الرئيسية / فقه الولاية / فقه الأحزان

فقه الأحزان

متى تكون التعزية؟

إن للتعزية وقتاً اعتبره الشارع الوقت الأفضل لها, وهو أن تكون بعد الدفن فعن الإمام الصادق عليه السلام : “التعزية الواجبة بعد الدفن” 7.

نعم تجوز التعزية قبل الدفن وبعده 8.

والتعزية، من الواجبات الاجتماعية لدى أغلب المجتمعات البشرية, أما في الإسلام فلها أسلوب خاص أراده الله تعالى وعلمنا إياه الرسول الأكرم صلى الله عليه و آله , فما هو فضل التعزية، وكيف نعزي الآخرين؟

6- الشيخ الصدوق – ثواب الأعمال – ص 200

7- الشيخ الكليني-الكافي- ج 3 ص 204

8- الإمام الخميني {- تحرير الوسيلة -ج 1 ص 96


كيف نعزي؟

هناك طرق كثيرة، يمكن للإنسان من خلالها، أن يظهر التعاطف والتضامن مع أهل العزاء, فحضوره لدى أهل المصيبة بنفسه عزاء لهم, لأن التواجد إلى جنبهم في هذه المرحلة، التي يعتبرونها صعبة، بحد ذاته مواساة لهم، ولو لم يقال لهم ما يخفف عنهم, ففي الرواية عن الإمام الصادق عليه السلام في التعزية الواجبة بعد الدفن, “كفاك من التعزية بأن يراك صاحب المصيبة” 9.

ولقد كان الرسول الأكرم صلى الله عليه و آله , وأهل البيت عليهم السلام يعزون بأسلوب خاص وبما أننا من أتباعهم، فإننا نستن بسنتهم, ونمشي على إثر خطاهم.

ففي الرواية، “أنه لما قبِضَ رسول الله صلى الله عليه و آله ، أحدق به أصحابه فبكوا حوله، واجتمعوا، فدخل رجل أشهب اللحية، جسيم صبيح، فتخطى رقابهم فبكى، ثم التفت إلى أصحاب رسول الله صلى الله عليه و آله فقال: إن في الله عزاءً من كل مصيبة، وعوضاً من كل فائت، وخلفاً من كل هالك، فإلى الله فأنيبوا، وإليه فارغبوا، ونظره إليكم في البلاء فانظروا، فإن المصاب من لم يؤجر.

فقال بعضهم لبعض: تعرفون الرجل ؟ فقال علي عليه السلام :

9-السيد البروجردي -جامع أحاديث الشيعة – ج 3 ص 455


 نعم، هذا أخو رسول الله صلى الله عليه و آله الخضر عليه السلام ” 10.

وقد عزى الإمام الصادق عليه السلام قوماً فقال لهم:”جبر الله وهنَكم، وأحسنَ عزاكم، ورحِمَ متوفاكم” 11.

وعن الإمام الرضا عليه السلام  في تعزيته للحسن بن سهل :”… التهنئة بآجل الثواب، أولى من التعزية على عاجل المصيبة” 12.

وفي الرواية أنه كتب الإمام الجواد عليه السلام إلى رجل: “ذكرت مصيبتك بعلي ابنك. وذكرت أنه كان أحب ولدك إليك، وكذلك الله عزَّ وجلَّ إنما يأخذ من الوالد وغيره أزكى ما عند أهله, ليعظم به أجر المصاب بالمصيبة, فأعظمَ الله أجرك وأحسن عزاك، وربط على قلبك إنه قدير، وعجل الله عليك بالخلف، وأرجو أن يكون الله قد فعل إن شاء الله تعالى” 13.

وفي رواية أخرى: عزى الإمام الصادق عليه السلام رجلاً بابنٍ له فقال عليه السلام : “الله خير لابنك منك، وثواب الله خير لك من ابنك، فلما بلغه جزعه بعد ذلك عاد إليه فقال له عليه السلام : قد مات رسول الله صلى الله عليه و آله فما لك به أسوة فقال: إنه كان مرْهَقاً

10- الريشهري-ميزان الحكمة-ج 3 ص 1972

11-م . ن.ج 3 ص 1972

12-م . ن.ج 3 ص 1972

13- الشيخ الكليني-الكافي- ج 3 ص 205


فقال عليه السلام : إن أمامه ثلاث خصال: شهادة أن لا إله إلا الله، ورحمة الله، وشفاعة رسول الله صلى الله عليه و آله ، فلن تفوته واحدة منهن إن شاء الله” 14.

ويروى أن رسول الله صلى الله عليه و آله كتب إلى معاذ يعزيه بابنه:

“من محمد رسول الله صلى الله عليه و آله إلى معاذ بن جبل، سلام عليك؛ فإني أحمد الله الذي لا اله إلا هو، أما بعد: فقد بلغني جزعك على ولدك الذي قضى الله عليه، وإنما كان ابنك من مواهب الله الهنيئة، وعواريه المستودعة عندك، فمتعك الله به إلى أجل، وقبضه لوقت معلوم فإنا لله وإنا إليه راجعون. لا يحبطن جزعك أجرك ولو قدِمت على ثواب مصيبتك، لعلمت أن المصيبة قد قصرت لعظيم ما أعد الله عليها من الثواب لأهل التسليم والصبرَ. واعلم أن الجزعِ لا يرد ميتاً، ولا يدفع قدراً، فأحسن العزاء وتَنَجزِ الموعود، فلا يَذْهَبَن أسفك على ما هو لازم لك ولجميع الخلق نازلٌ بقدره، والسلام عليك ورحمة الله و بركاته” 15.

وفي هذ الخصوص أيضاً جاء ما ذكر عن الرسول الاكرم صلى الله عليه و آله ، فعن أبي عبد الله عليه السلام قال: “لما قبض رسول الله صلى الله عليه و آله أتاهم آتٍ يسمعون حسه، ولا يرون شخصه فقال: السلام عليكم يا أهل البيت ورحمة الله وبركاته ﴿كل نَفْسٍ ذَآئِقَة الْمَوْتِ وَإِنَّمَا توَفَّوْنَ أجورَكمْ يَوْمَ

14- الشيخ الكليني-الكافي- ج 3 ص 204

15-السيد البروجردي -جامع أحاديث الشيعة – ج 3 ص 457


الْقِيَامَةِ فَمَن زحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَما الْحَيَاة الدنْيَا إِلاَّ مَتَاع الْغرور وَما الْحَيَاة الدنْيَا إِلَّا مَتَاع الْغرورِ﴾ 16 في الله عزَّ وجلَّ عزاء من كل مصيبة، وخلفٌ من كل هالك، ودرك لما فات، فبالله فثقوا، وإياه فارجوا، فإن المحروم من حرِمَ الثواب. والسلام عليكم” 17.

شاهد أيضاً

فقه المسجد

 آداب المسجد تمهيد ﴿وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ﴾. حينما يكون ...