اصدر سماحة آية الله السيد كاظم الحائري بيانا، اعلن فيه عدم الاستمرار في التصدي للمرجعية بسبب المرض والتقدم في العمر وقرر إسقاط جميع الوكالات والاُذونات الصادرة من قبله أو من قبل مكاتبه وعدم استلام أيّة حقوق شرعيّة من قبل وكلائه وممثّليه نيابة عنّه اعتباراً من تاريخ إعلانه هذا.
وكالة أنباء الحوزة – وفيما يلي نص البيان :
بسم الله الرحيم الرّحيم
الحمد لله زنة عرشه ومداد كلماته وما أحصاه كتابه وأحاط به علمه، والحمد لله حمداً يليق بكرم وجهه وعزّ جلاله. والصلاة والسلام على نبيّ الله الذي أرسله رحمة للعالمين محمّد بن عبد الله وعلى أهل بيته الطاهرين.
قال الله تعالى في محكم كتابه: ﴿لَا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَها﴾ سورة البقرة: الآية: ٢٨٦. صدق الله العليّ العظيم.
لا شكّ في أنّ من أهمّ المسؤوليات وأعظم الأمانات في عصر غيبة الإمام الحجّة (عجّل الله تعالى فرجه) تولّي الفقهاء الجامعين للشرائط شؤون الاُمّة وحماية مصالحها عامّة وخاصّة، من خلال الإفتاء وبيان الأحكام الشرعيّة، وإعطاء الإرشادات والتوجيهات، وكلّ ما من شأنه حفظ كيانها وعزّتها ودرء المخاطر عنها.
وبعدما وفّقني الله تعالى للتتلمذ على يد اُستاذي آية الله العظمى السيّد الشهيد محمّد باقر الصدر (رضوان الله تعالى عليه) تحمّلت هذه المسؤوليّة وبذلت قصارى جهدي لتحقيق الأهداف التي استشهد من أجلها بحدود استطاعتي، ورعاية العمل الإسلاميّ في عراق الحسين (عليه السلام) ونصرة الإسلام الأصيل، وحماية المؤمنين وخصوصاً المجتمع العراقيّ من مكائد المستعمرين الأجانب.
ومن الواضح أنّ من ضروريّات القيام بهذه المسؤوليّة العظيمة هو توفّر الصحّة البدنية والقدرة على متابعة شؤون الاُمّة، ولكن اليوم إذ تتداعى صحّتي وقواي البدنية بسبب المرض والتقدّم بالعمر، صرت أشعر بأنّها تحول بيني وبين أداء الواجبات الملقاة على كاهلي -كما اعتدت على النهوض بها سابقاً- بما لا يحقّق الكمال والرضى، لذا اُعلن عدم الاستمرار في التصدّي لهذه المسؤوليّة الثقيلة والكبيرة، وإسقاط جميع الوكالات والاُذونات الصادرة من قبلنا أو من قبل مكاتبنا وعدم استلام أيّة حقوق شرعيّة من قبل وكلائنا وممثّلينا نيابة عنّا اعتباراً من تاريخ إعلاننا هذا.
ولابدّ ليّ من كلمات أخيرة اُوصي بها أبنائي المؤمنين:
أوّلاً: على جميع المؤمنين إطاعة الوليّ قائد الثورة الإسلاميّة سماحة آية الله العظمى السيّد عليّ الخامنئي (دام ظلّه)، فإنّ سماحته هو الأجدر والأكفأ على قيادة الاُمّة وإدارة الصراع مع قوى الظلم والاستكبار في هذه الظروف التي تكالبت فيها قوى الكفر والشرّ ضدّ الإسلام المحمّدي الأصيل.
ثانياً: اُوصي أبنائي في عراقنا الحبيب بما يلي:
أ- الحفاظ على الوحدة والانسجام فيما بينهم وعدم التفرقة، وأن لا يفسحوا المجال للاستعمار والصهيونيّة وعملائهم بإشعال نار الفتنة والتناحر بين المؤمنين، وأن يعلموا أنّ عدوّهم المشترك هو أمريكا والصهيونيّة وأذنابهم، فليكونوا أشدّاء على الكفّار رحماء بينهم.
ب- تحرير العراق من أيّ احتلال أجنبي ومن أيّ تواجد لأيّة قوّة أمنية أو عسكريّة، وخصوصاً القوّات الأمريكية التي جثمت على صدر عراقنا الجريح بحجج مختلفة، وعدم السماح ببقائها في العراق بلد المقدّسات، وإنّ إبقاءهم يعتبر من أكبر المحرّمات عند الله تعالى، كما بيّنا ذلك في بيانات سابقة.
ج- أدعو المتصدّين للمناصب والمسؤوليّات للقيام بوظائفهم الشرعيّة والتي عاهدوا الشعب على تحقيقها، والابتعاد عن المصالح الشخصيّة والفئوية الضيّقة، التي جرّت الويلات على أبناء الشعب العراقيّ المظلوم. ففي ذلك أمان لهم وعزّة للشعب واستقرار للبلاد.
د- على العلماء وطلبة الحوزة الدينيّة والنخب الثقافية والكتّاب الواعين والمخلصين العمل على توعية أبناء الشعب، حتّى يميّزوا بين العدوّ والصديق ويدركوا حقيقة مصالحهم ولكي لا يتمّ استغفالهم والاستخفاف بهم ونزع الطاعة منهم فيما لا يعرفونه ولا ينفعهم، وحتّى يتعرّفوا على مكائد الأعداء ومؤامراتهم فيستأصلونها، أو على الأقل لا يقعون فريسة لأهدافهم المغرضة والضالّة.
ھ- على أبناء الشهيدين الصدرين (قدّس الله سرّهما) أن يعرفوا أنّ حبّ الشهيدين لا يكفي ما لم يقترن الإيمان بنهجهما بالعمل الصالح والاتباع الحقيقيّ لأهدافهما التي ضحّيا بنفسيهما من أجلها، ولا يكفي مجرّد الادعاء أو الانتساب، ومن يسعى لتفريق أبناء الشعب والمذهب باسم الشهيدين الصدرين (رضوان الله تعالى عليهما)، أو يتصدّى للقيادة باسمهما وهو فاقد للاجتهاد أو لباقي الشرائط المشترطة في القيادة الشرعيّة فهو -في الحقيقة- ليس صدريّاً مهما ادعى أو انتسب.
و- اُوصي جميع المؤمنين بحشدنا المقدّس ولابدّ من دعمه وتأييده كقوّة مستقلّة غير مدمجة في سائر القوى، فإنّه الحصن الحصين واليد الضاربة والقوّة القاهرة للمتربّصين بأمن البلاد ومصالح أهلها إلى جانب باقي القوّات المسلّحة العراقيّة، كما بيّنّا ذلك وأكّدناه مراراً.
ز- لابد من ابعاد البعثيين المجرمين والمفسدين، والعملاء عن المناصب والمسؤوليات في البلاد، وعدم تمكينهم بأي شكل من الأشكال، فإنهم لا يريدون الخير لكم، ولا تهمهم سوى مصالحهم الحزبية وخدمة أسيادهم من المستعمرين والصهاينة وأذنابهم.