الرئيسية / الاسلام والحياة / الاخلاق الولائية – دروس اخلاقية للامام الخامنئي دامت بركاته

الاخلاق الولائية – دروس اخلاقية للامام الخامنئي دامت بركاته

الفصل الاول : الله ملاذنا «أوصي جميع إخواني وأخواتي المصلّين بتقوى الله وذكره في كل مراحل الحياة، والإستعاذة به واللجوء إليه في المشاكل والملمّات، وأن لا ينسوا فضل الله عليهم في كل أعمالهم وسعيهم وجهادهم[1].

 

تضحية الجرحى

 

«أذكّر أعزائي المضحين من جرحى الحرب المفروضة الحاضرين في هذا المحفل بهذه النقطة وهي: أن كل ما نهبه في سبيل الله هو ذخر لنا، ويعود نفعه في الحقيقة إلى ذات كل شخص، وأن كل ما نحاول الإحتفاظ به لن يبقى لنا في الواقع، وشأنه كسائر الأشياء في الدنيا، كلها إلى زوال وفناء، وإني لأعتقد بذلك إعتقاداً راسخاً لا تشوبه في ذهني شائبة.

 

قد ذكر التاريخ أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ذبح شاة، فحضر بعض الفقراء والمساكين وطلبوا من لحمها، وراح النبي يهب من لحمها للفقراء حتى لم يبق منها سوى كتف، فحمله رسول الله إلى عياله، فقالت إحدى أزواجه: لم يبق لنا من الشاة غير كتفها؟ فأجاب النبي بما مضمونه: كلا! لقد حِزناها ولم نفقد سوى كتفها لأننا طعمناها، وما أنفقناه هو الذي يبقى لنا.. واعلموا أن ما وهبتم من أبدانكم وأعضائكم في سبيل الحرب والبناء وخدمة عباد الله والسعي من أجل الآخرين، وسائر أعمال الخير قولاً وعملاً، له ثوابه؛ وكلما كان العمل كبيراً كان أجره مضاعفاً[2].

 

الأجر الجزيل

 

«إنّ المرء لا يحصل على الأجر الجزيل دون مشقة وصعوبة، لا تتوهموا بأن بإمكان الإنسان أن يحصل على الثواب العظيم دون معاناة وتحمل للمشاق. كلا! لأن أفضل الأعمال أحمزها»[3].

 

إذا صلح الناس صلحت حياتهم وحسنت

 

«إنّ جميع المفاسد والشرور في العالم، وتلك التي تضج بها الحياة، ترجع إلى المفاسد والشرور الموجودة في بواطن الناس. فلو صلح الناس، لصلحت حياتهم وحسُنت.

 

إنّ الأهواء النفسانية والشيطان الباطني إذا لم يتسلطا على أعمال الإنسان، فسوف تتلاءم شؤون الحياة وتجري وفق رضى الرحمن. ومثل هؤلاء الناس الذين تتحكم بهم أهواؤهم وشياطينهم هم الذين يجعلون ساحة الحياة والواقع القائم في العالم مسرحاً للمرارة والشيطنة والمفاسد، مرفقة بكل أنواع العذاب والألم والإضطراب والقلق.. وحيثما أوجد الناس تحولاً عميقاً في نفوسهم. فسوف يحدث أيضاً تحولات عميقة في حياتهم»[4].

 

العلاقة مع الله منشأ الخيرات

 

«يجب أن لا يستهان بالعلاقة مع الله، فجميع أمورنا رهن بهذه العلاقة.

 

إنّ هذه العلاقة هي كالدواء لقلوبنا تمنعها من أن تخشى العداوات. إنها العلاقة مع الله التي تملأ قلوبنا بمحبة المؤمنين وسالكي طريق الله فنغض الطرف عن اختلاف الرؤى والسلائق. إنها العلاقة مع الله والإتصال به التي تؤدي بنا إلى أن لا ندوس على الحقيقة كرامة لأهوائنا، وإلى أن لا نضحي بمصالح الإسلام في مقابل أهدافنا الشخصية. إنها العلاقة مع الله التي تؤدي إلى أن لا ننحرف عن صراط الله، وإلى أن لا نندم أو نتعب أو نملّ من طي هذا الطريق.

 

إنّ هكذا علاقة مع الله ممكنة دائماً، وليست بعيدة أو محالة أبداً»[5].

 

طريق الله قريب المسافة

 

«إنّ حياة الإنسان تمضي دوماً على طريقين متوازيين. أحد هذين الطريقين هو الذي يواصل العابرون عليه سلوكهم نحو الكمال، والآخر هو الذي يتسافل العابرون عليه ويتجهون نحو السقوط، نحو جهنم.

