الرئيسية / كلامكم نور / مفاهيم القرآن (العدل والإمامة) – الشيخ جعفر السبحاني – ج 1٠

مفاهيم القرآن (العدل والإمامة) – الشيخ جعفر السبحاني – ج 1٠

الفصل الثالث مظاهر العدل الإلهي في عالم التشريع والجزاء آيات الموضوع 1 – * (فمن عفي له من أخيه شئ فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان ذلك تخفيف من ربكم ورحمة فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم) *. (1) 2 – * (وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون) *. (2) 3 – * (وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة وأن تصدقوا خير لكم إن كنتم تعلمون) *. (3) 4 – * (وليملل الذي عليه الحق وليتق الله ربه ولا يبخس منه شيئا) *. (4) قد سبق أنه سبحانه وصف نفسه بقوله: * (قائما بالقسط) *، وتلك الفقرة
(١) البقرة: ١٧٨.
(٢) البقرة: ٢٧٩.
(٣) البقرة: ٢٨٠.
(٤) البقرة: ٢٨٢.
(٢٦)

حاكية عن أنه سبحانه قائم بأعباء القسط في جميع المجالات تكوينا وتشريعا، أما التكوين فقد وقفت على نماذج من التعادل الذي هو حجر الأساس لبقاء السماء والأرض واستقرار الحياة على وجه البسيطة.
بقي الكلام في مظاهر عدله في عالم التشريع، ولنذكر نماذج من ذلك:
1 – فرض سبحانه الصيام على كل مكلف، وقال: * (كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون) *. (1) وفي الوقت نفسه استثنى المريض والمسافر ومن يصوم ببذل الجهد الكبير، قال سبحانه: * (فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين) *. (2) فأوجب على المريض والمسافر القيام بأعباء هذا التكليف بعد استعادة صحته أو رجوعه إلى الوطن، كما أنه اكتفى فيمن يصوم ببذل جهد كبير كالهرم، بالتكفير وإطعام مسكين.
2 – لا شك أن في القصاص حياة لأولي الألباب، وفي المثل المعروف: ” إن الدم لا يغسله إلا الدم “، ومع ذلك كله فقد أجاز لولي الدم أن يسلك طريقا آخر وهو إبدال القصاص بالدية، فقد شرع ذلك، وقال: * (فمن عفي له من أخيه شئ فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان ذلك تخفيف من ربكم ورحمة فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم) * (3). فالإصرار على أحد الحكمين ربما يولد الحرج، فخير ولي الدم بين القصاص وأخذ الدية حتى يتبع ما هو الأفضل والأصلح لتشفي القلوب واستقرار الصلح في المجتمع.
(١) البقرة: ١٨٣.
(٢) البقرة: ١٨٤.
(٣) البقرة: ١٧٨.
(٢٧)

3 – لا شك أن الربا من أعظم الجرائم وأكبرها، كيف وقد وصف المرابي بالمحارب، وقال: * (فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله) * (1) ومع ذلك فإذا تاب المرابي من عمله فقد احترم ماله الذي اقترضه، فعلى المقترض رد رأس ماله فقط، قال: * (وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون) *.
وفي الحقيقة هذه الفقرة أي * (لا تظلمون ولا تظلمون) * شعار كل مسلم في عامة المجالات وهو لا يظلم ولا يتحمل الظلم.
4 – حث الناس على الإقراض وجعل أجره عشرة، قال سبحانه: * (من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها) * (2) وهو عام يعم كل حسنة ومنها الإقراض، ومع ذلك كله فإذا عجز المقترض عن أداء قرضه وصار ذا عسرة أمر المقرض بالصبر حتى يستطيع المقترض من دفع دينه، قال سبحانه: * (وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة و أن تصدقوا خير لكم إن كنتم تعلمون) *. (3) 5 – يأمر سبحانه المقرض والمقترض أن يكتبا سندا للدين، وفي الوقت نفسه يأمر الكاتب أن يكتب بالعدل من دون تحيز إلى واحد من الطرفين، يقول سبحانه: * (يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه وليكتب بينكم كاتب بالعدل) *. (4) 6 – يأمر سبحانه من عليه الحق أن يملي كما هو عليه، من دون نقيصة ولا زيادة، يقول سبحانه: * (وليملل الذي عليه الحق وليتق الله ربه ولا يبخس منه شيئا) *. (5)
(١) البقرة: ٢٧٩.
(٢) الأنعام: ١٦٠.
(٣) البقرة: ٢٨٠.
(٤) البقرة: ٢٨٢.
(٥) البقرة: ٢٨٢.
(٢٨)

شاهد أيضاً

هل توقفت الحرب على غزة ؟ وما هو مصير القطاع وأبنائه في اليوم التالي؟

2025-10-10  شارل أبي نادر  حتى الآن؛ المعطيات المرتبطة كلها بترتيب وقف الحرب على غزة وعملية ...