الفاطمة المعصومة (سلام الله عليها) – محمد علي المعلم
21 يوم مضت
قصص وعبر
93 زيارة
الفاطمة المعصومة (سلام الله عليها) – محمد علي المعلم
بسم الله الرحمن الرحيم ” يا فاطمة اشفعي لي في الجنة فإن لك عند الله شأنا من الشأن ” الإمام الصادق (عليه السلام):
“… ألا إن حرمي وحرم ولدي بعدي قم، ألا إن قم الكوفة الصغيرة،
ألا إن للجنة ثمانية أبواب، ثلاثة منها إلى قم، تقبض فيها امرأة من ولدي، واسمها فاطمة بنت موسى، تدخل بشفاعتها شيعتنا الجنة بأجمعهم “.
بحار الأنوار 60: 228 الإمام الرضا (عليه السلام): “… من زارها فله الجنة ” عيون أخبار الرضا 2: 267 الإمام الجواد (عليه السلام): ” من زار قبر عمتي بقم فله الجنة ” كامل الزيارات: 526
بسم الله الرحمن الرحيم المقدمة الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، محمد وآله الطيبين الطاهرين، واللعن الدائم على أعدائهم أجمعين، إلى قيام يوم الدين.
وبعد: فهذه صفحات تشرفت بكتابتها حول ثمرة من ثمرات دوحة النبوة، وغصن من أغصان شجرة الإمامة، وتناولت فيها بعض الجوانب المشرقة من حياة سيدة جليلة من سيدات البيت العلوي الطاهر، وهي كريمة أهل البيت فاطمة بنت الإمام موسى بن جعفر (عليهم السلام)، والتي تعد – بحق – بابا من أبواب الرحمة، ولا يزال حرمها الشريف مؤئلا وملاذا.
وكان الباعث على هذا الأمر هو ما حدثني به الصديق الوفي والرجل الصالح الحاج عبد الله صالح المدن حفظه الله – من أهل قريتنا المعروفة باسم (الجارودية) إحدى قرى القطيف – أنه رآني – في عالم الرؤيا – أكتب كتابا يتناول حياة هذه السيدة الجليلة، فأحدث حديثه في نفسي الرغبة لتحقيق هذه الرؤيا العزيزة.
والذي أكد هذه الرغبة أنني لا زلت أتفيأ ظلال حرمها الشريف، وأعيش وأتلقى العلم في حماها وحوزتها، ولا زالت ألطافها الجلية والخفية تحوطني وترعاني.
وقد أقدمت على الكتابة أداء لبعض حقها علي، وتصديقا لرؤيا صاحبي العزيز الذي إليه يعود الفضل في تنبيهي لذلك.
وأرجو أن يحالفني التوفيق في التعريف بسيدة عش آل محمد (عليهم السلام) ومنه تعالى ببركاتها استمد العون والتسديد.
والحمد لله رب العالمين محمد علي المعلم قم المقدسة الثلاثاء 4 محرم الحرام 1420 ه
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين محمد وآله الغر الميامين.
الشجرة الطيبة:
يقول الحق تبارك وتعالى: * (ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتى أكلها كل حين بإذن ربها) * (1).
تلك هي شجرة النبوة، وموضع الرسالة، ومختلف الملائكة، ومهبط الوحي، إنها شجرة أصلها المصطفى، وفرعها المرتضى، وغصنها الزهراء، وثمرها الأئمة النجبا.
روى علي بن إبراهيم القمي بسنده عن سلام بن المستنير، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: سألته عن قول الله: * (مثل كلمة طيبة الآية) * قال:
الشجرة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، ونسبه ثابت في بني هاشم، وفرع الشجرة علي ابن أبي طالب (عليه السلام)، وغصن الشجرة فاطمة عليها وعلى الأئمة من أولادها السلام، وثمرتها الأئمة من ولد علي وفاطمة (عليهم السلام)، وشيعتهم ورقها… (2).
وروى الصدوق بسنده عن جابر الجعفي، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام).
عن قول الله عز وجل: * (كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها) * قال: أما الشجرة فرسول الله، وفرعها علي، وغصن الشجرة فاطمة بنت رسول الله، وثمرها أولادها، وورقها شيعتنا… (1).
وروى الكليني بسنده عن عمرو بن حريث، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله: * (كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء) * قال: فقال: رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أصلها، وأمير المؤمنين (عليه السلام) فرعها، والأئمة من ذريتهما أغصانها، وعلم الأئمة ثمرتها، وشيعتهم المؤمنون ورقها… (2).
إلى غير ذلك من النصوص (3) الدالة على أن هذه الشجرة مباركة، قد ثبت أصلها، وامتد فرعها، وأينع ثمرها، وآتت أكلها كل حين بإذن ربها.
لقد شاءت الحكمة الإلهية أن يقترن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بكثير من النساء، وكان بعض دواعي وأسباب هذا الاقتران خفيا، وبعضها جليا، ولكن أراد الله لحبيبه المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم) أن ينحدر نسله الطيب، وتنحصر سلالته الطاهرة في بضعته الزهراء (عليها السلام)، حيث اقترن نورها بنور ابن عمه علي (عليه السلام)،
فكانت الذرية الطيبة والنسل الطاهر، وأئمة الدين، وحملة الشرع، وحفظة الكتاب، وسادات الأنام، وهو النسل الذي لا ينقطع كما أخبر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عن ذلك، فقد روى الإمام الرضا (عليه السلام) عن آبائه (عليهم السلام) عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: كل نسب وصهر منقطع يوم القيامة إلا سببي ونسبي (1).
