الرئيسية / شخصيات أسلامية / شهيد الولاء حجر بن عدي الكندي

شهيد الولاء حجر بن عدي الكندي

ويذكر الطبري : انه بعد ان سير حجر إلى معاوية ، اجتمعت كندة وغيرها عند مالك بن
هبيرة ، وتشاوروا فيما بينهم ، وصمموا على انقاذ حجر ، ولذلك ساروا إلى الشام من
أجل ذلك ، ولكن عندما وصلوا إلى مرج عذراء فاستقبلهم بعض من جاء منها
فأخبروهم ان القوم قد قتلوا ، وحين أخبروا معاوية بمسير مالك بن هبيرة ومن معه من
الناس قال ( اسكنوا فإنما هي حرارة يجدها في نفسه وكأنها قد طفئت ) . وارسل
إلى مالك ان يأتي إليه ، فأبى ، فبعث إليه بمائة ألف درهم ، واسترضاه ( 171 ) ،
وهكذا كان دهاء معاوية وأساليبه ، ومواقف بعض الناس .
مواقف بطولية في مرج عذراء :
لقد ظهرت منهم في مرج عذراء مواقف بطولية ، سجلها التاريخ ، وتحدث
بها الرواة والناس . وهذه المواقف تتلاءم وعقيدتهم الثابتة
وولائهم ، وعدالة قضيته وما يتمتعون به من خصال الفتوة والشجاعة .
يقول الطبري : « حينما قدموا إلى مرج عذراء ، قال لهم رسول معاوية : إنا قد أمرنا ان
نعرض عليكم البراءة من علي واللعن له ، فان فعلتم تركناكم ، وإن أبيتم قتلناكم
، فابرؤوا من هذا الرجل نخل سبيلكم ، قالوا : اللهم إنا لسنا
فاعلي ذلك » ( 172 ) .
ولعل معاوية وجلاوزته طلبوا من حجر وأصحابه البراءة من أمير المؤمنين ( ع ) لا
مجرد السب واللعن ، وهذا مما لا يجوز للمؤمن ارتكابه كما ذكر ذلك في رواية عن حجر .
حيث روى في رجال الكشي باسناده عن حجر بن عدي قال : « قال علي كيف تصنع أنت إذا
ضربت وأمرت بلعني ؟ قال : قلت له : كيف اصنع ؟ قال : العني ولا تبرا مني ، فإني
على دين اللّه » وبهذا المضمون روايات عديدة سنذكرها في فصل آخر .
وفي مروج الذهب ، يذكر القصة بعبارة أخرى مشابهة لها : « فلما وصل إليهم – رسول
معاوية – قال لحجر : ان أمير المؤمنين قد أمرني بقتلك يا راس الضلال ، ومعدن الكفر
والطغيان ، والمتولي لأبي تراب ، وقتل أصحابك ، إلا أن ترجعوا عن كفركم
وتلعنوا صاحبكم ، وتتبرؤوا منه ، فقال حجر وجماعته ممن كان معه : ان الصبر على حد
السيف لأيسر علينا مما تدعونا إليه ، ثم المقدم على اللّه ، وعلى نبيه وعلى وصيه ،
أحب إلينا من دخول النار » ( 173 ) .
والملاحظ في ذلك ان القتلة لم يشيروا إلى ما ذكر في نص الشهادة من نقضه لبيعة
معاوية ، وإنما كانوا يؤكدون على ولائه للإمام ( ع ) ، وكانوا يطلبون منه البراءة من
امامه خليفة رسول اللّه ( ص ) ولكنه أبى ذلك .
وقام حجر وأصحابه يصلون عامة الليل ، فلما كان الغد قدموهم ليقتلوهم ، فقال لهم
حجر بن عدي : « اتركوني أتوضأ واصلي ، فإني ما توضأت إلا صليت ، فتركوه فصلى ، ثم
انصرف منها ، وقال : واللّه ما صليت صلاة قط أخف منها ، ولولا أن في جزعا من
الموت لاستكثرت منها ، ثم قال : اللهم إنا نستعديك على أمتنا ، فان أهل الكوفة شهدوا
