الرئيسية / صوتي ومرئي متنوع / في ودعاء شهر رمضان المبارك للامام زين العابدين سلام الله عليه

في ودعاء شهر رمضان المبارك للامام زين العابدين سلام الله عليه

الامام زين العابدين ع : السلام عليك يا شهر الله .. مَا كَانَ أَحْرَصَنَا بِالأمْسِ عَلَيْك .. وأَشَدَّ شَوْقَنَا غَداً إِلَيْك مهما كانت ألسنتنا تنطق بالبلاغة و البيان ، لتعبّر عن لوعتنا بفراق شهر الله المبارك وحرماننا من بركاته وأوقاته الشريفة ، فإنّها تَلكنُ أمام ما قاله الإمام زين العابدين عليّ بن الحسين عليه السّلام ، حيث كان دعاؤه في وداع شهر رمضان ، غاية في التعبير الصادق عن لواعج المحبّ و أشجانه و أحزانه ، و هو يودّع العزيز بقلب يبكي ، وروح تتألق ، فكانت منه هذه العبارات الجليلة :

(( اللَّهُمَّ یَا مَنْ لا یَرْغَبُ فِی الْجَزَاءِ ، وَ یَا مَنْ لا یَنْدَمُ عَلَى الْعَطَاءِ ، وَ یَا مَنْ لا یُکَافِئُ عَبْدَهُ عَلَى السَّوَاءِ ، مِنَّتُکَ ابْتِدَاءٌ ، وَ عَفْوُکَ تَفَضُّلٌ ، وَ عُقُوبَتُکَ عَدْلٌ ، وَ قَضَاؤُکَ خِیَرَةٌ إِنْ أَعْطَیْتَ لَمْ تَشُبْ عَطَاءَکَ بِمَنٍّ ، وَ إِنْ مَنَعْتَ لَمْ یَکُنْ مَنْعُکَ تَعَدِّیاً. تَشْکُرُ مَنْ شَکَرَکَ وَ أَنْتَ أَلْهَمْتَهُ شُکْرَکَ وَ تُکَافِئُ مَنْ حَمِدَکَ وَ أَنْتَ عَلَّمْتَهُ حَمْدَکَ . تَسْتُرُ عَلَى مَنْ لَوْ شِئْتَ فَضَحْتَهُ ، وَ تَجُودُ عَلَى مَنْ لَوْ شِئْتَ مَنَعْتَهُ ، وَ کِلاهُمَا أَهْلٌ مِنْکَ لِلْفَضِیحَةِ وَ الْمَنْعِ غَیْرَ أَنَّکَ بَنَیْتَ أَفْعَالَکَ عَلَى التَّفَضُّلِ، وَ أَجْرَیْتَ قُدْرَتَکَ عَلَى التَّجَاوُزِ. وَ تَلَقَّیْتَ مَنْ عَصَاکَ بِالْحِلْمِ، وَ أَمْهَلْتَ مَنْ قَصَدَ لِنَفْسِهِ بِالظُّلْمِ ، تَسْتَنْظِرُهُمْ بِأَنَاتِکَ إِلَىالانَابَةِ، وَ تَتْرُکُ مُعَاجَلَتَهُمْ إِلَى التَّوْبَةِ لِکَیْلا یَهْلِکَ عَلَیْکَ هَالِکُهُمْ، وَ لا یَشْقَى بِنِعْمَتِکَ شَقِیُّهُمْ إِلَّا عَنْ طُولِالاعْذَارِ إِلَیْهِ، وَ بَعْدَ تَرَادُفِ الْحُجَّةِ عَلَیْهِ، کَرَماً مِنْ عَفْوِکَ یَا کَرِیمُ، وَ عَائِدَةً مِنْ عَطْفِکَ یَا حَلِیمُ .

