الرئيسية / تقاريـــر / كربلاء… ملحمة تحرير الإنسان و مُلهمة الأحرار

كربلاء… ملحمة تحرير الإنسان و مُلهمة الأحرار

لقد باتت قضية كربلاء وثيقة تاريخية يحتاج كل من يضطهد وبحاجة لتنفس الحرية وعدم الرضا بالهوان قراءة هذه الوثيقة الحسينية وما تجلت فيها من معانٍ جمعت بين البطولة والإباء وقوة الشخصية الحرة غير المستعبدة ، لنشر مشروع العدالة الإنسانية المغبونة على الارض .

مرور ردح طويل من الزمن على واقعة ما او حدث معين كفيل بنسيان او اندثار هذه الواقعة او الحدث، الا ان ثورة الإمام الحسين (سلام الله عليه) وصحبه تزداد تألقا وعنفوانا ورسوخا في مجتمعات أمست بحاجة دوما وأبدا لمعاني ومبادئ الثورة الحسينية.

فما الذي جعل مبادئ ألطف الحسينية راسخة القدم وباقية في ضمائر من يحاول الإصلاح والثورة على الطغيان؟

لم تكن ثورة الحسين (سلام الله عليه) ضيقة الأطر والنظرة، بل جاءت كمشروع دق أساساته بقوة لكل من يحاول النهوض والانعتاق من العنجهية والظلم الذي كبل البشر وأحالهم الى عبيد فاقدي للمعنى الإنساني الحقيقي.

كربلاء... ملحمة تحرير الإنسان و مُلهمة الأحرار

كونوا أحرارا في دنياكم

اليوم وبعد حقب زمنية طويلة يزداد الالق الثوري الحسيني ويزداد العشق لكربلاء الأبية التي احتضنت الدماء الزكية التي سقت تراب ألطف وجعلت من كربلاء قبلة لدعاة الحرية والاستقلال.

كان شعار الحُسين بكربلاء الحرّية، ولذلك معنى عميق يدرك باستيعاب الحدث وفلسفته. انطلق وهو ينادي القوم “إن كنتم لا تؤمنون بالله ولا تخافون الميعاد، فكونوا أحرارا في دنياكم إن كنتم عربا كما تزعمون“.

قضية الحُسين هي بالإضافة إلى كونها قضية إسلام وجاهلية، فهي في أصلها قضيته حرية، إذ إن الذين طلبوه ثم خذلوه، كانوا يفتقدون للحس التحرري. التحرر من كل ما يفقد الضمير يقظته، ويعكر المعاني والقيم في النفوس، لقد فقدوا حريتهم أمام دنيا يزيد واستعبدهم بطشه، فافتقدوا الإرادة وافتقدوا معها الحرية.

كربلاء... ملحمة تحرير الإنسان و مُلهمة الأحرار

الحسين الانسان الصلب

اي تضحية تلك التي قدمها الحسين الثائر الصلب، وأي قلب يحمله الحسين وهو يرى أصحابه – السيد والمولى الأبيض والأسود العربي والأعجمي، الشيخ الكبير والشباب والطفل الصغير- وأهل بيته يتساقطون على الأرض مضرجين بدمائهم، فيقف القائد الثائر الصلب على جثثهم ليقدم لهم الشكر والتحية ويقلدهم أعظم الرتب، فيضع خده على خد الشهيد وهو ممدد على الارض يسبح في بركة من الدماء ليمنحه وسام الرضا والقبول من قبل سيد شباب اهل الجنة، ولم يسلم طفله الرضيع من القتل بطريقة بشعة، بسهم من الوريد إلى الوريد وهو عطشان ليصل صراخه البريء إلى مسامع العالم، وليستمر إلى غاية اليوم !!.

