قصص الأنبياء – الجزائري ١
15 يوم مضت
قصص وعبر
72 زيارة
قصص الأنبياء- الجزائري ١
(وفى كتاب الكافي) باسناده إلى أبى جعفر عليه السلام قال: كان بدء نبوة إدريس عليه السلام انه كان في زمانه ملك جبار وانه ركب ذات يوم في بعض نزهة فمر بأرض خضرة نضرة لعبد مؤمن من الرافضة فأعجبه فسال وزراءه لمن هذه الأرض قالوا لعبد من عبيد الملك فلان الرافضي فقال له أمتعني بأرضك هذه، فقال له عيالي أحوج إليها منك فقال:
بعقصصني فأبى فغضب الملك وانصرف إلى أهله وهو مغموم مفكر في امره وكانت له امرأة من الأزارقة فرأت في وجهه الغضب فأخبرها بخبر الأرض وصاحبها فقالت إن كنت تكره ان تقتله بغير حجة فانا أكفيك امره وأصير ارضه إليك بحجة وكان لها أصحاب من الأزارقة على دينها يرون قتل الرافضة من المؤمنين فبعثت إلى قوم منهم فأتوها فأمرتهم ان يشهدوا على فلان الرافضي عند الملك انه قد برئ من دين الملك
فشهدوا عليه فقتله واخذ ارضه، فغضب الله للمؤمن عند ذلك فأوحى الله إلى إدريس إذا رأيت عبدي هذا الجبار فقل له اما رضيت ان قتلت عبدي المؤمن حتى اخذت ارضه واحوجت عياله من بعده
اما وعزتي لانتقمن له منك في الآجل ولأسلبنك ملكك في العاجل ولأخربن مدينتك ولأطعمن الكلاب لحم امرأتك فقد غرك حلمي عنك
فاتاه إدريس برسالة ربه وأداها إليه فقال له الجبار اخرج يا إدريس لئلا أقتلك، وقالت له امرأته لا يهولنك رسالة إله إدريس انا ارسل إليه من يقتله فتبطل رسالة إلهه قال فافعلي، وكان لإدريس عليه السلام أصحاب من الرافضة مؤمنون يأنس بهم فأخبرهم بتبليغ رسالته إلى الجبار فأشفقوا على إدريس وأصحابه وخافوا عليه القتل
وبعثت امرأة الجبار إلى إدريس أربعين رجلا من الأزارقة ليقتلوه فأتوه فلم يجدوه وقد رآهم أصحاب إدريس فحسبوا انهم اتوا إدريس ليقتلوه فتفرقوا في طلبه فلقوه فقالوا له خذ حذرك يا إدريس فان الجبار قاتلك فاخرج من هذه القرية فتنحى إدريس عن القرية ومعه نفر من أصحابه،
فلما كان في السحر ناجى إدريس ربه فقال يا رب توعدني الجبار بالقتل فأوحى الله إليه ان اخرج من قريته وخلني وإياه فوعزتي لأنفذن فيه امرى
فقال يا رب ان لي حاجة قال الله سلها تعطها قال أسألك ان لا تمطر السماء على أهل هذه القرية وما حولها حتى أسألك ذلك قال الله عز وجل اذن تخرب القرية ويجوع أهلها
فقال إدريس عليه السلام وان خربت وجاعوا قال الله انى أعطيتك ما سالت فأخبر إدريس أصحابه بحبس المطر عنهم فخرجوا من القرية وعدتهم عشرون رجلا فتفرقوا في القرى
وشاع خبر إدريس في القرى بما سأل الله تعالى وتنحى إدريس إلى كهف في الجبل ووكل الله به ملكا يأتيه بطعامه عند كل مساء وسلب الله عند ذلك ملك الجبار وقتله وخرب مدينته واطعم الكلاب لحم امرأته غضبا للمؤمن وظهر في المدينة جبار آخر عاص فمكثوا بعد خروج إدريس من القرية عشرين سنة لم تمطر السماء فاشتد حالهم وصاروا يمتارون الأطعمة من القرى
فقالوا ان الذي نزل بنا بسؤال إدريس ربه ان لا يمطر السماء علينا حتى يسأله هو وقد خفى إدريس عنا والله ارحم بنا منه فاجتمع أمرهم على أن يتوبوا إلى الله ويسألوه ان تمطر السماء عليهم فقاموا على الرماد ولبسوا المسوح وحثوا على رؤوسهم التراب ورجعوا إلى الله عز وجل
فأوحى الله إلى إدريس ان أهل قريتك قد تابوا إلي وانا الله الرحمن الرحيم اقبل التوبة وقد رحمتهم ولم يمنعن اجابتهم إلى ما سألوني من المطر الا مناظرتك فيما سألتني ان لا أمطر السماء عليهم حتى تسألني فسلني يا إدريس قال إدريس
