الوقت -عقد اجتماع بغداد 2 يوم الثلاثاء في الأردن، والذي كان يتميز بأهمية كبيرة من وجهة النظر العراقية، وحظي باهتمام ملحوظ في الإعلام العراقي، وخاصة وسائل الإعلام القريبة من محور المقاومة في هذا البلد. لأن هذا الاجتماع عقد هذه المرة في عهد رئيس الوزراء محمد شياع السوداني والمدعوم منهم.
اجتماع بغداد 2 امتداد لسياسة العراق الدبلوماسية المتوازنة
في عهد حكومة حيدر العبادي، كانت هذه الدولة، وخاصة في نهاية عهد هذه الحكومة، تتجه بشكل متزايد نحو الغرب. ولكن كأحد الأسباب، كان الرأي العام المخالف هو الذي تسبب في تباطؤ مساعي الحكومة في ذلك الاتجاه.
بعد ذلك، وصلت حكومة عادل عبد المهدي إلى السلطة، وحاولت هذه الحكومة، مع منعطف ملموس في رأيها، تحويل وجهة نظر العراق بقوة نحو الشرق، ولكن مرة أخرى، أدت التظاهرات الشعبية احتجاجا سوء الخدمات إلى عدم استمرار هذه الحكومة في ذلك الاتجاه.
عندما تم تعيين الكاظمي رئيساً للوزراء، حاول تبني دبلوماسية أكثر توازناً من سابقيه، وكانت هذه السياسة مدعومة تقريباً من قبل النخب والأحزاب السياسية العراقية. ومن بوادر هذه الدبلوماسية الخارجية هو تبنيها واستمرارها في الحكومة السوداني أيضا.
في الواقع، كان السبب الوحيد لبقاء وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين في منصبه في الحكومة الجديدة هو دبلوماسيته المتوازنة الناجحة. هذا على الرغم من أن هذه الشخصية المحسوبة على الحزب الديمقراطي وكان في السابق وزيرا للمالية في حكومة عادل عبد المهدي، وبسبب عدم فاعليته في هذا المنصب من وجهة نظر الأحزاب الشيعية، في ذلك الوقت واجه الكثير من المعارضة في مسألة بقائه في حكومة الكاظمي.
لذلك فإن أحد أهداف هذا الاجتماع هو استمرار سياسة العراق الدبلوماسية المتوازنة على المستويين الإقليمي والدولي. ويبدو أن العملية التي بدأت في عهد الكاظمي وأثناء حكومة السوداني مستمرة.
ما هي أهمية هذا الاجتماع بالنسبة للعراق؟
للإجابة على هذا السؤال يجب أن نشير إلى أنه بعد الحادث الإرهابي لاستشهاد الجنرال قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس في مطار بغداد، وسقوط صواريخ الحرس الثوري على القاعدة التي يتواجد فيها الأمريكيون في العراق، في منطقة عين الأسد، نشأ اعتقاد بين النخبة السياسية العراقية، أن استمرار هذه الفوضى لن يؤدي إلا إلى تحويل العراق إلى ساحة صراع بين قوى إقليمية وعالمية.
لذلك، نشأ هذا الموقف بينهم بأنه من أجل تغيير هذا الاتجاه، يجب عليهم خلق المزيد من التوازن في دبلوماسيتهم، وبهذه الطريقة يمكن للعراق أن يصبح مكانًا للحوار والحلول الدبلوماسية بين الأطراف المتحاربة في المنطقة.
لهذا السبب، رأينا أيضًا أنه في عهد حكومة الكاظمي في العراق، قام فؤاد حسين بوساطة لإجراء عدة جولات من المحادثات بين إيران والسعودية، وعلى الرغم من أن هذه الوساطة لم تصل إلى نتيجة كاملة، إلا أنه كان هناك بشكل عام تقدم في مسألة عودة العلاقات بين إيران والسعودية بفضل هذه المحادثات.
أحد أهداف اجتماع بغداد 2، الذي يضم جميع القوى الإقليمية تقريبا، هو نفس الموضوع. في الواقع، يريد العراق من خلال هذا الاجتماع أن ينقل رسالة إلى المنطقة والعالم مفادها بأنه “يجب أن يتمتع بسيادته المستقلة وأن يحترمها الجميع، وأن هذا البلد يمكنه، مع الحفاظ على حياده في النزاعات في المنطقة، أن يلعب دورًا إيجابياً كبيرًا بسبب موقعه، في حل هذه النزاعات والخلافات“.
عقد الاجتماع في الأردن
وعلى الرغم من تسمية هذا الاجتماع على اسم العاصمة العراقية، فقد عقدت الجولة الثانية في عمّان. ولعل أحد أسباب ذلك هو طبيعة هذا الاجتماع. في الواقع، كان العراق هو البادئ في هذا الاجتماع بدعم من فرنسا، ولكن بشكل عام، كان هذا الاجتماع اجتماعاً إقليمياً وستعقد جولته الثالثة في مصر.
طبعا لا يجب ان ننسى ان الاردن بلد يشتري النفط من العراق بسعر زهيد جدا وهذا الاعفاء النفطي قائم بين هذين البلدين منذ سنوات بوساطة اميركية. كما شهدت العلاقات بين الأردن والعراق في عهد حكومة الكاظمي تطورا كبيرا جدا، وخلال فترة السوداني كانت هذه الدولة أول وجهة سفر خارجية في الحكومة الجديدة، وهي مركز مشروع التعاون الاقتصادي المسمى “الشام الجديد“.
أهمية هذا الاجتماع بالنسبة لإيران
وفيما يتعلق بإيران، فإن هذا الاجتماع مهم من وجهتي نظر:
أ- خلق الاجتماع لايران فرصة للحوار والدبلوماسية مع ممثل الاتحاد الأوروبي جوزيف بوريل ووزير الخارجية السعودي لحل بعض التحديات الإقليمية والعالمية المتعلقة بإيران.
ب- وجود حكومة راسخة وقوية تحافظ بشكل كامل على السيادة الوطنية واستقلال العراق، وبما أن العراق دولة مجاورة لإيران، فإن جهود العراق للعب دور إيجابي في حل الخلافات الإقليمية من خلال عقد هذه اللقاءات مفيد أيضا بالنسبة لإيران نفسها لأنه بشكل عام، فإن وجود عراق نشط في مجال الدبلوماسية سيكون أكثر فائدة لإيران من عراق معزول في هذا المجال.
حضور فرنسا في الاجتماع
في الواقع، يجب أن يُنظر إلى وجود فرنسا على أنه ممثل للغرب وأمريكا وراع سياسي لإقرار هذه المبادرة العراقية أمام الغربيين. وقد يكون هذا هو العيب الوحيد لهذا الاجتماع؛ لأنه يتعارض مع ضرورة استقلال دول المنطقة في حل المشاكل والمشاكل فيما بينها.
في الواقع، من الأفضل دائمًا أن ينشأ السلام والاستقرار من داخل المنطقة نفسها وليس أن يأتي من الخارج أو من دول خارج المنطقة للتأثير على هذه العملية.