الرئيسية / صوتي ومرئي متنوع / شرح لدعاء الصباح المروي عن أمير المؤمنين في حلقات

شرح لدعاء الصباح المروي عن أمير المؤمنين في حلقات

18

شرح فقرة: (ومسائي جنة من كيد العدى…)

لا زلنا مع الدعاء المعروف بدعاء الصباح للامام علي(ع) حيث تحدثنا عن مقاطع متسلسلة منه، ونتابع الآن تقديم مقطع جديد هو: (فاجعل اللهم صباحي هذا نازلاً عليَّ بضياء الهدى، وبالسلامة في الدين والدنيا، ومسائي جنة من كيد العدى، ووقاية من مرديات الهدى …) ..

هذا المقطع من الدعاء حدثناكم عن فقرته الاولى الخاصة بالصباح، ونحدثكم الان عن فقرته الثانية الخاصة بالمساء …

اذن: لنتحدث عن الموضوع ….

من الواضح ان الدعاء الذي نتحدث عنه هو الدعاء الخاص باشراقة الصباح من حيث كونه بداية ليوم جديد يستقبله قارئ الدعاء ليكون امتدادا لهذا اليوم، ولذلك نجد جملة ادعية خاصة ببداية كل يوم قبل طلوع الشمس وبعدها تعبيرا عن الحقيقة المتقدمة لكن بما ان المساء هو الشطر الآخر من اليوم، حينئذ فان الادعية الخاصة بالمساء تفرض وجودها ايضا وهذا ما نلحظ نموذجه في الدعاء الذي نتحدث عنه حيث يشير الى ظاهرة تتصل بالليل وهي التوسل بالله تعالى بان يجعل المساء سترا يتقي به قارئ الدعاء من كيد الاعداء، وقاية له من الشرور المختلفة وهذا ما عبر عنه الدعاء بالعبارات الآتية: (ومسائي جنة من كيد العدى ووقاية من مرديات الهدى)…

والسؤال الآن هو ما المقصود من مرديات الهدى؟ فضلاً عن الاعداء وصلتهم بالليل؟ …

لعلك مقتنع بان الليل ما دام متسما بالظلام فان اية ممارسة سلبية من الممكن ان تحدث فيه بخاصة فيما يتصل بشخصيات الاعداء ومحاولاتهم استغلال الظلام لتمرير نشاطهم العدواني سواءا كان النشاط متمثلاً بالضرر البدني كالقتل وسواه، او بالضرر المادي كالسرقة وسواها…، من هنا نجد ان الليل يتخذه النص الادبي رمزاً لكل ما هو مثير ومقابل النهار الذي يتخذ رمزا للخير ويكفي ان القرآن الكريم يشير الى هذا الجانب حينما يستخدم عبارتي الظلمات والنور مثل قوله: (يخرجهم من الظلمات الى النور…).

المهم الآن هو ان نقف اولاً عند فقرة التوسل بالله تعالى بان يجعل المساء جنة من كيد الاعداء ثم نحدثكم عن الفقرة الثانية المتوسلة بالله تعالى بان يجعله وقاية من المرديات أي مرديات الهدى .. ونقف الان عند الفقرة الاولى … فماذا نستخلص؟

من البين ان الاعداء كما ذكرنا يتخذون من المساء وسيلة لتمرير مؤامراتهم بيد ان المؤامرة تتنوع ظروفها، وهذا ما عبر الدعاء عنه بظاهرة الكيد ولعل قارئ الدعاء يتساءل عن سبب انتخاب كلمة الكيد دون سواها للتعبير عن الحقيقة المذكورة ونجيب قائلين: ان الكيد هو الاسلوب الملتوي القائم على الخداع ونحوه وهو امر يتساوق مع طبيعة الليل المظلم الذي يجعل منه ستارا يختفي خلفه الكيد، وقد انتخب الدعاء كلمة جنة ليشير بذلك الى معنى الستار وهو كلمة منتقاة لانها تتضمن معنى الستر ومعنى النجاة من الشر الكامن من خلف الستار وبهذا يكون المعنى هو التوسل بالله تعالى بان يجعل من المساء وسيلة تحفظ قارئ الدعاء من الكيد الذي يمارسه الاعداء في شتى مستويات الكيد …

وبهذا يستكمل قارئ الدعاء امنه وامانه وحفظه من كل سوء سواءا اكانت تتصل بما هو فسوق وضلال او بما هو كيد عدو أي ما هو دنيوي واخروي….

وسنرى عندما نقف عند الفقرة الثانية المتوسلة بالله تعالى بان يجعل المساء وقاية من المرديات، مزيدا من تحقيق الامن والحفظ والدين في الميدان المذكور.

وختاما: يتعين علينا ان نستثمر تلاوتنا لهذا الدعاء وذلك بان ندرب ذواتنا على الطاعة واستثمار تحقق الامن والتصاعد بالطاعة الى النحو المطلوب.

شاهد أيضاً

السياسة المحورية ونهضة المشروع القرآني لتقويض المصالح الغربية العدائية

فتحي الذاري مأخذ دهاليز سياسة الولايات المتحدة الأمريكية والمصالح الاستراتيجية في الشرق الأوسط تتضمن الأهداف ...