أهل البيت سماتهم وحقوقهم في القرآن الكريم / الصفحات: ٢١ – ٤٠
(وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنَ آياتِ اللّهِ وَالحِكْمَةِ إنّ اللّهَ كانَ لَطِيفَاً خَبِيراً) .(٣)
ترى أنّه سبحانه يخاطبهن في الآية الاَُولَى بهذه الخطابات:
١. لستن. ٢. اتقيتن. ٣. فلا تخضعن. ٤. وقلن.
ويخاطبهن في الآية الثانية بهذه الخطابات:
١. قرن. ٢. بيوتكن. ٣. لا تبرجن. ٤. أقمن. ٥. آتين. ٦. أطعن.
كما يخاطبهن في الآية الثالثة بقوله:
١. واذكرن. ٢. بيوتكن.
وفي الوقت نفسه يتخذ في ثنايا الآية الثانية موقفاً خاصاً في الخطاب ويقول:
١. عنكم. ٢. يطهركم.
فما وجه هذا العدول إذا كان المراد نساء النبي ؟!
أو ليس هذا يدل على أنّ المراد ليس نساءه (صلى الله عليه وآله وسلم).
٣. الاَحزاب: ٣٤.
١٠. أخرج الطبري: عن أبي هريرة، عن أُم سلمة: قالت: جاءت فاطمة إلى رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) ببرمة لها قد صنعت فيها عصيدة تحلها على طبق، فوضعته بين يديه فقال: «أين ابن عمك وابناك؟» فقالت: «في البيت» فقال: «ادعيهم»، فجاءت إلى علي فقالت: «أجب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنت وابناك»، قالت أُمّ سلمة: فلما رآهم مقبلين مدَّ يده إلى كساء كان على المنامة فمدّه وبسطه وأجلسهم عليه، ثم أخذ بأطراف الكساء الاَربعة بشماله فضمه فوق روَوسهم وأومأ بيده اليمنى إلى ربِّه، فقال: «هوَلاء أهل البيت فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً».
١١. أخرج الطبري: عن عمر بن أبي سلمة، قال: نزلت هذه الآية على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في بيت أُمّ سلمة: (إنّما يريد اللّه ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهّركم تطهيراً) فدعا حسناً وحسيناً وفاطمة فأجلسهم بين يديه، ودعا علياً فأجلسه خلفه، فتجلّل هو وهم بالكساء، ثم قال: «هوَلاء أهل بيتي، فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً»، قالت أُم سلمة: أنا معهم، قال: «مكانك، وأنت على خير».
١٤. روى السيوطي: وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه عن أُم سلمة رضي اللّه عنهما زوج النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّ رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) كان ببيتها على منامة له عليه كساء خيبري، فجاءت فاطمة رضي اللّه عنها ببرمة فيها خزيرة، فقال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم): «ادعي زوجك وابنيك حسناً وحسيناً»، فدعتهم، فبينما هم يأكلون إذ نزلت على رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم): (إنّما يريد اللّه ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهّركم تطهيراً) فأخذ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بفضلة أزاره فغشاهم إياها، ثم أخرج يده من الكساء وأومأ بها إلى السماء ثم قال: «اللّهم هوَلاء أهل بيتي وخاصتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً»، قالها ثلاث مرات، قالت أُم سلمة ـ رضي اللّه عنها ـ: فأدخلت رأسي في الستر، فقلت: يا
١٦. روى السيوطي: وأخرج الطبراني عن أُم سلمة ـ رضي اللّه عنها ـ قالت: جاءت فاطمة ـ رضي اللّه عنها ـ إلى أبيها بثريدة لها، تحملها في طبق لها حتى وضعتها بين يديه، فقال لها: «أين ابن عمك؟» قالت: «هو في البيت». قال: «اذهبي فادعيه وابنيك»، فجاءت تقود ابنيها كل واحد منهما في يد وعلي ـ رضي اللّه عنه ـ يمشي في أثرهما حتى دخلوا على رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم)، فأجلسهما في حجره وجلس علي ـ رضي اللّه عنه ـ عن يمينه وجلست فاطمة ـ رضي اللّه عنها ـ عن يساره، قالت أُمّ سلمة ـ رضي اللّه عنها ـ: فأخذت من تحتي كساء كان بساطناً على المنامة في البيت.(١)
١٧. روى السيوطي: وأخرج ابن مردويه والخطيب عن أبي سعيد الخدري ـ رضي اللّه عنه ـ قال: كان يوم أُمّ سلمة أُم الموَمنين ـ رضي اللّه عنها ـ فنزل جبرئيل (عليه السلام) على رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) بهذه الآية (إنّما يريد اللّه ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهّركم تطهيراً) قال: فدعا رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) بحسن وحسين وفاطمة وعلي فضمهم إليه ونشر عليهم الثوب، والحجاب على أُم
١٩. روى السيوطي: وأخرج ابن أبي شيبة، وأحمد، ومسلم، وابن جرير، وابن أبي حاتم، والحاكم عن عائشة ـ رضي اللّه عنها ـ قالت: خرج رسول اللّه ص غداة وعليه مرط مرجّل من شعر أسود، فجاء الحسن والحسين ـ رضي اللّه عنهما ـ فأدخلها معه، ثم جاء علي فأدخله معه، ثم قال: (إنّما يريد اللّه ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهّركم تطهيراً) .
