14 أبو قتادة الأنصاري « 1 »
( . . – 54 ه ) الحارث بن رِبْعي السُّلمي ، وقيل في اسمه : النعمان ، وقيل عمرو ، واشتهر بكنيته .
شهد أُحداً ، وما بعدها من المشاهد مع رسول اللَّه – صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم ، واختُلف في شهوده بدراً .
وكان في جيش خالد بن الوليد في زحفه إلى البطاح .
قال ابن خلكان : وقدم يعني مالك بن نُوَيرة اليربوعي على النبي – صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم فيمن قدم من العرب فأسلم ، فولاه النبي – صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم صدقة قومه . . إلى آخر ما روى عن موقفه مع
خالد بن الوليد يوم البطاح ، وأنّهما تجاولا في الكلام طويلًا ، فقال له خالد : إنّي قاتلك . . وكان عبد اللَّه بن عمر وأبو قتادة الأنصاري حاضرين فكلَّما خالداً في أمره ، فكره كلامهما « 1 » ولما قَتلَ خالد مالكاً وتزوّج امرأته ، غضب أبو قتادة لفعلة خالد ، وتركه منصرفاً إلى أبي بكر في المدينة ، مقسماً أن لا يكون أبداً في لواء عليه خالد .
وقد نزل أبو قتادة الكوفة ، وشهد مع أمير المؤمنين علي – عليه السّلام حروبه كلَّها .
قيل : واستعمله علي – عليه السّلام على مكة ثم عزله بقُثم بن العباس .
رُوي أنّ معاوية قدم المدينة ، فلقيه أبو قتادة ، فقال : تلقّاني الناس كلهم غيرَكم يا معشر الأنصار ، فما منعكم ؟ قالوا : لم يكن لنا دوابّ ، قال : فأين النواضح ؟ قال أبو قتادة : عقرناها في طلب أبيك يوم بدر . .
نقل عنه الشيخ الطوسي في كتاب « الخلاف » فتوى واحدة وهي : إذا أدرك مع الامام ركعتين أو ركعة في الظهر أو العصر أو العشاء الآخرة كان ما أدركه معه أوّل صلاته يقرأ فيها بالحمد وسورة ويقضي آخره .
وكان قليل الحديث .
حدّث عنه : أنس بن مالك ، وسعيد بن المسيب ، وعطاء بن يسار ، وآخرون .
قيل له : مالك لا تحدّث عن رسول اللَّه – صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم كما يحدّث عنه الناس ؟ فقال سمعت رسول اللَّه – صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم يقول : من كذب عليّ فليشهد لجنبه مضجعاً من النار .
وعن أبي سعيد الخدري ، قال : أخبرني من هو خير منّي أبو قتادة أنّ رسول اللَّه – صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم قال لعمّار : « تقتلك الفئة الباغية » .
توفّي بالمدينة في – سنة أربع وخمسين ، وقيل : توفّي بالكوفة في – سنة أربعين ، وصلَّى عليه الإمام علي – عليه السّلام .
15 حُذيفة بن اليَمان « 1 »
( . . – 36 ه ) واسم اليمان : حُسَيْل ، ويقال حِسْل بن جابر العَبْسي ، أبو عبد اللَّه .
قيل : وكان حسيل قد أصاب دماً في قومه ، فهرب إلى المدينة ، وحالف بني عبد الأشهل فسمّي اليمان لحلفه لليمانية وهم الأنصار .
وكان حذيفة من أجلَّاء الصحابة وخيارهم وفقهائهم وشجعانهم .
أسلم قديماً ، وآخى رسول اللَّه – صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم بينه وبين عمار بن ياسر ، وشهد المشاهد كلَّها مع رسول اللَّه – صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم عدا بدر .
عن حذيفة ، قال : ما منعني أن أشهد بدراً إلَّا أنّي خرجت أنا وأبي ، فأخذَنا كفّار قريش ، فقالوا : إنّكم تريدون محمداً ، فقلنا : ما نريد إلَّا المدينة ، فأخذوا العهد علينا لننصرفنّ إلى المدينة ، ولا نقاتل معه ، فأخبرنا النبي – صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم فقال : « تفي بعهدهم ، ونستعين اللَّه عليهم » .