أَنْتَ الَّذِی فَتَحْتَ لِعِبَادِکَ بَاباً إِلَى عَفْوِکَ ، وَ سَمَّیْتَهُ التَّوْبَةَ، وَ جَعَلْتَ عَلَى ذَلِکَ الْبَابِ دَلِیلًا مِنْ وَحْیِکَ لِئَلَّا یَضِلُّوا عَنْهُ، فَقُلْتَ تَبَارَکَ اسْمُکَ : تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً عَسَى رَبُّکُمْ أَنْ یُکَفِّرَ عَنْکُمْ سَیِّئَاتِکُمْ وَ یُدْخِلَکُمْ جَنَاتٍ تَجْرِی مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ . یَوْمَ لا یُخْزِی اللَّهُ النَّبِیَّ وَ الَّذِینَ آمَنُوا مَعَهُ، نُورُهُمْ یَسْعَى بَیْنَ أَیْدِیهِمْ وَ بِأَیْمَانِهِمْ، یَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا، وَ اغْفِرْ لَنَا، إِنَّکَ عَلَى کُلِّ شَیْ‏ءٍ قَدِیرٌ ) ، فَمَا عُذْرُ مَنْ أَغْفَلَ دُخُولَ ذَلِکَ الْمَنْزِلِ بَعْدَ فَتْحِ الْبَابِ وَ إِقَامَةِ الدَّلِیلِ .

وَ أَنْتَ الَّذِی زِدْتَ فِی السَّوْمِ عَلَى نَفْسِکَ لِعِبَادِکَ، تُرِیدُ رِبْحَهُمْ فِی مُتَاجَرَتِهِمْ لَکَ، وَ فَوْزَهُمْ بِالْوِفَادَةِ عَلَیْکَ، وَ الزِّیَادَةِ مِنْکَ، فَقُلْتَ تَبَارَکَ اسْمُکَ وَ تَعَالَیْتَ : ( مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا، وَ مَنْ جَاءَ بِالسَّیِّئَةِ فَلا یُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا ) و ( مَثَلُ الَّذِینَ یُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِی سَبِیلِ اللَّهِ کَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِی کُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ، وَ اللَّهُ یُضَاعِفُ لِمَنْ یَشَاءُ ) و ( مَنْ ذَا الَّذِی یُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَیُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافاً کَثِیرَةً ) . وَ مَا أَنْزَلْتَ مِنْ نَظَائِرِهِنَّ فِی الْقُرْآنِ مِنْ تَضَاعِیفِ الْحَسَنَاتِ .

وَ أَنْتَ الَّذِی دَلَلْتَهُمْ بِقَوْلِکَ مِنْ غَیْبِکَ وَ تَرْغِیبِکَ الَّذِی فِیهِ حَظُّهُمْ عَلَى مَا لَوْ سَتَرْتَهُ عَنْهُمْ لَمْ تُدْرِکْهُ أَبْصَارُهُمْ، وَ لَمْ تَعِهِ أَسْمَاعُهُمْ، وَ لَمْ تَلْحَقْهُ أَوْهَامُهُمْ، فَقُلْتَ (اذْکُرُونِی أَذْکُرْکُمْ، وَ اشْکُرُوا لِی وَ لا تَکْفُرُونِ، ) وَ قُلْتَ ( لَئِنْ شَکَرْتُمْ لَأَزِیدَنَّکُمْ، وَ لَئِنْ کَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِی لَشَدِیدٌ ) و ( ادْعُونِی أَسْتَجِبْ لَکُمْ، إِنَّ الَّذِینَ یَسْتَکْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِی سَیَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِینَ) ، فَسَمَّیْتَ دُعَاءَکَ عِبَادَةً، وَ تَرْکَهُ اسْتِکْبَاراً، وَ تَوَعَّدْتَ عَلَى تَرْکِهِ دُخُولَ جَهَنَّمَ دَاخِرِینَ. فَذَکَرُوکَ بِمَنِّکَ، وَ شَکَرُوکَ بِفَضْلِکَ، وَ دَعَوْکَ بِأَمْرِکَ، وَ تَصَدَّقُوا لَکَ طَلَباً لِمَزِیدِکَ، وَ فِیهَا کَانَتْ نَجَاتُهُمْ مِنْ غَضَبِکَ، وَ فَوْزُهُمْ بِرِضَاکَ.