٢٠. روى السيوطي: وأخرج ابن جرير والحاكم وابن مردويه، عن سعد قال: نزل على رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) الوحي، فأدخل علياً وفاطمة وابنيهما تحت ثوبه ثم قال: «اللّهم هوَلاء أهلي وأهل بيتي».
٢١. روى السيوطي: وأخرج ابن أبي شيبة، وأحمد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبراني، والحاكم وصححه، والبيهقي في سننه، عن واثلة ابن الاَسقع ـ رضي اللّه عنه ـ قال: جاء رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى فاطمة ومعه حسن وحسين وعلي، حتى دخل فأدنى علياً وفاطمة فأجلسهما بين يديه
٢٨. روى السيوطي: وأخرج ابن مردويه، عن ابن عباس ـ رضي اللّه عنهمـا ـ قال: شهدنا رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) تسعة أشهر يأتي كل يوم باب علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه عند وقت كل صلاة، فيقول: «السلام عليكم ورحمة اللّه وبركاته أهل البيت (إنّما يريد اللّه ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهّركم تطهيراً) الصلاة رحمكم اللّه» كل يوم خمس مرّات.
٢٩. روى السيوطي: وأخرج الطبراني عن أبي الحمراء رضي اللّه عنه، قال: رأيت رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) يأتي باب علي وفاطمة ستة أشهر فيقول: (إنّما يريد اللّه ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهّركم تطهيراً) .(١)
جولة حول ما رواه العلمان
قد تعرفت على أكثر ما رواه الطبري والسيوطي في تفسيرهما، وتركنا بعض ما نقلاه في ذلك المجال عن أعلام التابعين، وما رويناه ينتهي اسناده إلى
٢. أنس بن مالك.
٣. ابن عباس.
٤. أبو هريرة الدوسي.
٥. سعد بن أبي وقاص.
٦. واثلة بن الاَسقع.
٧. أبو الحمراء، أعني: هلال بن الحارث.
٨. أُمّهات الموَمنين: عائشة وأُم سلمة.
أيصح بعد هذا لمناقش أن يشك في صحة نزولها في حق العترة الطاهرة؟! وليس الطبري والسيوطي فريدين في نقل تلك المأثورة، بل سبقهما، أصحاب الصحاح والمسانيد فنقلوا نزول الآية في حقهم صريحاً أو كناية، ولا بأس بنقل ما جاء في خصوص الصحاح حتى يعضد بعضه بعضاً فنقول:
٣٠. أخرج الترمذي: عن سعد بن أبي وقاص ـ رضي اللّه عنه ـ، قال: لمّا نزلت هذه الآية: (فَقُلْ تَعالَوا نَدعُ أبناءَنا وأبناءَكُمْ ونساءَنا ونساءَكُمْ)(١) الآية، دعا رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) علياً وفاطمة وحسناً وحسيناً فقال: «اللّهم هوَلاء أهلي».
٣٢. أخرج الترمذي: عن عمر بن أبي سلمة قال: نزلت هذه الآية على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): (إنّما يريد اللّه ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهّركم تطهيراً) في بيت أُم سلمة، فدعا النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فاطمة وحسناً وحسيناً، فجلّلهم بكساء، وعليٌّ خلف ظهره، ثم قال: «اللّهم هوَلاء أهل بيتي فاذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً». قالت أُم سلمة: وأنا معهم يا نبي اللّه؟ قال: «أنت على مكانك وأنت على خير».
٣٣. أخرج الترمذي: عن أنس بن مالك: انّ رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يمرُّ بباب فاطمة إذا خرج إلى الصلاة حين نزلت هذه الآية قريباً من ستة أشهر يقول: الصلاة أهل البيت (إنّما يريد اللّه ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهّركم تطهيراً) .
٣٤. أخرج مسلم: عن عائشة قالت: خرج النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وعليه مِرط مُرَحَّل أسود، فجاءه الحسن فأدخله، ثم جاءه الحسين فأدخله، ثم جاءت فاطمة
وفي أُخرى نحوه: غير أنّه قال: «وإنّـي تارك فيكم ثقلين أحدهما: كتاب اللّه وهو حبل اللّه فمن اتبعه كان على الهدى ومن تركه كان على ضلالة، وفيها فقلنا: من أهل بيته؟ نساوَه قال: لا وأيم اللّه انّ المرأة تكون مع الرجل العصر من الدهر، ثم يطلقها فترجع إلى أبيها وقومها، أهل بيته: أصله وعصبته الذين حرموا
١. العمدة للمحدث الحافظ يحيى بن سعيد المتوفّـى عام ٦٠٠ هـ الطبعة الحديثة.(٢)
٢. بحار الاَنوار: ٣٥|٢٠٦ ـ ٢٢٦.
