هبة السماء ، رحلتي من المسيحية إلى الإسلام
4 ساعات مضت
الاسلام والحياة
6 زيارة
اختلاف الأسلوب دليلا على اختلاف الكاتب أضافة إلى أن الكنيسة الأولى لم تكن متثبتة ومتحققة بشأن كاتب هذه الرسالة، ولم تدخل الرسالة ضمن مجموع أسفار العهد الجديد في الكنيسة السريانية إلا في القرن السادس الميلادي، والرسالة تتضمن بعض الارشادات أيضا.
(رسائل يوحنا الرسول) وهي ثلاث: وتدعى هذه الرسائل مع رسالة يعقوب ورسالتي بطرس ورسالة يهوذا بالرسائل العامة (الجامعة) لأنها لم توجه إلى جماعة مفردة من المسيحيين، بل إلى الكنيسة المسيحية جمعاء مع أن رسالتي يوحنا الثانية والثالثة موجهتان إلى أفراد ولكنهما اعتبرتا من الرسائل الجامعة أيضا لارتباطهما بالرسالة الأولى.
ومما تجدر الإشارة إليه أن الكاتب لم يذكر أسمه في هذه الرسائل سوى في الثانية والثالثة إذ يسمي نفسه (الشيخ) مما حمل البعض على الاعتقاد بأنه (يوحنا الشيخ) الذي عاش في أفسس حوالي نهاية القرن الأول، وكما ذكرنا فإن يوحنا الشيخ – كما يعتقد البعض – هو يوحنا الرسول ولهذا نسبت هذه الرسائل إليه. والرسائل هي:
الرسالة الأولى: وهي أطول الثلاث، وهي خالية من التحية والبركة التي تفتتح وتختم بها الرسائل، وفيها تشابه بينها وبين الإنجيل
(٤٦)
الرابع إلا أن فيها تباينا أساسيا عنه، ولذا اختلف في نسبتها إلى يوحنا الرسول.
ويعتقد أنها كتبت بين سنة 90 – 100 ميلادية، والرسالة مقالة أو عظة أكثر منها رسالة، ويبدو أنها كتبت دحضا لبعض الآراء الخاطئة التي روجها بعض الكذبة داخل الكنيسة.
الرسالة الثانية: وهي الرسالة التي بعثها الشيخ إلى السيدة المختارة وأولادها، واختلف في تفسير هذه السيدة فالبعض ذهب إلى أن كاتبها يقصد بها كنيسة من الكنائس واتباعها، والبعض الآخر قال أنه كتبها إلى سيدة تدعى (كيرية) أي السيدة المختارة، وهذه الرسالة قصيرة إذ تحتوي على أقل من ثلاثمائة كلمة باللغة الأصلية اليونانية ويعتقد أنها والرسالة الثالثة كتبتا بين سنة 96 و 110 ميلادية (1).
الرسالة الثالثة: يعتقد أن كاتب هذه الرسالة أرسلها إلى (غاليس الكورنتي) المذكور في الرسالة الأولى لبولس إلى كورنثوس، والظاهر أنه كان عضوا غنيا في كنيسة كورنثوس، ويحتمل أن المراد غيره، وتتضمن الرسالة مدحا لغايس على تقواه ومعروفه للغرباء ويعده بقرب زيارته له.
رسالة يهوذا: ويهوذا هذا ليس يهوذا الإسخريوطي الخائن. بل هو يهوذا أخو يعقوب، فقد ذكر كاتبها أنه أخو يعقوب صاحب المقام
(1) قاموس الكتاب المقدس: ص 1112.
(٤٧)
السامي في كنيسة أورشليم، ولا يعرف عنه إلا الشئ اليسير.
ولا يدعي الكاتب أنه من الرسل، ويقال أنه كتبها بعد استشهاد أخيه يعقوب أي في العقد السابع من القرن الأول والمقصود منها تحذير المؤمنين من المعلمين المضلين الذين ظهروا في الكنيسة الأولى.
(رؤية يوحنا) وهي السفر الأخير من العهد الجديد، وبعد نقاش وجدال طويلين، انتهى الأمر بالتفكير في الشرق والغرب إلى الاعتراف بأنه سفر كتب بالهام الروح القدس واعتبر جزءا من العهد الجديد.