وَ لَوْ دَلَّ مَخْلُوقٌ مَخْلُوقاً مِنْ نَفْسِهِ عَلَى مِثْلِ الَّذِی دَلَلْتَ عَلَیْهِ عِبَادَکَ مِنْکَ کَانَ مَوْصُوفاً بِالْإِحْسَانِ، وَ مَنْعُوتاً بِالِامْتِنَانِ، وَ مَحْمُوداً بِکُلِّ لِسَانٍ، فَلَکَ الْحَمْدُ مَا وُجِدَ فِی حَمْدِکَ مَذْهَبٌ، وَ مَا بَقِیَ لِلْحَمْدِ لَفْظٌ تُحْمَدُ بِهِ، وَ مَعْنًى یَنْصَرِفُ إِلَیْهِ. یَا مَنْ تَحَمَّدَ إِلَى عِبَادِهِ بِالْإِحْسَانِ وَ الْفَضْلِ، وَ غَمَرَهُمْ بِالْمَنِّ وَ الطَّوْلِ، مَا أَفْشَى فِینَا نِعْمَتَکَ، وَ أَسْبَغَ عَلَیْنَا مِنَّتَکَ، وَ أَخَصَّنَا بِبِرِّکَ هَدَیْتَنَا لِدِینِکَ الَّذِی اصْطَفَیْتَ، وَ مِلَّتِکَ الَّتِی ارْتَضَیْتَ، وَ سَبِیلِکَ الَّذِی سَهَّلْتَ، وَ بَصَّرْتَنَا الزُّلْفَةَ لَدَیْکَ، وَ الْوُصُولَ إِلَى کَرَامَتِکَ .

اللَّهُمَّ وَ أَنْتَ جَعَلْتَ مِنْ صَفَایَا تِلْکَ الْوَظَائِفِ، وَ خَصَائِصِ تِلْکَ الْفُرُوضِ شَهْرَ رَمَضَانَ الَّذِی اخْتَصَصْتَهُ مِنْ سَائِرِ الشُّهُورِ، وَ تَخَیَّرْتَهُ مِنْ جَمِیعِ الأزْمِنَةِ وَ الدُّهُورِ، وَ آثَرْتَهُ عَلَى کُلِّ أَوْقَاتِ السَّنَةِ بِمَا أَنْزَلْتَ فِیهِ مِنَ الْقُرْآنِ وَ النُّورِ، وَ ضَاعَفْتَ فِیهِ مِنَ الایمَانِ ، وَ فَرَضْتَ فِیهِ مِنَ الصِّیَامِ، وَ رَغَّبْتَ فِیهِ مِنَ الْقِیَامِ، وَ أَجْلَلْتَ فِیهِ مِنْ لَیْلَةِ الْقَدْرِ الَّتِی هِیَ خَیْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ.

 
ثُمَّ آثَرْتَنَا بِهِ عَلَى سَائِرِ الْأُمَمِ، وَ اصْطَفَیْتَنَا بِفَضْلِهِ دُونَ أَهْلِ الْمِلَلِ، فَصُمْنَا بِأَمْرِکَ نَهَارَهُ، وَ قُمْنَا بِعَوْنِکَ لَیْلَهُ، مُتَعَرِّضِینَ بِصِیَامِهِ وَ قِیَامِهِ لِمَا عَرَّضْتَنَا لَهُ مِنْ رَحْمَتِکَ، وَ تَسَبَّبْنَا إِلَیْهِ مِنْ مَثُوبَتِکَ .