علينا ، وإن أهل الشام يقتلوننا أما واللّه لئن قتلتموني بها ، فإني لأول فارس
من المسلمين هلك في واديها ، وأول رجل من المسلمين نبحته كلابها » ( 174 )
. وقال حجر : « لا تنزعوا عني حديدا ولاتغسلوا عني دما ، فإني لاق معاوية على الجادة
» .
وقيل : ان حجرا لما قدم ليقتل ، قيل له : مد عنقك ، فقال : « ما كنت لأُعين الظالمين
» ( 175 ) .
وفي الإصابة : « وروى إبراهيم بن الجنيد في كتاب الأولياء بسند منقطع ان حجر بن عدي
أصابته جنابة ، فقال للموكل به : أعطني شرابي أتطهر به ، ولا تعطني غدا شيئا ، فقال :
أخاف ان تموت عطشا فيقتلني معاوية . قال : فدعا اللّه فانسكبت له سحابة
بالماء ، فأخذ منها الذي احتاج إليه ، فقال له أصحابه : ادع اللّه ان يخلصنا ، فقال :
اللهم خر لنا ، قال : فقتل هو وطائفته . . » ( 176 ) .
وقال المرزباني : « ثم مشى إليه – حجر – هدبه الأعور بالسيف فشخص إليه حجر ، فقال :
ألم تقل انك لا تجزع من الموت ؟ فقال : أرى كفنا منشورا وقبراً محفوراً ، وسيفا منشورا ،
فمالي لا أجزع ؟ أما واللّه لئن جزعت لا أقول ما يسخط الرب ، فقال له : فأبرأ من
علي ، وقد أعد لك معاوية جميع ما تريد ان فعلت ، فقال : ألم أقل لك : اني لا أقول
ما يسخط الرب ، ثم قال : ان كنت أمرت بقتل ولدي فقدمه ، فقدمه فضربت عنقه ، فقيل له
: تعجلت الثكل ، فقال : خفت ان يرى ولدي هول السيف على عنقي فيرجع عن ولاية أمير
المؤمنين علي ( ع ) . ولم يذكر قتل ولده غير المرزباني » ( 177 ) .
فقد ذكر السيد الأمين انه « لم يذكر قتل ولده معه في مرج عذراء غير المرزباني ،
ولكنه بعد ذلك يقول « وقال الشهيد : كان اسم ابن حجر الذي قتل معه همام ، وفي
الدرجات الرفيعة ، قال شيخنا الشيخ محمد بن مكي المعروف بالشهيد الأول قدس اللّه
روحه : الشهداء الذين بعذراء دمشق الذين قتلهم معاوية ، بعد ان بايعوه وأعطاهم
العهود والمواثيق ، حجر بن عدي الكندي حامل راية رسول اللّه ( ص ) وولده همام . . »
( 178 ) .
ومن ابطال مرج عذراء ، عبد الرحمن بن حسان . قالوا له : « يا أخا ربيعة ما تقول في علي
؟ قال : دعني ولا تسألني ، فهو خير لك ، قال : واللّه لا أدعك .
قال : اشهد أنه كان من الذاكرين للّه تعالى كثيرا ، من الآمرين بالحق ، والقائمين بالقسط ، والعافين عن
الناس . قال : فما قولك في عثمان ؟ قال : هو أول من فتح أبواب الظلم ، وأغلق أبواب
الحق قال : قتلت نفسك قال : بل إياك قتلت ، ولا ربيعة بالوادي – يعني ليشفعوا فيه –
. فرده معاوية إلى زياد وأمره ان يقتله شر قتلة ، فدفنه حيا » ( 179 ) .

شاهد أيضاً

السيّد الخامنئي (دام ظله) هو قائد الأمة وصاحب الأثر الأكبر في مواجهة الاستكبار

أكد عضو المجلس المركزي في حزب الله، سماحة السيّد، سامي خضرا، أن “فتاوى وخطب قائد ...