الرئيسية / الاسلام والحياة / موسوعة طبقات الفقهاء

موسوعة طبقات الفقهاء

34 سلمان الفارسي « 1 »
( . . – 35 ، 34 ه ) كان يُسمّي نفسه سلمان الإسلام ، ويُعرف بسلمان الخير ، ويكنّى : أبا عبد اللَّه ، أصله من رامهرمز ، وقيل من أصفهان ، وقالوا : رحل يطلب دين اللَّه تعالى إلى الشام ، فالموصل ، فنصيبين ، فعمورية ، ثمّ سمع بأنّ نبياً سيبعث ، فقصد بلاد العرب ، فلقيه ركب من بني كلب ، فاستخدموه ثمّ استعبدوه وباعوه حتى وقع إلى المدينة ، فسمع بخبر الإسلام ، فقصد النبيّ – صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم وأظهر إسلامه .
وحديث
إسلامه ذكره كثير من المحدّثين .
آخى رسول اللَّه – صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم بينه وبين أبي الدرداء وقيل بينه وبين أبي ذر ، وأوّل مشاهده الخندق ، وهو الذي أشار بحفره ، ثمّ شهد بقية المشاهد .
رُوي أنّ رسول اللَّه – صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم لما أمر المسلمين بحفر الخندق احتج المهاجرون والأنصار في سلمان ، فقال المهاجرون : سلمان منّا ، وقالت الأنصار : سلمان منّا ، فقال رسول اللَّه – صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم : « سلمان منّا أهل البيت » .
وإلى ذلك أشار أبو فراس الحمداني ( ت 357 ه ) :
هيهات لا قَرَّبت قربى ولا رحمٌ
يوماً إذا أقصت الاخلاق والشِّيَمُ
كانت مودّة سلمان لهم رَحِماً
ولم يكن بين نوحٍ وابنه رَحِمُ
روي عن أنس ، قال : قال رسول اللَّه – صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم : « اشتاقت الجنة إلى ثلاثة : عليّ وعمار وسلمان « « 1 » وعن أبي عبد اللَّه الصادق – عليه السّلام – ، قال : « قال رسول اللَّه ص : إنّ اللَّه تعالى أمرني بحب أربعة ، ثمّ قال : علي بن أبي طالب ، والمقداد بن الأسود ، وأبو ذر الغفاري ، وسلمان الفارسي « « 2 » حدّث سلمان عن النبيّ – صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم وعليّ – عليه السّلام .
حدّث عنه : أبو سعيد الخدري ، وأنس ، وابن عباس ، وأبو عثمان النَّهدي وغيرهم .
وكان فقيهاً ، عالماً بالشرائع ، لبيباً ، زاهداً ، متقشّفاً .
روي عن النبيّ – صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم أنّه قال لَابي الدرداء : « سلمان أفقه منك » .
وروي عن أبي البختري عن عليّ أنّه سُئل عن سلمان فقال : علم العلم الاوّل والعلم الآخر ، ذاك بحر لا يُنزف ، وهو منّا أهل البيت .
وفي رواية زاذان عن عليّ – عليه السّلام : سلمان الفارسي كلقمان الحكيم .
وعن أُمّ المؤمنين عائشة ، قالت : كان لسلمان مجلس من رسول اللَّه بالليل حتى كاد يغلبنا على رسول اللَّه – صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم .
ولَّاه عمر بن الخطاب المدائن ، فأقام بها إلى أن توفّي .
وكان إذا خرج عطاؤه تصدّق به .
ينسج الخوص ويأكل خبز الشعير من كسب يده .
أخرج أبو نعيم بسنده عن أبي البختري ، قال : جاء الأشعث بن قيس وجرير بن عبد اللَّه ، فدخلا على سلمان في خصٍّ ، فسلَّما وحيّياه ، ثم قالا : أنت صاحب رسول اللَّه – صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم ؟ قال : لا أدري ، فارتابا ، قال : إنّما صاحبه من دخل معه الجنة . .
وكان سلمان من شيعة عليّ – عليه السّلام وخاصته ، شديدَ التحقّق بولائه ، وهو أحد رواة حديث الغدير « 1 » وقد كتب إليه أمير المؤمنين قبل أيام خلافته كتاباً جاء فيه : أمّا بعد ، فانّما مَثَلُ الدنيا مَثَلُ الحيّة ، ليّنٌ مَسُّها ، قاتلٌ سُمُّها ، فاعرض عمّا يعجبك فيها ، لقلَّة ما يصحبك منها ، وضع عنك همومها لما أيقنت به من فراقها ، وتصرّف حالاتها ، وكن آنَسَ ما تكون بها ، أحذَر ما تكون منها ، فانّ صاحبها كلما اطمأنّ فيها إلى سرور ، أشخصته عنه إلى محذور ، أو إلى إيناسٍ أزالته عنه إلى إيحاش « 2 » .
عُدّ سلمان من المتوسطين في الفتيا من الصحابة ، وله في مسألة الصيد فتوى واحدة ذكرها الشيخ الطوسي في كتاب « الخلاف » وجاءت أيضاً في السنن الكبرى وكتاب المغني والشرح الكبير .