 
وَ أَنْتَ الْمَلِی‏ءُ بِمَا رُغِبَ فِیهِ إِلَیْکَ، الْجَوَادُ بِمَا سُئِلْتَ مِنْ فَضْلِکَ، الْقَرِیبُ إِلَى مَنْ حَاوَلَ قُرْبَکَ. وَ قَدْ أَقَامَ فِینَا هَذَا الشَّهْرُ مُقَامَ حَمْدٍ، وَ صَحِبَنَا صُحْبَةَ مَبْرُورٍ، وَ أَرْبَحَنَا أَفْضَلَ أَرْبَاحِ الْعَالَمِینَ، ثُمَّ قَدْ فَارَقَنَا عِنْدَ تَمَامِ وَقْتِهِ، وَ انْقِطَاعِ مُدَّتِهِ، وَ وَفَاءِ عَدَدِهِ. فَنَحْنُ مُوَدِّعُوهُ وِدَاعَ مَنْ عَزَّ فِرَاقُهُ عَلَیْنَا، وَ غَمَّنَا وَ أَوْحَشَنَا انْصِرَافُهُ عَنَّا، وَ لَزِمَنَا لَهُ الذِّمَامُ الْمَحْفُوظُ، وَ الْحُرْمَةُ الْمَرْعِیَّةُ، وَ الْحَقُّ الْمَقْضِیُّ، فَنَحْنُ قَائِلُونَ :
السَّلامُ عَلَیْکَ یَا شَهْرَ اللَّهِ الأکْبَرَ، وَ یَا عِیدَ أَوْلِیَائِهِ.

 
السَّلامُ عَلَیْکَ یَا أَکْرَمَ مَصْحُوبٍ مِنَ الأوْقَاتِ، وَ یَا خَیْرَ شَهْرٍ فِی الأیَّامِ وَ السَّاعَاتِ.
السَّلامُ عَلَیْکَ مِنْ شَهْرٍ قَرُبَتْ فِیهِ الْآمَالُ، وَ نُشِرَتْ فِیهِ الأعْمَالُ.
السَّلامُ عَلَیْکَ مِنْ قَرِینٍ جَلَّ قَدْرُهُ مَوْجُوداً، وَ أَفْجَعَ فَقْدُهُ مَفْقُوداً، وَ مَرْجُوٍّ آلَمَ فِرَاقُهُ.
السَّلامُ عَلَیْکَ مِنْ أَلِیفٍ آنَسَ مُقْبِلًا فَسَرَّ، وَ أَوْحَشَ مُنْقَضِیاً فَمَضَّ
السَّلامُ عَلَیْکَ مِنْ مُجَاوِرٍ رَقَّتْ فِیهِ الْقُلُوبُ، وَ قَلَّتْ فِیهِ الذُّنُوبُ.
السَّلامُ عَلَیْکَ مِنْ نَاصِرٍ أَعَانَ عَلَى الشَّیْطَانِ، وَ صَاحِبٍ سَهَّلَ سُبُلَ الاحْسَانِ
السَّلامُ عَلَیْکَ مَا أَکْثَرَ عُتَقَاءَ اللَّهِ فِیکَ، وَ مَا أَسْعَدَ مَنْ رَعَى حُرْمَتَکَ بِکَ
السَّلامُ عَلَیْکَ مَا کَانَ أَمْحَاکَ لِلذُّنُوبِ، وَ أَسْتَرَکَ لِأَنْوَاعِ الْعُیُوبِ
السَّلامُ عَلَیْکَ مَا کَانَ أَطْوَلَکَ عَلَى الْمُجْرِمِینَ، وَ أَهْیَبَکَ فِی صُدُورِ الْمُؤْمِنِینَ
السَّلامُ عَلَیْکَ مِنْ شَهْرٍ لا تُنَافِسُهُ الأیَّامُ.
السَّلامُ عَلَیْکَ مِنْ شَهْرٍ هُوَ مِنْ کُلِّ أَمْرٍ سَلامٌ
السَّلامُ عَلَیْکَ غَیْرَ کَرِیهِ الْمُصَاحَبَةِ، وَ لا ذَمِیمِ الْمُلابَسَةِ
السَّلامُ عَلَیْکَ کَمَا وَفَدْتَ عَلَیْنَا بِالْبَرَکَاتِ، وَ غَسَلْتَ عَنَّا دَنَسَ الْخَطِیئَاتِ
السَّلامُ عَلَیْکَ غَیْرَ مُوَدَّعٍ بَرَماً وَ لا مَتْرُوکٍ صِیَامُهُ سَأَماً.
السَّلامُ عَلَیْکَ مِنْ مَطْلُوبٍ قَبْلَ وَقْتِهِ، وَ مَحْزُونٍ عَلَیْهِ قَبْلَ فَوْتِهِ.
السَّلامُ عَلَیْکَ کَمْ مِنْ سُوءٍ صُرِفَ بِکَ عَنَّا، وَ کَمْ مِنْ خَیْرٍ أُفِیضَ بِکَ عَلَیْنَا
السَّلامُ عَلَیْکَ وَ عَلَى لَیْلَةِ الْقَدْرِ الَّتِی هِیَ خَیْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ
السَّلامُ عَلَیْکَ مَا کَانَ أَحْرَصَنَا بِالأمْسِ عَلَیْکَ، وَ أَشَدَّ شَوْقَنَا غَداً إِلَیْکَ.
السَّلامُ عَلَیْکَ وَ عَلَى فَضْلِکَ الَّذِی حُرِمْنَاهُ، وَ عَلَى مَاضٍ مِنْ بَرَکَاتِکَ سُلِبْنَاهُ.

