الرئيسية / القرآن الكريم / المرأة في القرآن والسنة – النبوغ الفكري والسياسي للمرأة

المرأة في القرآن والسنة – النبوغ الفكري والسياسي للمرأة

لقد اهتمّ الإسلام العزيز بالمرأة أيّما اهتمام، إلى الحدّ الّذي أنزلت سورة طويلة مسمّاة باسم “النساء” في القرآن الكريم. وهذا يدلّ على خطورة وأهمّية العنصر النسائي في المجتمع الإنساني، وعلى اهتمام الإسلام بهذا العنصر، إلّا أنّ التاريخ والحاضر قد ظلمها، ولم يلتفت إلى خطورة دورها، فأنقص حقوقها وهدرها. ونحن ذاكرون بعض حقوق المرأة العامّة في الإسلام، عسى أن يكون ذلك دافعاً لردّ بعض الشبهات الّتي قد تعتري بعض الناس حول وضع المرأة في الإسلام.

 

 

النساء السابقات في الدين
عندما نراجع إحصاء وأرقام السابقين في الدين نرى أنه كما أنه هناك اشخاصاً في الصف المتقدم مثل أمير المؤمنين عليه السلام فان هناك أشخاصاً آخرين مثل خديجة عليها السلام وسمية آل ياسر. عليها رحمة الله. ان تقدم خديجة في الإسلام هو بسبب سبقها الرتب، لأن كثيراً من الرجال كانوا يترددون في تشخيص حقانية الإسلام. ولكن خديجة عليها السلام شخصت الحق. قد يكون هناك كثير من الناس شخصوا أن الحق هو مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ولكن لم تكن لديهم تلك الشهامة، ولكن خديجة كانت لديها تلك الشهامة، إذا أراد شخص ان يدوس على عادة باطلة، وان يقبل بالدين الحق فذلك يتطلب نبوغاً فكرياً وكذلك شهامة كبيرة. في الظروف التي كان كثير من الرجال يفتقدون كلا أو إحدى هاتين القاعدتين، كانت خديجة عليها السلام تحمل كلتا القاعدتين، لذا ضحت بالمال.
ومن النساء الأخريات السابقات سمية التي شخصت حقانية الدين من أثر النبوغ الفكري والثقافي واسلمت وتحملت تعذيباً قاسياً بصبر قل نظيره. وعندما مرّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على آل عمار ورآهم في ذلك التعذيب قال:” صبراً يا آل ياسر ان موعدكم الجنة “.

 

 

آمن هؤلاء بالغيب حتى الشهادة، و اصبحت هذه المرأة في صف أول شهيد في الإسلا، وواضح ان المسألة ليست سبقاً زمنياً فقط بل هي سبق رتبي يتطلب نوعاً من النبوغ الثقافي وشهامة عقل عملي. هذه هي نماذج تتعلق بتواجد المرأة في قسم النبوغ الثقافي وإيثار وتضحية عقل العمل.

وأما المقام الثاني للكلام، الذي هو تواجد المراة في ساحة السياسة والمجتمع فمن اللازم ذكر مقدمة قصيرة في هذا المجال لتوضيح البحث.

 

 

 

ضرورة تواجد المرأة في ساحة المجتمع
يطرح الدين مجموعة وظائف بوصفها وسائل اجتماعية، والذين لا يتمتعون بنبوغ، ويفكرون بانفسهم فقط لا يدركون الخطوط العامة الاجتماعية، أو أنهم إذا أدركوا الخطوط العامة للمجتمع ليس لديهم قابلية التضحية والإيثار، لذا لا يدخلون في ساحة المجتمع، إذا كان هناك شخص من أهل القيام والمبادرة يتضح أنه أدرك مسألة الهوية الاجتماعية للبشر جيداً، وكذلك درس جيداً لزوم التضحية لتكريم الهوية الجماعية. في القرآن الكريم جاء تعريف المؤمنين الصادقين هكذا:

