغ‎

أتشرف بأن أقدم لكم نص المحاضرة التي تشرفت بإلقائها يوم 13 / 3 في ندوة ...