لم يعلم قارون أن بطاقة السحب الآلي التي في جيوبنا تغني عن مفاتيحه التي يعجز عن حملها أشداء الرجال …
ولم يعلم كسرى فارس أن الكنبة التي بصالات بيوتنا أكثر راحة من عرشه …
وقيصر الذي كان عبيده يحركون الهواء الحار من فوق رأسه بريش النعام ، لم يرَ المكيفات التي نمتلكها في كل غرف منازلنا …
وهرقل الذي كان يشرب الماء من قنينة فخّار ويحسده من حوله على برودة الماء ، لم يشرب من برّادة الماء الموجوده لدينا …
والمنصور الذي كان عبيده يصبون الماء الحار مع البارد ممزوجاً ليستحم في الحمام العام وينظر لنفسه نظرة زهو لم يستحم يوماً تحت ماء نتحكم في درجة حرارته في حمامات منازلنا …
ورحلة الحج التي كانت تمكث بالأشهر على ظهور الإبل حتى للملوك ، ليست كرحلة حجنا تحتاج ساعة في الطائرات المكيفة …
والملك الذي يريد أن يطهون له بسرعة طعاما لذيذا ربما يستغرق ساعات حتى يشعلوا النار بالحطب مع الدخان المزعج ، بينما اليوم نشغل طباخاتنا بضغطة على زر فتشتعل النار بالغاز دون دخان ويحضر الطعام في ساعة واحدة …
ويشتهي الملوك السابقون عصير فاكهة فيجلبون كميات كبيرة يضعوها في صحون ضخمة ثم يبقى العبيد يطرقون لعل قطرات تخرج منها ، واليوم بواسطة العصارات والخلاطات الكهربائية نحصل على عصير الجزر والتفاح ووو خلال لحظات وننتعش بشربها …
نعيش عيشة لم يعشها الملوك بل لم يحلموا بها ومع ذلك فإن الكثير منا يندب حظه !!!
فكلما اتسعت النعم وكثرت وعجزت العين عن احصائها ، كلما ضاق الصدر وضجرت النفس وتأففت !!!
متناسين المرضى الراقدون في المستشفيات ، والسجناء الذين يقطنون السجون بلا حرية وأهل المشاكل في المحاكم والدوائر يركضون ولا يصلون لحلها …
اللهم لك الحمد على نعمك التي لا تعد ولا تحصى مما أنعمت بها علينا في ديننا ودنيانا من غير عمل عملناه نستحق به تلك النعم وإنما كل نعمك ابتداء وسبقت رحمتك غضبك …
اللهم أرزقنا شكرها قولا وعملا ، واغدق علينا من فيض كرمك وفضلك وجودك بالنبي وآله صلواتك عليه وعليهم أجمعين …