خبير في شؤون غرب آسيا لـ”الوقت”: المقاومة الفلسطينية لن تدخل في لعبة نتنياهو
الواقت- بينما لا تزال فصائل المقاومة الفلسطينية تتعامل برفق مع الكيان الصهيوني، يقوم هذا الكيان بقرع طبول الحرب في الضفة الغربية بتوجيه من المتطرفين. ففي آخر التطورات، اقتحمت القوات الصهيونية بوحشية المسجد الأقصى، فجر الأربعاء، واعتدت على المصلين والمعتكفين.
حيث أطلق جنود الاحتلال الغاز المسيل للدموع داخل المسجد وانهالوا على المصلين بالضرب بالعصي والكراسي. ونتيجة لهذا الهجوم الإجرامي، اشتعلت النيران في جزء من المصلى القبلي إثر إطلاق رصاص الغاز المسيل للدموع. ورغم ذلك، أدى عدد من المصلين والصائمين الفلسطينيين صلاتهم في باحات المسجد الأقصى بالتزامن مع اقتحام المستوطنين بشكل غير قانوني، لكن قوات الاحتلال لجأت إلى القوة ومنعت الفلسطينيين من أداء صلاتهم.
وأعلن الهلال الأحمر الفلسطيني، عن إصابة 250 شخصاً بجروح في الاعتداء الصهيوني الوحشي على المسجد الأقصى المبارك. كما تم اعتقال 400 فلسطيني في هذه الجريمة. وأطلقت فصائل المقاومة في غزة ، التي أعتبرت الهجوم على المسجد الأقصى خطاً أحمر، عدة صواريخ باتجاه الأراضي المحتلة.
وأفادت وسائل إعلام صهيونية بأنه في الجولة الأولى من إطلاق الصواريخ باتجاه سديروت والمستوطنات المحيطة بغزة، أصاب أحد صواريخ المقاومة مصنعا في منطقة سديروت جنوب قطاع غزة، وأطلقت إثر ذلك صفارات الإنذار في مدينة سديروت.
وللحديث عن التطورات في الضفة الغربية والاعتداء على المسجد الأقصى، أجرى موقع “الوقت” حوارا مع الخبير في شؤون غرب آسيا “حسين رويوران”.
الوقت: رغم تحذيرات فصائل المقاومة من إشعال الحرب من قبل الكيان الصهيوني، تصاعدت الاعتداءات الصهيونية على المسجد الأقصى المبارك مرة أخرى عشية يوم القدس، وجرح واعتقال المئات. هل هدف مسؤولي تل أبيب المتطرفين توتير الوضع الأمني؟
رويوران: ما يجري الآن في الأراضي المحتلة هو نتيجة وصول حكومة فاشية راديكالية إلى السلطة في تل أبيب. إن السياسات التي ينتهجها إيتامار بن غفير وزير الأمن الداخلي في الكيان الصهيوني، والخطر الذي يشعر به الكيان الصهيوني من الضفة الغربية، يجبران الكيان على القيام بسلوك أمني وعنيف. الهجوم على المسجد الأقصى ليس بالشيء الجديد، وقد حدث في السابق، لكن ما تغير في الوضع الحالي مقارنة بالسابق هو شدة ومدى هذه الاعتداءات التي ينفذها متطرفون إسرائيليون.
الوقت: بما أن الفصائل الفلسطينية قالت إنه إذا استمر العدو الصهيوني في مغامراته، فسوف ترد عليه بقوة، فقامت مقاومة غزة بإطلاق عدة صواريخ باتجاه الأراضي المحتلة، برأيكم كيف سيكون رد فعل المقاومة على هذه التحركات العسكرية؟ وما مدى احتمالية تصعيد التوترات في الضفة الغربية؟
رويوران: لقد هددت حماس والجهاد الإسلامي بأن مثل هذا السلوك الأمني من قبل الصهاينة غير مقبول وإذا استمر فإن مقاومة غزة ستتدخل، ولهذا السبب أتصور أن هذه الأعمال المثيرة للتوتر في المسجد الأقصى يمكن أن تؤدي إلى بدء حرب جديدة في الأراضي المحتلة.
تواجه حكومة بنيامين نتنياهو حالياً أزمة سياسية وانقسامات اجتماعية في الداخل، وهو يحاول خلق تحد خارجي و أن يتمكن من توحيد المجتمع الصهيوني المنقسم ضد الفلسطينيين، وأحد أهداف نتنياهو الرئيسية خلق توتر في الضفة الغربية يصب في هذا الاتجاه. لكن في الوقت الحالي، اقتصر رد المقاومة على التحذيرات وردت بشكل محدود، ولا تريد أن تلعب دورا يخدم مصالح نتنياهو والمتطرفين.
