منهج في الإنتماء المذهبي – صائب عبد الحميد
يوم واحد مضت
الاسلام والحياة
15 زيارة
ثم قال: ولا خلاف بين أهل العلم أنها فرض كفاية – كالجهاد ونحوه – إذا قام بها من هو أهل لها سقط فرضها عن كافة الناس، وإن لم يقم بها أحد أثم من الناس فريقان:
أحدهما: أهل الحل والعقد، حتى يختاروا للأمة إماما يقوم بأمرهم.
والثاني: أهل الإمامة، حتى ينتصب للإمامة أحدهم (1).
وقال الإمام أبو الحسن الأشعري (2):
قال الناس كلهم – إلا الأصم -: لا بد من إمام (3).
وأما الإسفرائيني (4)، فقال:
قد اتفق جمهور أهل السنة والجماعة على أصول من أركان الدين، كل ركن منها يجب على كل عاقل معرفة حقيقته.
ولكل ركن منها شعب: وفي شعبها مسائل اتفق أهل السنة فيها على قول واحد، وضللوا من خالفهم فيها – وعد هذه الأركان إلى أن قال -:
والركن الثاني عشر: الخلافة والإمامة، وشروط الزعامة.
ثم قال في بيان هذا الركن:
(1) مآثر الإنافة في معالم الخلافة 1: 29 – 30 باختصار.
(2) هو علي بن إسماعيل بن إسحاق أبو الحسن الأشعري مؤسس مذهب الأشاعرة، شيخ أهل السنة والجماعة، كان من الأئمة المتكلمين، تلقى مذهب المعتزلة، وتقدم فيه، ثم رجع، وجاهر بخلافهم، توفي ببغداد سنة 324 ه الأعلام – للزركلي – 4: 263.
(3) مقالات الإسلاميين 2: 133.
(4) هو عبد القاهر بن طاهر بن محمد البغدادي الإسفرائيني، العالم المتفنن من أئمة الأصول، كان صدر الإسلام في عصره ولد ونشأ في بغداد، ثم رحل إلى نيسابور ثم ارتحل منها وتوفي في إسفرائين – من نواحي نيسابور – سنة 429 ه. الأعلام – للزركلي – 4: 48.
(٥٥)
إن الإمامة فرض واجب على الأمة لأجل إقامة الإمام: ينصب لهم القضاة والأمناء، يضبط ثغورهم، ويغزي جيوشهم، ويقسم الفئ بينهم، وينتصف لمظلومهم من ظالمهم (1).
هكذا يتضح أن الإمامة منصب إلهي كما تصرح الآيات البينات، وأن معرفة الإمام واجبة كما تقول الأحاديث الشريفة، وقد انعقد الاجماع على لزومها، ووجوب إقامة من يقوم بشؤونها، فلا مجال للشك بعد هذا في ضرورة وجود الإمام، ولزوم تعيينه، فمن هو الإمام إذن؟.
(1) الفرق بين الفرق: 323، 349.
(٥٦)
من هو الإمام؟
* آراء المذاهب في الإمام * الإمام في القرآن والسنة – الله تعالى يقول ورسوله يتحدث – * أصحاب الحق يتكلمون
آراء المذاهب في الإمام أولا: مع المذاهب الأربعة:
وننقل خلاصة آراء المذاهب الأربعة في الإمامة والخلافة عن كتاب (تاريخ المذاهب الإسلامية) للشيخ (محمد أبو زهرة) باختصار مفيد، من مجموع ما ذكره في جزأي كتابه:
” أبو حنيفة ” 80 – 150 ه قال المؤلف، بعد أن استعرض مواقف أبي حنيفة من الخلافتين الأموية والعباسية، وموقفه من نهضة زيد بن علي (1)، ومحمد بن عبد الله بن الحسن بن
(١) هو زيد بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب – عليه السلام – ذو علم وجلالة وصلاح عده طائفة من المسلمين إماما، فسموا (الزيدية)، وكان خروجه في عهد هشام بن عبد الملك الأموي، من الكوفة، فقتل فيها – رحمه الله – فنصبوا رأسه على قصبة، وصلبوه زمنا، ثم جمع فأحرق وذري نصفه في الفرات، ونصفه في الزرع، لقول يوسف بن عمر الثقفي الذي تولى قتاله: والله – يا أهل الكوفة – لأدعنكم تأكلونه في طعامكم، وتشربونه في مائكم! وكان ذلك سنة (١٢١). الطبقات الكبرى ٥: ٣٢٦ وتاريخ اليعقوبي ٢: ٣٢٦.
(٥٩)
علي (1)، قال:
إذن، المعروف عن أبي حنيفة، أنه يرى الإمامة يجب أن تكون في أقرباء الرسول صلى الله عليه وآله وسلم والأرجح في أبناء علي (2).
قال أبو زهرة: والذي يرجح هذا الاختيار أمور:
1 – اعتبار خروج زيد بن علي أنه يشبه خروج رسول الله (ص) يوم بدر، فالمعركة بين الكفر والإيمان.