 
﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوه﴾5. أي ان المؤمنين الصادقين هم المعتقدون بالله ورسوله ويعرفون المجتمع جيداً من حيث إدراك المسائل الاجتماعية والذكاء الجمعي، ويتواجدون دائماً في المسائل الجماعية وليسوا منعزلين﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ﴾الأمر الجامع، هي المسائل الجماعية للنظام مثلاً مسأله صلاة الجمعة أمر جامع. المظاهرات ضد الطغيان والاستكبار، والمشاركة في الانتخابات، تأييداً لقيادة المسؤولين الإسلاميين، وتأييد العاملين الصادقين، والأمر بالمعروف العام والنهي عن المنكر الجماعي، ومئات الأمثلة من هذا القبيل كلها أمور جامعة، لذا يقول الله تعالى في هذا الجزء من القرآن إن المؤمنين الصادقين هم الذين لا يتركون قائدهم وحده في أي أمر جامع ولا يتركون الساحة بدون كسب إذن من القائد حيث ان قضية حنظلة غسيل الملائكة هي في آخر هذا القسم من الآيات حيث ترك ساحة الحرب مؤقتاً بإذن من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم6.

 

 

إن امتلاك الذكاء الاجتماعي ومراعاة الحيثية الجماعية محترم إلى درجة أن القرآن اعتبرها من خصائص المؤمنين، وقال: إن المؤمنين الصادقين هم الذين يتواجدون في المسائل الجماعية للمجتمع ولايتركون قائدهم لوحده ولا يتركون الساحة بدون عذر مقبول. وإذا كانوا معذورين أيضاً لا يذهبون بدون اطلاع، فلا يقول: ما دمت مريضاً فلن أذهب بل يعلن إنني لا أجيء لأنني مريض، حتى لا يفتح طريق الاعتذار للآخرين (فإذا استأذنوك لبعض شأنهم فاذن لمن شئت منهم واستغفر الله إن الله غفور رحيم) إذا كان الشخص معذوراً وترك الساحة بإذن القائد يفقد فضيلة، لذا يأمر الله تعالى رسوله صلى الله عليه وآله وسلم بان يستغفر للذين يتركون الساحة بعذر ولا يأتون إلى الساحة لأخذ إذن وإعلان عذر، ويصدر أمر الاستغفار في آخر هذه الآية:

 

 

بناء على هذا يتبين ان الشخص الذي لم ينجح في التواجد في مسألةة اجتماعية لم يستفد من فيض حيث يجب ان يرحم باستغفار رسول الله صل الله عليه وآله وسلم، كما ان المرأة محرومة في بعض أيام الشهر من توفيق الصلاة وقيل انه إذا توضأت وجلست في مصلاها نحو القبلة وذكرت بمقدار وقت الصلاة فهناك أمل بتعويض ذلك الثواب، أو المسافر المحروم من الصلاة الرباعية إذا قرأ التسبيحات الأربع ثلاثين أو أربعين مرة بعد إتمام الركعتين فسوف يؤدي إلى تدارك ذلك الثواب، كذلك هنا إذا كان شخص معذوراً ولم يستطع التواجد في الساحة وذهب بإذن، فان القادة الإلهيين مأمورون بأن يطلبوا المغفرة لهؤلاء، لأن طلب المغفرة هذا يكون عامل سكينة. وهدوء وطمانينة قلوب أولئك، لأن استغفارهم مؤثر ودعاءهم مهدىء. هذه هي صورة من الوظيفة الجماعية لأفراد المجتمع يرسمها القرآن، وفي هذا القسم ليس هناك فرق بين المرأة والرجل.

شاهد أيضاً

[ يا أَيُّها الصَّدْرُ الشَّهِيدُ الْبَطَلُ ] – قصيدةٌ من ديوان السّباعيّ الذّهبيّ في الشّعر العربيّ

[ يا أَيُّها الصَّدْرُ الشَّهِيدُ الْبَطَلُ ] – قصيدةٌ من ديوان السّباعيّ الذّهبيّ في الشّعر ...