ثم شهد هو وأبوه أُحداً ، فقُتل أبوه يومئذ ، قتله بعض الصحابة خطأ ، فتصدّق حذيفة عليهم بديَتِه .
وقد ندبه رسول اللَّه – صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم بعد قتل علي – عليه السّلام عمرو بن عبد ود العامري في وقعة الخندق ليجسَّ له خبر المشركين ، فدخل بينهم وجاءه بخبرهم .
وامتاز حذيفة بمعرفة المنافقين .
أسرَّ اليه النبي – صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم بأسمائهم ، وأعلمه بالفتن الكائنة في هذه الأمة ، وكان عمر بن الخطاب لا يصلَّي على ميت حتى يصلَّي عليه حذيفة ، يخشى أن يكون من المنافقين .
روي أنّه لما عاد رسول اللَّه – صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم من غزوة تبوك وانحدر في العقبة ، وكانت ليلة مُظلمة ، وأراد جماعة من المنافقين اثنا عشر أو أربعة عشر رجلًا أن ينفروا الناقة برسول اللَّه – صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم ، كان حذيفة قد أخذ بزمامها يقودها وعمار يسوقها ، فبرقت حتى رآهم رسول اللَّه – صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم وحذيفة وعرفهم حذيفة بأعيانهم ، فعند ذلك هربوا ودخلوا في غمار الناس .
شهد حذيفة فتح العراق والشام وبلاد فارس ، ونزل الكوفة بعد تمصيرها وكان له بها حلقة يحدث فيها .
ولَّاه عمر على المدائن ، ولما بلغه قتل عثمان وبيعة الناس لعلي – عليه السّلام قال وكان عليلًا : أخرجوني وادعوا الصلاة جامعة ، فوضع على المنبر . . ثم قال : أيُّها الناس إنّ الناس قد بايعوا علياً ، فعليكم بتقوى اللَّه وانصروا علياً وآزروه ، فو اللَّه إنّه لعلى الحق آخراً وأوّلًا ، وانّه لخير من مضى بعد نبيّكم ومن بقي إلى يوم القيامة .
وكان حذيفة موالياً للِامام علي – عليه السّلام ، مقدماً له ، وقد أوصى ابنيه سعيد وصفوان بملازمة أمير المؤمنين واتباعه ، فكانا معه بصفّين واستشهدا بين يديه .
عُدّ من المقلَّين في الفتيا ونقل عنه الشيخ الطوسي في « الخلاف » ثماني فتاوى .
روى ابن عبد البر في الإستيعاب في ترجمة جارية بن ظفر اليمامي بسنده عنه : إنّ داراً كانت بين أخوين فحظرا في وسطها حظراً ثم هلكا ، فادّعى عقب كل منهما أنّ الحظار له واختصم عقباهما إلى رسول اللَّه – صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم ، فأرسل حذيفة بن اليمان ليقضي بينهما ، فقضى بالحظار لمن وجد معاقد القُمْط تليه ، ثمّ رجع
فأخبر النبي – صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم فقال : أصبت أو أحسنت .
عن النزال بن سبرة ، قال : كنا مع حذيفة في البيت ، فقال له عثمان : يا أبا عبد اللَّه ما هذا الذي يبلغني عنك ؟ قال : ما قلته ؟ فقال له عثمان : أنت أصدقهم وأبرهم ، فلما خرج قلت له : يا أبا عبد اللَّه ألم تقل ما قلت ؟ قال : بلى ولكن اشتري ديني بعضه ببعض مخافة أن يذهب كلَّه .
ومن كلام حذيفة : ذهب النفاق فلا نفاق ، إنّما هو الكفر بعد الإِيمان ، اليوم شر منهم على عهد رسول اللَّه – صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم ، كانوا يومئذ يكتمونه وهم اليوم يظهرونه .
وقال : إيّاكم ومواقف الفتن ، قيل : وما مواقف الفتن يا أبا عبد اللَّه ؟ قال : أبواب الأمراء .
