مصباح 54
قد ظهر لك أن شأن النبي صلى الله عليه وآله في كل نشأة من النشآت وعالم من العوالم حفظ الحدود الإلهية والمنع
عن الخروج عن حد الإعتدال والزجر عن مقتضى الطبيعة، أي إطلاقها، لا على الإطلاق. فإنّ
المنع على الاطلاق خروج عن طور الحكمة وقسر في الطبيعة، وخلاف العدل في القضية؛ هو
خلاف النظام الأتم والسنه الجارية. فالنبي (ص) هو الظاهر باسمى “الحكم العدل” لمنع الإطلاق
الطبيعة، والدعوة إلى العدل في القضية. وخليفته مظهره ومظهر صفاته. وهذا أحد معاني قوله
عليه السلام في حديث الكافي والتوحيد : وأولى الأمر بالمعروف والعدل والإحسان. أى
اعرفوهم بكذا إلاّ أن في الكافي : بالأمر بالمعروف. وليس هيهنا مقام تحقيق معنى الحديث. وقد
أشبعت الكلام المشايخ العظام، رضوان الله عليهم، فيه بما لا مزيد عليه. ولنا فيه التحقيق
الرشيق؛ ولعل بعضه يستفاد ممّا مرّ عليك من المصابيح النورية . [42]
مصباح 55
قال كمال الدين عبد الرزاق الكاشاني في مقدمات شرحه على قصيدة ابن فارض ما هذا لفظه:
“البوة” بمعنى الإنباء و”النبي” هو المنبىء عن ذات الله وصفاته وأسمائه وأحكامه ومرادته.
والإنباء الحقيقي الذاتي الأولي ليس إلاّ للروح الأعظم الذي بعثه الله تعالى إلى النفس الكلية
أولاً، ثم إلى النفوس الجزئية ثانياً، لينبئهم بلسانه العقلي عن الذات الأحدية والصفات
الأزلية والأسماء الإلهية والأحكام القديمة والمرادات الحسية. انتهى كلامه الشريف .