الوقت – مع تصاعد التوترات في أوكرانيا، أعلنت الدول الغربية، بقيادة الولايات المتحدة، عن جولة جديدة من العقوبات الأكثر صرامةً ضد روسيا، قائلةً إنها ستزداد في الفترة المقبلة.
العقوبات ضد روسيا وصفت بأنها غير مسبوقة وواسعة النطاق. وفي هذا الصدد، أجری موقع “الوقت” التحليلي حواراً مع “السيد رضا صدر الحسيني” الخبير في القضايا الدولية، وسعى للحصول على وجهات نظره بشأن التطورات في أوكرانيا في سياق التطورات الإقليمية.
نقدم لکم فيما يلي نص الحوار:
الوقت – خلال الأيام الماضية وأثناء التطورات في أوكرانيا أكد الغرب أن العقوبات هي أهم أداة لمواجهة روسيا، هل استطاعت هذه العقوبات أن تحقق أهدافها في مواجهة روسيا؟
السيد صدر الحسني: حتى الآن، لم يتمكن الغرب سوی من استخدام العقوبات كأهم أداة للسيطرة على أي معارضة في جميع المجالات، ولا سيما في المجالات الاستراتيجية. طبعاً، يمكن أن يكون لاستخدام العقوبات بالتأكيد تأثير على الحكومات، ولكن بالنظر إلى النطاق الجغرافي لروسيا وعلاقاتها مع الدول الأخرى، فضلًا عن تعاونها المكثف مع الصين في السنوات الأخيرة، وكذلك الاستفادة من تجارب الجيران مثل الجمهورية الإسلامية، لذلك ستكون روسيا قادرةً على التغلب على هذا التحدي.
في الوقت نفسه، من المؤكد أن الأوروبيين أنفسهم سيعانون من العقوبات ضد روسيا. يتم استيراد 40 في المائة من وقود وطاقة الاتحاد الأوروبي حاليًا من روسيا، وبالنظر إلى أن استهلاك الطاقة في أوروبا في ازدياد، فإن طلب أوروبا على الغاز الروسي سيزداد بالتأكيد خلال السنوات القليلة المقبلة.
فيما يتعلق بالعقوبات التي قلنا إنها الأداة الأكثر أهميةً للغرب في مواجهة روسيا، يجب ألا يغيب عن الأذهان أنه عادةً ما يكون الناس هم الأكثر تضرراً، وإيذاء الناس بفعل العقوبات الغربية يتعارض مع شعارات حقوق الإنسان التي يطلقها الاتحاد الأوروبي والدول الغربية. وحتى الآن، لم يقدم الغرب رداً مقنعاً بشأن الضرر الذي يلحق بالناس جراء العقوبات.
الوقت – هل يسعى الغرب، بفرض العقوبات على روسيا، للتأثير على نتائج الانتخابات الرئاسية الروسية المقبلة والحيلولة دون إعادة انتخاب بوتين؟
صدر الحسيني: وفقًا للتغييرات التي حدثت في الدستور الروسي، فإن تغيير بوتين ليس مطروحاً على الإطلاق، وما يريده الغرب فقط هو تغيير الأسلوب الذي وضعه السيد بوتين.
ومع ذلك، على الرغم من أن الشعب الروسي سيواجه تحديات خلال العقوبات، إلا أن روسيا، ومن خلال الدول الشريكة لها، ستكون قادرةً على التغلب على هذه الأزمة والتغلب على هذا التحدي بشکل أسرع من الدول الأخرى.
وقد يكون هناك تراجع من قبل أوروبا والغرب في الأشهر المقبلة، لأن الوضع في ألمانيا واحتياجات الدول الأوروبية، وخاصةً ألمانيا، التي تحصل على 70 في المائة من طاقتها من روسيا، أمر بالغ الأهمية.
بالتأكيد ليس من الممكن الحصول على هذه الكمية من الطاقة من المناطق والدول الأخرى على المدى القصير، وسيكون ذلك صعبًا للغاية بالنسبة لأوروبا وخاصةً بالنسبة لألمانيا على المدى المتوسط.
الوقت – في أعقاب استخدام حق النقض(الفيتو) على قرار مجلس الأمن المقترح ضد روسيا، سعى الغربيون إلى بناء إجماع دولي ضد روسيا، لكن بعض الدول الحليفة للغرب، مثل الإمارات العربية المتحدة، لم ينضموا إلى الغرب. لماذا لا تقف دول مثل الإمارات أو حتى دول عربية أخرى إلى جانب الولايات المتحدة وأوروبا ضد روسيا كما يريد الغرب؟
صدر الحسيني: الجواب على هذا السؤال يعتمد على واقع تراجع الولايات المتحدة، وهذه القضية باتت أكثر وضوحاً للعالم اليوم، وخاصةً لحلفاء الولايات المتحدة وبعض الدول الخليجية.
على الرغم من أن الدول العربية بدأت تبتعد عن الولايات المتحدة أخيراً، وباتت تدرك الظروف الجديدة ولو متأخراً جداً، ولکنها توصلت في الواقع إلى استنتاج مفاده أن هناك تحولًا في ثقل القوى الدولية.
لقد أدركت الإمارات والدول العربية أنه يجب أن يكون لديهم نظرة إلی الدول والقوى الناشئة في الشرق، وخاصةً روسيا، والتحالف الروسي الصيني الإيراني علی وجه التحديد، من أجل استكمال هذه القوة في الشرق في مواجهة العداء والقوة الغربية. ويبدو أن هذا الإجراء في المنطقة العربية يظهر أنهم يراقبون عن كثب عالم الحاضر والمستقبل، ولديهم تنبؤات عن المستقبل القريب للعالم.
الوقت – بالنظر إلی ارتفاع أسعار الطاقة والنفط، لم يتمكن الأمريكيون بعد من تنظيم سوق النفط، وحتى أن هناك أنباءً عن محادثات أميركية – فنزويلية بهذا الصدد. في غضون ذلك، هل ستتمكن الدول العربية مثل السعودية من تعويض ضغوط نقص الطاقة في السوق؟
السيد صدر الحسيني: القدرة والاستخراج في حقول الغاز والنفط محدودان، وليس الأمر كذلك أن دولةً أو دولتين يمكن أن تعوض فجأةً فقدان الطاقة الروسية في السوق. جميع خطوط أنابيب نقل الطاقة وإمكانيات ومرافق استخراج كل بئر نفط وغاز محدودة.
لذلك، يجب أن نضع في اعتبارنا أن تعويض الدول العربية عن موارد الطاقة الروسية ليس بالأمر السهل. کما أن استخراج موارد الطاقة ونقلها محدود، ولا يزال المشترون الرئيسيون للطاقة في العالم، مثل الولايات المتحدة وأوروبا، قلقين من احتكار السوق، وسيتضررون على المدى القصير.
ذلك أن الأمريكيين غير متأكدين من الوضع العام في الدول الخليجية، حيث هناك الآن تحركات ومعارضات لحكومات الدول الخليجية، والأميركيون والغربيون لا يريدون وضع كل بيضهم في سلة الدول العربية، لأنهم قلقون من خلق احتكار. ولذا تبحث الدول الغربية عن أسواق جديدة مثل أمريكا اللاتينية.