وقد كتب السفر في جزيرة بطمس إحدى جزر بحر اليونان في سنة 95 م تقريبا، والسفر بعد المقدمة والتحية ينقسم إلى سبعة أقسام رئيسية تعقبها الخاتمة، وكل قسم من هذه الأقسام يشمل رؤيا مستقلة أو سلسلة رؤى، والرؤية ملأى بالرموز وهي مكتوبة إلى الكنائس السبع التي في آسيا (1).
هذه هي الأسفار التي يشتمل عليها العهد الجديد، ويظهر أنها كتبت خلال نصف قرن تقريبا ما بين سنة 55 – 110 ميلادية، فهي لم تر النور دفعة واحدة، ومما يلفت النظر فإن المسيحيين يعتقدون أن
(1) المسيح في الفكر الاسلامي: ص 146.
(٤٨)
المسيح (عليه السلام) لم يكتب شيئا ولم يأمر أحدا من تلاميذه بتدوين أقواله وأعماله، ولكن قد طلب منهم أن يشهدوا ويبشروا بما رأوا وسمعوا فكانت نقطة الانطلاق للرسل هي البشارة والشهادة للمسيح (عليه السلام).
ومن هنا بدأ التقليد المسيحي وهو التذكير المشترك بهذه الحوادث من جيل إلى جيل. (ولهذا فالتقليد الشفوي يعتبر الينبوع الذي نهل منه الرسل وتلاميذ الرسل ليدونوا أسفار العهد الجديد. على أن هذا التدوين للتقليد الشفوي لم يتم بإرادة الرسل أيضا فمرقس مثلا حسب أوزابيوس قد دفعه إلى التدوين المستمعون لبطرس الرسول الذي وجد نفسه أمام الأمر الواقع، فبطرس حسب اكليمنضوس لم يتدخل لا راضيا ولا رافضا (1)).
وأما الشروع في كتابة الأناجيل رغم عدم طلب يسوع المسيح (عليه السلام) من التلاميذ ذلك فيعزونه إلى أسباب عديدة منها، (رغبة المسيحيين بالحصول على معلومات أكثر عن حياة وتعاليم المسيح (عليه السلام) يحتفظون بها، وكذلك تقدم السن بالرسل الأولين وشدة الاضطهادات التي كانت تحيط بهم، إضافة إلى ظهور الأفكار العقائدية الباطلة تحت تأثير الوثنية واليهودية والتي انتشرت بسرعة مسببة القلق والشك في صفوف المؤمنين الجدد، وغيرها من الأمور، كل ذلك
(1) نفس المصدر: ص 115.
(٤٩)
دفع بالمسيحيين الأولين إلى تدوين تعاليمهم حتى لا تنسى) (1).
والمسألة المهمة في هذا الموضوع هي أن الكنيسة تعتقد أن الأناجيل كتبت بالوحي والإلهام الإلهي، فنرى في مقدمة الإنجيل مكتوبا: كتب العهد الجديد بوحي من الروح القدس في مدة لا تتعدى المائة من السنين، ولقد حفظ الله الإنجيل في هذه النصوص على مر السنين رغم الاضطهادات والأخطار) (2).
ومما يجدر الإشارة إليه أن الكنيسة الأولى لم تكن تعرف هذه الكتب على أساس أنها مكتوبة بالإلهام والوحي، بل إنما اعتبرت كذلك بعد كتابة هذه الكتب بعدة قرون، ففي القرون الأولى للميلاد وحتى القرن الرابع الميلادي لم يكن أحد يتكلم عن الالهام في هذه الكتب، بل حتى الكنيسة لم تكن تقبل سوى العهد القديم كتابا مقدسا، إلا أن تعدد الكتب في القرن الأول والثاني للميلاد والتي تجاوزت المائة، وظهور العقائد المختلفة في الكنيسة، دفعت الكنيسة إلى تشكيل المجامع المحلية والتي تعددت كثيرا (كمجمع نيقية 325، مجمع هيبون في 393، وقرطجنة 397 و 418) ومن خلال هذه المجامع أعطيت اللوائح الرسمية للعهد الجديد وتم اختيار (27 سفرا) على أنها مكتوبة بالوحي والإلهام الإلهي.
(1) المسيح في الفكر الاسلامي: ص 113.
(2) مقدمة العهد الجديد.
(٥٠)
2025-07-20