 
اللَّهُمَّ إِنَّا أَهْلُ هَذَا الشَّهْرِ الَّذِی شَرَّفْتَنَا بِهِ، وَ وَفَّقْتَنَا بِمَنِّکَ لَهُ حِینَ جَهِلَ الأشْقِیَاءُ وَقْتَهُ، وَ حُرِمُوا لِشَقَائِهِمْ فَضْلَهُ. أَنْتَ وَلِیُّ مَا آثَرْتَنَا بِهِ مِنْ مَعْرِفَتِهِ، وَ هَدَیْتَنَا لَهُ مِنْ سُنَّتِهِ، وَ قَدْ تَوَلَّیْنَا بِتَوْفِیقِکَ صِیَامَهُ وَ قِیَامَهُ عَلَى تَقْصِیرٍ، وَ أَدَّیْنَا فِیهِ قَلِیلًا مِنْ کَثِیرٍ.

اللَّهُمَّ فَلَکَ الْحَمْدُ إِقْرَاراً بِالْإِسَاءَةِ، وَ اعْتِرَافاً بِالْإِضَاعَةِ، وَ لَکَ مِنْ قُلُوبِنَا عَقْدُ النَّدَمِ، وَ مِنْ أَلْسِنَتِنَا صِدْقُ الِاعْتِذَارِ، فَأْجُرْنَا عَلَى مَا أَصَابَنَا فِیهِ مِنَ التَّفْرِیطِ أَجْراً نَسْتَدْرِکُ بِهِ الْفَضْلَ الْمَرْغُوبَ فِیهِ، وَ نَعْتَاضُ بِهِ مِنْ أَنْوَاعِ الذُّخْرِ الْمَحْرُوصِ عَلَیْهِ. وَ أَوْجِبْ لَنَا عُذْرَکَ عَلَى مَا قَصَّرْنَا فِیهِ مِنْ حَقِّکَ، وَ ابْلُغْ بِأَعْمَارِنَا مَا بَیْنَ أَیْدِینَا مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ الْمُقْبِلِ، فَإِذَا بَلَّغْتَنَاهُ فَأَعِنِّا عَلَى تَنَاوُلِ مَا أَنْتَ أَهْلُهُ مِنَ الْعِبَادَةِ، وَ أَدِّنَا إِلَى الْقِیَامِ بِمَا یَسْتَحِقُّهُ مِنَ الطَّاعَةِ، وَ أَجْرِ لَنَا مِنْ صَالِحِ الْعَمَلِ مَا یَکُونُ دَرَکاً لِحَقِّکَ فِی الشَّهْرَیْنِ مِنْ شُهُورِ الدَّهْرِ.