اللهم إني لا أسألك ذلك قال الله عز وجل سلني يا إدريس قال اللهم إني لا أسألك فأوحى الله عز وجل إلى الملك الذي يأتي إدريس بطعامه ان احبس عنه طعامه فلما امسى إدريس لم يؤت بطعام فحزن وجاع فلما كان في اليوم الثاني لم يؤت بطعامه فاشتد جوعه فلما كان في الليلة الثالثة لم يؤت بطعامه فنادى ربه يا رب حبست عنى رزقي من قبل ان تقبض روحي فأوحى الله عز وجل إليه يا إدريس جزعت ان حبست عنك طعامك ثلاثة أيام ولياليها ولم تجزع ولم تنكر جوع أهل قريتك وجهدهم منذ عشرين سنة ثم سألتك عن جهدهم ورحمتي إياهم ان تسألني ان أمطر السماء عليهم فلم تسألني وبخلت عليهم بمسألتك إياي فأذقت الجوع فقل عند ذلك صبرك وظهر جزعك فاهبط من موضعك واطلب المعاش لنفسك فقد وكلتك في طلبه إلى حيلك،
فهبط إدريس من موضعه إلى غيره يطلب اكلة من جوع فلما دخل القرية نظر إلى دخان في بعض منازلها فاقبل نحوه فهجم على عجوز وهي ترقق قرصتين لها على مقلاة فقال لها أيتها المرأة اطعميني فانى مجهود من الجوع،
فقالت له يا عبد الله ما تركت لنا دعوة إدريس فضلا نطعمه أحدا وحلفت انها ما تملك شيئا غيره فاطلب المعاش من غير أهل هذه القرية قال لها أطعميني ما أمسك به روحي وتحملنى به رجلي إلى أن اطلب، قالت إنهما قرصتان واحدة لي والاخرى لابنى فان اطعمتك قوتي مت وان اطعمتك قوت ابني مات، فقال لها ان ابنك يجزيه نصف قرصة فيحيى بها ويجزيني النصف الاخر فأحيا به فأكلت المرأة قرصها وكسرت الاخر بين إدريس وبين ابنها فلما رأى ابنها إدريس يأكل من قرصته اضطرب حتى مات،
قالت امه يا عبد الله قتلت علي ابني جزعا على قوته، قال إدريس فانا احييه بإذن الله تبارك وتعالى فلا تجزعي ثم اخذ إدريس بعضدي الصبى ثم قال ايتها الروح الخارجة من بدن هذا الغلام بإذن الله ارجعي إلى بدنه بإذن الله وانا إدريس النبي فرجعت روح الغلام إليه بإذن الله، فلما سمعت المرأة كلام إدريس ونظرت إلى ابنها قد عاش بعد الموت قالت اشهد انك إدريس النبي وخرجت تنادي بأعلى صوتها في القرية أبشروا بالفرج فقد دخل إدريس قريتكم.
ومضى إدريس حتى جلس على موضع مدينة الجبار الأول وهي على تل فاجتمع إليه أناس من أهل قريته فقالوا له يا إدريس أما رحمتنا في هذه العشرين سنة التي أجهدنا فيها ومسنا الجوع والجهد فادع الله لنا ان يمطر السماء علينا
قال لا حتى يأتيني جباركم هذا وجميع أهل قريتكم مشاة حفاة فيسألوني ذلك فبلغ الجبار قوله فبعث إليه أربعين رجلا ليأتوه بإدريس فأتوه فقالوا له ان الجبار بعث إليك لتذهب إليه فدعا عليهم فماتوا فبلغ الجبار ذلك فبعث إليه خمسمائة رجل ليأتوه به فقالوا له يا إدريس ان الجبار بعثنا إليك لنذهب بك إليه، فقال لهم إدريس انظروا إلى مصارع أصحابكم فقالوا يا إدريس قتلتنا بالجوع منذ عشرين سنة ثم تريد ان تدعو علينا بالموت اما لك رحمة.
فقال: ما انا بذاهب إليه ولا انا بسائل الله ان يمطر عليكم حتى يأتيني جباركم ماشيا حافيا وأهل قريتكم، فانطلقوا إلى الجبار فأخبروه بقول إدريس وسألوه ان يمضى معهم وجميع أهل قريتهم حفاة مشاة فأتوه حتى وقعوا بين يديه خاضعين له طالبين إليه ان يسأل الله لهم بالمطر
فقال إدريس اما الان فنعم فسال الله تعالى إدريس عند ذلك أن تمطر السماء عليهم وعلى نواحيهم فأظلتهم سحابة من السماء وأرعدت وأبرقت وهطلت عليهم من ساعتهم حتى ظنوا انه الغرق فما رجعوا إلى منازلهم حتى أهمتهم أنفسهم من الماء.
2025-07-02