الرئيسية / محاضرات هادفة / هبة السماء ، رحلتي من المسيحية إلى الإسلام

هبة السماء ، رحلتي من المسيحية إلى الإسلام

(يحيى) (عليه السلام) ومن ثم دعاه عيسى (عليه السلام) فاتبعه وأخيه يعقوب، فأصبح هو ويعقوب وبطرس من التلامذة المقربين ليسوع (عليه السلام).
وينقل أيضا أن كاتب هذا الإنجيل هو يوحنا الشيخ ويعتقد أنه (يوحنا الشيخ) هو نفسه يوحنا الرسول. وقد ذكر أن الهدف من كتابة هذا الإنجيل هو تثبيت الكنيسة الأولى في الإيمان بحقيقة لاهوت المسيح (عليه السلام) وناسوته ودحض البدع المضلة التي كان فسادها آنذاك قد تسرب إلى الكنيسة، كبدع الدوكنيين، والغنوسيين وغيرها (1).
ويوحنا هذا مع أنه هرب مع بقية التلاميذ لما أمسك بالمسيح (عليه السلام) ولكنه كما ينقل يوحنا في إنجيله (19 – 26) أودعه المسيح (عليه السلام) العناية بأمه العذراء مريم (عليها السلام).
ويشكك بعض علماء العهد الجديد في صحة نسبة هذا الإنجيل إلى يوحنا، إذ ينقل (برطشنيدر) إن هذا الإنجيل كله وكذا رسائل يوحنا ليست من تصنيفه، بل إنما صنفه بعضهم في ابتداء القرن الثاني ونسبه إلى يوحنا ليعتبره الناس. ورجح البعض الآخر أن هذا الإنجيل هو من تأليف طالب من طلبة الإسكندرية. وأما زمن كتابة هذا الإنجيل فيحتمل أنه كتب بين سنة 96 – 100 ميلادية.
وإذا عرف زمان شهادة يوحنا الرسول لأمكن معرفة صحة انتساب هذا الإنجيل إليه أو لا، ولكن في زمن شهادته اختلاف أيضا،
(1) قاموس الكتاب المقدس: ص 1110.
(٣٦)

إذ يقول البعض أنه استشهد سنة 100 ميلادية، بينما يعتقد آخرون أنه كان سنة 70 ميلادية.
وأما مضمون هذا الإنجيل فإنه يختلف تماما عن بقية الأناجيل كما ذكرنا، إذ أنه يجسد بوضوح الناحية الإلهية من حياة يسوع المسيح (عليه السلام). والمسيحيون يعتمدون على هذا الإنجيل في إثبات ألوهية المسيح (عليه السلام) أكثر من بقية الأناجيل، إضافة إلى ذلك فإنه ينقل للمسيح (عليه السلام) بعض المعاجز التي لم تذكر في أي من الأناجيل السابقة.
سفر أعمال الرسل هذا هو عنوان السفر الخامس من أسفار العهد الجديد. وترجع هذه التسمية إلى القرن الثاني الميلادي، وفي الحقيقة فإن هذا الاسم لا يدل على أن السفر يذكر كل أعمال الرسل، بل القصد من السفر هو إظهار كيفية تأسيس الكنيسة المسيحية، وانتشار المسيحية بين اليهود.
وابرز شخصية في القسم الأول من السفر هي شخصية بطرس الرسول رئيس الكنيسة، وأما الشخصية البارزة في القسم الثاني من السفر فهي شخصية بولس.
إضافة إلى ذلك فإن السفر يذكر شخصيات وأعمال غيرهما من الرسل في مناسبات عدة.

(٣٧)