يدخل أحدكم على الأمير فيصدقه بالكذب ويقول ما ليس فيه .
توفّي – سنة ست وثلاثين .
عن بلال بن يحيى ، قال : لما حضر حذيفة الموت وكان قد عاش بعد عثمان أربعين يوماً قال لنا : أوصيكم بتقوى اللَّه والطاعة لَامير المؤمنين علي بن أبي طالب « 1 » .
16 الحسن بن علي بن أبي طالب « عليهما السلام »
انظر ترجمته في ص 21
17 الحسين بن علي بن أبي طالب « عليهما السلام »
انظر ترجمته في ص 26
18 أبو أيوب الأنصاري
« 1 » ( . . – 52 ه ) خالد بن زيد بن كُليب الخزرجي النجاري ، أبو أيوب الأنصاري .
شهد العقبة الثانية ، وعليه نزل رسول اللَّه – صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم – حين قدم المدينة مهاجراً ، وشهد بدراً وأُحداً والخندق وسائر المشاهد .
آخى رسول اللَّه – صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم بينه وبين مصعب بن عمير .
روى عن النبي – صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم وعن أُبي بن كعب .
روى عنه : البراء بن عازب ، وجابر بن سمرة ، والمقدام بن معد يكرب ، وسعيد بن المسيب ، وآخرون .
وكان مخلصاً في ولاء أمير المؤمنين علي – عليه السّلام ، مختصاً به ، وشهد معه حروب الجمل وصفّين والنهروان ، وكانت معه راية أمان في وقعة النهروان فمن خرج من عسكر الخوارج إلى رايته كان آمناً ، وله موعظة لَاهل الكوفة وتحريضهم على الثبات في نصرة الإمام علي – عليه السّلام .
روى الحاكم عن شعبة ، قال : قلت للحكم : أشَهِدَ أبو أيوب مع علي صفّين ؟ قال : لا ، ولكن شهد معه قتال أهل النهر .
قال ابن العديم « 1 » كذا قال الحاكم ، والصحيح أنّه شهدها مع علي وأكثر الحفّاظ والأَئمّة على ذلك .
وقال ابن الكلبي وابن إسحاق والواقدي وأبو القاسم البغوي إنّه شهد صفّين .
وقيل : ما كان ليتخلَّف عن علي وهو من خاصّته .
روي أنّ أبا أيوب قدم على معاوية ، فأجلسه معه على السرير ، وحادثة ، وقال : يا أبا أيوب ، مَن قتل صاحب الفرس البلقاء التي جعلتْ تجول يوم كذا وكذا ؟ قال : أنا ، إذ أنت وأبوك على الجمل الأحمر معكما لواء الكفر .
فنكَّس معاوية ، وتنمّر أهل الشام ، وتكلَّموا .
فقال معاوية : مه ! وقال : ما نحن عن هذا سألناك .
وكان أبو أيوب يخالف مروان ، فقال له مروان : ما يحملك على هذا ؟ قال : إنّي رأيت رسول اللَّه – صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم يصلَّي الصلوات فان وافقته وافقناك ، وان خالفته خالفناك .
عُدّ من المقلَّين في الفتيا من الصحابة ، ونقل عنه الشيخ الطوسي في كتاب
« الخلاف » ثلاث فتاوى منها : لا يجوز استقبال القبلة ولا استدبارها ببول ولا غائط إلَّا عند الاضطرار ، لا في الصحاري ولا في البنيان .
روى الحاكم انّ عبد اللَّه بن عباس والمسور بن مخرمة اختلف في المحرم يغسل رأسه بالماء من غير جنابة ، فأرسلا إلى أبي أيوب الأنصاري ، وهو في بعض مياه مكة يسألانه عن ذلك .
غزا أبو أيوب أيام معاوية أرض الروم مع يزيد بن معاوية سنة اثنتين وخمسين ، وقيل : خمسين ، وقيل غير ذلك ، فتوفي عند مدينة القسطنطينية ، ودفن بالقرب من سورها .