2 – عدم توليه عمل لبني أمية، مع شدة إصرار عاملهم ابن هبيرة (3)، بقوله: أعطيك أرفع المناصب، بينما قبل فقهاء العراق، كابن أبي ليلى (4)، وابن شبرمة (5)، وداود بن أبي هند (6)، وغيرهم كثير.
(١) المعروف ب (النفس الزكية)، وكانت نهضته على أبي جعفر المنصور العباسي، هو وأخوه إبراهيم بن عبد الله بن الحسن، سنة ١٤٥، وفيها استشهدا – رحمهما الله تعالى – تاريخ اليعقوبي ٢: ١٤٥.
(٢) قال الزمخشري في (الكشاف) عند تفسيره قوله تعالى (ولا ينال عهدي الظالمين) – البقرة – ١٢٤ – قال وكان أبو حنيفة رحمه الله يفتي سرا بوجوب نصرة زيد بن علي رضي الله عنهما، وحمل المال إليه، والخروج معه على اللص المتغلب المشتهر بالإمام والخليفة كالدوانيقي وأشباهه، وكان يقول في الدوانيقي وأشياعه: لو أرادوا بناء مسجد، وأرادوني على عد آجره، لما فعلت.
وفي الملل والنحل: وكان أبو حنيفة على بيعته (أي محمد ذو النفس الزكية) ومن جملة شيعته، حتى رفع الأمر إلى المنصور الدوانيقي فحبسه حتى مات في الحبس، ولما قتل محمد ذو النفس الزكية بقي أبو حنيفة على بيعته يعتقد موالاة أهل البيت. المصدر ١: ١٤٠.
(٣) هو يزيد بن عمر بن هبيرة والي العراق من قبل مروان بن محمد بن مروان، ودامت ولايته منذ سنة (١٢٨) حتى قتل على عهد السفاح سنة ١٣٣ ه. تاريخ اليعقوبي ٢: ٣٥٣.
(٤) محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى يسار، ويقال هو داود بن الجلاح الأنصاري الكوفي، كان من أصحاب الرأي، وتولى القضاء بالكوفة، وأقام عليها حاكما ثلاثا وثلاثين سنة، ولي لبني أمية ثم بني العباس – وكانت وفاته سنة ١٤٨ أيام المنصور، وهو باق على القضاء، وفيات الأعيان ٤: ١٧٩.
(٥) هو عبد الله بن شبرمة بن حسان بن المنذر الضبي، أبو شبرمة الكوفي، كان قاضيا على السواد لأبي جعفر المنصور، وهو من فقهاء الكوفة، وفاته سنة ١٤٤ ه. تهذيب التهذيب ٥: ٢٥٠ تسلسل / ٤٣٩.
(٦) داود بن أبي هند، واسمه دينار بن عذافر أبو محمد البصري، من موالي بني قشير، وكان مفتي أهل البصرة – وقد رأى أنس بن مالك ولم يرو عنه – ولد بمرو وتوفي بالبصرة سنة ١٣٦. تهذيب الكمال ٨:
٤٦١ تسلسل / ١٧٩٠، سير أعلام النبلاء ٦: ٣٧٦ ت / 158
(٦٠)
3 – خطبته عندما استقر الأمر، لأبي عبد الله السفاح – مؤسس الدولة العباسية – عندما جمع العلماء بالكوفة، وخطبهم السفاح، فقال: إن الخلافة قد عادت إلى أهل بيت نبيكم، وأنتم معاشر العلماء أحق من أعان، فبايعوا بيعة تكون عند إمامكم حجة لكم، وأمانا في معادكم.
وكان أبو حنيفة وقتئذ حاضرا، فنظر إليه العلماء يتطلعون إلى رأيه، فقال:
الحمد لله الذي أعاد إلينا قرابة رسول الله وأبعد عنا جور الظلمة، وبسط ألسنتنا بالحق.
فقالوا: بايعنا على أمر الله، والوفاء لك بعهدك، فلا أخلى الله هذا الأمر من قرابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
4 – انقلابه على العباسيين حين دب الخلافة بينهم وبين أبناء علي، ثم مبايعته لمحمد بن الحسن أيام المنصور.
” مالك بن أنس ” 93 – 179 ه ونظام تعيين الإمام كان يراه حسبما تم في سلوك الصحابة، مضيفا إليه رأيه، فهو عنده بأحد طرق أربعة:
1 – نظام الشورى ابتداء، كما فعل الصحابة في شأن أبي بكر، وعلي.
2 – نظام الاستخلاف بشرط المبايعة، كما فعل أبو بكر في شأن عمر 3 – نظام الشورى بين عدد يعينهم الخليفة السابق، كما فعل عمر.
4 – نظام الغلبة بالسيف، فمن تغلب بالسيف ثم بايعه الناس، تعد ولايته شرعية، وكان عدلا في ذاته.
(٦١)

رابط الدعوة ايتا :الولاية الاخبارية
سايت اخباري متنوع يختص بأخبار المسلمين حول العالم .
https://eitaa.com/wilayah
2025-07-14