الرئيسية / مقالات متنوعة / حسابات نتنياهو – ترامب تصطدم بصخرة الصمود الإيراني

حسابات نتنياهو – ترامب تصطدم بصخرة الصمود الإيراني

علي عبادي

انتهى العدوان “الإسرائيلي”- الأميركي على إيران بصورة مختلفة عما بدأ:
ضربة إيرانية لقاعدة “العديد” التي تحتضن مقر القيادة الوسطى الأميركيةـ من دون أن تستتبع ردًا أميركيًا، وضربة أخرى للداخل “الإسرائيلي”، استمرت إلى ما بُعيد توقيت ترامب لوقف النار وأوقعت قتلى.

بلغ العدوان نهايته، مبدئيًا، من دون تحقيق أي من أهدافه المعلنة:

1. تدمير قدرات إيران النووية؛ حتى العدو يقول إنه لا يوجد لديه تقييم لنتائج الضربة الأميركية لمنشأة “فوردو”. وفي الأساس، يقول الإيرانيون إن البرنامج النووي هو في عقول الباحثين الإيرانيين قبل أن يكون في أجهزة تخصيب اليورانيوم، ولا يمكن القضاء عليه بضربة عسكرية، ويعبّرون بالقول: “البرنامج النووي هو مثل قطار بلا مكابح”. 

2. القضاء على قدرات إيران الصاروخية الخارقة للدفاعات الجوية؛ والمفارقة أن العدو عاين موجة جديدة منها، في صباح “وقف النار”، حين لم يتمكّن من صدّها أو الرد عليها. 

3. تهيئة الأرضية لإسقاط نظام الجمهورية الاسلامية؛ وهنا، تحققَ العكس تمامًا. يوجد الآن اصطفاف وطني عريض حول الدولة في إيران، خاصة بعدما أفصحت تصريحات العدو وغاراته الجوية عن الرغبة في تفكيك إيران وزرع الفوضى فيها. 

إزاء ذلك، اضطر نتنياهو إلى الطلب من ترامب، بعد ظهر يوم أمس الاثنين، إعلان وقف النار. وهنا؛ بالضبط وضع الجانب الإيراني لمسته النارية على جرح الجبهة الداخلية “الإسرائيلية”؛ فاضطر “الإسرائيلي” ومعه الأميركي إلى ابتلاع الضربتين وتسويق وقف النار على أنه نجاح كبير. 

إلى متى؟ 

مما لا شك فيه أنه وقف هش لإطلاق النار، حيث لا توجد مبادرة تشير إلى استئناف المفاوضات النووية في وقت قريب. إذا كان الأميركي يرى أنه قضى على البرنامج النووي الإيراني ولم يعد هناك حاجة إلى المفاوضات، فهذا لا يريح الجانب “الإسرائيلي” الذي يريد تفكيك البرنامج من أساسه واغتيال العلماء الإيرانيين النوويين. 

لم يتحقق هدف ترامب بجرّ إيران إلى “استسلام غير مشروط”، وهو الآن يتمنى لإيران مستقبلًا عظيمًا، كعادته في تنميق الكلمات الجميلة عندما يخفق في ترجمة سطوته في التعامل مع الأقوياء.  

أما نتنياهو؛ فقد أدرك متأخرًا أن انخراط الولايات المتحدة الأميركية في الحرب لن يتعدى ما حصل من قصف لمنشآت نووية إيرانية. وذلك لأسباب أميركية عدة تبدأ بالاقتصاد، ولا تنتهي بالتخوف من تورط قد يطول في حرب جديدة تستنزف القدرات العسكرية الأميركية؛ بينما تريد بلاده التركيز على الصين. 

ما حققه العدو

1. تمكّن العدو، في الضربة الافتتاحية الغادرة، من اغتيال خيرة من القادة العسكريين والنوويين الإيرانيين، بعضهم كان على رأس عمله، وآخرون استشهدوا مع عائلاتهم في منازلهم. 

2. تمكّن العدو من فرض سيطرة جوية واسعة فوق إيران بفعل تقدم سلاحه الجوي. ويجب الأخذ بالحسبان؛ أن ذلك لم يكن ممكنًا لولا التسليح والمساندة الإستخبارية واللوجستية والتمويل من الولايات المتحدة. بهذا المعنى، كل حرب تشنها “إسرائيل” إنما تخوضها بالقدرات الأميركية غير المحدودة. بينما تعتمد إيران على قوتها الذاتية، وغالبًا على إنتاجها العسكري الخاص، ما يجعل أي محاولة للمقارنة في مجال سلاح الجو غير موضوعية، ومحاولة للتقليل من أهمية التطور الذي أحرزته إيران التي لا يتوفر لها ظهير دولي مماثل. 

