الوقت- إن الرادارات النشطة إلى جانب نظم رسم الخرائط الطبوغرافية ، وبالطبع ، أجهزة الجيروسكوب الضوئية، فعّالة وتعمل بمنتهى الدقة والحرفية في الجمهورية الإسلامية الإيرانية منذ سنوات عديدة، والتركيب الذي تصنعه هذه المنظومة فيما بينها يجعل الصواريخ الإيرانية تصل أهدافها بدقة بحيث يكون خطأ الإصابة أقرب إلى “الصفر”، وهذا ما يجعلها تحظى بأهمية بالغة لدى العدو والصديق.
إن هذا الصاروخ الذي أُنجزت جميع مراحل تصميمه وتصنيعه من قبل علماء وخبراء منظمة الصناعات الجوفضائية بوزارة الدفاع الإيرانية، يعتبر أول صاروخ بعيد المدى للجمهورية الإسلامية الإيرانية بإمكانية التوجيه والتحكم حتى لحظة إصابة الهدف ما يمكنه من إصابة الأهداف بدقة عالية وتدميرها تماماً.
لطالما كانت مسألة دقة الصواريخ الباليستية بالنسبة لإيران واحدة من أهم الأولويات، وقد أكد العديد من المسؤولين الإيرانيين في العديد من المناسبات، بشكل مباشر وصريح على ضرورة زيادة دقة الصواريخ الإيرانية.
وعادة ما تتم الدقة المتزايدة اليوم في القنابل الموجهة، والصواريخ الباليستية وصواريخ كروز في جميع أنحاء العالم مع أنظمة الملاحة عبر الأقمار الصناعية مثل GPS ، Glonass أو Bidou. على سبيل المثال ، بالقرب من إيران ، تعدّ باكستان والهند من بين أكثر الدول نشاطًاً في مجال الصواريخ وتستخدم أنظمة الأقمار الصناعية لزيادة دقة صواريخها.
يسعى الهنود إلى تطوير نظام اتصالاتهم ونظام التتبع عبر الأقمار الصناعية، ومن ناحية أخرى، فإن باكستان لديها إمكانية الوصول إلى النظام الصاروخي الصيني “بيدو”.
كما تمتلك الصين نظام “بيدو”، وتمتلك روسيا وأمريكا أنظمة مستقلة خاصة بها لتحقيق الدقة المطلوبة، بالطبع، في معظم هذه البلدان، تعتبر الصواريخ الباليستية هي الحامل الرئيس للرؤوس النووية، ولكن مسألة الدقة ودقة الإصابة لا تملك نفس الأولوية.
إيران: قصة مختلفة مع الصواريخ الباليستية
في إيران، تختلف قصة الصواريخ الباليستية إلى حدّ ما، منذ بداية إلمام الإيرانيين بتأثير الصواريخ الباليستية المرعب والتي تم إهداؤها إلى صدام حسين من قبل القوى الغربية واستخدمها في حربه ضد إيران حتى الحصول على عدد قليل من صواريخ سكود من ليبيا، لم يستغرق إطلاق برنامج الصواريخ في إيران والذي بدأ به الشهيد حسن طهراني، وقتاً طويلاً على عكس الدول الأخرى.
لطالما كانت الصواريخ الإيرانية التي استخدمت الرؤوس الحربية التقليدية بعد انتهاء الحرب وحتى الآن، تلعب دوراً مؤثراً في الردع والحفاظ على السلام في منطقة الشرق الأوسط المضطربة، كما أن الاتهامات الغربية التي تفتقر إلى وجود منطق وإثبات لم تصل حتى اللحظة إلى أي مكان.
بالطبع، تم إجبار أعضاء العائلة الباليستية الإيرانية الصغيرة على توجيه ضربات موجعة ضدّ الإرهابيين من شمال العراق إلى شرق سوريا وغرب باكستان.
