الوقت– يوم السبت الماضي كشفت صحيفة “ديلي ميل” البريطانية، عن تفاصيل هروب الأميرة “هيا بنت الحسين”، فراراً من زوجها حاكم إمارة دبي الشيخ “محمد بن راشد آل مكتوم” وقالت الصحيفة، إن الأميرة الأردنية هيا (45 عاماً) تختبئ في ألمانيا، برفقة ابنيها “الجليلة 12 سنة”، و”زايد 7 سنوات”.
ولفتت هذه الصحيفة إلى أن دبلوماسية ألمانية ساعدت الأميرة الأردنية على الهروب من دبي، وطلب اللجوء السياسي في ألمانيا، وتحدّثت الصحيفة عن احتمالية اندلاع أزمة بين أبو ظبي وبرلين، على خلفية قضية الأميرة الأردنية التي تسعى للحصول على الطلاق من حاكم دبي.
وأشارت الصحيفة إلى أن الأميرة “هيا” هي الأخت غير الشقيقة للعاهل الأردني الملك “عبد الله الثاني”، التي درست في “أكسفورد“.
وهذه القضية أيضاً يمكن إضافتها إلى حزمة الخلافات التي تعصف بحكّام الإمارات، ولكن السؤال الأساسي هو لماذا تحوّل هذا النزاع العائلي بسرعة فائقة إلى قضية دولية، قد تنسف العلاقات الإماراتية مع عدد من الدول العربية والغربية؟
الخلافات الكامنة داخل دولة الإمارات
إن أحد الأسباب الرئيسة لهروب زوجة الشيخ “محمد بن راشد” حاكم دبي، يرجع إلى تورّطه في انقلاب ضد شقيقها ملك الأردن، وهذه الفضيحة ترجع إلى وجود جذور لخلافات كامنة بين حكّام الإمارات وتضارب مصالحهم مع بعضهم البعض واستغلال بعض الدول الاوروبية لهم.
وحول هذا السياق، وبعد الحرب العالمية الثانية، واستقلال الهند، تولّت الحكومة البريطانية في لندن مسؤولية المحافظة على النفوذ البريطاني في الخليج الفارسي.
وخلال هذه الحقبة، كان اكتشاف حقول النفط الهائلة يعني اكتساب منطقة الخليج الفارسي أهمية جيوستراتيجية كبيرة في حدّ ذاتها، ولم تعد أهميتها تكمن بعد في علاقتها بالهند وقربها منها.
وفي نهايات خمسينيات القرن العشرين، تعرّض الوجود البريطاني في المنطقة لنقد متزايد حيث اكتسبت أفكار القومية العربية شهرة واسعة في العالم العربي.
وعلى الرغم من نيل الكويت استقلالها في ١٩٦١، إلا أن بريطانيا ظلّت مهيمنة على الخليج لعقد آخر حتى ١٩٧١ حيث غادرت المنطقة رسمياً، وحصلت دول خليجية أخرى على استقلالها.
وفي حين تخلّت بريطانيا عن سيطرتها السياسية المباشرة على المنطقة، إلا أنها احتفظت بقدر كبير من النفوذ حيث استمرت الصلات الوثيقة في المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية بين بريطانيا ودول الخليج الفارسي قائمةً حتى يومنا هذا.
تعود بداية الإمارات إلى عام 1971 حين أعلن الشيخ “زايد آل نهيان”، شيخ إمارة أبو ظبي اتحاده مع حاكم إمارة دبي الشيخ “راشد آل مكتوم” ليقودا معاً جهوداً كبيرة لتوحيد الراية من أجل بناء دولة الإمارات الجديدة بعد الانسحاب البريطاني من الدول الخليجية وتميّزت الإمارات في هذه الفترة تحت قيادة الشيخ “زايد” الذي عُين كأول رئيس للدولة لمدة خمس سنوات استمرت حتى ثلاثين عاماً، بتبني سياسة محايدة تعمل على مصالح الشعب الإماراتي دون التدخل في شؤون الدول المجاورة، وهو ما انعكس بصورة كبيرة على صورة الإمارات خارجياً.