3. نجح العدو في نسف طاولة المفاوضات غير المباشرة بين الجانبين، إيران وأمريكا، وجرّ ترامب إلى مربّعه في مواجهة إيران. لكن هذا النجاح لم يكتمل وفقًا لما أراده نتنياهو. ثمة مأزق عسكري صهيوني بعد أن استطاعت إيران إحداث توازن ردع، ومأزق سياسي أميركي ناجم عن عدم القدرة على توظيف نتائج الحرب في أي مفاوضات مستقبلية مع إيران، لأن ورقة التهديد بالخيار العسكري استُنفدت، والنتائج لم تكن حاسمة لمصلحته إلى درجة قد تساعده في فرض شروطه المعروفة. 

ما حققته ايران

1. هذه أول حرب مباشرة تخوضها الجمهورية الإسلامية الإيرانية مع الكيان الصهيوني. وقد نجحت في تحويل التهديد الذي طال أراضيها ومنشآتها وقواتها المسلحة ونظامها السياسي إلى فرصة لتأكيد استحالة القضاء عليها بالقوة العسكرية، أو إلغاء دورها على الصعيد الإقليمي. بهذا المعنى، كان العدو يفترض أن الحرب ستضرب قدرات إيران، وستشلّ دورها الإقليمي، لكن النتائج تعيد فرض الحضور القوي للجمهورية الإسلامية، وهي التي تجرؤ على ضرب “اسرائيل”، ليلًا ونهارًا، وضرب القاعدة الأميركية الأكبر في المنطقة، وهذا له ما بعده من حسابات.  

2. هذه الحرب كانت فرصة لكي تردّ إيران بالفعل على المخذّلين الذين كانوا يروجون، طوال الوقت، أن إيران لا تريد أن تردّ على “إسرائيل” ولا على أمريكا، أو ليست لها القدرة على ذلك. 

3. تمكّنت إيران من فرض توازن رعب حقيقي على الكيان عطّل مناحي الحياة العامة، وقد أوقعت خسائر وأضرارًا جسيمة في منشآت ومواقع مهمة، استخبارية وعسكرية واقتصادية، تكتم العدو عنها. 

4. بخلاف ما حدث في اليوم الأول من نشوة انتصار في كيان العدو، حكومةً ومستوطنين، أدت العمليات العسكرية الإيرانية، وبوتيرة يومية في الصباح والظهر والمساء وساعات الفجر، إلى هزّ ثقة المستوطنين بقدرات جيشهم على حمايتهم وعلى حسم الحرب. وبالتالي، عندما طال الوقت؛ وجد كثيرون أن العيش في الملاجئ مُتعب جدًا، ولا يوفر حماية مطلقة أمام الصواريخ الإيرانية، وأصبحت فكرة الجلاء عن الكيان مستساغة، ما أدى إلى هجرة حاولت سلطات الاحتلال السيطرة عليها بضبط عمليات المغادرة.

5. تمكّنت إيران من اختبار فاعلية صواريخها المتعددة الأنواع، في ساحة حرب حقيقية، وتعرّفت إلى القدرات الفعلية لكل منها في حقلِ تجاوز دفاعات العدو والوصول إلى أهدافها المحددة. ومن شأن ذلك أن يساعد الباحثين العاملين في تطوير هذه القدرات في إدخال تحسينات جديدة، بما يتلاءم مع ساحة الحرب مستقبلًا، بينما يجري العدو هو الآخر تقييمًا لأوجه الإخفاق في أنظمته الدفاعية. 

6. أظهرت الحرب ثغرات مهمة في الجانب الأمني، لاسيما تغلغل خلايا للعدو في مناطق إيران المختلفة، وهي التي شاركت في الضربة الافتتاحية بمسيّرات مفخخة وتوفير المعلومات للعدو عن انتشار المنصات الصاروخية وبطاريات الدفاع الجوي والشخصيات العلمية والعسكرية. لكن تمكّنت الأجهزة الأمنية الإيرانية من تفكيك العديد من هذه الخلايا، ومن المتوقع أن يتيح وقف النار فرصة لتزخيم حملة ملاحقة هذه الخلايا التي تتسلل إلى البلاد من منافذ دول مجاورة، على امتداد حدود إيران الطويلة. 

7. في وقت أراد العدو فيه أن تحدث الحرب صدعًا وفوضى في داخل إيران، أسهمت مجرياتها في تحشيد الإيرانيين خلف قيادتهم بشكل لم يسبق له مثيل، منذ مدة طويلة. لقد تغلبت المشاعر الوطنية على الاختلافات السياسية والخلافات الجزئية، وظهر ذلك في تصريحات لإيرانيين كانوا ينتقدون نظامهم باستمرار، لكنهم رأوا أن العدوان الخارجي، لا سيما من جانب “إسرائيل”، يفرض تناسي أية ملاحظات الآن والعمل لإفشال أهداف العدو.