نظراً لأهمية الدفاع الصاروخي الإيراني في الدفاع عن حدود وأمن بلدنا، حاول الغرب دائماً ربطه بالبرنامج النووي الإيراني وعرضه كخطة خطرة للسلم والأمن العالميين، لذلك بعد كل اختبار صاروخي إيراني تقريباً يكرر الغرب قصة القدرة على حمل رأس حربي نووي، ولكن من بين كل هذه الصيحات العاطفية التي افتقرت إلى المنطق، تبرز المحادثات التي أجراها خبير إسرائيلي بارز حول الصواريخ الباليستية الإيرانية، ودقتها وما توفره للجمهورية الإسلامية كقوة رادعة وهذا ما دفع الخبير الإسرائيلي للحديث عنها.
يمكن القول إن جوزي روبن، الرئيس السابق لبرنامج الدفاع الصاروخي الإسرائيلي، واحد من أكثر الأشخاص معرفةً بقضايا الدفاع الصاروخي الإيراني في الكيان الاسرائيلي، ففي صيف 2015 ، وخلال مؤتمر في أمريكا، قال:
“اعتقد أن الإيرانيين يستطيعون تركيب أجنحة صغيرة على الصواريخ الباليستية ويمكنهم استخدام قدراتهم لصقل صواريخهم بدقة ويملكون صواريخ يبلغ مداها 2000 كيلومتر بقوة هجوم دقيقة”.
ويتابع المدير السابق لبرنامج الدفاع الصاروخي الإسرائيلي قائلاً: إيران لا تحتاج إلى أسلحة نووية، إنها (إيران) تستطيع شلّ دولة مثل “إسرائيل” من خلال هذه الصواريخ ” 2000 كيلومتر” العالية الدقة، في حال كانوا يختارون أهدافهم بعناية مثل محطات توليد الطاقة، فعندئذ يمكن أن يعطلوا بلداً من دون أسلحة نووية”.
قصة الأجنحة الصغيرة.. من الـ” بيرشينغ” الأمريكي إلى “عماد” الإيراني
الصواريخ الباليستية القصيرة المدى ومتوسطة المدى إلى جانب أنظمة قارة بيما، تطوّرت خلال فترة الحرب الباردة من جانب قوتين عظيمتين على جانبي جدار برلين، أدى تطوير أنظمة متوسطة المدى وقصيرة المدى، خاصة في الثمانينيات أواخر الحرب الباردة، في نهاية المطاف إلى تقريب الغرب والشرق من الصراع في قارة أوروبا، ما أدّى في النهاية إلى توقيع اتفاقية الطاقة النووية “INF“، وفي النهاية، تخلّصت هذه الدول بناءً على الاتفاقية من صواريخ كروز والصاروخ البالستية قصير المدى والمتوسطة المدى والأرضية.
بيرشينغ 1 و 2 النموذجين للصواريخ البالستية متوسطة المدى في أمريكا، والتي كانت في صميم أسلحة الحدّ من التسلّح، أثارت الجدل بين الشرق والغرب في ثمانينات القرن الماضي.
بيرشينغ عائلة من الصواريخ البالستية ذات مرحلتين متوسطة المدى تعمل بالوقود الصلب، وتصل سرعة الصاروخ إلى 8 أضعاف سرعة الصوت، وقادرة على حمل رؤوس نووية حوالي 5-80 كيلو طن، صممها وبناها مارتن ماريتا لتحلّ محلّ صواريخ بي.ام.جي-11 ريدستون كسلاح لجيش أمريكا.
استمرت نظم بيرشينغ أكثر من 30 عاماً من إصدار أول اختبار في عام 1960 حتى نهايتها عام 1991، سميت تيمناً بالجنرال جون بيرشينغ.
أديرت النظم من قبل قيادة الصواريخ في جيش أمريكا وتنشرها فرق المدفعية.
بدأ الاتحاد السوفياتي حملة واسعة جداً لمواجهة صواريخ بيرشينغ، وفي المفاوضات التي أدّت إلى توقيع INF، كان أحد المطالب الرئيسية لموسكو تدمير هذه المنظومة الصاروخية.
