الرئيسية / من / طرائف الحكم / محاسبة النفس – الشيخ إبراهيم الكفعمي

محاسبة النفس – الشيخ إبراهيم الكفعمي

الكلمات لم نستطع الوصول إلى معناها من كتب اللغة فتركناها كما هي.
وفي الختام أتقدم بجزيل الشكر والثناء إلى كل من ساعدني في تحقيق هذا الكتاب ونشره، وأخص بالذكر الأستاذ المحقق الشيخ أسد مولوي، لمراجعته الكتاب من أوله إلى آخره، وإبداء ملاحظاته القيمة حوله.
سائلا المولى الجليل أن يوفق كل العاملين لخدمة مذهب أهل البيت عليهم السلام.
مؤسسة قائم آل محمد (عج) حرم أهل البيت – قم 15 شعبان المعظم – 1408 ه‍ ذكرى مولد قائم آل محمد المهدي فارس تبريزيان

(٣١)

محاسبة النفس

(٣٣)

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله السريع حسابه، الأليم عقابه.
وأشهد أن لا إله إلا الله، شهادة تؤمن صاحبها من عظائم الجرائم وجرائم العظائم، ولا يخاف في الله لومة لائم (١).
وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، الذي جعله الله على كافة أمته شهيدا ﴿يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا﴾ (2).
وبعد: فإنه قد أجمعت (3) الأنبياء والمرسلون، والأئمة الراشدون، أنه تعالى لجميع العباد بالمرصاد (4)، وأنهم سيناقشون يوم المعاد، وبطالبون بمثاقيل
(١) اقتباس من قوله تعالى (يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم) المائدة ٥: ٥٤.
(٢) آل عمران ٣: 30.
(3) في أ، ب: اجتمعت، وفي د: جمعت، وما أثبتناه من ج، وهو الأنسب.
(4) إشارة إلى قوله تعالى: (إن ربك لبالمرصاد) الفجر 89: 14.
(٣٥)

الذر، من الخير والشر ﴿فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره﴾ (١) ولا ينجي من هذه الأخطار الجليلة، إلا محاسبة (٢) النفس كل يوم وليلة.
فمن حاسب نفسه قبل أن يحاسب خف في القيامة (٣) حسابه، وحضر عند السؤال جوابه، وعظم يوم القيامة ثوابه (٤)، وحسن منقلبه وما به (٥).
ومن لم يحاسب نفسه، وأضاع يومه وأمسه، وتلفع (٦) بملاءة الهوى، وتعرى من لباس التقوى، وجب أن يطول في عرصات القيامة مقامه، وتدوم في مواقف يوم الطامة آلامه.
فحق على كل ذي علم، وحتم على كل ذي حزم:
محاسبة النفس اللوامة وتنبيه الروح النوامة فإن النفس بالطبع متمردة عن الطاعات، مستعصية عن العبادات، فكن لها من الواعظين ﴿وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين﴾ (7).
ففي الخبر: لا يكون الرجل من المتقين حتى يحاسب نفسه، فيعلم طعامه وشرابه ولبسه.
وعنه عليه السلام: قيدوا أنفسكم بمحاسبتها، واملكوها بمخالفتها، تأمنوا من الله الرهب، وتدركوا عنده الرغب، فإن الحازم من قيد نفسه
(١) الزلزلة ٩٩: ٧ و ٨.
(٢) في ب: إلا بمحاسبة.
(٣) في ب: يوم القيامة.
(٤) جملة: وعظم يوم القيامة ثوابه، لم ترد في أ، ب.
(٥) أي: مرجعه. اللسان ١: ٢١٨ أوب.
(٦) أي: التحف، والالتفاع والتلفع: الالتحاف بالثوب، وهو أن يشتمل به حتى يجلل جسده. اللسان ٨: ٣٢٠ لفع.
(٧) الذاريات ٥٥: 51.
(٣٦)

بالمحاسبة، وملكها بالمغالبة، وأسعد الناس من انتدب (1) لمحاسبة نفسه، وطالبها بحقوقه (2) في يومه وأمسه.
وعنه عليه السلام: الكيس من دان نفسه، أي: حاسبها، وعمل لما بعد الموت وطالبها.
فحاسب نفسك قبل أن تحاسب، وطالبها قبل أن تطالب، وقل لها (3):
يا نفس:
احزمي (4) أمرك، فما لك بضاعة إلا عمرك، فلا تفنيه في مآربك (5)، ولذاتك ومطالبك، لأنه إذا فني رأس المال حصلت الخسارة، ووقع اليأس عن التجارة.
شعر:
إذ كنت أعلم علما يقينا * بأن جميع حياتي كساعة فلم لا أكون ضنينا (6) بها * واجعلها في صلاح وطاعة
(1) في أ: من انقاد.
(2) في ب: حقوقها.
(3) في ب: يا نفس: فحاسبي نفسك قبل أن تحاسبي، وطالبيها قبل أن تطالبي، وقولي لها:…
(4) من الحزم، وهو: ضبط الرجل أمره والحذر من فواته. مجمع البحرين 6: 39 حزم.
وفي أ: احرضي، وفي ج، د: اجزمي، وما أثبتناه من ب، وهو الأنسب.
(5) أي: حاجاتك. اللسان 1: 208 أرب.
(6) أي: شحيحا. مجمع البحرين 6: 275 ضنن.
(٣٧)

يا نفس:
وهذا يوم جديد، وهو عليك شهيد، فاعملي فيه لله بطاعته، وإياك إياك من إضاعته، فإن كل نفس من الأنفاس، وحاسة من الحواس، جوهرة عظيمة، ليس لها من قيمة.
شعر:
أولى الذخائر في الحماية * والرعاية والحراسة عمر الفتى فهو النهاية * في الجلالة والنفاسة وحذار من تضييعه * إن كنت من أهل الكياسة يا نفس:
إن اليوم والليلة أربع وعشرون ساعة، فاشتغلي فيها بالطاعة، فقد ورد في الخبر، عن سيد البشر:
أنه ينشر (1) للعبد كل يوم أربع وعشرون خزانة، بعضها فارغة وبعضها ملآنة:
فإذا فتحت له خزانة الحسنات، والمراضي والمثوبات، ناله من الفرح والسرور، والبهجة والحبور، بمشاهدة تلك الأنوار، التي هي وسيلة عند الملك الجبار، ما لو وزع على أهل النار، لأدهشهم ذلك الفرح عن ألم السعار (2).
(١) في ب: ينثر.
(٢) في أ: السعار بالضم: حر النار وشدة الجوع أيضا، وسعرناهم بالنبل: أحرقناهم، قاله الجوهري.
الصحاح ٢: ٦٨٤ سعر.
(٣٨)

شاهد أيضاً

على خطى الحسين (عليه السلام) د. أحمد راسم النفيس

المستوى السياسي، وسنقرأ بعد هذا بعض ردود أفعال من كانوا في صف الإمام علي، (عليه ...