 

هذان الطريقان هما طريقان متلازمان ومتوازيان، وخط سيرهما متشابه بالكامل. أولئك الذين يتسافلون، يبتعدون عن نفس ذلك المقصد الذي يقترب منه سالكو الطريق الآخر: إنهم يبتعدون عن الله تعالى ويقتربون من الشيطان والجحيم. وأولئك الذين يتكاملون، ويتجهون نحو النور، نحو الله، نحو النزاهة الأخلاقية والتوحيد وطهارة الروح، يبتعدون عن نفس ذلك المقصد عينه الذي تسقط نحوه تلك الفئة الأخرى.

 

إنّ هذين الطريقين متجاوران طوال رحلة المسير، والإنتقال من أحدهما إلى الثاني في منتهى السهولة. فلو أننا (لا سمح الله) كنا نسافر على الطريق الثاني ونتسافل على الصعيد الأخلاقي، ونتجه نحو السقوط، ثم أردنا أن ندخل إلى الطريق الآخر ونبدأ رحلة التكامل، فإن مثل هذا العمل ميسر في كل آن: (وأن الراحل إليك قريب المسافة).

 

إنّ الشخص الذي يريد أن يسافر إلى الله طريقه قريب، والمسافة التي عليه أن يقطعها كذلك.

 

إنكم بمجرد أن تخطوا خطوة واحدة، تنتقلون من على تلك الطريق التي يتسافل أهلها، وتدخلون إلى تلك الطريق التي يسرع أهلها نحو السعادة الأبدية، نحو النور، نحو منازل الصدّيقين والملأ الأعلى[6].

 

السيطرة على الأهواء النفسية أسهل في شهر رمضان

 

«في تلك اللحظة التي نعقد العزم فيها على مخالفة أهوائنا النفسية، وهذا العجب والغرور والتبعية لشيطان النفس ـ وهي (الأمور) التي كان إمامنا العظيم يحذرنا منها دائماً طوال هذه السنوات العشر أو ما زاد، حيث كان في جميع المواقف يقول لنا ولكل الشعب الإيراني، خصوصاً نحن المسؤولين: إنتبهوا كي لا تقعوا أسرى هذه الأمور ـ في نفس تلك اللحظة، نكون قد وضعنا القدم ومن هذه المسافة القريبة، (حيث أن الراحل إليك قريب المسافة)، على تلك الطريق ـ طريق الصلاح والخير ـ وبدأنا التكامل. ومثل هذا الأمر قابل للتحقق في شهر رمضان. فالسيطرة على الأهواء النفسية أسهل من أي وقت مضى خلال شهر رمضان[7].

 

يجب علينا أن نؤدي تكليفنا

 

«إنّ هذا الدرس أيضاً قد علّمنا الإمام إياه، وهو أن العمل والمبادرة ليسا لأجل تحقيق النتيجة. فالنتيجة تتمثل في تلك النيّة الخالصة التي تحملونها في نفوسكم حينما تبادرون للعمل. النتيجة هي مع الله، ونحن يجب علينا أن نؤدي تكليفنا. ولحسن الحظ، فإن القيام بالتكليف طوال هذه السنوات الإحدى عشر قد ترافق مع تحقيق النتائج»[8].

 

إصلاح النفس ضروري

 

«إنّ أهم الأمور على الإطلاق هي مسؤوليتنا نحن (علماء الدين): (من نصب نفسه في الناس إماماً فليبدأ بتعليم نفسه قبل تعليم غيره). فالمطلوب أولاً هو تأديب النفس، لأنه بدون هذا التأديب لا يمكن تحمل ثقل المسؤولية، وسيخرب كل شيء دفعة واحدة، وسيبقى الحمل على الأرض، والمخادع المتظاهر بالصلاح سوف يسيء لنفسه وللآخرين.

 

لو أردنا للحمل أن يصل إلى مقصده سالماً، يجب علينا جميعاً أن نصلح أنفسنا، وأنا نفسي أعتبر أنني بحاجة إلى الإصلاح أكثر من الجميع وقبل الجميع[9].

 

الصيام سلّم إلى التقوى

 

«قال الله الحكيم في كتابه: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾* أي أن الصيام سلّم إلى التقوى، ووسيلة لتأمين ذلك في وجودكم وقلوبكم.

 

والتقوى هي أن يكون الإنسان في جميع أعماله وأفعاله في حالة مراقبة، ليرى هل أن هذا العمل موافق لرضى الله والأوامر الإلهية أو لا.