الوقت: بالنظر إلى أن فصائل المقاومة عززت قدراتها الدفاعية والعصيان في الجيش الصهيوني حاليا، هل ستنتهي هذه الصراعات لصالح نتنياهو؟
رويوران: هناك نوع من الردع بين المقاومة والكيان الصهيوني، وليس الوضع الآن كما في السابق حيث كان الصهاينة يطبقون سياسة “اضرب واهرب” ، لأن كل تحرك يقوم به المحتلون سوف يواجه برد من قبل المقاومة، و هذا يمكن أن يجعل الوضع أكثر صعوبة لنتنياهو. يريد رئيس وزراء إسرائيل التخلص من الأزمات الداخلية من خلال بدء صراعات جديدة ، لكن المقاومة تتمتع بقدرات عالية جدا وحسابات فصائل المقاومة لا تريد الدخول في فخ تل أبيب. من ناحية أخرى، نتنياهو، الذي سمح لابن غفير وغيره من المتطرفين في الحكومة القيام ببعض الأعمال الأمنية، ليس من موقع القوة، بل نتيجة الضعف والعجز ومحاولة الحفاظ على تحالف المتشددين في البرلمان. للتخلص من المآزق التي حاصرت الحكومة من جميع الجهات. لذلك، وعلى الرغم من أن المقاومة تتمتع بقوة عسكرية عالية، إلا أنها تتدخل في هذه الأزمة بشكل محدود وتحاول تأديب نتنياهو والمتطرفين بطريقة مختلفة عن الدخول في لعبتهم.
الوقت: ذكرتم أن نتنياهو يحاول شن حرب في الضفة الغربية من أجل خلق وحدة في الداخل، ونظرا إلى أن المعارضة تترقب الفرصة للإطاحة بحكومة نتنياهو، أليست الحرب في الضفة الغربية لمصلحة المعارضة وتتمكن من تحقيق هدفها؟ أم إن هناك إجماعا بين الصهاينة على الفلسطينيين؟
رويوران: للأسف المجتمع الصهيوني لديه وحدة أمام الفلسطينيين. رغم وجود اختلافات بينهم حول كيفية الحكم داخليا، إلا أن لديهم عقلية مشتركة تجاه الفلسطينيين. كثير من الصهاينة مهاجرون أو أبناء مهاجرين جاؤوا إلى الأرض الفلسطينية قبل عقود بهدف اغتصابها، ويعتبرون الفلسطينيين عدوا لهم، ويعتبرون الاختلاف مع الشعب الفلسطيني اختلافاً وجودياً، لأن هناك أرضا يطالب الطرفان بالسيادة عليها وهناك نوع من الصراع بين الصهاينة والفلسطينيين.
لا أعتقد أن هناك من بين معارضي نتنياهو من يدعم الفلسطينيين في صراع إسرائيل مع المقاومة الفلسطينية. الغالبية العظمى من الصهاينة يسعون لاحتلال الضفة الغربية ودعم برنامج الاستيطان ويريدون احتلال القدس بالكامل، ولا يختلفون فيما بينهم في هذه السياسات.
الوقت: عشية يوم القدس، كيف تقيمون أهمية التطورات في الضفة الغربية على الصعيدين الداخلي والإقليمي؟
رويوران: حالياً، أدى وجود المقاومة الفلسطينية في غزة والضفة الغربية إلى جعل هدف تحرير القدس ممكنا أكثر من أي وقت مضى، لذا تعد المقاومة متغيرا مهما للغاية في تحديد المعادلات الحالية. القضية الثانية، رغم أن الكيان الصهيوني تمكن من اختراق بعض الدول العربية بمساعدة دونالد ترامب، إلا أن وضع الكيان الصهيوني ليس جيدا، لأن الاتفاق الأخير بين إيران والسعودية يغلق الطريق أمام عملية التطبيع ونفوذ تل أبيب في منطقة.
بمعنى آخر، إن الكيان الصهيوني ضعيف للغاية ولا يمكنه النفوذ في الدول وتوقيع الاتفاقيات الأمنية معها إلا عند نشوب صراعات ومواجهات. لكن عندما تتحول المواجهات إلى سياسات تفاهم، فإن هذا الكيان لن يفعل شيئا، وأحد أسباب استياء تل أبيب من اتفاق طهران والرياض ناجم عن أنها لا يستطيع تنفيذ خططها في المنطقة. هذا العام، هناك تفاهم في المنطقة والعالم الإسلامي فيما يتعلق باستراتيجية فلسطين أكثر مما كان عليه الوضع في السنوات السابقة، وهذا الأمر سيضيق الخناق على مغامرات الكيان الصهيوني في أرض فلسطين.