الوظيفة الثالثة عشر: الإنتظار
من الانتظار ها هنا الترقب لظهوره الشريف ليملأ الأرض قسطا وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً، ففي الرواية عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: (أفضل العبادة الصبر وانتظار الفرج)1.
وفي حديث آخر عن الصادق عليه السلام أنه قال: (من مات منكم وهو منتظر لهذا الأمر كمن هو مع القائم في فسطاطه)2.
والمراد من الانتظار المعنى الإيجابي الذي يدفع الانسان
نحو تهيئة الأرض وتأمين الظروف المساعدة على تحقيق العدالة الإلهية الكاملة، من خلال توفير الظروف وتجهيز الأنصار، وليس المراد التخلي عن المسؤولية والجلوس في المنزل، ولا ترك الدنيا وأهلها ليعيث المفسدون فيها فساداً، فالإنتظار لا يسقط وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولا يسقط وجوب دفاع المسلمين عن ديارهم وكراماتهم. يقول الشيخ محمد رضا المظفر رضوان الله تعالى عليه:
“ومما يجدر أن نعرفه في هذا الصدد: ليس معنى انتظار هذا المصلح المنقذ (المهدي )أن يقف المسلمون مكتوفي الأيدي فيما يعود إلى الحق من دينهم، وما يجب عليهم من نصرته، والجهاد في سبيله، والأخذ بأحكامه، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر… بل المسلم أبداً مكلف بالعمل بما أُنزل من الأحكام الشرعية، وواجب عليه السعي لمعرفتها على وجهها الصحيح بالطرق الموصلة إليها حقيقة، وواجب عليه أن يأمر بالمعروف وينهى عن
1- الحراني – ابن شعبة – الوفاة : ق 4- تحف العقول- الطبعة : الثانية – مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة- ص201.
2- المجلسي-محمد باقر -بحار الأنوار- مؤسسة الوفاء ,الطبعة الثانية المصححة – ج 52- ص 126 ح18.
المنكر، ما تمكن من ذلك وبلغت إليه قدرته(كلكم راعٍ وكلُّكم مسؤولٌ عَن رعيَّته)3.
ويقول الشيخ الصافي الكلبايكاني: “وليعلم أنَّ معنى الإنتظار ليس تخلية سبيل الكفار والأشرار، وتسليم الأمور إليهم، والمراهنة معهم، وترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والإقدامات الإصلاحية، فإنه كيف يجوز إيكال الأمور إلى الأشرار مع التمكن من دفعهم عن ذلك، والمراهنة معهم، وترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وغيرها من المعاصي التي دلَّ عليها العقل والنقل وإجماع المسلمين.
ولم يقل أحد من العلماء وغيرهم بإسقاط التكاليف قبل ظهوره، ولا يرى منه عين ولا أثر في الأخبار.. نعم.. تدل الآيات والأحاديث الكثيرة على خلاف ذلك، بل تدل على تأكد الواجبات والتكاليف والترغيب إلى مزيد
3- محمد رضا المظفر- عقائد الإمامية- انتشارات أنصاريان – قم- ايران – ص85.
الاهتمام في العمل بالوظائف الدينية كلها في عصر الغيبة”4.