 

هذه الحالة من المراقبة والإحتراز والحذر الدائم إسمها التقوى. وما يقابلها هو الغفلة وعدم اليقظة والعمل دون بصيرة.

 

إنّ الله تعالى لا يرضى بغفلة المؤمن وفقدانه للبصيرة في شؤون الحياة، ويجب على المؤمن أن يمتلك نظراً ثاقباً وقلباً يقظاً في جميع أمور الحياة.

 

إنّ هذا النظر الثاقب، والقلب اليقظ والواعي ينبهان الإنسان المؤمن إلى ضرورة أن لا تكون الأعمال التي يقوم بها مخالفة لإرادة الله، وطريقة الدين وأحكامه.. وفائدة الصيام تكمن في تحقيق هذا الأمر.

 

إنّ شعباً أو فرداً يتمتع بملكة التقوى سوف ينعم بجميع الخيرات والتقوى هي أن يكون الإنسان في جميع أعماله وأفعاله في حالة مراقبة، ليرى هل أن هذا العمل موافق لرضى الله والأوامر الإلهية أو لا.

 

هذه الحالة من المراقبة والإحتراز والحذر الدائم إسمها التقوى، وما يقابلها هو الغفلة وعدم اليقظة والعمل دون بصيرة.

 

الدنيا والآخرة. إنّ فائدة التقوى ليست فقط في كسب رضى الله ونيل الجنان يوم القيامة؛ المتّقي يرى فائدة التقوى في الدنيا أيضاً. إنّ المجتمع المتّقي، المجتمع الذي يختار طريق الله ويعبره بدقة، يتنعم بالعطايا الإلهية في الدنيا وينال العزة فيها، ويمنحه الله تعالى العلم والمعرفة بشؤونها أيضاً.

 

إنّ التقوى هي الوصية الأولى والأخيرة للأنبياء. ونحن نقرأ في سور مختلفة من القرآن أن أول كلام نقله الأنبياء إلى الناس كان الوصية بالتقوى. إنّ التقوى إذا توفرت، وجدت معها الهداية الإلهية كذلك.. والصوم هذا مقدمة التقوى[10].

 

ببركة الدعاء ينشط المجتمع

 

«اغتنموا شهر رمضان. أحيوا أيامه بالصيام ولياليه بالذكر والدعاء. إنّ رابطة الدعاء هي رابطتكم القلبية مع الله. الدعاء معناه الطلب والمناجاة، والطلب معناه الأمل. فما لم تمتلكوا الأمل. لن تطلبوا من الله شيئاً. إنّ الإنسان اليائس هو الذي لا يطلب شيئاً.

 

إذاً، الدعاء يعني الأمل، الأمل بالإجابة، وهذا الأمل بالإجابة هو الذي يشغل القلوب وينوّرها. وببركة الدعاء ينشط المجتمع»[11].

 

شهر رمضان فرصة عروج روح الإنسان وتكاملها

 

«إنّ النقطة الأساسية في صوم رمضان هي أن ينال الإنسان ـ الذي قد حاصرته دواعي الغفلة عن الله وقطعت عليه طريقه، والذي تشده دوافع مختلفة نحو التسافل والسقوط ـ أن ينال فرصة يستطيع معها أن يسوق الروح ـ التي تميل إلى العروج والتكامل ـ إلى حيث الكمال، ويتقرب من الله، ويتخلّق بالأخلاق الإلهية. إنّ شهر رمضان هو فرصة من هذا القبيل.

 

بالطبع، توجد فرص أخرى غير فرصة شهر رمضان. فمثلاً، هذه الصلوات الخمس اليومية هي فرص نستطيع بالإستفادة منها أن نعرج إلى الله، وأن نصلح أنفسنا، وأن نبعد عنها الصدأ والإهتراء والغفلة والأمراض المعنوية، وشرط حصول ذلك هو أن تتنبهوا إلى ما تفعلونه أو تقولونه حال الصلاة»[12].

 

أدعية شهر رمضان تمنح الإنسان نورانية مضاعفة

 

«خلال هذه التسعة وعشرين يوماً أو الثلاثين يوماً، وبالإضافة إلى الصلوات الخمس المفروضة والنوافل التي يستطيع الإنسان دائماً أن يأتي بها، توجد أدعية تتضاعف بتلاوتها نورانية الإنسان. ولقد وضع أهل البيت (عليهم السلام) هذه الأدعية في متناولنا، وعلّمونا كيفية الحديث والمناجاة مع الله.