بيرشينغ 2 صواريخ وعروض بيانية للرأس الحربي – انتبهوا إلى الأجنحة الصغيرة
الشيء المثير للاهتمام حول صواريخ بيرشينغ هو أنه على الرغم من عدم وجود نظام ملاحة عبر الأقمار الصناعية، مع وجود مزيج من نظام رسم الخرائط ثنائي الأبعاد من الخرائط الطبوغرافية والرادار النشط في المرحلة النهائية، تم النظر في معدّل الخطأ بما يقارب 30 متراً، وهذا ما اعتبر في ذلك الوقت شيئاً غير عادي.
شيء آخر مهم عن Pershing هو وجود أجنحة صغيرة في رأس الصاروخ، هذه الأجنحة توفّر نوعاً من القدرة على المناورة في المرحلة النهائية من الطيران وجهاً لوجه وتساعد على زيادة دقة الصاروخ، لقد شوهدت هذه الزعانف “الأجنحة الصغيرة” في الصواريخ الإيرانية قبل بضع سنوات.
رواية جديدة عن دقة الصواريخ الإيرانية
يصف وزير الدفاع الإيراني، أمير حاتمي، ضمن أحد الاختبارات الصاروخية الأخيرة في الجمهورية الإسلامية، صواريخ إيرانية جديدة ويذكر تفسيرات مثيرة للاهتمام إذ يقول: “صاروخ بعيد المدى جعل الأمريكيين يصرخون ويظهرون غضبهم، هذا الصاروخ يبلغ مداه ألفي كيلومتر، تم اختباره وإسقاطه على مسافة ألفي كيلومتر في وسط مربع 30 متراً على 30 متراً”.
ثلاثة نماذج من الصواريخ الإيرانية ذات طوافات مختلفة من الأعلى إلى الأسفل: ذو الفقار- قيام وعماد – انتبهوا إلى الأجنحة الصغيرة.
وأشار إلى أن وزارة الدفاع تعمل دوماً على دقة الصواريخ، والآن جميع الصواريخ بما في ذلك جميع الصواريخ عالية المستوى ودقيقة.
توضّح الصورة أعلاه منطقة مساحتها 30 X 30 متراً مربعاً تقريباً.
على وجه التحديد، يمكن القول أن التنبؤات والكوابيس في تصريحات 2015 ، للخبير الصهيوني الشهير والبارز، كانت مرتبطة ارتباطاً عملياً وصريحاً بالحقيقة، في الواقع، وبالنظر إلى المسافة التي قطعها الصاروخ الإيراني وعدم استخدام القمر الصناعي ، يمكن اعتبار الصاروخ بمثابة نظام دقيق الإصابة لاستهداف منشآت العدو الأساسية، بما في ذلك القواعد الجوية والبنية التحتية.
كيف تمكّنت القوات المسلحة حتى دون امتلاك أنظمة فضائية خاصة من أن تصل لهذا المستوى من الدقة، وبينما قد يكون من الممكن استخدام أسلوب مثل Pershing الأمريكي، والرادارات النشطة إلى جانب نظم رسم الخرائط الطبوغرافية، وبالطبع، أجهزة الجيروسكوب الليفية الضوئية تعمل في إيران لسنوات عديدة، ويمكن أن يتضمّن تركيبها بوضوح هذه الدقة.
من خلال استقراء ما تملكه القوات المسلحة لمختلف البلدان وما تم الإعلان عنه، يمكن اعتبار الصواريخ الباليستية الإيرانية متوسطة المدى الأكثر دقة في العالم دون توجيه الأقمار الصناعية، بطبيعة الحال، ما يحدث ليس من المرجّح أن يكون صاروخاً محدداً، بل تطوراً لرأس حربي معيّن شوهد على العديد من نماذج الصواريخ الإيرانية على مرّ السنين.