والسفر معنون باسم رجل يدعى ثاوفيليس، وهو نفسه الذي كان قد أهداه الإنجيل. ويعتقد أن مؤلف هذا السفر هو نفسه لوقا الإنجيلي، وقد كتب بين سنة 64 – 70 ميلادية، باللغة اليونانية التي كتب بها إنجيل لوقا.
الرسائل وتتألف الرسائل من قسمين رئيسين، أولهما رسائل بولس وثانيهما الرسائل العامة.
رسائل بولس: نرى من الضروري قبل كل شئ التعريف بشخصية بولس فنذكر نبذة مختصرة عن حياته:
أن المعلومات المتوفرة عن شخصية بولس موزعة بين سفر أعمال الرسل ورسائله.
ولد بولس في طرسوس من قيلقيية في السنة العاشرة للميلاد تقريبا، وكان أبوه يهوديا من سبط بنيامين، وكسائر صبيان اليهود تعلم حرفة صنع الخيام للاكتساب منها، وبدأ تحصيله في طرسوس التي كانت مركزا علميا إذ كانت مركزا للفلسفة الرواقية التي ظهر تأثيرها في كثير من تعبيرات بولس عن المبادئ المسيحية.
وسافر بولس إلى أورشليم – القدس وعمره 20 أو 22 سنة

(٣٨)

حينما شرع المسيح برسالته (1).
وبولس له اسمان الأول عبري وهو شاؤل ومعناه (المطلوب) وهو المذكور في أعمال الرسل حتى الفصل الثالث عشر. والآخر بولس ومعناه (الصغير) وهو المذكور في بقية فصول سفر أعمال الرسل وفي كل الرسائل.
وحضر في أورشليم عند أحد أكابر علماء الشريعة اليهودية واسمه (جملاييل): وكانت له ثقافة يونانية – رومانية إضافة إلى ثقافته اليهودية، وكان يعرف اللغة الآرامية والعبرية واليونانية (2). وكان حارا حاذقا شديد الانفعال، وكان من طبعه أنه لا ينقاد إلى الاتفاق مع الذين يخالفونه، على أن الله قهر عنفه الطبيعي وحدة خلقه (3).
والنقطة المهمة والمتيقن منها في حياة بولس هي أنه تبوأ مكانة عند علماء اليهود، وعند ظهور الدعوة المسيحية شن حربا شعواء ضد المسيحيين، فقد كان يضطهدهم كثيرا، وكان من الذين ساقوا التهم إلى أول شهيد في المسيحية (إستفانوس)! فكان شخصا متعصبا لليهودية، وكان له النصيب الأوفر في ملاحقة أتباع المسيح (عليه السلام) وقطع دابرهم، ولم يكتف بملاحقتهم في أورشليم بل لا حقهم خارجها أيضا.
فالتمس من عظيم الأحبار في أورشليم رسائل إلى مجامع
(1) قاموس الكتاب المقدس: ص 196.
(2) المسيح في الفكر الاسلامي: ص 139.
(3) تفسير العهد الجديد ص 375.
(٣٩)

دمشق حتى يسوق إلى أورشليم كل من كان على هذه الملة، وفي طريقة إلى دمشق وحسب سفر أعمال الرسل: تراءى له يسوع المسيح (عليه السلام) وقاله له شاول، وشاول لماذا تضطهدني فانقلب حاله ثم دخل دمشق وبعد ثلاثة أيام جاءه حننيا وعمده، فتحول بولس من مضطهد إلى مناصر للمسيحية، وبعدها أختاره المسيح (عليه السلام) ليبشر بالعقيدة المسيحية إلى الوثنيين.
فبدأ تبشيره إلى جميع الأمم في آسيا وأوربا فذهب إلى بلاد العرب وفلسطين وسوريا ولبنان وتركيا ويونان وقبرص ورومية وربما أيضا إسبانيا، وكانت خاتمة حياته أنه استشهد في روما سنة 67 م (1).
وفي الحقيقة نستطيع القول أن بولس هذا صار الرجل الأول في المسيحية بعد يسوع (عليه السلام) إذ أنه ارتفع صيته وشهرته حتى على الرسل الاثني عشر، وترجع أغلب عقائد المسيحية إليه وسنشير إلى ذلك لاحقا أن شاء الله تعالى.
ولم يكتب بولس أكثر هذه الرسائل بل أملاها على غيره وكثيرا ما كان يخرج عن موضوعه لسبب عروض كلمة أو أمر تذكره أو كان يخشاه (2).
(1) لاحظ سفر أعمال الرسل ورسائل بولس.
(2) تفسير العهد الجديد: ص 374.
(٤٠)

شاهد أيضاً

ما روي عن الامام الباقر عليه السلام فقرات من مواعظه عليه السلام

بسم الله الرحمن الرحيم اللهم صل على محمد وآل محمد تحف العقول للشيخ الحراني ــ ...