 
اللَّهُمَّ وَ مَا أَلْمَمْنَا بِهِ فِی شَهْرِنَا هَذَا مِنْ لَمَمٍ أَوْ إِثْمٍ، أَوْ وَاقَعْنَا فِیهِ مِنْ ذَنْبٍ، وَ اکْتَسَبْنَا فِیهِ مِنْ خَطِیئَةٍ عَلَى تَعَمُّدٍ مِنَّا، أَوْ عَلَى نِسْیَانٍ ظَلَمْنَا فِیهِ أَنْفُسَنَا، أَوِ انْتَهَکْنَا بِهِ حُرْمَةً مِنْ غَیْرِنَا .

فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ، وَ اسْتُرْنَا بِسِتْرِکَ، وَ اعْفُ عَنَّا بِعَفْوِکَ، وَ لا تَنْصِبْنَا فِیهِ لِأَعْیُنِ الشَّامِتِینَ، وَ لا تَبْسُطْ عَلَیْنَا فِیهِ أَلْسُنَ الطَّاعِنِینَ، وَ اسْتَعْمِلْنَا بِمَا یَکُونُ حِطَّةً وَ کَفَّارَةً لِمَا أَنْکَرْتَ مِنَّا فِیهِ بِرَأْفَتِکَ الَّتِی لا تَنْفَدُ، وَ فَضْلِکَ الَّذِی لا یَنْقُصُ.
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ، وَ اجْبُرْ مُصِیبَتَنَا بِشَهْرِنَا، وَ بَارِکْ لَنَا فِی یَوْمِ عِیدِنَا وَ فِطْرِنَا، وَ اجْعَلْهُ مِنْ خَیْرِ یَوْمٍ مَرَّ عَلَیْنَا أَجْلَبِهِ لِعَفْوٍ، وَ أَمْحَاهُ لِذَنْبٍ، وَ اغْفِرْ لَنَا مَا خَفِیَ مِنْ ذُنُوبِنَا وَ مَا عَلَنَ.

 
اللَّهُمَّ اسْلَخْنَا بِانْسِلاخِ هَذَا الشَّهْرِ مِنْ خَطَایَانَا، وَ أَخْرِجْنَا بِخُرُوجِهِ مِنْ سَیِّئَاتِنَا، وَ اجْعَلْنَا مِنْ أَسْعَدِ أَهْلِهِ بِهِ، وَ أَجْزَلِهِمْ قِسْماً فِیهِ، وَ أَوْفَرِهِمْ حَظّاً مِنْهُ.

 
اللَّهُمَّ وَ مَنْ رَعَى هَذَا الشَّهْرَ حَقَّ رِعَایَتِهِ، وَ حَفِظَ حُرْمَتَهُ حَقَّ حِفْظِهَا، وَ قَامَ بِحُدُودِهِ حَقَّ قِیَامِهَا، وَ اتَّقَى ذُنُوبَهُ حَقَّ تُقَاتِهَا، أَوْ تَقَرَّبَ إِلَیْکَ بِقُرْبَةٍ أَوْجَبَتْ رِضَاکَ لَهُ، وَ عَطَفَتْ رَحْمَتَکَ عَلَیْهِ، فَهَبْ لَنَا مِثْلَهُ مِنْ وُجْدِکَ، وَ أَعْطِنَا أَضْعَافَهُ مِنْ فَضْلِکَ، فَإِنَّ فَضْلَکَ لا یَغِیضُ، وَ إِنَّ خَزَائِنَکَ لا تَنْقُصُ بَلْ تَفِیضُ، وَ إِنَّ مَعَادِنَ إِحْسَانِکَ لا تَفْنَى، وَ إِنَّ عَطَاءَکَ لَلْعَطَاءُ الْمُهَنَّا.
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ، وَ اکْتُبْ لَنَا مِثْلَ أُجُورِ مَنْ صَامَهُ، أَوْ تَعَبَّدَ لَکَ فِیهِ إِلَى یَوْمِ الْقِیَامَةِ.

