الرئيسية / الاسلام والحياة / على خطى الحسين (عليه السلام) د. أحمد راسم النفيس

على خطى الحسين (عليه السلام) د. أحمد راسم النفيس

المستوى السياسي، وسنقرأ بعد هذا بعض ردود أفعال من كانوا في صف الإمام علي، (عليه السلام) لنعرف حقيقة هؤلاء ” الشيعة المزعومين “.
أما على المستوى العسكري، فيروي نصر بن مزاحم: ” وكان الأشتر، صبيحة ليلة الهرير، قد أشرف على عسكر معاوية، عندما جاءه رسول الإمام علي (عليه السلام) أن ائتني، فقال: ليس هذه بالساعة التي ينبغي لك أن تزيلني عن موقفي، إني قد رجوت الفتح فلا تعجلني، فرجع يزيد بن هانئ إلى علي (عليه السلام) فأخبره، فما هو إلا أن انتهى إلينا حتى ارتفع الرهج وعلت الأصوات من قبل الأشتر، وظهرت دلائل الفتح والنصر لأهل العراق، ودلائل الخذلان والإدبار على أهل الشام، فقال القوم لعلي: والله ما نراك أمرته إلا بالقتال!
قال: أرأيتموني ساررت رسولي إليه؟ أليس إنما كلمته على رؤوسكم علانية وأنتم تسمعون؟، قالوا: فابعث إليه أن يأتيك، وإلا فوالله اعتزلناك! فقال: ويحك يا يزيد قل له: اقبل فإن الفتنة قد وقعت، فأتاه فأخبره، فقال الأشتر: أبرفع هذه المصاحف؟ قال: نعم قال: والله ألا ترى إلى الفتح! ألا ترى إلى ما يلقون! ألا ترى إلى الذي يصنع الله لنا؟ أينبغي أن ندع هذا وننصرف عنه! قال له يزيد: أتحب أنك ظفرت هاهنا وأن أمير المؤمنين بمكانه الذي هو فيه سلم إلى عدوه! قال: لا والله لا أحب ذلك، قال: فافهم قد قالوا له، وحلفوا عليه، لترسلن إلى الأشتر فليأتينك أو لنقتلنك بأسيافنا كما قتلنا عثمان، أو لنسلمنك إلى عدوك. فأقبل الأشتر حتى انتهى إليهم وقال: يا أمير المؤمنين احمل الصف على الصف تصرع القوم، فتصايحوا: إن أمير المؤمنين قد قبل الحكومة، ورضي بحكم القرآن، فقال الأشتر: إن كان أمير
(٣٤)
المؤمنين (عليه السلام) قد أقبل ورضي فقد رضيت، فأقبل الناس يقولون: قد رضي أمير المؤمنين، قد أقبل أمير المؤمنين، وهو ساكت لا ينطق بكلمة، مطرق إلى الأرض. ثم قام فسكت الناس كلهم، فقال: إن أمري لم يزل معكم على ما أحب إلى أن أخذت منكم الحرب، وقد والله أخذت منكم وتركت، وأخذت من عدوكم ولم تترك، وإنها فيكم أنكى وأنهك إلا أني كنت أمس أمير المؤمنين فأصبحت اليوم مأمورا، وكنت ناهيا فأصبحت منهيا، وقد أحببتم البقاء وليس لي أن أحملكم على ما تكرهون، ثم قعد ” (1).
هل بعد هذا يقال: إن أمير المؤمنين (عليه السلام) كان راضيا؟ وهل كان بإمكانه سلام الله عليه إجبارهم على النهوض لقتال الظالمين؟ ولو كان إجبار الناس على الاستجابة للأمر الإلهي من مهام الرسل والأنبياء والأئمة، فلماذا عاتب القرآن القاعدين عن الجهاد بقوله تعالى:
(يا أيها الذين آمنوا ما لكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثاقلتم إلى الأرض) (التوبة / 38) ولما فر من فر من المسلمين من أصحاب محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) (ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين) (التوبة / 25) ولما فروا يوم أحد (إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان إنما استزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا) (آل عمران / 155).
وإن لم نكن في صدد تحقيق تاريخ بعض رؤساء العشائر الذين

(1) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم 2 / 217 – 218 – 219 – 220، طبع دار الجيل – بيروت.
(٣٥)

شاهد أيضاً

محاسبة النفس – الشيخ إبراهيم الكفعمي

الكلمات لم نستطع الوصول إلى معناها من كتب اللغة فتركناها كما هي. وفي الختام أتقدم ...