الامثال في القران الكريم مصدرا للهداية الالهية
22 يوليو,2017
القرآن الكريم
1,858 زيارة
07) اسم الكتاب : الأمثال العربية – المؤلف : محمد رضا المظفر , والاستجواب الحواري الراسخ في القران الكريم يضاهيه أسلوب الاستجواب في المدرسة الحديثة،ويزيد عليه،فالاستجواب المدرسي مقصور على أمور عادية علمية خاصة،أما الحوار القرآني أو النبوي فهو يتحدى عقول السامعين وأفكارهم بأمور جديدة أو غامضة،ثم يشرحها لهم، ويوجههم إلى الأخذ بخيرها وترك شرها فغايته وجدانية سلوكية بحيث يكره إلى السامع أو المخاطب الشر ويحبب إليه الخير،ويثير عواطفه وانفعالاته في سبيل تحقيق سلوك طيب والابتعاد عن سلوك شرير.
اما النحلاوي فقال:
الأمثال القرآنية تفيد في تربية الإنسان على القياس المنطقي السليم،فمعظم الأمثال تنطوي على قياس تذكر مقدماته ويطلب من العقل أن يتوصل إلى النتيجة التي يصرح بها في كثير من الأحيان،بل يشير إليها ويترك للعقل معرفتها.
وأما ابن القيم فقد قال:
ضرب الأمثال وصرفها في الأنواع المختلفة كلها أقيسة عقلية،ينبه بها عباده على أن حكم الشيء هو حكم مثله،فان الأمثال كلها قياسات عقلية .
ومن العمليات العقلية التي تستثيرها الأمثال القرآنية(التذكر)،وهي إحدى العمليات العقلية الأساسية،التي أكد القرآن الكريم على أهميتها إذ كرر الفعل(ذكر)ومشتقاته في الآيات القرآنية 275 مرة،وكما أن القران الكريم ذم النسيان،فمن طبيعة الإنسان قابليته على النسيان،ولكن القرآن الكريم أوضح بجلاء بأن الإنسان قادر على عملية التذكر.
والأمثال القرآنية في القران الكريم،تذكر الناسي كلما مر عليها،والإنسان معرّض للنسيان بسبب حب الدنيا وإتباع الهوى مما يوجب عليه أن يستذكر باستمرار.
والمثل القرآني من أكثر الوسائل التربوية التي تثبت الذاكرة لدى المستمع،فالمثل يعمل على ترسيخ الأشياء والأفكار في الأذهان.وإذا غلب على الإنسان نسيان القضية التي يراد تثبيتها فإن المثل الذي قدمت به تلك القضية تبقيها شاخصة في ذاكرته متقدة ومستعصية على النسيان،وتعيدها إلى الذهن مجرد مثول المثل أمام عينيه. وقد اجمع علماء التفسير والتربية أن الحقائق إذا قدمت من خلال الأمثال تكون من اجل التذكر،كما أنها تفيد في تثبيت تلك الحقائق في الذهن،لاستعانة الذهن فيها بالحواس .
كما يؤكد الغامدي في دراسته عن الأمثال القرآنية على أن من فوائد الأمثال تثبيت المعلومة وحفظ الذاكرة،فأن الحقائق المجردة ليس بالضرورة أن تحفظ في القلوب وتحفر في الأذهان،لكنها عندما يتنوع عرضها،ومنها التنوع بضرب المثل لاشك أنها تبقى في الذهن أكثر،لان التمثيل هو تشبيه،أي أن هناك صورة أخرى،وكثيرا ما يثبت في الذاكرة المثل أو الصورة .
ومن أهم الأهداف ضرب المثل هو الترغيب والترهيب.وهذا الغرض من الوسائل المهمة الباعثة على الانقياد لأمر الله تعالى،والأحجام عن نواهيه،ومن أعظمها تأثيرا في تحفيز النفس الإنسانية للإقبال على العبادة والنفور من المعصية،لأنها مفطورة على الإقدام على ما رغبت فيه،وعلى النفور مما رهبت منه،فإذا رغبت في أمر استعدت له وتحفزت للفوز به واشتاقت إليه.وإذا خوُفت من أمر تهيأت له واستعدت للنفور منه.
ويعبر محمد قطب عن الترغيب والترهيب بالخوف والرجاء،ويرى أنهما خطان متقابلان من خطوط النفس يوجدان فيها متجاورين مزدوجي الاتجاه…،وان النفس لتخاف وترجو،وهكذا ركبت فطرتها…يولد الطفل وفيه هذان الاستعدادان متجاورين،والخوف والرجاء بقوتهما تلك وتشابكهما واختلاطهما بالكيان البشري كله في أعماقه،يوجهان في الواقع اتجاه الحياة،ويحددان للإنسان أهدافه وسلوكه ومشاعره وأفكاره،فعلى قدر ما يخاف ونوع ما يخاف،على قدر ما يرجو ونوع ما يرجو يتخذ لنفسه منهج حياته،ويوفق بين سلوكه وبين ما يرجو وما يخاف .
ومن هذين الوترين المتقابلين المتجاورين يمسك الإسلام بزمام النفس البشرية،فيَعدها ويُمنّيها ويخوفها ويُرهبها،وفيما بين ذلك يغرس فيها البذور الصالحة التي يقصد غرسها في قرارة النفوس.إنه يربط بهذين الخطين المعروفين في اصطلاح المؤلفين المسلمين بإسم الترغيب والترهيب،يربط بهما كل نشاط البشرية،فالقرآن يربط توجيهاته كلها وأوامره ونواهيه بهذا الخط أو ذلك أو بهما مجتمعين.ويكرر ذلك تكرارا حتى تتلازم في أعماق النفس،ويصبح هذا التلازم قوة شعورية ولا شعورية توجه إلى الخير وتبعد عن الشر. ومن ثم يصل إلى تهذيب الضمير البشري وارصافه إلى الدرجة التي ينتفض فيها صاحياً،لأقل لمسة وابسط توجيه حتى يكفي أن يظن ذلك يرضي الله فيعمله،ويكفي أن يظن أن ذلك يغضب الله فيبتعد عنه،وكذلك كان المسلمون الأوائل الذين رباهم القران الكريم .
يالثارات الحسين 2017-07-22