في الحصيلة، وقفت إيران وحيدة بينما دول الغرب تبارك “حرب إسرائيل القذرة بالنيابة عنا”، وفقًا لتعبير مستشار ألمانيا، ومجلس الأمن لم يتمكّن من أخذ قرار بوقف النار، والوكالة الدولية للطاقة الذرية عاجزة هي الأخرى عن النطق بإدانة ضرب منشآت نووية تخضع لمراقبتها. مع ذلك، صمدت الجمهورية الإسلامية أمام موجة عاتية، وتمكّنت من توجيه ضربات قاسية للعدو دفعته لطلب وقف النار.

هي جولة قتال استعدّ لها الكيان الصهيوني، منذ سنوات طويلة، بالمشاركة مع الولايات المتحدة ودول أخرى في مناورات جوية مشتركة ومحاكاة على عمليات هجومية، وبتحضير وسائل القتال اللازمة. واستعدّت لها إيران، من جهتها، في المناورات والتطوير الصاروخي الذي يعوّض نسبيًا عن انعدام التكافؤ في سلاح الجو. والآن، فإن وقف النار، إذا صمد، لن يلغي مساعي العدو لإبقاء الأنظار مركزة على إيران بهدف تهيئة الأجواء لافتعال حرب جديدة، على أمل أن تشارك الولايات المتحدة فيها بصورة أكبر من قبل. 

لقد ربط العدو مصيره ووجوده بهذه المواجهة، وأصبح ذلك مؤكدًا بعد النتائج المخيبة لهذه الجولة التي لم تحقق له الأهداف الاستراتيجية الكبرى، والتي شخّصها مبكرًا.

المصدر : موقع العهد الإخباري

إقرأ المزيد

الإمام الخامنئي يحذر من التدخل العسكري الأمريكي في الحرب

الإمام الخامنئي: على الكيان الصهيوني أن ينتظر عقاباً شديداً

الإمام الخامنئي: صمود الشعب في مواجهة املاءات القوى الكبرى دليل واضح على الاقتدار الوطني الراسخ

الإمام الخامنئي في نداء إلى حجّاج بيت الله الحرام: لمواجهة الكارثة الإنسانيّة في غزة

الإمام الخامنئي: ثورة الإمام أسقطت مكانة أمريكا.. تخصيب اليورانيوم هو مفتاح القضية النووية

الإمام الخامنئي: عضوية إيران في «شنغهاي» و«بريكس» فرص مهمة للبلاد

الإمام الخامنئي يؤكد على ضرورة التحرك المؤثر لوقف الجرائم في غزّة

الإمام الخامنئي: إيران لا تنتظر الأذن من أحد لتخصيب اليورانيوم

ياراحلا من بيننا وانت مغفور الذنوب ( أنا على العهد )

الشيخ قاسم في ذكرى رحيل الإمام الخميني (قده): نعيش الأمل بانتصار الحقّ على الباطل 

كلمة الشيخ قاسم لمناسبة عيد المقاومة والتحرير

الشيخ قاسم في عيد المقاومة والتحرير: “إسرائيل” ستهزم وعلى الدولة التحرك بفعالية أكبر

السيد الحوثي: إيران متماسكة والعدو “الإسرائيلي” تورّط في عدوانه عليها

السيد الحوثي: تصعيد العدوان على غزة يدفعنا نحو التصعيد ضدّ العدوّ “الإسرائيلي”

السيد الحوثي: سنصعّد عملياتنا أكثر.. واستهدفنا مطار اللد بـ3 صواريخ في أسبوع

السيد الحوثي: عملياتنا دفعت واشنطن لإيقاف العدوان.. وجاهزون لأي تصعيد جديد

السيد الحوثي: العدوان الأميركي على اليمن مساند للعدو ا

لإسرائيلي

ندعوكم لدعم موقع الولاية الإخبارية ماديارابط الدعوة تليجرام:

https://t.me/+uwGXVnZtxHtlNzJk

رابط الدعوة واتساب:

https://chat.whatsapp.com/GHlusXbN812DtXhvNZZ2BU

رابط الدعوة ايتا :الولاية الاخبارية

سايت اخباري متنوع يختص بأخبار المسلمين حول العالم .