٣. غاية المرام: ٢٨٧و ٢٩٤، فقد أورد فيه واحداً وأربعين حديثاً من كتب أهل السنّة، وأربعاً وثلاثين من كتب الشيعة.
٤. تفسير البرهان: ٣|٣٠٩ ـ ٣٢٥، فقد أورد فيه خمساً وستين حديثاً.
٥. نور الثقلين: ٤|٢٧٠ ـ ٢٧٧، أورد فيه خمسة وعشرين حديثاً.
٦. إحقاق الحق: ٢|٥٠٢ ـ ٥٤٤، فقد نقل نزول الآية في حق العترة الطاهرة عن كتب أهل السنة حديثاً وتفسيراً، ثم استدرك ما فاته في الجزء التاسع والرابع
عشر.
وأمّا الثالث: أعني: عروة بن الزبير، فقال السيوطي: وأخرج ابن سعد عن عروة بن الزبير انّه قال: (إنّما يريد اللّه ليذهب عنكم الرجس أهل البيت) قال: أزواج النبي نزلت في بيت عائشة.
وأمّا الرابع: فقد نقل عنه في أسباب النزول.(١)
تحليل هذه النقول
أمّا نقله عن ابن عباس فليس بثابت، بل نقل عنه خلاف ذلك، فقد نقل السيوطي في «الدر المنثور» قال: وأخرج ابن مردويه، عن ابن عباس قال: شهدنا رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) تسعة أشهر يأتي كل يوم باب علي بن أبي طالب عند وقت كل صلاة فيقول: «السلام عليكم ورحمة اللّه وبركاته أهل البيت (إنّما يريد اللّه ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهّركم تطهيراً) ».
وليس ابن مردويه فريداً في هذا النقل، فقد نقله عنه الحاكم الحسكاني في شواهد التنزيل(٢) بسند ينتهي إلى أبي صالح، عن ابن عباس: (إنّما يريد اللّه
نقل الاِمام شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي المتوفّـى ٧٤٨هـ في «سير أعلام النبلاء» هذه الكلمات في حق عكرمة:
١. قال أيوب: «قال عكرمة: إنّـي لاَخرج إلى السوق فأسمع الرجل يتكلّم بالكلمة فينفتح لي خمسون باباً من العلم…» ما معنى هذه الكلمة؟ وهل يقولها إنسان يملك شيئاً من العقل والوقار ؟!
٢. قال ابن لهيعة: وكان يحدّث برأي نجدة الحروري(١) وأتاه، فأقام عنده ستة أشهر، ثم أتى ابن عباس فسلّم، فقال ابن عباس: قد جاء الخبيث.
٣. قال سعيد بن أبي مريم، عن أبي لهيعة، عن أبي الاَسود قال: كنت أوّل من سبّب لعكرمة الخروج إلى المغرب وذلك أنّـي قدمت من مصر إلى المدينة فلقيني عكرمة وسألني عن أهل المغرب، فأخبرته بغفلتهم، قال: فخرج إليهم وكان أوّل ما أحدث فيهم رأي الصفريّة.(٢)
٦. وقال أحمد بن زهير: سمعت يحيى بن معين يقول: إنّما لم يذكر مالك عكرمة ـ يعني في الموطأ ـ قال: لاَنّ عكرمة كان ينتحل رأي الصفريّة.
٧. وروى عمر بن قيس المكي، عن عطاء قال: كان عكرمة أباضياً.(١)
٨. وعن أبي مريم قال: كان عكرمة بيهسياً.(٢)
٩. وقال إبراهيم الجوزجاني: سألت أحمد بن حنبل عن عكرمة، أكان يرى رأي الاَباضية؟ فقال: يقال: انّه كان صفرياً، قلت: أتى البربر ؟ قال: نعم، وأتى خراسان يطوف على الا َُمراء يأخذ منهم.
١٠. وقال علي بن المديني: حكى عن يعقوب الحضرمي عن جده قال: وقف عكرمة على باب المسجد فقال: ما فيه إلاّ كافر. قال: وكان يرى رأي الاباضية.(٣)
وقال في «ميزان الاعتدال»(٤) : وقد وثقه جماعة، واعتمده البخاري، وأمّا مسلم فتجنّبه، وروى له قليلاً مقروناً بغيره، وأعرض عنه مالك، وتحايده إلاّ في حديث أو حديثين.
عفان، حدثنا وهيب قال: شهدت يحيى بن سعيد الاَنصاري، وأيوب، فذكرا عكرمة فقال يحيى: كذاب، وقال أيوب: لم يكن بكذاب.
٣. لاحظ سير أعلام النبلاء للذهبي: ٥|١٨ ـ ٢٢.
٤. ميزان الاعتدال: ٣|٩٣ ـ ٩٧.