اللَّهُمَّ إِنَّا نَتُوبُ إِلَیْکَ فِی یَوْمِ فِطْرِنَا الَّذِی جَعَلْتَهُ لِلْمُؤْمِنِینَ عِیداً وَ سُرُوراً، وَ لِأَهْلِ مِلَّتِکَ مَجْمَعاً وَ مُحْتَشَداً مِنْ کُلِّ ذَنْبٍ أَذْنَبْنَاهُ، أَوْ سُوءٍ أَسْلَفْنَاهُ، أَوْ خَاطِرِ شَرٍّ أَضْمَرْنَاهُ، تَوْبَةَ مَنْ لا یَنْطَوِی عَلَى رُجُوعٍ إِلَى ذَنْبٍ، وَ لا یَعُودُ بَعْدَهَا فِی خَطِیئَةٍ، تَوْبَةً نَصُوحاً خَلَصَتْ مِنَ الشَّکِّ وَ الِارْتِیَابِ، فَتَقَبَّلْهَا مِنَّا، وَ ارْضَ عَنَّا، وَ ثَبِّتْنَا عَلَیْهَا.
اللَّهُمَّ ارْزُقْنَا خَوْفَ عِقَابِ الْوَعِیدِ، وَ شَوْقَ ثَوَابِ الْمَوْعُودِ حَتَّى نَجِدَ لَذَّةَ مَا نَدْعُوکَ بِهِ، وَ کَأْبَةَ مَا نَسْتَجِیرُکَ مِنْهُ. وَ اجْعَلْنَا عِنْدَکَ مِنَ التَّوَّابِینَ الَّذِینَ أَوْجَبْتَ لَهُمْ مَحَبَّتَکَ، وَ قَبِلْتَ مِنْهُمْ مُرَاجَعَةَ طَاعَتِکَ، یَا أَعْدَلَ الْعَادِلِینَ.
اللَّهُمَّ تَجَاوَزْ عَنْ آبَائِنَا وَ أُمَّهَاتِنَا وَ أَهْلِ دِینِنَا جَمِیعاً مَنْ سَلَفَ مِنْهُمْ وَ مَنْ غَبَرَ إِلَى یَوْمِ الْقِیَامَةِ.

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ نَبِیِّنَا وَ آلِهِ کَمَا صَلَّیْتَ عَلَى مَلائِکَتِکَ الْمُقَرَّبِینَ، وَ صَلِّ عَلَیْهِ وَ آلِهِ کَمَا صَلَّیْتَ عَلَى أَنْبِیَائِکَ الْمُرْسَلِینَ، وَ صَلِّ عَلَیْهِ وَ آلِهِ کَمَا صَلَّیْتَ عَلَى عِبَادِکَ الصَّالِحِینَ، وَ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِکَ یَا رَبَّ الْعَالَمِینَ، صَلاةً تَبْلُغُنَا بَرَکَتُهَا، وَ یَنَالُنَا نَفْعُهَا، وَ یُسْتَجَابُ لَهَا دُعَاؤُنَا، إِنَّکَ أَکْرَمُ مَنْ رُغِبَ إِلَیْهِ، وَ أَکْفَى مَنْ تُوُکِّلَ عَلَیْهِ، وَ أَعْطَى مَنْ سُئِلَ مِنْ فَضْلِهِ، وَ أَنْتَ عَلَى کُلِّ شَیْ‏ءٍ قَدِیرٌ .
…………………………..……………..
ملاحظة : هذا هو الدعاء رقم 45 من أدعیة الصحیفة السجادیة للامام زین العابدین علی بن الحسین بن علی بن ابی طالب علیهم السلام ، و هو لوداع شهر رمضان المبارک اعاده الله علینا وعلیکم بالخیر والبرکة والتوفیق امین یارب العالمین .

نسألکم الدعاء

 

 

شاهد أيضاً

الزهراء الصديقة الكبرى المثل الأعلى للمرأة المعاصرة / سالم الصباغ‎

أتشرف بأن أقدم لكم نص المحاضرة التي تشرفت بإلقائها يوم 13 / 3 في ندوة ...