 

إنّ جوهر القضية يكمن في أننا قادرون على تحقيق هذا السير إلى الله في شهر رمضان. وقد أشرتُ في السابق إلى أنني كنت أحياناً أتشرف بزيارة الإمام (قدس سره) بعد انتهاء شهر رمضان، فكنتُ ألمس بشكل واضح أنه قد ازداد نورانية، وأن كلامه ونظراته وإشاراته وحركات يده، وآراءه قد اختلفت عما كانت عليه قبل بداية شهر رمضان، وإنه لمن الملفت أن يكون لدورة شهر رمضان بالنسبة إلى إنسان مؤمن عالي المقام كالإمام، كل هذا الأثر!»[13].

 

فلنسعى كي نبتعد عن المعاصي

 

«تعدّ مسألة ترك المعاصي المسألة الرئيسة لأجل نيل القرب من الله، بينما يعدّ القيام بالمستحبات والنوافل، وقراءة أدعية التوسل وسائر الأدعية الأخرى، من المسائل الفرعية.

 

إنّ النقطة الأساس في هذه القضية هي أن يحول الإنسان دون صدور الذنب والمعصية منه، وهذا ما يتطلب التقوى.

 

إنّ التقوى هي أهم ـ أو لنقل ـ أول صفة ينبغي أن يتحلى بها الإنسان، وهي التي تمنع وقوعه في المعصية.

 

إنّ المعصية لتمنع الإنسان حتى من أن يوصل نفسه إلى شاطئ بحر المغفرة الإلهية العظيم، فضلاً عن أن يستفيد منه. إنّ المعصية لا تدعنا ننعم بحال الدعاء والحضور. إنّ المعصية لتمنعنا من أن نعيد النظر في أنفسنا ومن ثم أن نعيد بناءها. فلنسعى كي نبتعد عن المعصية؛ وهذا هو الشرط الأول»[14].

 

التكبر قاطع طريق الكمال

 

«إنّ إحدى الصفات الذميمة التي تقطع طريق الكمال، والتي قد نُبّهنا عليها وحُذّرنا منها في القرآن بعبارات مختلفة وفي أمكنة عديدة، وكذلك في روايات الأئمة (عليهم السلام)، هي صفة التكبر وتعظيم الأنا.

 

هذه الصفة تعد أمراً شديد الخطورة على ترقّي الإنسان في المدارج المعنوية.

 

إنّ الهدف النهائي لكل الأحداث التي وقعت منذ بداية التاريخ، أي مجيء الأنبياء (عليهم السلام)، والصراعات الكثيرة، وافتراق الحق والباطل إلى معسكرين، والحروب والمواجهات، والصبر على المشاكل، والجهود العظيمة لأهل الحق، بل وحتى تأسيس الحكومة الإسلامية واستقرار العدل ورسوخه، هو التكامل ووصول الإنسان إلى مقصده ونيل القرب من الله، وسائر الأمور الأخرى هي بمثابة مقدمات لهذا الهدف.

 

إنّ التكبر حالة باطنية تؤدي بالإنسان إلى العجب.. ولعله من الممكن أن يقال بأن أعظم مانع وأسوأ مرض في طريق التكامل البشري هو عبارة عن تعظيم الأنا..»[15].

 

من الممكن حتى للإنسان العابد أن يتكبر!

 

«إنّ إحدى خصوصيات التكبر هي أن يرى الإنسان نفسه أرفع من الآخرين. وليست هذه الحالة هي حقيقة التكبر، وإنما هي من خصوصياته! وعندما يدقق الإنسان النظر في آيات القرآن، يلاحظ أن هذه الصفة قد أوليت عناية فائقة، حيث ذكرت بأسماء عدة من قبيل الإستعلاء والعلوّ والإستكبار والتكبر؛ وقد حُذّر المؤمن المجاهد من هذه الخصلة بشدة.

 

فأن يرى إنسان ما نفسه مقتدراً، هي حالة لا تختلف عن التكبر في شيء. إنّ هذه الحالة هي نوع من التكبر.

 

إنّ الإنسان الذي يشعر في داخله بالقدرة والإستغناء، أو يرى نفسه ذات علم ومعرفة، فإنه وبسبب اعتقاده الزائد بعلومه ومعارفه، يقيس كل ما يُعرض أمامه من معارف بها، فإن وافقتها كانت صائبة وإلا ردّها؛ وهذه أيضاً شعبة من شعب التكبر، بل هي إحدى أخطر أنواعه. وكذلك هو حال الأشخاص من أهل العبادة والزهد والتوجه إلى الله والسلوك المعنوي، فإن التكبر قد يوجد في أعمالهم ونفوسهم. نفس ذلك العجب الذي ينشأ في باطن الإنسان العابد والزاهد جراء عبادته هو أيضاً أحد شعب التكبر[16].

