إن الدليل على أن الإمام علي عليه السلام وصل مرتبة النبوة وكان أهلا لهذا المقام العظيم ، هو حديث المنزلة المروي عن النبي (ص) في كتبكم المعتبرة أنه قال :
” يا علي ! أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي ” .
وتارة كان (ص) يخاطب الناس فيقول : ” علي مني بمنزلة هارون من موسى ” إلى آخره .
الحافظ : لا نعلم صحة هذا الحديث ، وعلى فرض صحته فهو خبر واحد ولا يعتد به ولا يعتمد عليه .
قلت : يظهر أنك قليل الاطلاع حتى على كتبكم والأخبار والأحاديث المروية فيها ، أو إنك تتجاهل الحقائق وتتناسى الأحاديث المروية عن طرقكم حتى وصل بعضها حد التواتر ، مثل هذا الحديث وأتعجب من قولك : إنه خبر واحد .. فكلامك هذا إما عن سهو أو عناد !
إسناد حديث المنزلة:
ولكي تعرف ويعرف الحاضرون صحة حديث المنزلة عندنا وعندكم ، فإني أذكر بعض أسانيده الحاضرة في ذهني وحافظتي بمقدار ما يسمح لي المقام ، حتى يعترف الكل أن هذا الحديث الشريف لم ينقل عن طرق واحد ، بل من طرق متعددة ، رواه كبار علمائكم ومحدثيكم ، وهو من الأحاديث المتواترة :
1ـ البخاري في الصحيح / 3 من كتاب المغازي في باب غزوة تبوك ، ومن كتاب بدء الخلق في باب مناقب علي عليه السلام .
2ـ مسلم بن الحجاج في صحيحه 2/236/237/ ط. مصر 1290 ، وفي كتاب فضل الصحابة / باب فضائل علي عليه السلام .
3ـ الإمام أحمد بن حنبل في المسند 1/98 و 118 و 119 في وجه تسمية الحسنين عليهما السلام .
فبعد ذكر هذه الأسانيد والمدارك المعتبرة من أعلام علمائكم ، وهي قليل من كثير ، هل أذعنت بصحة حديث المنزلة ؟ وهل تعترف بأنك كنت مشتبها في قولك : إنه خبر واحد لا يعتد !
الحافظ : لم يثبت التواتر بثلاثة مصادر ، بل يحتاج إلى ذكر مصادر أكثر حتى نقول وصل حد التواتر .
قلت :
أولا : كل مصدر من هذه المصادر التي ذكرتها يعادل عندكم بألف .
ثانيا : صرح بعض المحققين من علمائكم بتواتر حديث المنزلة ، مثل العلامة جلال الدين السيوطي في كتبه : ” الأزهار المتناثرة في الأحاديث المتواترة ” و ” إزالة الخفاء ” و ” قرة العينين” ففي هذه الكتب عد حديث المنزلة من الأحاديث المتواترة .
وإذا لم يزل في قلبك وتريد أن تطمئن فراجع كتاب : ” كفاية الطالب ” تأليف محمد بن يوسف الكنجي الشافعي ، وهو من أعلام علمائكم ، في الباب السبعين منه ، فإنه بعدما يروي الحديث عن عدة طرق يقول : هذا حديث متفق على صحته ، رواه الأئمة الأعلام .. إلى آخره .
فاكتفى بهذا المقدار ، وأظن أن الإبهام ارتفع والحافظ اقتنع .
الحافظ : أنا لست بلجوج ولا معاند ، ولكن أدعوك إلى مطالعة كلام العالم الفقيه أبي الحسن الآمدي ، الذي هو من المتكلمين المتبحرين ، فإنه يرد حديث المنزلة ويضعفه .
قلت أتعجب منك ! إذ أنك عالم وتدعي التحقيق والإنصاف ، ثم تعدل عن كبار علمائكم الموثقين بما فيهم أئمة أهل الحديث المجمع على صحة ما رووا كالبخاري ومسلم ، ثم تأخذ بقول الآمدي سيئ العقيدة والتارك للصلاة !!
الشيخ عبد السلام : الإنسان حر في بيان عقيدته ، فلا يجوز لأحد أن يتهم أحدا أظهر عقيدته في شيء يخالف المشهور ، ثم يُقَبح من مثلكم أن تتهجموا بسوء الكلام على فقيه ، بل يجب أن تردوه بالمنطق والدليل ، وخاصة جنابك ، حيث تجسد أخلاق أهل البيت رضي الله عنهم .
قلت :
أولا : إن كنتم تلتزمون بحرية العقيدة ، فلماذا ترمون الشيعة بالكفر والشرك وتجوزون قتلهم ونهب أموالهم ؟!
لذا فهم يخفون عقائدهم الحقة إذا عاشوا في بلادكم وبين أظهركم خشية القتل !
أم إنكم تقصدون حرية الآمدي فحسب ، وذلك في نصبه العداء ومخالفته لأهل البيت عليهم السلام ؟!!
ثانيا .. أنا لم أتهجم على الآمدي بسوء الكلام ، بل نقلت قول علمائكم الأعلام فيه .
الشيخ عبد السلام : أين ذكر علماؤنا الآمدي بسوء العقيدة وترك الصلاة ؟!