الرئيسية / تقاريـــر / هكذا قرَّرت الدول الخليجية أن تكون بوقاً إعلامياً للصهيونية – الوقت

هكذا قرَّرت الدول الخليجية أن تكون بوقاً إعلامياً للصهيونية – الوقت

صدر قرار مجلس التعاون الخليجي، وبعده قرار مجلس وزراء الداخلية العرب، باعتبار حزب الله منظمة إرهابية. ليلحقه بالأمس، إعلان وزير الثقافة والإعلام السعودي “عادل الطريفي” عن اتفاق خليجي لإعداد آلية لمكافحة أبواق تنظيمات داعش وحزب الله والقاعدة وغيرها (بحسب تعبيره)، من خلال مكافحتها برامجياً وإنتاجياً، وأيضاً على مستوى الظهور الإعلامي، فضلاً عن مواقع التواصل الإجتماعي. وهنا فإن عدداً من التساؤلات تطرح نفسها حول جدوى وفعالية ذلك. الى جانب الحديث عن حجم التناقض في سياسات الرياض. فكيف يمكن تحليل ذلك؟

المخطط الخليجي و أهدافه

خرج اجتماع وزراء إعلام مجلس التعاون الخليجي في الرياض، للإعلان عن سياسةٍ باتت في إطار التنفيذ، يمكن استنتاج أهدافها بالتالي:

بناء علاقات مُتعددة، لتحقق الأهداف المشتركة عبر القيام بإتصالات مع وسائل الإعلام المحلية والخارجية، للتشاور وطرح كل التفاصيل المتعلقة بالجرائم والإنتهاكات، سواء كانت من حزب الله أو ميليشيات إرهابية أخرى، بحسب تعبير أصحاب القرار، والهدف فضح مخططات حزب الله.
إظهار الحزب بأنه “فارسي” وتفريغه من العروبة، والترويج له كحالة إرهابية، تُعتبر السبب في تأجيج نار الطائفية وتوسيع دائرة الفرقة والإنقسام في المنطقة، وكَيل الإفتراءات والإدّعاءات ضد دول المجلس، الأمر الذي يتطلَّب العمل على توحيد الجهود للوقوف لتعرية هذا الحزب ومن يقف وراءه.
وضع حزب الله وداعش والقاعدة في نفس الخانة، ووضع آلية لمواجهة هذه الأطراف، عبر المحاصرة الإعلامية، ومكافحتها برامجياً و إنتاجياً، وصولاً الى مكافحة ظهورها الإعلامي، منعاً لأي تمثيل إعلامي لها.
دلالاتٌ و تحليل

إن ما تقوم به الدول الخليجية هو مُخطط واضح المعالم، وما حدث بالأمس هو استمرار لنفس المُخطط. بينما يجب القول بأن الدول الخليجية لم تلق ردة الفعل المطلوبة عربياً أو لبنانياً، بسبب ظهور عددٍ كبير من الأصوات العربية والمحلية اللبنانية، والتي رفضت وضع حزب الله في خانة الإرهاب، بغض النظر عن الرأي السياسي منه.
وهنا فإن ما يحدث اليوم هو استمرار لنفس الحملة التي تشنها الدول الخليجية المُفلسة على محور المقاومة. لكن عدداً من الأمور تستوجب الوقوف عندها. فالحديث الخليجي عن وضع حزب الله في خانةٍ واحدة مع التنظيمات الإرهابية داعش والقاعدة ومحاولة محاربتها إعلامياً، هو بحد ذاته تناقضٌ واضح في السياسة الخليجية، على الصعيدين الإعلامي والسياسي.
فإعلام الدول الخليجية، هو السبب الأساسي في الترويج لظاهرة الإرهاب التكفيري. وهنا فإن قناتي العربية والجزيرة، كانتا الناطق الرسمي بإسم القاعدة لسنواتٍ طويلة، لتعود وتصبح الناطق بإسم كلٍ من داعش والنصرة، وإن كان هناك اختلافٌ بينهما في السياسة. في حين لم تقم هذه القنوات وغيرها من الإعلام المحسوب على الدول الخليجية، بالترويج لحزب الله المُقاوم.
من جهةٍ أخرى، فإن السعي الواضح لمحاصرة حزب الله إعلامياً، يأتي كردة فعلٍ على الشعور الخليجي، بقدرة الإعلام المقاوم على التأثير في الشارع العربي. وهو السبب الحقيقي وراء الحؤول دون الإستنهاض الذي أرادته الرياض من قرارها الأخير ضد حزب الله. وبالتالي فإن السعودية والدول الخليجية، بحاجة لتشويه صورة الحزب، من أجل تحقيق أهدافها.
كلام ما بعد التحليل

