الرئيسية / من / الشعر والادب / العلامة الحلي يرثي الإمام الحسين عليه السلام

العلامة الحلي يرثي الإمام الحسين عليه السلام

أنى يخالط نفسك الانس * سفها ودهرك سعده نحس
ومن الحوادث ليس يمتنع * الثقلان لا جن ولا إنس
بل كل ربع فيه ناعية * وبكل فج مربع درس
وفجايع الأيام طائفة * شرقا وغربا شأنها الخلس

 
وأجلها يوم الطفوف فلا * وهم تصوره ولا حدس
يوم أبو السجاد ألقحها * شعواء تزهق دونها النفس
واسود مشرقها ومغربها * بالنقع حتى ماتت الشمس
لما طليقة جده وردت * لقتاله يقتادها رجس

 
يلقى الرماح بصدره وكأن * يوم الكريهة صدره ترس
فالشوس تأنس بالفرار كما * بالموت منه تأنس النفس
ويروم كل سبق صاحبه * هربا فيسبق جسمه الرأس
للمرهفات نفوسهم وجسومهم * للوحش لم يشقق لها رمس

 
وقال يرثي جده الإمام الحسين عليه السلام :
قد عهدنا الربوع وهي ربيع * أين لا أين أنسها المجموع
درج الحي أم تتبع عنها * نجع الغيث أم بدهياء ريعوا
لا تقل : شملها النوى صدعته * إنما شمل صبري المصدوع

 
كيف أعدت بلسعة الهم قلبي * يا ثراها ( 123 ) وفيك يرقى اللسيع
سبق الدمع حين قلت سقتها * فتركت السما وقلت الدموع
فكأني في صحنها وهو قعب * أحلب المزن والجفون ضروع
بت ليل التمام أنشد فيها * هل لماض من الزمان رجوع

 
وادعت حولي السجا ذات طوق * مات منها على النياح الهجوع
وصفت لي بجمرتي مقلتيها * ما عليه انحنين مني الضلوع
شاطرتني بزعمها الداء حزنا * حين أنت وقلبي الموجوع
يا طروب العشي خلفك عني * ما حنيني صبابة وولوع

 
لم يرعني نوى الخليط ولكن * من جوى الطف راعني ما يروع
قد عذلت الجزوع وهو صبور * وعذرت الصبور وهو جزوع
عجبا للعيون لم تغد بيضا * لمصاب تحمر فيه ( 124 ) الدموع
وأسا شابت الليالي عليه * وهو للحشر في القلوب رضيع

 
أي يوم رعبا به رجف الدهر * إلى أن منه اصطفقن الضلوع ( 125 )
أي يوم بشفرة البغي فيه * عاد أنف الاسلام وهو جديع
يوم أرسى ثقل النبي على الحتف ( 126 ) * وخفت بالراسيات صدوع
يوم ( 127 ) صكت بالطف هاشم وجه * الموت فالموت من لقاها ( 128 ) مروع

 
بسيوف في الحرب صلت فللشوس * سجود من حولها وركوع
وقفت موقفا تضيفت الطير * قراه فحوم ووقوع
موقف لا البصير فيه بصير * لاندهاش ولا السميع سميع
جلل الأفق منه عارض نقع * من سنا البيض فيه برق لموع

 
فلشمس النهار فيه مغيب * ولشمس الحديد فيه طلوع
أينما طارت النفوس شعاعا * فلطير الردى عليها وقوع
قد تواصت بالصبر فيه رجال * في حشى الموت من لقاها صدوع
سكنت منهم النفوس جسوما * هي بأسا حفائظ ودروع

 
سد فيهم ثغر المنية شهم * لثنايا الثغر المخوف طلوع
وله الطرف حيث سار ( 129 ) أنيس * وله السيف حيث بات ضجيع
لم يقف موقفا من الحزم إلا * وبه سن غبيره المقروع
طمعت أن تسومه القوم خسفا ( 130 ) * وأبى الله والحسام الصنيع

 
كيف يلوي على الدنية جيدا * لسوى الله ما لواه الخضوع
ولديه جأش أرد من الدرع * لضمأى القنا وهن شروع
وبه يرجع الحفاظ لصدر * ضاقت الأرض وهي فيه تضيع
فأبى أن يعيش إلا عزيزا * أو تجلى الكفاح وهو صريع

 
فتلقى الجموع فردا ولكن * كل عضو في الروع منه جموع
رمحه من بنانه وكأن من * عزمه حد سيفه مطبوع
زوج السيف بالنفوس ولكن * مهرها الموت والخضاب النجيع
بأبي كالثا على الطف خدرا * هو في شفرة الحسام منيع

 
قطعوا بعده عراه ويا حبل * وريد الاسلام أنت القطيع
وسروا في كرائم الوحي أسرى * وعداك ابن أمها التقريع
لو تراها والعيس جشمها ( 131 ) الحادي * من السير فوق ما تستطيع
ووراها العفاف يدعو ومنه * بدم القلب دمعه مشفوع

 
يا ترى فوقه بقية وجد * ملء أحشائها جوى وصدوع
فترفق بها فما هي إلا * ناضر دامع وقلب مروع
لا تسمها جذب البرى أو تدري * ربة الخدر ما البرى والنسوع ( 132 )
قوضي يا خيام عليا نزار * فلقد قوض العماد الرفيع

 
واملأي العين يا أمية نوما * فحسين على الصعيد صريع
ودعي صكة الجباه لوي * ليس يجديك صكها والدموع
أفلطما بالراحتين فهلا * بسيوف لا تتقيها الدروع
وبكاء بالدمع حزنا فهلا * بدم الطعن والرماح شروع
قل ألا قراع ملمومة الحتف * فواها يا فهر أين القريع

شاهد أيضاً

[ يا أَيُّها الصَّدْرُ الشَّهِيدُ الْبَطَلُ ] – قصيدةٌ من ديوان السّباعيّ الذّهبيّ في الشّعر العربيّ

[ يا أَيُّها الصَّدْرُ الشَّهِيدُ الْبَطَلُ ] – قصيدةٌ من ديوان السّباعيّ الذّهبيّ في الشّعر ...