وحسبما تشير إليه دراسة الوثائق الرسمية البريطانية المفرج عنها مؤخراً، كانت بريطانيا تتولى تعيين الضباط البريطانيين المسؤولين عن الأمن الداخلي في دولة الإمارات وغيرها من مشيخات الخليج دون استشارة حكّامها. وحين يَدّعي حاكم الإمارات أن الهيمنة الاستعمارية على بلادهم كانت مجرّد صداقة، فإنه لا يقول ذلك بسبب جهله بتاريخ بلاده، بل بسبب رغبته في إنكار دور عائلته في خدمة تلك الهيمنة.
فضيحة جديدة لأبو ظبي
يتم تحديد الجزء الأكبر من السياسة الخارجية لدولة الإمارات من قبل حكام أمارة “أبوظبي” ولهذا فلقد ازداد دور “محمد بن زايد” ولي عهد وشقيق حاكم أبوظبي في السنوات الأخيرة، وحول هذا السياق، كشف موقع “الوطن نيوز”، بأن “محمد بن زايد” يعتزم عزل شقيقه من السلطة، لكن حكّام دبي والشارقة وعجمان يعارضون ذلك.
منذ ظهوره السياسي عام 2003، بتعيينه نائباً لولي عهد أبو ظبي، بدا أن “ابن زايد” يحمل طموحاً سياسياً كبيراً، لم يتعلّق فقط بأن يصبح الحاكم الفعلي للإمارات، ولكن تعلق أيضاً برغبته في تعظيم مكانة ونفوذ الدولة إقليمياً ودولياً، وتطوير أدواتها في السياسة الخارجية، ولهذا فلقد سعى “ابن زايد” بشكل واضح إلى جعل الإمارات مركز صناعة القرار السياسي في المنطقة وصاحبة النفوذ الأول، وبالتالي، ناصب العداء لكل الأطراف التي حاولت زعزعة هذا النفوذ، أو منافستها ولهذا السبب ناصب “محمد بن زايد” العداء للإخوان المسلمين، الذين ظلوا خطراً محتملاً على مستقبل الحكم في الإمارات، وتوهّج هذا العداء بعد “الربيع العربي” ووصولهم إلى سدة الحكم في أكثر من دولة عربية، وهنا يمكن القول بأن دوافع الإمارات في حملتها ضد الإخوان المسلمين لم تكن كلها بحثاً عن الأمن، بل رغبة “ابن زايد” في سحق المعارضة الداخلية في بلاده.
وفي سياق متصل، كشفت العديد من المصادر الإخبارية بأن الأجهزة الاستخباراتية الأردنية رصدت اتصالات بين مسؤولين أردنيين مع مسؤولين في السعودية والإمارات لتنفيذ انقلاب ضد الملك “عبد الله الثاني” وهذا الأمر دفع ملك الأردن إلى اتخاذ مواقف حازمة مع القادة الإماراتيين والسعوديين والعمل على تقوية الإخوان المسلمين في البرلمان الأردني، واتخاذ موقف مستقل بما يتعلق بصفقة القرن، وهذا الأمر أدّى إلى بروز الكثير من الخلافات بين قادة وحكّام الإمارات من السياسات الغبية والمستفزة التي قام بها “ابن زايد” وتدخّله في شؤون الدول المجاورة.
وفي هذا الصدد كشفت العديد من المصادر الإخبارية بأن هروب الأميرة “هيا بنت الحسين” كان له علاقة وطيدة مع هذا الانقلاب الفاشل على أخيها الملك.
يذكر أن الأميرة “هيا” كشفت للعديد من وسائل الإعلام عن تفاصيل ذلك الانقلاب على أخيها الملك، وهذا الأمر زاد من فجوة الخلافات بين “ابن زايد” وحاكم دبي.