الرئيسية / فقه الولاية / من كتاب تحرير الوسيلة للأمام الراحل الخميني العظيم

من كتاب تحرير الوسيلة للأمام الراحل الخميني العظيم

شروط الإعتكاف

ما هي شروط الاعتكاف التي لا يصح بدونها؟ يشترط في صحة الاعتكاف أمور لا بد لنا من بيانها وهي :

الشرط الأول- العقـل:

لا يصح الاعتكاف من المجنون من غير فرق بين الذي استولى عليه الجنون في كل أيام حياته أو الذي تمرّ عليه أيام يرتفع فيها جنونه ويعود إلى حالته الطبيعية فإنه في حالة الجنون لا يصح منه الاعتكاف وأما في حالة ارتفاع الجنون فإن اعتكافه صحيح ولا إشكال فيه والضابط في هذا الشرط أن كل حالة كان الإنسان فيها فاقداً لعقله كالسكران أو الغائب عن الوعي جراء أخذه للبنج المستعمل في إجراء العلميات الجراحية أو ما شاكله فإنه لا يصح منه الاعتكاف طالما هو في هذه الحالة فإذا أفاق من سكره أو بنجه عاد حكمه كسائر المكلفين فيصح منه الابتداء باعتكاف واجد لبقية الشروط التي ستأتي معنا.

الشرط الثاني – النيّـة:

والمراد بها قصد الاعتكاف باعتباره عبادة مقربة إلى اللّه ( تعالى ) مع الإخلاص له سبحانه ولا يشترط فيها التفصيل والتطويل بذكر وجه الوجوب كأن يقول أعتكف الاعتكاف الذي وجـب عليّ بنذر كـذا

في الوقت الفلاني ابتداء من الساعة الفلانية وانتهاءً بالأمد المعين وهكذا.

نعم يشترط استمرار النية إضافة إلى وجودها في بداية الاعتكاف، فلا يصح منه أن يقطع النية كسائر العبادات مثل الصلاة والصوم وغيرهما.

ولكن هل أن النية في الاعتكاف هي كنية الصوم التي يمكن أن تتخذ في الليل فينوي الإنسان في الليل أن يصوم نهار غد وينام ويصبح من نومه صائماً ويصح صومه على الرغم من أن الفجر طلع عليه وهو نائم فهل يصح مثل ذلك في الاعتكاف بأن يذهب إلى المسجد ليلاً وينوي أن يبدأ الاعتكاف من بداية نهار غد وينام ويصبح معتكفاً؟

الجواب:

إن صحة الاعتكاف بهذه الصورة غير واضحة، فالأجدر بالمكلف في حالة من هذا القبيل أن يتخذ إحدى طريقتين:

الأولى: أن يستيقظ عند طلوع الفجر وينوي لكي تقترن النية بطلوع الفجر.

الثانية: أن ينوي الابتداء بالاعتكاف فعلاً في نصف الليل أو أوله والمهم على أي حال أن تتواجد النية عند بداية الاعتكاف.

والمهم في النية:

أن ينوي الاعتكاف في المسجد قربة للّه تعالى وليس من الضروري أن يقصد باعتكافه التوفر على مزيد من الدعاء والصلاة والأذكار

والتسبيحات وإن كان هذا أفضل وأكمل، غير أن الاعتكاف بذاته عبادة يصح أن يقصد ويتقرب به إلى اللّه تعالى فإن انضم إليه التفرغ للعبادة والقيام والدعاء كان نوراً على نور .

الشرط الثالث- الصـوم:

يعتبر الصيام في الأيام الثلاثة للاعتكاف، ويتضح من هذا الشرط أن من لا يصح منه الصوم لا يصح منه الاعتكاف لأنه اعتكاف دون صوم، فالمريض والمسافر لا يتأتى لهما أن يعتكفا، إذ لا يصح منهما الصيام.

أجل يمكن للمسافر أن يتوصل إلى ذلك بأن ينذر أن يصوم في سفره وحينئذ يسوغ له أن يعتكف ويصوم.

أ – وهنا سؤال يخطر بالبال، هل يشترط أن يكون الصوم للاعتكاف بنفسه أو يكفي أن يصوم لأمر آخر غير الاعتكاف كقضاء شهر رمضان أو صيام الكفارة أو مطلق الصيام المستحب بدون قصد خصوص الاعتكاف ويكون ذلك كافياً في صحة الاعتكاف؟

الجواب:

نعم يمكن للمعتكف أن ينوي بالصيام أي صيام مشروع بالنسبة إليه، فيصح له أن يصوم قضاء شهر رمضان أو صيام الكفارة، أما يصح له أن يصوم صياماً مستحباً إذا توفرت له الشروط التي يصح معها الصيام المستحب ومن تلك الشروط أن لا يكون عليه صيام واجب، فمن كان عليه قضاء شهر رمضان وأراد أن يعتكف في غيره كرجب وشعبان

فعليه أن ينوي بصيامه الصيام الواجب ولا يسوغ له نية الصيام المستحب أي عليه أن يصوم قضاءً.

وكما يجب أن يكون المعتكف ممن يصح منه الصوم كذلك يجب أن تكون أيام الاعتكاف مما يصح فيها الصوم فلا يصح الاعتكاف في عيد الفطر أو عيد الأضحى مثلاً إذ لا يسوغ الصيام فيهما.وهنا يصبح واضحاً لنا أن كل ما يفسد الصوم فهو يفسد الاعتكاف ويبطله لأن الصوم شرط في صحة الاعتكاف والمشروط يبطل ببطلان شرطه فإذا كان الصوم باطلاً كان الاعتكاف باطلاً.

ب- عرفنا أن الصوم إذا كان لغير الاعتكاف فهو كافٍ في صحته ولكن نسأل هل إذا كان الصوم عن غير المعتكف كالذي يصوم بالأجرة نيابة عن غيره فصومه ليس عن نفسه هل يصح اعتكافه عن نفسه مع كون صومه الذي يشترط في اعتكافه عن غيره من الناس؟ الجواب:

لا يضرّ في صحة اعتكافه عن نفسه كون صومه عن غيره سواء كان واجباً كالصوم الإجاري أو مستحباً كالصوم التبرعي عن أحد أرحامه أو إخوانه المؤمنين دون ملزم شرعي له.

ج- إذا نذر الإنسان أن يعتكف فهل يصح الوفاء بالاعتكاف النذري في شهر رمضان المبارك؟

الجواب:
يصح ذلك ولا إشكال فيه بشرط عدم انصراف

النذر إلى غير شهر رمضان أما لو انصرف نذر الاعتكاف إلى كونه في غير شهر رمضان فالوفاء به في شهر رمضان لا يصح ولا يكون وفاء بالنذر بل يجب الإتيان به في غير شهر رمضان لأنه انصرف إليه.

د- إذا استأجر إنسان أحد المؤمنين ليعتكف عن أحد أمواته فهل يجزيه الإتيان بالاعتكاف الإجاري في شهر رمضان المبارك أو لا؟.

الجواب:

حكمه ما تقدم في المساألة السابقة من دوران الأمر في الصحة وعدمها مدار الانصراف وعدم الانصراف فإذا انصرف الاعتكاف الإجاري إلى غير شهر رمضان لم يصح في شهر رمضان وإلا صح دون إشكال.

0

شاهد أيضاً

اليمن – رمز الشرف والتضامن العربي مع غزة فتحي الذاري

  ان الحشد المليوني للشعب اليمني بكافة قواه الفاعلة والاصطفاف الرشيد بقيادة السيد القائد عبدالملك ...