أفغانستان بعد عام من هروب الأمريكيين
الوقت – بعد عام على سقوط حكومة أشرف غني وهروب الجيش الإرهابي الأمريكي من مطار كابول، الجميع يريد الآن معرفة أوضاع الشعب الأفغاني هذه الأيام.
يوم هروب الجنود الأمريكيين من كابول، اعتقد البعض أن شبح الحرب سيرحل قريباً عن أفغانستان، وأن الحكومة الجديدة لن تكون قادرةً على خلق أمن شامل.
بينما بثت وسائل الإعلام الغربية صوراً مزعجةً لأشخاص يسقطون من عجلات الطائرات الأمريكية، دخلت المجموعة الأولى من عناصر طالبان القصر الرئاسي دون إراقة دماء أو مجزرة، ونقلت رسالة تشكيل الإمارة الإسلامية إلى العالم.
بعد مرور عام على حكم طالبان لأفغانستان، يمكن لمراجعة سياسات وسلوكيات الحكومة وكبار مسؤولي طالبان في البعدين الداخلي والخارجي، رسم منظور عام لحكومة طالبان وتأثيراتها على أفغانستان والمنطقة.
قبل دخول طالبان إلى كابول، كان الناتو قد نشر شائعات في المدينة بأن عمليات الإعدام والقتل ستقع قريبًا في الشوارع، وأن الإمارة الإسلامية ستحكم تحت تهديد السلاح. لكننا الآن نرى أنه بدلاً من الحرب، فإن مدينة كابول مغطاة باللون الأسود في شهر محرم، والبلاد في حالة استقرار نسبي.
لقد مر عام على هزيمة أمريكا المشينة وانسحابها من أفغانستان. إذا راجعنا عقدين من حكم حامد كرزاي ثم حكم أشرف غني، نرى أن أمريكا قد قطعت وعودًا لشعب أفغانستان منذ عام 2001 واحتلالها لهذا البلد، وقالت إننا جئنا لتوفير الأمن والاستقرار الاقتصادي وخلق ظروف أفضل للشعب. کما وعدت الولايات المتحدة الناس بأنها ستسيطر على زراعة المخدرات، وتجعل هذا البلد نموذجًا للآخرين في آسيا الوسطى.
ولكن، ليس فقط لم تتحسن حالة البنية التحتية الأساسية مثل المياه والكهرباء، بل حتى أجزاء كثيرة من مدينة كابول لم يكن لديها كهرباء حتى وقت قريب. وكان الإنجاز الوحيد لأمريكا في أفغانستان هو نهب الموارد، لدرجة أن العديد من المناجم قد نهبها الأجانب في عهد أشرف غني، وفي المقابل قدموا بعض المال لرجال الحكومة. وبعبارة أخرى، نهبت الولايات المتحدة الثروة الوطنية لأفغانستان.
قدَّم الأمريكيون مثل هذه الوعود الفارغة في حين لم تتحسن البنية التحتية والاقتصاد فحسب، بل أصبح كل شيء أسوأ من ذي قبل، وكان الإنجاز الوحيد لأمريكا والناتو للشعب، هو خلق جو خانق في هذا البلد.
على سبيل المثال، في مدينة واحدة فقط هي قندهار، نفَّذ الأمريكيون حوالي 600 عملية ليلية في أقل من عام، لاعتقال أي شخص يراعي المظاهر الإسلامية أو ينتقد وجود الأجانب في البلاد. وفي هذا العدد من العمليات، قتل حوالي 900 شخص. والآن، لنتخيل مستوى الجريمة الأمريكية في أفغانستان ككل.
وفيما يتعلق بالمخدرات في عهد طالبان، كان ما يقرب من 40٪ من الأراضي الزراعية مزروعة بالخشخاش. لكن بعد سقوط الإمارة الإسلامية، وصلت زراعة الخشخاش إلى أكثر من 95٪.
