الرئيسية / تقاريـــر / “طوفان الأقصى”.. كيف جعلت “إسرائيل” أمام خيارات منعدمة؟

“طوفان الأقصى”.. كيف جعلت “إسرائيل” أمام خيارات منعدمة؟

“طوفان الأقصى”.. كيف جعلت “إسرائيل” أمام خيارات منعدمة؟

تقويم مجريات المعركة المستمرة خلال أسبوعين يعطي مؤشراً واضحاً على أن المقاومة الفلسطينية أعدّت نفسها جيداً لكل السيناريوهات، وطوّرت بصورة كبيرة خطتها الدفاعية.

انتهى الاسبوع الثاني في معركة “طوفان الأقصى” المستمرة، مع قصف متواصل من طائرات الاحتلال الإسرائيلي لأهداف مدنية في قطاع غزة، وصل إلى حد جرائم الإبادة الجماعية للفلسطينيين، والتركيز على سياسة الأرض المحروقة، في سلوك ينمّ عن انتقام أعمى، أمام فشل سيناريو التهجير الذي راهنت عليه الإدارة الأميركية والدول الغربية الأخرى، ولم يبقَّ أمام قادة الاحتلال الإسرائيلي سوى التلويح بخيار الحرب البرية، مراراً وتكراراً. 

تكثيف القصف الجوي من دون تحقيق أهداف استراتيجية عسكرية في قطاع غزة، وتكرار الحديث عن عملية برية واسعة، موقفٌ يشوبه كثير من التردد والحسم في الموقف الإسرائيلي، لكنه يكشف انقساماً بين المستويات وأزمة قرار نابعة من حرص نتنياهو على توريط الأطراف الإسرائيلية كافة لاتخاذ قرار جامع تتحمل كل الأطراف مسؤولية فشله في حال تم فعلياً. 

الواقع يشير إلى أن جيش الاحتلال الإسرائيلي ليس في كامل جاهزيته، كما يزعم قادته، وخصوصاً بعد انهيار فرقة غزة بالكامل يوم بدء “طوفان الأقصى”، والتي كانت تتدرب على جغرافيا قطاع غزة، وكيفية تنفيذ سيناريو الاجتياح البري.

من جهة أخرى، فإن حرب عام 2014، والإخفاقات التي تكبّدها جيش الاحتلال، ثم بناء “إسرائيل” الجدار الإسمنتي في باطن الأرض، والممتد على حدود غزة الشرقية، أمور جعلتها تعتقد أنه يؤمن لها خطاً دفاعياً قوياً يقلّص هامش المناورة لدى المقاومة، وإمكان تحقيقها أي إنجاز خلف الخطوط، وهو ما جعل دوائر صنع القرار تستبعد بصورة كبيرة خيار المواجهة البرية، بل أصبح خياراً هامشياً لديها.

شكلت معركة “طوفان الأقصى”، في مجمل تفاصيلها واختراق منظومتَي الاحتلال الأمنية والعسكرية، إنجازاً استراتيجياً كبيراً جعل الاحتلال أمام تحدٍّ أمني كبير لم يكن في حسابات المنظومة الأمنية الإسرائيلية البتة، فما جرى شكّل، قولاً وعملاً، ضربة للاحتلال، عسكرياً وأمنياً واستخبارياً، وأصاب في مقتل كل مفاصل “دولة” الاحتلال.

وجدت “إسرائيل” نفسها، أمام هزيمة استراتيجية وواقع مغاير، مضطرةً إلى سلوك خيار كانت تخشاه في محاولة تستعيد فيها صورتها التي تهشمت منذ بداية “طوفان الأقصى”، والتي كُتبت فيها هزيمة مركبة وإذلال غير مسبوق، فاق في حساباته العسكرية ما جرى في أكتوبر عام 1973. 

“إسرائيل” وقعت في حقل ألغام كبير، وأيّ سيناريو تريد أن تسلكه لن يكون سهلاً عليها، بل إن سيناريو الحرب البرية هو السيناريو الأخطر عليها، ولن يعيد الثقة مطلقا بين الجيش و”الجمهور” الإسرائيلي.

