الرئيسية / الاسلام والحياة / الطريق إلى الله تعالى للشيخ البحراني10

الطريق إلى الله تعالى للشيخ البحراني10

هذا الكتاب قد عرفه صاحب الذريعة نقلا عن بعض الاعلام قائلا : ( ما رأيت كلاماً أحسن من كلامه في باب الأخلاق ، اللهم إلا بيانات جمال السالكين السيد رضي الدين علي بن طاووس ). وذكر في التكملة : ان مؤلفه من متأخري المتأخرين من فقهاء النجف وعلمائها ، في الحديث والرجال..الذريعة 1/372. وقال عنه السيد محسن الامين : ( وقال بعض من رآها : إنها من أحسن ما كتب في هذا الفن ، وبعض قال : إنها رسالةٌ في السلوك على طريقة أهل البيت ) .. أعيان الشيعة : 6/119.
فيا أيها الأخ !.. اعلم أنّ طريقة أهل البيت (ع) على أن تعرف بأنها ليست شيئاً في نفسها ، فمهما رأيتها شيئاً وتريد أن تتركها لشيءٍ آخر أحسن منها ، فأنت لم تهتدِ إلى طريقة أهل البيت (ع) .

فأجمع فكرك وتضرّعك إلى ربّك في أن يعرّفك الدنيا على ما هي عليه عند أهل البيت ، لتكون في الذين يقتفون آثارهم ، ويتبعون منهاجهم ، وإلا فنحن بوادٍ والعذول بوادٍ.

وإذا تبدّه عندك بعض النظر الصحيح ، والفكر الثابت المليح أن الدنيا ليست شيئاً يطلب ، ولا مما يصح أن يتوجّه إليه القصد ، فلا مناص لك عن انحصار قصدك وتوجّهك فيما يرجع إلى الله ، وفيما يطلب الله.

فإذا اتفق أنه يصدر منك بعــد ذلك شيءٌ لا لله سبحانه بل لمقتضى الطبع ، أو لميل النفس ، أو لمخادعة الشيطان (لعنه الله) فهذا مما لم يكن داخلاً تحت قصدك ، ولا مندرجاً تحت إرادتك وعزمك ، بل أشبه شيءٍ بالكلام الذي يقع منك غلطاً ، أو الكلام الذي أوقعك فيه الغير بحيلةٍ ، أو خديعةٍ ، أو أنه وقع منك نسياناً لما أنت بانٍ عليه ، أو سهواً عما أنت عازمٌ عليه ، فيصحّ لك على هذا أن تقول في الزيارة الجامعة:
( مطيعاً لكم )
حيث أنك في حال القصد والتخلية لا تطيع إلا لهم ، ولا ترى غيرهم من أعدائهم أهلاً للطاعة إلا أن تُخدع ، أو تفرّ أو تسهو ، أو تغلط فتقع في غير مرادك ، وخلاف قصدك ، فيتأتى منك حينئذ التوبة الصادقة ، والاستغفار الصادق ، حيث إنك دائماً عازم على عدم العود في الإثم ، وعلى الاستمرار على الطاعة (8) …..
________________________________________
(8) هذه صورةٌ من صور الواقعة التي اتبعها المؤلف في نهجه الأخلاقي ، فإنّ الزلل الحاصل من الغفلة أو السهو لا ينبغي أن يبعث اليأس في نفس السالك ، فإنّ القلب كثير التقلب بطبيعته ، والله تعالى يحب التوابين كما يحب المطهرين ، وقد شبهت بعض الروايات المؤمن بالسنبلة التي تخرّ تارةً وتستقيم أخرى .. ومن المعروف عند أهل المعرفة أنّ حركة العبد التكاملية بعد كلّ إنابةٍ وتوبةٍ ، قد تشتدّ لتكون سبباً لتعويض المراحل التي خسر في طيّها عند الغفلة أو الشهوة.(

…..ولا تكون ممن ورد فيه الحديث:
بأن المقيم على الذنب وهـو يستغفر منــه كالمستهتزئ بـربه . البـحـار : 90/281 فتخرج بما ذكرناه عن عنوان المستهزئين ، وكأنه إلى هذا المعنى أشار سيد الشهداء (ع) في دعاء عرفة :

إلهي !.. إنك تعلم أني وإن لم تدم الطاعة مني فعلاً جزماً ، فقد دامت محبةَ وعزماً . إقبال الأعمال : 348
فكل ذلك يتوقف على خروج حب الدنيا من القلب ، ولو بالمعنى الذي ذكرناه بأن يكون بناء أمرك وتصميم عزمك على أن لا تفعل شيئاً من أمور الدنيا من حيث أنها دنيا ، إذ هي بهذه الحيثية ليست مقصدا للعاقل ، بحيث تعد نفسك إذا فعلت ذلك لذلك داخلا في السفهاء ، وخارجا عن عداد العقلاء ، فإذا أتقنت ذلك بحيث تبدأه في نظرك تمّ لك الغاية التي ذكرناها وغيرها مما في معناها ، فاغتنم ذلك ولا تكن من الغافلين.

 

شاهد أيضاً

الطريق إلى الله تعالى للشيخ البحراني50

22 وقد قال رسول الله (ص) لبعض أصحابه وهو يشير إلى علي (ع): ( والِ ...