فيما يتعلق بزراعة المخدرات وتهريبها، أصبح الوضع أسوأ بكثير من ذي قبل. وقد أعلنت وسائل الإعلام أنه في القواعد العسكرية الأمريكية التي کان يُمنع دخول الأفغان إليها، كانت كل الأراضي مزروعةً بالخشخاش.
عندما دخلت طالبان مدينة كابول، لم يتم نهب أي منازل ولم تتضرر أي مكاتب حكومية أو مراكز خاصة. وبعد يوم من وصول طالبان إلى السلطة، عاد الناس إلى العمل مرةً أخرى. وبدأت جميع الوزارات والمراكز الحكومية العمل من جديد.
حالياً، لا توجد أخبار عن عمليات ليلية واعتقالات من منزل إلى منزل في أفغانستان، ولا يتم تفتيش أي شخص بسبب عرقه أو دينه. کما يتم توفير المكونات الأساسية للأمن من قبل طالبان، وهم يبذلون قصارى جهدهم لترضی الناس بالحكومة المؤقتة.
لقد أعلنت حركة طالبان أنه لا يحق لأحد في مهاجمة الناس، وأي شخص لديه شكوى يمكنه تقديمها إلى طالبان. في السابق، لم يكن الشخص الذي يغادر المنزل يتوقع العودة إلى منزله حياً ليلاً! وفي كل لحظة كان يشعر أن باب منزله سينکسر وأن جنوداً أمريكيين سيدخلونه، ولكن الآن تم إرساء الأمن في جميع المدن.
شعب أفغانستان يسعى إلى الاستقلال وإدارة بلاده بنفسه، ولا توجد مقاومة لهذا المطلب الشعبي. يريد الشعب الأفغاني أن تُدار البلاد بأنفسهم وليس بحكم أجنبي.
وفيما يتعلق بالمرأة، فقد ذكرت حركة طالبان بوضوح أن المرأة تشارك في الهيكل السياسي لأفغانستان. اليوم، المرأة الأفغانية حاضرة في القضايا السياسية والعلمية والاجتماعية، ولكن تجب مراعاة قضية الشريعة. كما يقبل الشعب الأفغاني هذه الفكرة أيضًا. الشعب الأفغاني مسلم وعانی من حكومة أشرف غني والفساد الأخلاقي فيها، ومن الطبيعي أنه يريد تطبيق أحكام الشريعة في المجتمع.
إن إحدى الحيل التي يستخدمها أعداء أفغانستان، هي العمل على إحباط الناس. إنهم يقولون باستمرار للشعب الأفغاني إن النظام الإسلامي لا يستطيع أن يجلب الأمن لكم، وأن يجعل البلاد تتقدم. وتزعم وسائل الإعلام التابعة للناتو باستمرار أنه في حال حكم طالبان، ستكون حياة الناس سوداء وسيصبح الناس أكثر فقرًا.
بينما في الفترة الماضية، فقط الأشخاص المقربون من الحكومة والأمريكيين تمتعوا بالسلطة وأصبحوا أثرياء. لقد حظرت أمريكا أموال الشعب الأفغاني وفرضت عقوبات على طالبان، ولکنها بعد ذلك تتحدث عن المشاكل الاقتصادية للشعب، وهذا التناقض في الكلام والعمل يظهر أن الغرب لا يهتم بشعب أفغانستان.
أفغانستان ما زالت بعيدةً عن تشكيل حكومة شاملة. لكن في الوضع نفسه، نرى أن شخصًا مثل عبد اللطيف نظري يصبح مسؤولاً عن الشؤون المالية(الاقتصادية) بأكملها في أفغانستان. إنه شيعي، لكنه يعمل في هيكل الإمارة الإسلامية.
وفي جميع المحافظات والمقاطعات، استخدمت طالبان الناس من المنطقة نفسها، وحتى في مسألة إقامة طقوس محرم في كابول، تعاونت طالبان ووفرت الأمن. حيث كانت مدينة كابول مغطاةً باللون الأسود وأقيمت جميع الطقوس بأفضل طريقة، وهذه علامات مهمة على كيفية تعامل طالبان مع مختلف الناس.