كربلاء... ملحمة تحرير الإنسان و مُلهمة الأحرار

الثائر الخالد قدوة للثائرين

الامام الحسين (سلام الله عليه) حفيد نبينا وسيدنا محمد رسول الله (صلى الله عليه وآله). هو الثائر الخالد عبر العصور، وهو قدوة الثوار، ولكل من يسعى للإصلاح والثورة والتغيير لكافة البشر، ولهذا على كل من يريد القيام بثورة إصلاحية شاملة ضد نظام ظالم وفاسد، ان يطلع ويستفيد من ثورة عاشوراء، وأن يتخذ من الثائر الخالد القائد الإمام الحسين (سلام الله عليه) قدوة ونموذجا للاقتداء به وكرمز للثائر الخالد الملهم، فالحسين قدوة للثوار والمصلحين من اي ديانة او ملة او فكر او عقيدة او عرق وفي كل مكان وزمان، ولهذا نجد أشهر وأعظم الثوار في التاريخ يرون إن الحسين هو الملهم لهم وهو القدوة والمثل الأعلى لتحقيق النصر، فمحرر الهند من الإستعمار الهندي غاندي يقول:” لقد تعلمت من الحسين كيف أكون مظلوما فانتصر“.

المقاوم الشهير جيفارا الذي تحول إلى رمز للثوار في العالم – نتيجة عدم معرفة هؤلاء بشخصية الثائر الخالد الحقيقي الإمام الحسين – يقول جيفارا: “على جميع الثوار الاقتداء بالثورة العارمة والزعيم الصلب الحسين العظيم، والسير على نهجها لدحر زعماء الشر والإطاحة برؤوسهم العفنة“.

نعم جيفارا الثائر الشهير يطالب الثوار بالاقتداء بالامام الحسين (سلام الله عليه) لانه الثائر الخالد الملهم.

لقد باتت قضية كربلاء وثيقة تاريخية يحتاج كل من يضطهد وبحاجة لتنفس الحرية وعدم الرضا بالهوان قراءة هذه الوثيقة الحسينية وما تجلت فيها من معانٍ جمعت بين البطولة والإباء وقوة الشخصية الحرة غير المستعبدة ، لنشر مشروع العدالة الإنسانية المغبونة على الارض .

كيف تجلت مبادئ الثورة الحسينية؟

إن الدليل على توسع الإطار الثوري الحسيني وشموله كل شخصيةٍ وحضارةٍ ومجتمعٍ ينشد التحرر والسلام ، هو تنفسه من قبل غالبية الشعوب المحرومة والسير وفق سياقاته التي جاءت بتصميم مخطط وكأنها أعدت لها العدة مسبقاً .

من غير مبالغة يمكن القول ان أبطال كربلاء قد صنعوا الثورة وارتسمت بأفكارهم ولم تكن صيحاتهم صيحات ضيقة الأفق ، وإنما جاءت مدوية لتشق سماء الحياة والبشرية بمرور سنواتها الى الأبد .

ربما يمكن ان تعد الثورة الحسينية احد لوائح العدل الإنساني المطلوبة في الحياة، ولا ننسى كيف استفادت الكثير من المجتمعات من تجربة وإباء الإمام الحسين (سلام الله عليه) وصحبه .

قالوا في الإمام الحسين (سلام الله عليه)

تركت واقعة كربلاء تأثيرا بليغا على أفكار بني الإنسان حتى غير المسلمين منهم. فعظمة الثورة وذروة التضحية، والصفات الأخرى التي يتحلى بها الحسين (سلام الله عليه) وأنصاره أدّت إلى عرض الكثير من الآراء حول هذه الثورة الملحمية، ويستلزم نقل جميع أقوالهم تأليف مؤلف ضخم عنهم، لا سيما وأن بعض الكتاب غير المسلمين دوّنوا كتباً عن هذه الواقعة.. وفيما يلي آراء بعض المشاهير في الامام الحسين (سلام الله عليه) وثورته:

كربلاء... ملحمة تحرير الإنسان و مُلهمة الأحرار

المهاتاما غاندي:

«تعلمت من الحسين كيف أكون مظلوما فأنتصر» و«لقد قرأت بدقّة حياة الحسين الشهيد العظيم، واهتممتُ اهتماماً كافياً بتأريخ واقعة كربلاء، واتّضح لي أنّ الهند إذا أرادت أن تنتصر فعليها أن تقتدي بالإمام الحسين عليه السلام.».

