الرئيسية / شخصيات أسلامية / مشارق أنوار اليقين في أسرار أمير المؤمنين عليه السلام

مشارق أنوار اليقين في أسرار أمير المؤمنين عليه السلام

بالترتيب، فبعض العالم يستمد لعزه من بعض فكره، التراب يستمد من الماء، والماء من الهواء، والهواء من النار، والنار من الفلك، وهكذا ترتيب العزة في الأكوان، وإليه الإشارة بقوله تعالى: وتعز من تشاء وتذل من تشاء (1).
فصل وحرف الواو، حرف من حروف العرش، سيار في أجزاء العالم، متعلق بطرفي الخلق، والأمر كن فيكون.
فصل ولما كان هذا العلم الشريف، إشارات ورموزا، وردت منه ها هنا ما فيه إشارة وتنبيه.
فصل وأما علم النقط والدوائر، فهو من أجل العلوم، وغوامض الأسرار، لأن منتهى الكلام إلى الحروف، ومنتهى الحروف إلى الألف، ومنتهى الألف إلى النقطة، والنقطة عندهم عبارة عن نزول الوجود المطلق الظاهر بالباطن، ومن الابتداء بالانتهاء، يعني ظهور الهوية التي هي مبدأ الوجود التي لا عبارة لها ولا إشارة.
فصل ولما كان الألف، قائما بسر العقل، والعقل قائم به، وتمام الحروف في سر الألف، لكن بينهما تباين في الرتبة، فألف العقل قائم، وألف الروح مبسوط، وهذا العلم الشريف لو كشف للناس منه سر ما بين الألف واللام والميم التي هي جوامع الأمر الحكيم، لاضطرب كل سليم، وجهل كل عليم، كما ورد عن ابن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: يا محمد إن في سورة الأحزاب آيا محكما، لو قدرنا أن ننطق به، لنطقنا، ولكفر الناس إذا وجحدوا وضلوا، ولكن كما قيل:
(١) آل عمران: ٢٦.
(٣١)

ومستخبر عن سر ليلى أجبته * بعمياء عن ليلى بغير يقين يقولون خبرنا فأنت أمينها * وما أنا إن خبرتهم بأمين فصل وسر الله مودع في كتبه، وسر الكتب في القرآن، لأنه الجامع المانع، وفيه تبيان كل شئ، وسر القرآن في الحروف المقطعة في أوائل السور، وعلم الحروف في لام ألف، وهو الألف المعطوف المحتوي على سر الظاهر والباطن، وعلم اللام ألف في الألف، وعلم الألف في النقطة، وعلم النقطة في المعرفة الأصلية، وسر القرآن في الفاتحة، وسر الفاتحة في مفتاحها، وهي بسم الله، وسر البسملة في الباء، وسر الباء في النقطة.
فصل والفاتحة هي سورة الحمد، وأم الكتاب، وقد شرفها الله تعالى في الذكر فأفردها، وأضاف القرآن إليها فقال عز اسمه: ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم (1). فذكرها إجمالا وإفرادا وذلك لشرفها، وهذا مثل قوله: حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى (2) أدخلها إجمالا، وأفردها إجلالا، والصلاة الوسطى هي صلاة المغرب ظاهرا، وفي وقت أدائها تفتح أبواب السماء، ويجب التعجيل بها لقوله صلى الله عليه وآله: (عجلوا بالمغرب). وأما في الباطن والرمز، فهي فاطمة الزهراء عليها السلام، لأن الصلوات الخمس بالحقيقة هم: السادة الخمسة الذين إذا لم يعرفوا ولم يذكروا، فلا صلاة، فالظهر رسول الله صلى الله عليه وآله ومن ثم بدا النور أول ما خلق الله نوره (3) أول ما خلق الله اللوح (4)، أول ما خلق الله القلم (5)، فالعقل نور محمد صلى الله عليه وآله (6)، واللوح والقلم علي وفاطمة، وإليه الإشارة بقوله
(١) الحجر: ٨٧.
(٢) البقرة: ٢٣٨.
(4) كما يأتي.
(4) نظم المتناثر: 185.
(6) تاريخ ابن كثير: 1 / 39.
(6) العقل الأول نور خاتم النبوة. راجع نبراس الضياء: 102.
(٣٢)

تعالى: ﴿ن والقلم وما يسطرون﴾ (1) وفريضة العصر أمير المؤمنين عليه السلام، والمغرب الزهراء، أمرهم الله تعالى بالمحافظة على حبها وحب عترتها، فصغروا قدرها، وحقروا عظيم أمرها، لما غربت عنها شمس النبوة، وحبها الفرض، وتمام الفرض، وقبول الفرض، لأن النبي صلى الله عليه وآله حصر رضاه في رضاها فقال: (والله يا فاطمة لا يرضى الله حتى ترضي، ولا أرضى حتى ترضي) (2).
ومعنى هذا الرمز أن فاطمة عليها السلام ينبوع الأسرار وشمس العصمة، ومقر الحكمة، لأنها بضعة النبي صلى الله عليه وآله وحبيبة الولي، ومعدن السر الإلهي، فمن غضبت عليه أم الأبرار، فقد غضب عليه نبيه ووليه، ومن غضب عليه النبي والولي، فهو الشقي كل الشقي.
وصلاة العشاء الحسن عليه السلام حيث احتجب عنه نور النبي والولي، والصبح الحسين عليه السلام لأنه بذل نفسه في مرضاة الله تعالى، حتى أخرج نور الحق في دجنة الباطل، ولولاه لعم الظلام إلى يوم القيامة.
فصل ومثل هذا الباب من الحديث القدسي بقول الله سبحانه (ولاية علي حصني، فمن دخل حصني، أمن عذابي) (3). فحصر الأمان من العذاب في ولاية علي، لأن الإقرار بالولاية يستلزم الإقرار بالنبوة، والإقرار بالنبوة، يستلزم الإقرار بالتوحيد، فالموالي هو القائل بالعدل، والقائل بالإمامة، والعدل مع التوحيد هو المؤمن، والمؤمن من آمن. فالموالي لعلي هو المؤمن الآمن، وإلا فهو المنافق الراهق من غير عكس.
ومثال هذا من قول النبي صلى الله عليه وآله: (أنا مدينة العلم وعلي بابها) (4)، والمدينة لا تؤتى إلا بالباب، فحصر أخذ العلم بعده في علي وعترته، فعلم أن كل من أخذ علمه بعد النبي صلى الله عليه وآله من غير علي وعترته عليهم السلام فهو بدعة وضلال، (5) وفي هذا الحديث إشارة لطيفة، وذلك أن كل وحي يأتي إلى النبي صلى الله عليه وآله من حضرة الرب العلي فإنه لا يصل به إلا الملك حتى يمر به على الباب، ويدخل به من
(١) القلم: ١ (٢) الصراط المستقيم: ٢ / ٩٣.
(٣) شواهد التنزيل: ١ / ١٧٠.
(٤) ينابيع المودة: ١ / ٧٥ – ٨١ وأسد الغابة: ٤ / 24.
(٣٣)

شاهد أيضاً

شبهات وردود – السيد سامي البدري

الخلاصة: ان صاحب النشرة قد فهم من كلام الشيخ الصدوق ما لم يرده الصدوق ولا تساعده عليه ولو قرينة ...