https://eitaa.com/wilayah

مقالات متنوعة

إسرائيل أرادت هزيمة إيران، الآن هل هزمت؟

الصدى العالمي لمذيعة قناة أخبار إيران خانم امامي وشجاعتها أثناء الاعتداء

تدخل أمريكا في الحرب سيسبب دمارها ودمار دول الخليج وقتها لا توجد تعويضات

الحرب مع ايران ليس سهلة لأن نهايتها بيدهم، دامت مع العراق ثمان سنوات واليوم كم تدوم؟

إيران مستعدة ومتعطشة للحرب وإسرائيل دمرت فماذا حققت الأخيرة من هذه العملية

اسرائيل ضربت إيران اليوم وقتلت قادة ماذا نتوقع من إيران؟ وكيف سيكون الرد؟

ماذا تستوحي من عيد الغدير في كل سنة وهل من جديد؟

الشيعة في سجون الحاكم من زمن معاوية إلى زمن صدام،بالتواريخ

في الظاهر قوات أمريكية قادمة إلى الشرق والخفي القوات تنسحب ما الخطب

سفينة الحرية لعام 2025 لكسر الحصار عن غزة

المنتصر إبراهيم (عبد القادر)

إيران النووية… هواجس أمريكا من بزوغ قوّة جديدة في سوق الطاقات المتجددة

 يحاولون منعها من التخصيب

هل يمكن الاتفاق بين ايران وامريكا؟ بالادلة

الضمير الأوروبي ينتفض نصرةلفلسطين هل يؤثر الشارع على الأنظمة الحاكمة

كيف يمكن وقف مجازر الكيان في غزة

أسباب زيارة رئيس وزراء باكستان لأيران ولقائه بالامام الخامنئي

فوز القاعدة الشعبية في لبنان بالاتخابات آفاق ودلالات

كيف يتوقف نزيف الدماء في غزة؟ بالادلة

هل الشرك بالله من مصاديقه التطبيع؟

ترامب وإسرائيل تحول حقيقي أم مسرحية سياسية؟

هل الزمن الحالي للقوة الحوثية في المنطقة؟ بالادلة

مشكلت الكهرباء في العراق ترجع إلى منع أمريكي مستمر ماهو السبب؟مع الادلة

العراق وإيران توجد بينهم روابط جوار والفه بينما أمريكا أتت من بعد البحار تريد حل الحشد

خور عبد الله التابع للعراق – بالأدلة القانونية

هل جلسات التفاوض بين ايران وامريكا مجدية؟ – حيدري نظر

——————-

روضات الشهداء .. محطّ رحال القلوب

مسيرات شعبية في إيران دعمًا للقيادة والقوات المسلحة في مواجهة العدوان الصهيوني

في تأبين الراحل الدكتور نزار الحيدري في مؤسسة الابرار الاسلامية في لندن

مع الطب في القرآن الكريم – الدكتور محمد علي البار 14

تفسير غريب القرآن

الوجيز في علوم القرآن

علوم القرآن محاضرات القاها حجة الاسلام السيد محمد باقر الحكيم

تفسير الميزان : السيد الطباطبائي

حزب الله وافاق المستقبل – عبد الستار الجابري

الصوم وكمال الانسان – الدكتور عبد الستار الجابري 02

في رحاب الشيعة – الشيخ باقر شريف القرشي 06

هبة السماء ، رحلتي من المسيحية إلى الإسلام

الصراط المستقيم

أبناء الرسول صلى الله عليه وأله في كربلاء

منهج في الإنتماء المذهبي – صائب عبد الحميد

شبهات وردود – السيد سامي البدري

الاثنا عشرية في الصلاة اليومية

الأذان بين الأصالة والتحريف – للسّيّد علي الشهرستاني

فاسألوا أهل الذكر – الدكتور محمد التيجاني

مكيال المكارم في فوائد الدعاء للقائم

الكبائر من الذنوب

علموا اولادكم السباحة والرماية وركب الخيل

محاسبة النفس – الشيخ إبراهيم الكفعمي

بصــــــائر الدرجــــــات

الطفل بين الوراثة والتربية

أوضاع المرأة المسلمة ودورها الإجتماعي من منظور إسلامي

الأسرة وقضايا الزواج

قصيدةُ [ ضَرَبَتْ إِيرانُ صُهْيُونَ اللَّعِينْ ]

قصص المعصومين (عليهم السلام )

نهج البلاغة – خطب الإمام علي (عليه السلام)

صفات الشيعة – الشيخ الصدوق

أمراض القلب والشرايين والسرطان من أبرز أسباب الوفاة لدى المسنين.

00

شاهد أيضاً

مآثر العلماء في الطريق الى الله ٦

الرؤيا الصادقة قبل ما يقارب أو يكثر عن الأربع سنوات كنت ذات ليلة أتحدث  مع ...