أمّا قراءة المشهد من زاوية الفعل الفلسطيني المقاوم وطريقة تعامله مع العدوان البري، ‏فمن المعلوم أن الإعداد والاستعداد في عمل الجيوش الصغيرة، كالمقاومة الفلسطينية، يأخذ وقتاً طويلاً من حيث التجهيز والتدريب وإتقان المناورة، وهذا ما أنجزته المقاومة في وقت قياسي، كانت تسارع فيه الزمن من أجل لحظة كهذه، وبدا واضحاً في مناورة الركن الشديد 4 الأخيرة، التي نفذتها فصائل المقاومة الفلسطينية مؤخراً. 

وكي تكتمل صورة المشهد الآخر، كان الواقع الحقيقي لجيش الاحتلال، باعتراف الجنرال المتقاعد إسحاق بريك، أن جيش الاحتلال غير جاهز لخوض أي حروب وأصبح جيشاً مترهلاً. وأن يقع تحت صدمة كبيرة بعد أن مورست عليه أكبر عملية خداع استراتيجي، فمن المستحيل أن يخوض حرباً برية ناجحة كما يطمح قادته، سوى أنهم سيسجلون هزيمة ثانية.

نجحت المقاومة الفلسطينية، على رغم مرور ثلاثة عشر يوماً، في امتلاك القدرة على إدارة استمرار إطلاق النيران والتحكم والسيطرة، وكشفت بذلك عجز الاحتلال عن إحباط أي من هجماتها، التي ما زالت تضرب العمق الاستراتيجي الإسرائيلي، في لغة تحدٍّ كبيرة، تعكس حكمة عالية في التخطيط والتنفيذ المحكمَين لخوض غمار المعركة. 

تقويم مجريات المعركة المستمرة خلال أسبوعين يعطي مؤشراً واضحاً على أن المقاومة الفلسطينية أعدّت نفسها جيداً لكل السيناريوهات، وطوّرت بصورة كبيرة خطتها الدفاعية، كما عززت مساحة المناورة والانقضاض والانسحاب بأقل الخسائر بعد ضرب الاحتلال بمنظومة الصواريخ الثقيلة التي تمتلكها.

وفي حال وقع سيناريو الحرب البرية، في شكله الأقصى أو الأدنى، فهذا يندرج عليها أيضاً في السيناريو ذاته كخطة دفاعية متكاملة ومتعددة الأسلحة، بدءاً بسلاح الأنفاق الممتد تحت الارض في قطاع غزة، وسلاح الكورنيت الذي دعمت به سوريا وحزب الله المقاومة الفلسطينية، والعبوات الناسفة المتطورة، وسلاح الدروع والقذائف المصنعة محلياً وقذائف الهاون متعددة الأحجام.

مقياس كبير وفارق شاسع تجزم به الأحداث بعد “طوفان الأقصى” في تفوق قدرات المقاومة بين عامي 2014 و2021 في معركة سيف القدس، وهذا العام في طوفان الأقصى، والحروب السابقة على قطاع غزة، والتي شكلت فرصة للمقاومة الفلسطينية للاستفادة وتسجيل خلاصات استراتيجية عند خوض أي معركة برية محتملة، وخصوصاً في سيناريو هدم الأبراج السكنية واحتمال الدخول براً، وفق خطط غير معتادة. وبالتالي، فإن كل التقديرات تشير إلى أن المقاومة الفلسطينية ذهبت بعيداً في وضع أصعب وأعقد السيناريوهات التي تتجاوز كل الوقائع التي فرضها قصف الأحياء السكنية، جوياً ومدفعياً، الأمر الذي يجعلها قادرة على إيقاع خسائر إضافية في صفوف جيش الاحتلال تفوق ما جرى في معركة طوفان الأقصى يوم 7 تشرين الأول/أكتوبر.

لعل ما كشفه موقع “روتر” الإسرائيلي حديثاً مهم جداً التوقف عنده بشأن ما وصفه بالخسائر الأمنية الاستراتيجية التي تكبّدتها “إسرائيل”. ويرجع ذلك إلى عدم قدرتها على تحقيق أي من أهدافها بسبب أزمة أمنية تعيشها، فوق الأزمة العسكرية التي تعانيها، وذلك بسبب سيطرة حماس على كنز استخباري يتعلق بملف العملاء، وانعدام أي معلومات حديثة يمكن أن تؤثر في مسار المواجهة القائمة ومشهدها، ثم الاعتراف الإسرائيلي بنجاح حماس في إلحاق خسائر بالاحتلال، بسبب قدرتها على القتل والأسر للمئات من الجنود والضباط من قوات النخبة الإسرائيلية في فرقة غزة، في مقابل الإقرار بعجز كبير عن الوصول إلى أي من الأهداف العسكرية سوى قتل المدنيين. 