 

القدم الأولى في السفر المعنوي

 

«إنّ القدم الأولى على طريق السير إلى الله هي بالإخبات ورؤية الفقر المطلق للنفس، أي أن يرى الإنسان نفسه ـ حقيقة ودون أي مجاملة ـ فقيراً محتاجاً وقليلاً حقيراً بين يدي الله، في عين امتلاكه للقدرة والثروة والعلم، وتمتعه بالمزايا والخصال الحميدة، وفي ذروة حيازته للغنى والإستطاعة؛ وهذه هي روحية الكمال الإنساني، والتي ينبغي بالطبع أن تنال عن طريق الرياضة[17].

 

أنانية أبناء البشر منشأ جميع المفاسد في العالم

 

«إن أنانية أبناء البشر هي منشأ جميع المفاسد في العالم. فكل الظلم والتمييز، وكل الحروب وإراقة الدماء، وكل القتل الذي يحدث دون وجه حق، وكل ما يُسبغ المرارة على حياة الإنسان ويبعده عن سعادته ينبع من هذه الأنانية وهذا (الفرعون) الباطني الموجود في نفوسنا. ونحن إن لم نقم بترويض هذا الحصان الجامح في داخلنا ولجمه، سوف نكون عرضة لخطر شديد[18].

 

مع كل تلك القدرة، كان سيلمان خاضعاً لله!

 

«إنّ قصة سليمان بكاملها، من البداية وحتى النهاية ـ وبمقدار ما ذكره تعالى في هذه السورة ـ النمل ـ يدور حول هذه الفكرة والنكتة، وهي أن هذا الإنسان المقتدر والعظيم الشأن الذي لم يملك فقط مفاتيح القدرة المادية المعتادة، بل حاز مفاتيح القدرة المعنوية وكذلك القدرة غير المألوفة والمعتادة، وكان لديه من القدرة ما لا نظير له بحيث أن أحداً من قبله أو بعده لم تكن له مثل تلك الدولة والقدرة، مثل هذا الإنسان ـ ومع كل تلك القدرة ـ كان خاضعاً وخاشعاً لرب هذا العالم ﴿نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ﴾[19]»[20].

 

الإستغناء أساس طغيان الإنسان

 

«إنّ الأمر الذي يضع الإنسان في معرض الخطر هو نفس الشعور بالإستغناء وعدم الحاجة، والإحساس بالقدرة وإمكان الإعتماد على ما لديه من معارف. إنّ القرآن الكريم ينقل قصة قارون فيحدّث بأنه حينما كان البعض ينصحونه، كان يجيب بقوله: «.. إنما أوتيته على علم عندي».

 

هذا الغرور والفخر والتكبر والإعتماد على ما هو موجود في نفس الإنسان، هذا الإعتماد على ما هو قليل أو ليس بشيء، وتوهم الإنسان أن ذلك شيء كثير (وذا بال)، هو أعظم البلايا[21].

 

____________________________

 

[1] المصدر السابق، ص 295.

 

[2] المصدر السابق، ص 319.

 

[3] المصدر السابق، ص 321 ( أحمزها أي أشدها وأقواها).

 

[4] حديث ولايت، الجزء الرابع، مركز طباعة ونشر منظمة الإعلام الإسلامي، الطبعة الأولى، 1376هـ.ش، (1997م) ص 2.

 

[5] المصدر السابق، ص 7.

 

[6] المصدر السابق، ص 7ـ 8.

 

[7] المصدر السابق، ص 8 ـ 9.

 

[8] المصدر السابق، ص 10.

 

[9] المصدر السابق، ص 23.

 

* البقرة: 183.

 

[10] المصدر السابق، ص 41 ـ 43.

 

[11] المصدر السابق، ص 44.

 

[12] المصدر السابق، ص 61.

 

[13] المصدر السابق، ص 62ـ 63.

 

[14] المصدر السابق، ص 63.

 

[15] المصدر السابق، ص 106 ـ 107.

 

[16] المصدر السابق، ص 107.

 

[17] المصدر السابق، ص 108.

 

[18] المصدر السابق، ص 109.

 

[19] ص، الآية: 30.

 

[20] المصدر السابق، ص 111.

 

 

شاهد أيضاً

مقاطع مهمه من كلام الامام الخامنئي دامت بركاته تم أختيارها بمناسبة شهر رمضان المبارك .

أذكّر أعزائي المضحين من جرحى الحرب المفروضة الحاضرين في هذا المحفل بهذه النقطة وهي: أن ...