المرأة والأسرة
4 أبريل,2020
صوتي ومرئي متنوع, طرائف الحكم
658 زيارة
اقتران العلم بالأخلاق والقيم المعنوية
إنّ المزج بين العلم والعاطفة الإنسانية أمر مهمّ وضروريّ في كلّ مكان. والسبب الذي جعل هذا العلم المتطور جداً في العالم الغربيّ
عاجزاً عن استنقاذ البشرية، يُعزى إلى عدم اقترانه بالبعد الإنسانيّ، فحيثما وجد علم مجرّد عن الضمير والأخلاق والبُعد المعنويّ والمشاعر الإنسانية، فإنّ البشرية لا تنتفع به. العلم إذا تجرّد عن الأخلاق والقيم المعنوية يصبح قنبلة ذرّية تفتك بالأبرياء، ويصبح سلاحاً يصوّب إلى صدور المدنيّين في لبنان وفلسطين المحتلّة ومناطق العالم الأُخرى، ويتحوّل إلى أسلحة كيمياوية تُلقى على (حلبجة)[1] وعلى نقاط أُخرى في العالم، لتقضي على النساء والأطفال والكبار والصغار، والإنسان والحيوان.
من أين جاءت هذه الأسلحة الفتّاكة؟ أنتجتها مراكز العلم. قد جاءت من هذه البلدان الأُوربية، فهم الذين صنعوا هذه الموادّ ووضعوها تحت تصرّف نظام لا يراعي ما ينبغي مراعاته! فكانت النتيجة هي ما شاهدتموه. إنّ الأسلحة وجميع أنواع المنتجات العلمية غير قادرة اليوم على إسعاد البشرية، أو إسعاد الأسرة أو أن تهب الفتيان والأطفال والنساء والرجال لذّة الحياة، لأنها لا تواكبها الاخلاق والقيم المعنوية.
نحن في ظلّ الحضارة الإسلامية، وفي ظلّ نظام الجمهورية الإسلامية المقدّس الذي يتّجه صوب تلك الحضارة، جعلنا نصب أعيننا أن نطوّر العلم جنباً إلى جنب مع القيم المعنوية. وما تلاحظونه من حساسية لدى الغرب إزاء تمسّكنا بالقيم المعنوية، ووصمه التزامنا
الدينيّ بالتعصّب والتحجّر، واعتباره توجّهاتنا نحو الأُسس الأخلاقية والإنسانية مناهضة منّا لحقوق الإنسان، إنّما يعود سببه إلى اختلاف مسارنا عن مسارهم. فهم قد طوّروا العلم ـ وقد كان بلا شكّ عملاً عظيماً وعلى درجة من الأهمّية ـ ولكن بمعزل عن الأخلاق والقيم المعنوية، فنتج عن ذلك ما نتج! أمّا نحن فنريد أن يتطوّر العلم إلى جانب الأخلاق. ومثلما تكون الجامعة مركز علم، يجب أن تكون أيضاً مركزاً للدين والقيم المعنوية، وأن يتحلّى خرّيج الجامعة بالتديّن مثل خرّيج الحوزة. وهذا ما لا يحبّذونه ولا يرغبون فيه.
ولهذا السبب استمرّوا سنوات طويلة يلفّقون التهمّ ضدّ الجمهورية الإسلامية ودأبوا على اجترار تلك التهم حتّى باتت تشمئزّ منها نفوس السامعين! هكذا يتّهمون الجمهورية الإسلامية بالتعصّب والتحجّر، وبالأصولية ـ على حدّ تعبيرهم ـ أي الجمود الذي لا مرونة فيه، هكذا يصفون الإسلام، في حين أنّ الجمود عندهم، وحياتهم هي البعيدة عن القيم المعنوية وعن الرحمة والشفقة والإنسانية، حتّى أنّ جوّ الأسرة عندهم غير قادر على احتضان الأطفال! لاحظوا كم يوجد اليوم في الدول المسماة بالدول المتقدّمة صناعياً صبيان وأطفال بلا معيل، أو قد يوجد المعيل إلاّ أنّهم يفرّون من بيوتهم ويتسكّعون في الشوارع ليلاً، ويرتكبون الجرائم ويقتلون، ويعتادون التدخين ويقعون فريسة لأنواع الاعتياد الضارّ. هذا بعض ما لديهم! وهذا هو الجمود الذي يدفع الشبّان هناك إلى العصيان.
الأعمال التي كان يمارسها قبل ثلاثين أو أربعين سنة شبّان بأسماء مختلفة ـ وما شابه ذلك ـ وحتّى هذا اليوم، يعود سببها إلى أنّ تلك المجتمعات غير قادرة على إشباع تلك العواطف الإنسانية، لأنّها مجتمعات جامدة ومتحجّرة وظالمة ومتشدّدة. أمّا الأجواء الإسلامية فهي على الضدّ من هذا، الجوّ الإسلاميّ تملؤه الرحمة والاعتدال، وتشيع فيه القيم المعنوية والتقوى، والتقوى تعني فيما تعنيه أن تكون القلوب منشرحة لجميع العواطف والمشاعر الإنسانية السليمة، ويتوفّر إلى جانبها التعايش والاستقرار المعنويّ وسكينة القلوب[2].
[1] المنطقة الواقع شمال العراق.
[2] خطاب الإمام الخامنئي دام ظله بمناسبة ذكرى ولادة السيدة زينب عليها السلام ويوم الممرضين، في طهران، بحضور حشود من العاملين في حقل التمريض وطلبة الجامعات الطبية في البلاد، بتاريخ 7/05/1418ه.ق.
2020-04-04