وقيل : هو أوّل من صنّف في الآثار ، صنّف كتاب حديث الجاثليق الرومي الذي بعثه ملك الروم إلى النبي – صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم .
روي أنّ أبا الدرداء وكان يسكن الشام كتب إلى سلمان : أمّا بعد فانّ اللَّه رزقني بعدك مالًا ونزلت الأرض المقدسة .
فكتب إليه سلمان : أمّا بعد فانّك كتبت إليّ أنّ اللَّه رزقك مالًا وولداً فاعلم أنّ الخير ليس بكثرة المال والولد ولكن الخير أن يكثر حلمك وأن ينفعك علمك وكتبت إليّ أنّك نزلت الأرض المقدسة وأنّ الأرض لا تعمل لَاحد ، اعمل كأنّك تُرى ، واعدد نفسك من الموتى .
رُوي أنّ سلمان خطب فقال : الحمد لله الذي هداني لدينه بعد جحودي .
ألا أنّ لكم منايا تتبعها بلايا فانّ عند عليّ – عليه السّلام علم المنايا وعلم الوصايا وفصل الخطاب ، على منهاج هارون بن عمران ، قال له رسول اللَّه – صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم : أنت وصيي وخليفتي في أهلي بمنزلة هارون من موسى . . ثمّ قال : أمّا واللَّه لو وليتموها عليّا لَاكلتم من فوقكم ومن تحت أرجلكم . . أنزلوا آل محمد منكم منزلة الرأس من الجسد بل منزلة العينين من الرأس .
توفّي بالمدائن – سنة خمس وثلاثين وقيل : – أربع وثلاثين ، وقيل : – ثلاث وثلاثين ، وقبره معروف يُزار إلى اليوم ، وأنّ البلدة المسماة اليوم سلمان پاك في جوار المدائن بالعراق منسوبة إلى صاحب الترجمة وإنّ كلمة ( پاك ) بالپاء المثلثة فارسية معناها ( الطاهر ) « 1 »
35 سَلَمة بن الأكوع « 1 »
( . . – 74 ه ) سلمة بن عمرو بن الأكوع الأسلمي ، أبو إياس ، وقيل : أبو مسلم .
واسم الأكوع : سنان بن عبد اللَّه ، ويقول جماعة أهل الحديث سلمة بن الأكوع ، ينسبونه إلى جده .
شهد الحديبية – ( سنة 6 ه ) وبايع رسول اللَّه – صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم تحت الشجرة ، وغزا معه سبع غزوات على ما رُوي عنه ، وكان شجاعاً رامياً عدّاءً .
روى عن النبيّ – صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم عدة أحاديث .
روى عنه : ابنه إياس ، والحسن بن محمد بن الحنفية ، ومولاه يزيد بن أبي عبيد
وآخرون .
وهو أحد رواة حديث الغدير ( من كنتُ مولاه فعليٌّ مولاه ) من الصحابة « 1 » رُوي أنّ النبيّ – صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم بعثه يوم خيبر إلى الامام عليّ – عليه السّلام وكان رمِداً ، فجاء به يقوده ، فمسح النبيّ – صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم عينيه فبرأ ، ثمّ رفع إليه اللواء ففتح اللَّه على يديه « 2 » عُدّ من المقلَّين في الفتيا من الصحابة ، ونقل عنه الشيخ الطوسي في « الخلاف » فتوى واحدة ، وعدّه في « رجاله » من أصحاب عليّ – عليه السّلام .
وقد ذكروا أنّه خرج إلى الربذة بعد قتل عثمان ، وإذا صحّ أنّه استوطنها بعد قتل عثمان ، فانّه يدل كما قيل على أنّه لم يصحب علياً – عليه السّلام بعد قتل عثمان ، ولم يقاتل معه وهو ينافي كونه من أصحابه .
روى الطبراني بإسناده عن سعيد المقبري أنّ ابن عباس وعروة بن الزبير اختلفا في المتعة ، فقال عروة : هي زنى ، وقال ابن عباس : وما يدريك يا عُريّة ؟ فمر بهما سلمة بن الأكوع ، فسأله ابن عباس ، فقال : غرب بنا رسول اللَّه – صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم
ثلاثة أشهر ، كنت أخرج مع الجيش ، فأُقيم حيث يقيمون وأُمسي حين يمسون ، فقال النبيّ – صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم : « من شاء فليستمتع من هذه النساء » .
وأخرج البخاري في صحيحه ( 3 – 51 ) برقم ( 5117 ، 5118 ) عن جابر ابن عبد اللَّه وسلمة ابن الأكوع قالا : خرج علينا منادي رسول اللَّه – صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم فنادى إنّ رسول اللَّه – صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم قد أذن لكم فاستمتعوا يعني متعة النساء .
وقد عدّ محمد بن حبيب البغدادي ( ت 245 ه ) سلمة بن الأكوع ممن كان يرى المتعة من أصحاب النبي – صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم « 1 » أقول : الروايتان الآنفتان ، وما ذكره محمد بن حبيب ، ي

