الرئيسية / الاسلام والحياة / اخلاق أهل البيت – السيد مهدي الصدر 04

اخلاق أهل البيت – السيد مهدي الصدر 04

الأخلاق بين الاستقامة والانحراف :

كما نمرض الأجساد وتعتورها أعراض المرض من شحوب وهزال وضعف ، كذلك تمرض الأخلاق ،
وتبدو عليها سمات الاعتدال ومضاعفاته ، في صور من الهزال الخلقي ، والانهيار النفسي ،
على اختلاف في أبعاد المرض ودرجات أعراضه الطارئة على الأجسام والأخلاق .
وكما تعالج الأجسام المريضة ، وتسترد صحتها ونشاطها ، كذلك تعالج الأخلاق المريضة
وتستأنف اعتدالها واستقامتها ، متفاوتة في ذلك حسب اعراضها ، وطباع ذويها ، كالأجسام
سواء بسواء .

ولولا إمكان معالجة الأخلاق وتقويمها ، لحبطت جهود الأنبياء في تهذيب الناس ،
وتوجيههم وجهة الخير والصلاح ، وغدا البشر من جراء ذلك كالحيوان وأخس قيمة ، وأسوأ حالاً منه ، حيث أمكن ترويضه ، وتطوير أخلاقه ، فالفرس
الجموح يغدو بالترويض سلس المقاد ، والبهائم الوحشية تعود داجنة أليفة .
فكيف لا يجدي ذلك في تهذيب الانسان ، وتقويم أخلاقه ، وهو أشرف الخلق ، وأسماهم كفاءة
وعقلاً ؟ ؟

من أجل ذلك فقد تمرض أخلاق الوادع الخَلُوق ، ويغدو عبوساً شرساً منحرفاً عن مثاليته
الخلقية ، لحدوث إحدى الأسباب التالية :
( 1 ) – الوهن والضعف الناجمان عن مرض الانسان واعتدال صحته ، أو طرو أعراض الهرم
والشيخوخة عليه ، مما يجعله مرهف الأعصاب عاجزاً عن التصبر ، واحتمال مؤون الناس
ومداراتهم .

( 2 ) – الهموم : فإنّها تذهل اللبيب الخلوق ، وتحرفه عن أخلاقه الكريمة ، وطبعه الوادع .
( 3 ) – الفقر : فإنه قد يسبب تجهم الفقير وغلظته ، أنَفَةً من هوان الفقر وألم
الحرمان ، أو حزناً على زوال نعمته السالفة ، وفقد غناه .
( 4 ) – الغنى : فكثيراً ما يجمح بصاحبه نحو الزهو والتيه والكبر والطغيان ، كما قال
الشاعر :

لقد كشف الإثراء عنك خلائقاً * من اللؤم كانت تحت ثوب من الفقر
( 5 ) – المنصب : فقد يُحدث تنمراً في الخُلق ، وتطاولاً على الناس ، منبعثاً عن ضعة
النفس وضعفها ، أو لؤم الطبع وخسته .
( 6 ) – العزلة والتزمت : فإنه قد يسبب شعوراً بالخيبة والهوان ، مما يجعل المعزول
عبوساً متجهماً .

شاهد أيضاً

الزهراء الصديقة الكبرى المثل الأعلى للمرأة المعاصرة / سالم الصباغ‎

أتشرف بأن أقدم لكم نص المحاضرة التي تشرفت بإلقائها يوم 13 / 3 في ندوة ...