آلاء الرحمن في تفسير القرآن 04
5 نوفمبر,2018
القرآن الكريم, صوتي ومرئي متنوع
797 زيارة
بل لو مارس جميع التعاليم وتخرج من جميع الكليات لما امكنه ان يتنزّه وينزه معارفه وكلامه من أمثال هذه الخرافات الكفرية .
لم يكن في ذلك العصر وما قبله إلَّا تعاليم اليهود والنصارى . وأساسها في الديانة مبنيّ على ما أشرنا اليه من خرافات التوراة الرائجة فهم عكوف عليها في عبادتهم ومواسمهم وتعاليمهم ومدارسهم . أو تعاليم الوثنيين ومنهم قومه . تلك التعاليم الجهلية الخاسئة . او تعاليم المجوس المتشعبة من كلا التعليمين المذكورين فإنه صلوات اللَّه عليه لو كان أخذ القصص المذكورة من ذات التوراة الرائجة بالإتقان أو من الروحانيين المسيطرين على تعليمها وأراد أن يتقوّل بها على الوحي تزلفا أو مخادعة لهم ليستجيبوا إلى اتباع دعوته لأتى بها على ما في التوراة من الخرافة والكفر . ولو كان أخذها سطحيا من أفواه الرجال كما يأخذ الأميّ من ألسن العامة لزاد عليها أضعاف خرافاتها وكفرها كما تستلزمه وتوجبه أميته وتربيته وجهل قومه وبلاده ووحشيتهم ووثنيتهم لكن ( إن هو إلا وحي يوحى ) إلى رسول لا تأخذه في تبليغ الحقائق لومة لائم أو مخالفة أمم . فانظر إلى تفصيل ذلك في الجزء الأول من الرحلة المدرسية « 1 » وعلى هذا النحو يجري الكلام فيما ذكر في العهد القديم الذي يعدّه أهل الكتاب من الوحي الصادق حيث نسب إلى أيوب أشنع الاعتراض على اللَّه والجزع من قضائه ونسبة الظلم اليه جلّ وعلا وطلب المحاكمة معه حتى انه صار يوبخ واعظيه والناهين له عن هذه الجرأة ويسفه رأيهم . ونسب الزنا إلى داود بأشنع وجه . ونسب إلى سليمان انه تمادى في تأييد الشرك باللَّه والعبادة الأوثانية وكثر منه بناء المباني لعبادة الأوثان . وقد كثرت مصائب الأناجيل في القدح بقدس المسيح مع صغر حجمها وقلة مكتوبها فنسبت الى قدسه شرب الخمر وتكرّر الكذب والأحوال المنافية للعفة وانتهاره لوالدته وقدحه في قداستها والقول بتعدد
الآلهة والأرباب وغير ذلك مما سنشير اليه . وجاء رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله بوحي قرآنه منزّها لهؤلاء الأنبياء ومبرّءا لهم عن هذه الوصمات الشنيعة فانظر إلى تفصيل ذلك في الجزء الأول من كتاب الهدى « 1 » وعلى هذا النحو يجري الكلام ايضا فيما ذكر في التوراة والعهد القديم من القصص الخرافية المنافية لجلال اللَّه وقدس أنبيائه وشرفهم وشرف عائلاتهم كما في خرافات اختباء آدم عن اللَّه . وبرج بابل . وشأن لوط مع الخمر وابنتيه والمصارعة مع يعقوب ومخادعة يعقوب لأبيه وتكرر كذبه عليه . وقصة يهوذا مع كنته ثامار وولادة سبط يهوذا الذي منهم داود وسليمان وكثير من الأنبياء . وقصة امنون بن داود وابن عمه مع أخته ثامار وملاعب شمشون . ومشورة اللَّه جل شأنه مع جند السماء في إغواء آخاب ملك إسرائيل « 2 » وكثير من ذلك ولأجل ان القرآن الكريم كلام اللَّه القدّوس ووحيه لم يذكر شيئا من ذلك ولو كان من اختلاق رسول اللَّه ( ص ) كما يزعم الظالمون لامتنع في العادة على البشرية وأغراضها وتزلفاتها أن لا يذكر شيئا من ذلك مع ما فيها من القعقعة التاريخية . وان البشر الذي يتطلب قصص العهدين ويذكرها في كلامه وأغراضه لا يفوته ما أشرنا اليه
اعجازه في وجهة الاحتجاج
نهض رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله لتعليم البشر وتنوير بصائرهم في عصر الظلمات والجهل والعمى . ولإرشادهم الى حقائق المعارف التي حجبتها ظلمات الضلال المتراكمة في تلك العصور المظلمة تلك الظلمات التي استولت على ارجاء العالم بحيث لم تدع أن ينقدح من نور الحق للعقول المغلوبة أقل بصيص فجاء ( ص ) في قرآنه بكثير غزير من الحجج الساطعة على أهمّ المعارف وأشرفها . تلك الحجج الجارية على أحسن نهج وأعمه نفعا في الاحتجاج والتعليم .
2018-11-05