السلالة الموسوية:
لما كانت سيدة النساء فاطمة الزهراء (عليها السلام) واسطة العقد بين شمس النبوة وقمر الإمامة انحدر من نسلها الطاهر أحد عشر كوكبا، يمثلون ولاية الله في أرضه، وخلافة رسول الله على العباد، وأئمة الهدى في الدين ” الذين انتجبهم الله لنوره (بنوره)، وأيدهم بروحه، ورضيهم خلفاء في أرضه، وحججا على بريته، وأنصارا لدينه، وحفظة لسره، وخزنة لعلمه، ومستودعا لحكمته، وتراجمة لوحيه، وأركانا لتوحيده، وشهداء على خلقه، وأعلاما لعباده، ومنارا في بلاده، وأدلاء على صراطه، (إذ) عصمهم الله من الزلل، وآمنهم من الفتن، وطهرهم من الدنس، وأذهب عنهم الرجس، وطهرهم تطهيرا (2).
وإلى هؤلاء الأئمة الاثني عشر (عليهم السلام) ينتمي الشيعة الإمامية في العقيدة والفقه والإخلاق، وإليهم ينتسبون، وبهم يعرفون، وأصبح اسم الاثني عشرية علما عليهم.
وإنما اعتقد الشيعة الإمامية بإمامة هؤلاء لأنهم أحد الثقلين،وأعدال الكتاب، بل هم حقيقة الكتاب ووجوده العيني (1)، ووراث علم الرسول (صلى الله عليه وآله).
وقد قامت الأدلة العامة والخاصة على وجوب الاعتقاد بإمامتهم، وضرورة الالتزام بأوامرهم ونواهيهم، والسير على خطاهم، وتفصيل ذلك في الكتب الكلامية التي وضعها علماء الشيعة الإمامية، وتناولوا فيها مسألة الإمامة بأدق تفاصيلها، ومختلف أبعادها وما يترتب عليها من اللوازم.
ويأتي – بحسب تسلسل أئمة أهل البيت (عليهم السلام) – الإمام موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، ليكون سابع أئمة الهدى (عليهم السلام) من حيث الترتيب في تولي منصب الإمامة الخطير.
وقد حفلت حياة هذا الإمام العظيم بما يقصر البيان عن وصفه، فإنه أحد أئمة الحق والهدى، وهو خير أهل الأرض، وأجلهم قدرا، وأرفعهم مقاما، وهو المنصوص عليه بالإمامة من بعد أبيه الإمام الصادق (عليه السلام) الذي يعتبر – تأريخيا – واضع حجر الأساس لمعالم الفكر الإمامي على الصعيدين الاعتقادي والفقهي.
وإنما قلنا إن الإمام الصادق (عليه السلام) هو واضع حجر الأساس لمعالم الفكر الإمامي وقيدناه بالناحية التاريخية لأن عهده (عليه السلام) هو العهد الذي نشأت فيه فكرة المذاهب الفقهية المختلفة، وإلا فإن الفكر الإمامي بفقهه وعقيدته وأخلاقه – يقترن باسم الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) يوم نص عليه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بالإمامة، وبايعه المسلمون قاطبة في غدير خم، في الحادثة المشهورة التي خلدها القرآن الكريم في قوله تعالى:
* (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك…) * (1).
ولم تكن مسألة الإمامة شيئا آخر منفصلا عن تعاليم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وما جاء به، ولكن الأحداث التي أعقبت وفاة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ألقت الستار على هذه القضية ولم تكن الظروف آنئذ لتساعد على إظهارها، وكانت نظرة أمير المؤمنين (عليه السلام) تقتضي بالتزام الصمت برهة من الزمن ليتأكد للناس أنهم أخطأوا الطريق حيث عدلوا عنه إلى غيره، ولذا لم يكن صمت أبي الحسن (عليه السلام) إعراضا وانصرافا، بل كان صمت الحكيم البصير العالم بحقائق الأمور، وقد كان (عليه السلام) على يقين مما ستؤل إليه الأمور.
حتى إذا ألقي الزمام بيده سعى في أن يعيد الأمة إلى رشدها، وينبههم على فداحة الخطأ الذي ارتكبوه، والآثار السيئة التي نجمت عن ذلك، ولم يفته أن يبين لهم أن قيامه بالمهمة لم يكن طمعا في حطام، أو رغبة في سلطان، وإنما من أجل تحقيق إرادة الله والرسول، وإحقاق الحق وإزهاق الباطل.
وقد كانت المهمة صعبة جدا، إلى حد اضطرته للدخول مع مناوئيه في صراعات دموية في حروب ثلاث طاحنة، أعاقته كثيرا عن أداء مهمته كما يريد هو ويريد الله ورسوله، ذلك لأن الذين ترعرعوا في العهود السابقة ورسخت جذورهم فيها واستطالت فروعهم واستمرؤا الحياة الناعمة المترفة، لم يرق لهم المنهج الجديد الذي وضعه أبو الحسن (عليه السلام) حيث يجعلهم فيه متساوين مع سائر الناس، ويحملهم فيه على المحجة البيضاء، وأن قيمهم – في نظر الحق – هي مقدار ما يحسنون، ولم يكن منهج علي (عليه السلام) جديدا بقدر ما هو إعادة إلى عهد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وسيرته مع الناس،
ولكن حب الدنيا والطمع في حطامها أدى بأولئك الذين كانوا ينادون بعلي ويهتفون باسمه، إلى التنكر له ومحاربته، وقد أخطأوا التقدير لأنهم ظنوا أن عليا (عليه السلام) سيبقي لهم امتيازاتهم التي ظفروا بها في العهود السابقة، ولكنهم فوجؤا بأنه لا يداهن على حساب الدين وحقوق الناس، ولن يتنازل عن مبادئه مهما آليت إليه الأمور ” ومن ضاق عليه العدل، فالجور عليه أضيق ” (1) وهو على منهاج رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في كل أحواله.
2025-07-02