كربلاء... ملحمة تحرير الإنسان و مُلهمة الأحرار

جيفارا:

“على جميع الثوار الاقتداء بالثورة العارمة والزعيم الصلب الحسين العظيم، والسير على نهجها لدحر زعماء الشر والإطاحة برؤوسهم العفنة“.

كربلاء... ملحمة تحرير الإنسان و مُلهمة الأحرار

محمد علي جناح، مؤسس دولة باكستان:

«لا يوجد في العالم أيّ نموذج للشجاعة أفضل من تلك التي أبداها الحسين من حيث التضحّية والمغامرة، وفي عقيدتي أنّ على‌ جميع المسلمين أن يقتدوا بهذا الشهيد الذي ضحّى‌ بنفسه…».

توماس كارليل، فيلسوف بريطاني:

«أسمى درس نتعلمه من مأساة كربلاء هو أن الحسين وأنصاره كان لهم إيمان راسخ بالله، وقد أثبتوا بعملهم ذاك أن التفوق العددي لا أهمية له حين المواجهة بين الحقّ والباطل، والذي أثار دهشتي هو انتصار الحسين رغم قلّة الفئة التي كانت معه».

إدوارد غرانويل براون، مستشرق بريطاني:

«وهل ثمة قلب لا يغشاه الحزن والألم حين يسمع حديثاً عن كربلاء؟ وحتّى غير المسلمين لا يسعهم إنكار طهارة الروح التي وقعت هذه المعركة في ظلّها».

وليام لوفتس، عالم آثار انجليزي:

«لقد قدم الحسين بن علي أبلغ شهادة في تاريخ الإنسانية، وارتفع بمأساته إلى مستوى البطولة الفذة.».

موريس دوكابري، مستشرق فرنسي:

«يقال في مجالس العزاء أن الحسين ضحى بنفسه لصيانة شرف وأعراض الناس، ولحفظ حرمة الإسلام، ولم يرضخ لتسلط ونزوات يزيد. إذن تعالوا نتخذه لنا قدوة، لنتخلص من نير الاستعمار، وأن نفضل الموت الكريم على الحياة الذليلة.».

جورج جرداق، كاتب وأديب مسيحي:

«حينما جنّد يزيد الناس لقتل الحسين وإراقة الدماء، كانوا يقولون: كم تدفع لنا من المال؟ أما أنصار الحسين فكانوا يقولون لو أننا نقتل سبعين مرّة، فإننا على استعداد لأن نقاتل بين يديك ونقتل مرة أُخرى أيضاً.».

أنطوان بارا، كاتب مسيحي:

«لو كان الحسين منا لنشرنا له في كل أرض راية، ولأقمنا له في كل أرض منبر، ولدعونا الناس إلى المسيحية باسم الحسين.».

جبران خليل جبران، فيلسوف وأديب لبناني:

«لم أجد إنساناً كالحسين سجل مجد البشرية بدمائه»……

***

مدرسة كربلاء، قدمت للإنسانية درسا لا ينتهي، في التحرر والتضحية، وفي الثورة والنضال، وفي الوعي المنبثق من صدور الناس، هذه المدرسة أرادت أن تترك لها، روحا يعيش بها كل حر في العالم.

الحسين وكربلاء، ليست قضية يمتلكها أصحاب دين ومذهب معين، هي قضية يمتلكها فقط الأحرار، مهما كانت معتقداتهم وأفكارهم،

شاهد أيضاً

الزهراء الصديقة الكبرى المثل الأعلى للمرأة المعاصرة / سالم الصباغ‎

أتشرف بأن أقدم لكم نص المحاضرة التي تشرفت بإلقائها يوم 13 / 3 في ندوة ...