خلاصة إسرائيلية مع نهاية الأسبوع الثاني من معركة “طوفان الأقصى” تعترف بصورة واضحة بأن حماس وسائر الفصائل الفلسطينية ما زالت قوية على رغم كل ما ارتكبه الطيران الإسرائيلي من جرائم قتل وإبادة وحصار مشدّد لأكثر من مليوني فلسطيني. 

ثمة سيناريوهات محتملة للمشهد في الأيام المقبلة تتلخص في السيناريو السيئ والسيناريو الأسوأ، وفق الآتي:

السيناريو الأول: التلويح بالحرب البرية مع بقاء جيش الاحتلال الإسرائيلي مكدّساً عند تخوم غزة في تجمعات من دون خطط عسكرية واضحة. ومثل هذا السيناريو صعب جداً وكارثي على “دولة” الاحتلال.

السيناريو الثاني: محاولة التوغل البري والسيطرة على الأطراف الحدودية، التي تعرضت لقصف مركز خلال الأيام القليلة الماضية في قطاع غزة، وأخذ صورة نصر موهوم، وخوض معارك برية عند حدود غزة غير مضمونة النتائج. 

السيناريو الثالث: انفضاض قوات جيش الاحتلال من دون اقتحام قطاع غزة، وهذا سيناريو كارثي على نتنياهو وحكومته، والاكتفاء بتدمير غزة، وهذا سيناريو يشبه ما جرى في لبنان عام 2006. وبهذا السيناريو تتعزز صورة النصر الاستراتيجي للمقاومة، وتصبح التكلفة على “إسرائيل” ثقيلة جداً.

سيناريو الاجتياح الكامل والقضاء على حماس وفصائل المقاومة سيناريو مستحيل تحقيقه، وستحاول الإدارة الأميركية، عبر تحركاتها المستمرة في المنطقة، تقليل تكلفة ما جرى من إنجاز استراتيجي، وستدخل أطراف إقليمية وازنة لاحتواء ما أنجزته المقاومة. لكن، في النصف الآخر من الصورة، وأمام استمرار العدوان في مقابل الإسناد الواضح من المقاومة الإسلامية (حزب الله) في جبهة الشمال، واستمرارها في ضرب المواقع الإسرائيلية، بات لا أحد يضمن الميدان وربما تتسارع الأحداث أكثر لحسم الصراع في معركة تتسع شيئا فشيئا لتعم الإقليم. 

شكلت المقاومة بعد “طوفان الأقصى”، بمحورها الممتد في المنطقة، أملاً كبيراً جعل المنطقة كلها تسير أمام تحول تاريخي في الصراع مع “إسرائيل”. عنوان هذا التحول هو بداية الهزيمة، ونهاية المشروع الصهيوني في أرض فلسطين ممكنة وليست صعبة.

رابط الدعوة تليجرام:https://t.me/+uwGXVnZtxHtlNzJk

رابط الدعوة واتساب: https://chat.whatsapp.com/GHlusXbN812DtXhvNZZ2BU

رابط الدعوة ايتا :
الولاية الاخبارية
سايت اخباري متنوع يختص بأخبار المسلمين حول العالم .
https://eitaa.com/wilayah

 

 

#طوفان_الأقصى
#חרבות_הברזל
#أوهن_من_بيت_العنكبوت
#יותר_חלשה_מקורי_עכביש
#حـان_وقـت_رحيـلكـم
#הגיע_הזמן_שתעזוב

#ياقدس _قادمون
#إقتربت_ساعة_الزوال
#كلنا_فلسطين

شاهد أيضاً

شهادة الزهراء – شيخ زمان الحستاوي

. أقرأ ايضا: أوضاع المرأة المسلمة ودورها الاجتماعي من منظور إسلامي وإذا أراد الأميركي وقف ...