28 – أبو الحسين أحمد بن منير العاملي الطرابلسي الشامي الملقب
مهذب الدين عين الزمان المشهور .
له ديوان شعر . . . حفظ القرآن وتعلم اللغة والأدب ، وقال الشعر
وقدم دمشق فسكنها ، وكان رافضيا كثير الهجاء – قاله ابن خلكان ( 2 )
وقال في ترجمة محمد بن نصر الخالدي : كان هو وابن منير المذكور
في حرف الهمزة شاعري الشام في ذلك العصر [ وجرت بينهما وقائع
وما جريات وملح ونوادر ] ( 3 ) ، وكان ابن منير ينسب إلى التحامل على الصحابة
ويميل إلى التشيع ، فكتب إليه – يعنى الخالدي – وقد بلغه انه هجاه ابن منير :
ابن منير هجوت مني ( 1 ) * حبرا ( 2 ) أفاد الورى صوابه
ولم تضيق ( 3 ) بذاك صدري * فان لي أسوة بالصحابة ( 4 )
– انتهى ( 5 ) .
وهذا الرجل كان من فضلاء عصره ، شاعرا أديبا ، قدم بغداد
وأرسل إلى السيد الرضي ( 6 ) بهدايا مع مملوكه ( تتر ) ، وكان مشهورا بحبه
له وتغزله به ، فأخذ الرضي الهدية والغلام ، فلما رأى ابن منير ذلك التهب
أحشاؤه ، وكان يضرب به المثل في الهزل الذي يراد به الجد ، فكتب إليه
قصيدة طويلة أذكر منها أبياتا دالة على تشيعه منها قوله :
بالمشعرين وبالصفا * والبيت أقسم والحجر
لئن الشريف الموسوي * أبو الرضا ابن أبي مضر
أبدى الجحود ولم يرد * علي مملوكي ( تتر )
واليت آل أمية * الغر الميامين الغرر
وجحدت بيعة حيدر * وعدلت عنه إلى عمر
وبكيت عثمان الشهيد * بكاء نسوان الحضر
ورثيت طلحة والزبير * بكل شعر مبتكر
وأقول أم المؤمنين * عقوقها إحدى الكبر
وأقول إن إمامكم * ولى بصفين وفر
وأقول إن أخطأ معاوية * فما أخطأ القدر
وأقول ذنب الخارجين * على علي مغتفر
وأقول ان يزيد ما * شرب الخمور وما فجر
ولجيشه بالكف عن * أولاد فاطمة أمر
وغسلت رجلي ضلة ( 1 ) * ومسحت خفى في سفر
وذكر نحو هذا في أنوار الربيع .
أقول : إذا لم يكن صاحب القصة هو الشريف المرتضى صاحب الشافي فلم
يكن الشريف الرضي صاحب كتاب نهج البلاغة قطعا ، لان الرضي توفى في حياة المرتضى ، فيكون الزمان أبعد ما بين الرضي وبين ابن منير .
وأقول في يوم تحار * له البصائر والبصر
والصحف ينشر طيها * والنار ترمى بالشرر
هذا الشريف أضلني * بعد الهداية والنظر
مالي مضل في الورى * إلا الشريف أبو مضر
فيقال خذ بيد الشريف * فمستقر كما سقر
[ لواحة تسطو فما * تبقى عليه ولا تذر ] ( 1 ) –
فلما وقف عليها الرضي رد الغلام ( 2 ) .
والعجب أن بعض العامة ذكر أن هذا الرجل كان شيعيا فرجع عن
مذهبه إلى التسنن ، واستدل بهذه القصيدة ، وغفل عن الشرط والجزاء
وما عطف عليه .
ومن شعره ما أورده ابن خلكان ، وهو قوله ( 3 ) .
وإذا الكريم رأى الخمول نزيله * في منزل فالرأي ( 4 ) أن يترحلا
كالبدر لما ان تضاءل جد في * طلب الكمال فحازه متنقلا
سفها بحلمك ( 5 ) ان رضيت بمشرب * رنق ورزق الله قد ملا الملا –
ساهمت عيسك مر عيشك قاعدا * أفلا فليت بهن ناصية الفلا –
[ فارق ترق كالسيف سل فبان في * متنيه ما أخفى القراب وأخملا ]
لا تحسبن ذهاب نفسك ميتة * ما الموت إلا أن تعيش مذللا –
[ للقفر لا للفقر هبها انما * مغناك ما أغناك أن تتوسلا ]
لا ترض من دنياك ما أدناك من * دنس وكن طيفا جلا ثم انجلى –
وصل الهجير بهجر قوم كلما * أمطرتهم شهدا جنوا لك حنظلا –
[ من غادر خبثت مغارس وده * فإذا محضت له الوفاء تأولا –
لله علمي بالزمان وأهله * ذنب الفضيلة عندهم ان تكملا –
طبعوا على لؤم الطباع فخيرهم * ان قلت قال وان سكت تقولا –
أنا من إذا ما الدهر هم بخفضه * سامته همته السماك الأعزلا –
واع خطاب الخطب وهو مجمجم * راع أكل العيس من عدم الكلأ –
زعم كمنبلج الصباح وراؤه * عزم كحد السيف صادف مقتلا ] ( 1 ) –
وقوله :
لا تغالطني فما تخفي علامات المريب –
أين ذاك البشر يا * مولاي من هذا القطوب ( 2 ) –
وله مدائح في أهل البيت عليهم السلام .
وذكر ابن خلكان انه توفى سنة 548 ( 3 ) ، وذكر ان ابن عساكر
ذكره في تاريخ دمشق وانه ولد بطرابلس مدينة بساحل الشام ( 1 ) .
* * *