الرئيسية / القرآن الكريم / 16 أسرار الآيات وأنوار البينات

16 أسرار الآيات وأنوار البينات

( 4 ) قاعدة في توحيده في الإلهية كما في وجوب الوجود

قال تعالى :

« وَإِلهُكُمْ إِله ٌ واحِدٌ لا إِله َ إِلَّا هُوَ » إله العالم واحد لا شريك له في الإلهية وبراهينه كثيرة فمن جملة الطرائق فيه النظر في وحدة العالم فإنه قد ثبت بالبرهان أن العالم كله شخص واحد وحدة طبيعية بعض أجزائه أعلى وأشرف من بعض فالكل حيوان واحد ناطق مسمى بالإنسان الكبير وأن عالم الأجسام بمنزلة بدنه وعلنه وعالم الأرواح بمنزلة روحه وسره والمجموع منتظم في سلك واحد ولا يمكن تعدد العالم الجسماني ولا تعدد العالم الروحاني إلا على سبيل إحاطة بعضها بعضا وعلية بعضها لبعض وارتباط بعضها لبعض كارتباط الجسم بالروح فإذا كان كذلك ثبت وحدة إله العالم لأن الإلهية لا يتم إلا بكون الباري صانعا للعالم فإذا كان العالم واحدا كان إله العالم وصانعه واحدا لا شريك له في الإلهية كما لا شريك له في ذاته كما قال :

« أَفِي اللهِ شَكٌّ فاطِرِ السَّماواتِ » وقال :

« وَما كانَ مَعَه ُ مِنْ إِله ٍ إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِله ٍ بِما خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ سُبْحانَ اللهِ عَمَّا يَصِفُونَ عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ فَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ

« قُلْ مَنْ رَبُّ السَّماواتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ سَيَقُولُونَ لِلَّه ِ قُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ قُلْ مَنْ بِيَدِه ِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلا يُجارُ عَلَيْه ِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ سَيَقُولُونَ لِلَّه ِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ « لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا » وذلك لأن تشخص المعلول بتشخص فاعله المفيض لوجوده إذ الوجود في كل شيء عين تشخصه وتشخصه عين وجوده فمفيض وجوده مفيض تشخصه وكما لا يكون لشيء واحد شخصي وجودان ولا تشخصان فكذلك لا يكون له موجدان مشخصان لأن أنحاء الوجود والتشخص متباينة متنافية والاتصاف بكل منهما يقتضي نفي الاتصاف بغيره فكذا الحال في الاتصاف بمبدإ به وجود وتشخص فإذا فرض لشيء واحد وجودان فهما متفاسدان إذ لا ترجيح لأحدهما على الآخر فهذا معنى الآية لا الذي توهمه
بعضهم من وقوع العربدة والنزاع بين إلهين مفروضين لأنه كلام خطابي بل شعري جل جناب القرآن عن أمثال هذه النقصانات .

ويؤيد ذلك قوله :

« أَمْ جَعَلُوا لِلَّه ِ شُرَكاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِه ِ فَتَشابَه َ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْواحِدُ الْقَهَّارُ » .

شاهد أيضاً

الزهراء الصديقة الكبرى المثل الأعلى للمرأة المعاصرة / سالم الصباغ‎

أتشرف بأن أقدم لكم نص المحاضرة التي تشرفت بإلقائها يوم 13 / 3 في ندوة ...