كان لافتاً أن ينظم رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو زيارة الى شمال فلسطين المحتلة، بعد يوم من زيارة وزير حربه يوآف غالنت الى المنطقة ويصطحبه معه، وليس أمراً عادياً أن يكون وزير الحرب قد قال كلاماً خطيراً خلال زيارته ويؤتى به ليشهد كلاماً معاكساً ويصمت، رغم ما بين رئيس الحكومة والوزير من أزمات وخصومات تجلت مراراً، كان أبرزها مقاطعة الوزير للمؤتمر الصحافي الذي عقده رئيس الحكومة، كما قال رئيس الحكومة نفسه قبل أيام.
سمع غالنت من رؤساء المستوطنات في الشمال، أن عودة مستوطني الشمال مستحيل ببقاء حزب الله وقوة الرضوان على الحدود، فأجاب أن هناك عملاً دبلوماسياً لإبعادهم الى ما وراء الليطاني، وان لم تنجح هذه المساعي الدبلوماسية فإن جيش الاحتلال سوف يجبرهم على ذلك، وكان جيش الاحتلال قبل يوم من زيارة غالنت قد قتل جندياً لبنانياً، في رسالة فهمت أنها قرار بالتصعيد وإشارة إلى نية الخروج من الاستقرار الذي أنشأه القرار 1701، الذي يشكل انتشار الجيش اللبناني على الحدود أهم علاماته البارزة. وهذا الاستقرار الذي تعرّض للاهتزاز بسبب الحرب على غزة، سوف يسقط نهائياً إذا تواصل استهداف الجيش اللبناني.
سارع جيش الاحتلال الى القول إنه لم يتعمّد استهداف موقع الجيش اللبناني مقدماً اعتذاره عن التسبب بسقوط أحد الجنود بصاروخ أطلق عبر الحدود، واعداً بتحقيق في الأمر وتعهّد بعدم التكرار، لكن كلمات غالنت وتهديداته أعادت الأمور الى مربع التصعيد وأبطلت مفعول توضيح الجيش واعتذاره وتعهّد.، وكان منع التصعيد بحاجة إلى إعادة رسم سقف للموقف الحكومي يتولاه رئيس الحكومة بحضور غالنت، علامة على أن كل الوزراء بمن فيهم وزير الحرب يعملون تحت هذا السقف. وهذا يعني أنه بعد كلام غالنت وما تبعه من تداعيات على الضفة اللبنانية عبر رسائل غير مباشرة تلقتها حكومة الاحتلال وتلقاها جيشه، تقول إن المقاومة جاهزة للحرب الشاملة إن أرادها الاحتلال، وإنها تنصح بعدم التورط في اختبارات القوة التي سوف تكون نتيجتها الندم.
ذهب نتنياهو إلى مواقع الجيش وبحضور وزير الحرب ورئيس الأركان وقادة الأجهزة الأمنية، وقال بوضوح إن جيش الاحتلال يرد على عمليات المقاومة، وإنه إذا ذهب حزب الله الى الحرب الشاملة فسوف يجعل بيروت مثل غزة، وإن الأمر بيد حزب الله، وهو السقف الذي رسمته حكومة وجيش الاحتلال لقواعد الاشتباك. لا نريد الذهاب للحرب، ليس لدينا مشاريع لتعديل ما هو قائم، نقوم بالرد الموضعيّ على كل استهداف بالمدى ذاته والقوة ذاتها. وإذا ذهبتم للحرب سنذهب وسوف نردّ بقسوة.
كلام نتنياهو رغم ظاهره التهديديّ هو تصحيح لجنون غالنت.