وكان سلمان من شيعة عليّ – عليه السّلام وخاصته ، شديدَ التحقّق بولائه ، وهو أحد رواة حديث الغدير « 1 » وقد كتب إليه أمير المؤمنين قبل أيام خلافته كتاباً جاء فيه : أمّا بعد ، فانّما مَثَلُ الدنيا مَثَلُ الحيّة ، ليّنٌ مَسُّها ، قاتلٌ سُمُّها ، فاعرض عمّا يعجبك فيها ، لقلَّة ما يصحبك منها ، وضع عنك همومها لما أيقنت به من فراقها ، وتصرّف حالاتها ، وكن آنَسَ ما تكون بها ، أحذَر ما تكون منها ، فانّ صاحبها كلما اطمأنّ فيها إلى سرور ، أشخصته عنه إلى محذور ، أو إلى إيناسٍ أزالته عنه إلى إيحاش « 2 » .
عُدّ سلمان من المتوسطين في الفتيا من الصحابة ، وله في مسألة الصيد فتوى واحدة ذكرها الشيخ الطوسي في كتاب « الخلاف » وجاءت أيضاً في السنن الكبرى وكتاب المغني والشرح الكبير .
وقيل : هو أوّل من صنّف في الآثار ، صنّف كتاب حديث الجاثليق الرومي الذي بعثه ملك الروم إلى النبي – صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم .
روي أنّ أبا الدرداء وكان يسكن الشام كتب إلى سلمان : أمّا بعد فانّ اللَّه رزقني بعدك مالًا ونزلت الأرض المقدسة .
فكتب إليه سلمان : أمّا بعد فانّك كتبت إليّ أنّ اللَّه رزقك مالًا وولداً فاعلم أنّ الخير ليس بكثرة المال والولد ولكن الخير أن يكثر حلمك وأن ينفعك علمك وكتبت إليّ أنّك نزلت الأرض المقدسة وأنّ الأرض لا تعمل لَاحد ، اعمل كأنّك تُرى ، واعدد نفسك من الموتى .
رُوي أنّ سلمان خطب فقال : الحمد لله الذي هداني لدينه بعد جحودي .
ألا أنّ لكم منايا تتبعها بلايا فانّ عند عليّ – عليه السّلام علم المنايا وعلم الوصايا وفصل الخطاب ، على منهاج هارون بن عمران ، قال له رسول اللَّه – صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم : أنت وصيي وخليفتي في أهلي بمنزلة هارون من موسى . . ثمّ قال : أمّا واللَّه لو وليتموها عليّا لَاكلتم من فوقكم ومن تحت أرجلكم . . أنزلوا آل محمد منكم منزلة الرأس من الجسد بل منزلة العينين من الرأس .
توفّي بالمدائن – سنة خمس وثلاثين وقيل : – أربع وثلاثين ، وقيل : – ثلاث وثلاثين ، وقبره معروف يُزار إلى اليوم ، وأنّ البلدة المسماة اليوم سلمان پاك في جوار المدائن بالعراق منسوبة إلى صاحب الترجمة وإنّ كلمة ( پاك ) بالپاء المثلثة فارسية معناها ( الطاهر ) « 1 »

شاهد أيضاً

الزهراء الصديقة الكبرى المثل الأعلى للمرأة المعاصرة / سالم الصباغ‎

أتشرف بأن أقدم لكم نص المحاضرة التي تشرفت بإلقائها يوم 13 / 3 في ندوة ...