من خلال ما تقدم يمكن استنتاج التالي:

فشلت السياسات الخليجية في المنطقة، وأفلست الدول الخليجية على الصعد كافة وتحديداً السياسية. وهو الأمر الذي يجعلها تذهب في سياساتٍ غير محسوبة النتائج، بل يمكن وصفها بسياساتٍ أبعد مما يُريده الغرب بشكلٍ عام، أو الأمريكي بشكلٍ خاص. وهنا فإننا لا نقول بأن الغرب وواشنطن، حريصةٌ على صورة حزب الله أو المقاومة. بل إن ما تقوم به الدولة السعودية والتي تعتبر نفسها عربية، تجاوز رفض دول الإتحاد الاوروبي الإنصياع لضغوط إسرائيلية وأمريكية شديدة لوضع الحزب على لائحة الإرهاب، واكتفت فقط بإلصاق هذه التهمة بجناحه العسكري. فيما ما تزال تُحذر واشنطن الرياض، من مغبَّة التصعيد ضد الحزب اللبناني، ليس حرصاً عليه، بل معرفةً لقدره، واستيعاباً للأحجام الحقيقية لللاعبيين الإقليميين.
من جهةٍ أخرى، تتناغم الرياض والدول الخليجية، مع الحليف الإستراتيجي الذي يشاركها الحاجة للمكافحة في حربه الوجودية، وهنا عنيت الطرف الإسرائيلي. فكل هذا المُخطط، ليس إلا نتاجاً للأدمغة الصهيونية، والتي تسعى لبث التفرقة بين المسلمين بشكل عام، والعرب بشكلٍ خاص، وهو ما يُساهم في تأجيج الصراعات المذهبية والقومية في المنطقة، وبالتالي إزاحة الخطرعن الكيان الإسرائيلي. وهذا ما كانت تمارسه الدول الخليجية بالسر، واليوم أصبح في العلن.
وهنا و ربطاً بما تقدم، فإن السياسة الخليجية اليوم، تقوم بتوجيه ضربةٍ لكل الشعوب المستضعفة في العالم، وتحديداً الشعب الفلسطيني وقضيته الحرة. وذلك في ظل انتفاضةٍ فلسطينيةٍ تشهدها الأراضي المحتلة، وعملياتٍ متزايدة الوتيرة. وبالتالي فإن محاصرة حزب الله إعلامياً، يهدف أيضاً لضرب ثقافة المقاومة، وكسر المُحرِّك الأساسي للتمرُّد على أيٍ طاغوتٍ حاكم، كأمثال آل سعود أو الكيان الإسرائيلي.
إذن تمضي السعودية ومن خلفها الدول الخليجية في سياساتٍ هشة، لا تنمُّ إلا عن حجم الأيديولوجية الحاقدة، والتي تتصف بها مبادئ حكام الخليج. فيما يجب القول بأنها لا تختلف مع أيديولوجية الإحتلال الإسرائيلي، والذي أصبح الحليف الأساسي لهذه الدول. في ظل صراعٍ على الوجود، في زمنٍ سقطت فيه الأقنعة، وبانت فيه الأوجه الحقيقية لللاعبين. في حين تُشير التحليلات، الى أن أثر سياسات الرياض سينعكس عليها وعلى حلفائها، وسيكون سبباً في وعي الشعوب العربية والإسلامية لحقيقة هذه الدول. ولعلها فرحت في مدح نتنياهو الأخير لها، وثنائه على دورها في قيادة الإعتدال العربي. فكان ردُّها بأنها قرَّرت أن تكون بوقاً إعلامياً للصهيونية.