الرئيسية / الاسلام والحياة / دروس من مواقف أبي ذر (رض) – السيد محمد باقر

دروس من مواقف أبي ذر (رض) – السيد محمد باقر

05- د-مسؤولية المال إن كل نعمة ورائها مسؤولية ، فكل فلس يضاف إلى رصيد المرء يعتبر ثقلاً جديداً يضاف إلى كاهله ، و لابد أن يتحمل أمانة هذا الثقل طيلة سيره في طريق الحياة المظلمة المتعرجة المخيفة ، حتى لقاء الله .

و لكن ظهر الإنسان أضعف من أن يتحمل وزر المال و الثروة ، أمام قوة أهوائه و شهواته ، فلا بد أن يحافظ بين ثقل الحمل و ضعف الظهر ، فلا يحمل من الثقل أكثر من قدرته ، لا بد أن يعرف قدرته على التحدي ، و تحمل المسؤولية .

و أن لا يحمل على ظهره ما يزيد ، بالطبع أن تكسب ما تريد من مال ، و لكن بشرط أن لا تحرق بها حياتك في الآخرة .

أسمعت وصية الإمام علي (ع) إلى ولده الإمام الحسين (ع) إنها تقول : ” لا تحمل على ظهرك فوق طاقتك فيكون وبالاً عليك و إذا وجدت من أهل الفاقة و الفقر من يحمل زادك و ثقلك هذا إلى يوم القيامة ، فيوافيك بها فاغتنمه ، و أكثر من إعطائك له و تزويده ، فلعلك تطلبه يوم القيامة فلا تجده ” .

إن بريق المال يسلب الكثيرين القدرة على تفهم الحياة و الإستعداد للمصير ، و يجرهم إلى الضياع في عالم المناقصات و المزايدات . و يتيهون بين خطوط الدينار و الدرهم ثم يهون إلى الحضيض .

إن عبادة المادة تحصر المرء في مجالات ضيقة ، و لا تدعه يرى الحياء والأشياء إلا من خلال ثقوب المصلحة الضيقة .

و للحيلولة دون سيطرة المادة على الإنسان لا بد أن ينفقه في سبيل الله و المحتاجين . . .! و لا يسعى وراء المال الحرام فإن في ذلك نهاية الإيمان .

و أبو ذر ما كان يمنعه من جلب الثروة شيء ، فهو صاحب رسول الله ، و خامس المسلمين ، و في طليعة المجاهدين مع صاحب الرسالة طيلة عمره . . إلا أن الإيمان كان يمنعه من ذلك ، ففي ذلك العصر الذي عاشه أبو ذر حيث كان الناس يعيشون في أشد حالات الفقر و الحرمان كانت حاشية الخليفة تقضم مال الله قضم الإبل نبتة الربيع (كما يقول الإمام علي (ع) ) .

يقول الأحنف بن قيس : ” كنت في نفر من قريش فمر أبو ذر رضي الله عنه و هو يقول : بشر الكانزين بِكّيٍ في ظهورهم يخرج من جنوبهم و بِكّيٍ من أقفيتهم يخرج من جباههم

قال : ثم تنحى فقعد إلى سارية ، فقلت : من هذا ؟

قالوا : هذا أبو ذر فقمت إليه ، فقلت : ما شيءٌ سمعتك تقول قبيل .

قال : ما قلت إلا شيئاً سمعته من نبيهم .

قلت : ما تقول في هذا العطاء ؟

قال : خذه فإن فيه اليوم معونة ، فإذا كان ثمناً لدينك فدعه ” / الغدير ص 320 .

أعرفت أي موقف ينبغي للمؤمن الصادق أن يتخذه تجاه المال .

أن يطلب من حله

و ينفقه في سبيل الله (على) الناس .

و إن كان ثمناً للدين ، فدعه .

فـ” إن خليلي عهد إلي أن أي مال ذهب أو فضة أو كي عليه فهو جمر على صاحبه حتى يفرغه في سبيل الله ” .

شاهد أيضاً

الاكتفاء بما روي في أصحاب الكساء -عز الدين بحر العلوم

16) (صفة رَسُول اللَّه(صلى الله عليه وآله وسلم )) 21- أخْبَرَنا أَبُو القاسم بن السَّمَرْقَنْدي، ...